مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 242

"فتوى رقم 302 بتاريخ 11 من أبريل سنة 1971 - ملف رقم 30/ 2/ 10"
(83)
جلسة 18 من مارس سنة 1971

حراسة - القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص - صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 ونصه فى مادته الأولى على أن تستثنى من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين للحراسة بالتبعية والتى لم يكونوا قد تلقوها عن الخاضع الأصلى، وتسلم اليهم هذه الأموال والممتلكات ما لم يكن قد تم التصرف فيها فتسلم اليهم قيمتها - صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1915 لسنة 1967 بتقرير بعض الأحكام بخصوص القرار رقم 930 لسنة 1967 المشار اليه - المقصود بتلقى المال فى مفهوم قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 - هو انتقال ملكيته من الخاضع الأصلى الى الخاضع بالتبعية بغير عوض - أثر ذلك سريان الاستثناء المنصوص عليه فى هذا القرار على المال الذى انتقلت ملكيته بعوض تلقاه الخاضع الأصلى من الخاضع بالتبعية أو من غيره - أساس ذلك.
أن القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات بعض الأشخاص نص فى مادته الأولى على أن "ترفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقا لأحكام قانون الطوارئ، ونص فى مادته الثانية على أن تؤول الى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار اليها فى المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض اجمالى قدره 30 ألف جنيه، ما لم تكن قيمتها أقل من ذك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. على أنه اذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعلى عالمته بالتبعية له، فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز قدر التعويض الاجمالى السابق بيانه... ويؤدى التعويض بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنويا..." ونص هذا القانون فى مادته السابعة على أنه "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية الاستثناء من أحكام هذه القانون".
وبتاريخ 8 من مارس سنة 1967 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 باستثناء أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين الحراسة بالتبعية... والتى لم يكونوا قد تلقوها عن الخاضع الأصلى من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 ونص فى مادته الأولى على أن "تستثنى من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار اليه أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين للحراسة بالتبعية والتى لم يكونوا قد تلقوها عن الخاضع الأصلى. وتسلم اليهم هذه الأموال والممتلكات ما لم يكن قد تم التصرف فيها فتسلم اليهم قيمتها". ثم صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 1915 لسنة 1967 بتقرير بعض الأحكام بخصوص القرار رقم 930 لسنة 1967 ونص فى مادته الأولى على أن "يكون تقرير التيسيرات الواردة فى قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 المشار اليه كلها أو بعضها بقرار من رئيس الجمهورية فى كل حالة على حده".
وقد ثار خلاف فى تفسير قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 حول تحديد معنى تلقى الخاضع بالتبعية أمواله عن الخاضع الأصلى، فطلب السيد وزير الدول لشئون رئاسة الوزراء عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع.
ومن حيث أن القرار الجمهورى رقم 930 لسنة 1967 جعل عدم تلقى الخاضع بالتبعية المال عن الخاضع الأصلى، هو المناط لاستثناء المال من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964، ولئن كان هذا القرار لم يحدد بوضوح ماهية تلقى المال فى مجال أعماله، ولم يبين حالاته، وكان التصرف الذى يعقد بين الخاضع الأصلى والخاضع بالتبعية يمكن ان يتم على صور شتى، فقد يتم تبرعا كما لو وهب الخاضع الأصلى الى أحد أفراد عائلته مالا هبة صريحة أو مستترة فى عقد آخر وقد يتم التصرف معاوضه شأن أى تصرف بعوض يبرم بين شخصين قد لا تربطهما صلة ما، كما لو باع اليه عينا وتقاضى ثمنها منه أو من شخص آخر يؤدى عنه الثمن تبرعا أو قايضه فى بعض أمواله عينا بعين.. لئن كان ذلك، فانه لا ريب لم يقصد ذلك القرار أن يجعل تلقى المال مرادفا لانتقال ملكيته، بحيث يكون مجرد انتقال الملكية من الخاضع الأصلى الى الخاضع بالتبعية حائلا من استثناء المال من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 أيا كانت ملابسات انتقال الملكية والظروف التى تم فيها، وآية ذلك أن نص القرار لم يذكر انتقال ملكية المال ولم يشر اليه فى لفظه أو فى فحواه، ولو كان قصد الى هذا المعنى، لما أعوزه ذكر هذه العبارة الصريحة، ولما استبدل بها لفظ التلقى وهو يحتمل التأويل، أما وقد استعمل هذا اللفظ فانه أراد به معنى آخر لا يلتبس بمعنى انتقال الملكية ولا يتقيد به، ويتعين استيضاح هذا المعنى بالبحث فى الحكمة التى دعت الى أصدار القرار المذكور.
ومن حيث أن الحكمة من اصدار القرار سالف الذكر، تتضح من أن الحراسة اذ تفرض على أموال الشخص وعائلته، فانها تتناول أموالهم جميعا بغير تفرقه وبصدور القانون رقم 150 لسنة 1964 بما تضمنه من رفع الحراسة عن تلك الأموال مع أيلولتها الى الدولة، فان مقتضى ذلك أن يسرى هذا الحكم على أموال العائلة جميعها بغير تفرقة كذلك، واذا كانت الحراسة قد فرض أصلا بسبب الخاضع الأصلى ولاعتبارات قدرت الدولة توافرها، ومن شأنها أن تريب فى أمواله، وكانت أمواله - لذلك - هى المستهدفة وحدها أساسا بتدابير الحراسة، وما خضوع أفراد عائلته لهذه التدابير الا تبعا لخضوعه ونتيجة له، ولو قامت فى شأنهم أو فى شأن أحدهم اعتبارات خاصة، لأخضاعهم للحراسة بصفة أصلية ومستقلة، ومن أجل ذلك رأى المشراع أن أموال الخاضع بالتبعية قد تكون فى حقيقتها بعض أموال الخاضع الأصلى، تصرف إليه فيها بغير عوض، ومن ثم تتوافر فى شأنها الاعتبارات التى أدت الى فرض الحراسة عليها ثم أدت الى تقرير أيلولتها الى الدولة، لكنه فى حالات أخرى تكون أموال الخاضع بالتبعية قد تكونت نتيجة كده المشروع وسعيه الخاص، أو قد تكون ألت اليه من شخص آخر غير الخاضع الأصلى كما لو ورثت زوجة الخاضع الأصلى أموالا من أحد أصولها، أو آل الى ابنه مال تبرعا من قريب له، فعندئذ لا تقوم فى هذه الأموال الاعتبارات التى دعت الى فرض الحراسة على أموال الخاضع الأصلى، ولا يكون هناك موجب لاخضاعها لتدابير الحراسة ولذلك رأى المشرع أن يقرر استثناءها من هذه التدابير، فأصدر القرار رقم 930 لسنة 1967 المشار اليه، فحكمة هذا القرار اذن هى أنه لا محل لفرض الحراسة على أموال الخاضعين التبعية التى اكتسبوها بنشاط لا دخل للخاضع الأصلى فيه، والتى لا تمثل فى حقيقتها ثراء آل اليهم منه بغير مقابل.
ومن حيث أنه فى ضوء تلك الحكمة يتحدد معنى تلقى المال فى مفهوم ذلك القرار، فهو لا يقصد به انتقال ملكية المال مطلقا وفى جميع حالاته، وانما يتعين تفسيره على أنه انتقال ملكية المال من الخاضع الأصلى الى الخاضع بالتبعية بغير عوض، ففى هذه الحالة يكون المال فى حقيقته مال الخاضع الأصلى وثمرة نشاطه، وتقوم فيه تلك الاعتبارات التى حدت الى فرض الحراسة عليه ثم الى أيلولته الى الدولة، وذلك على نقيض حالة التصرف بعوض يثبت أن الخاضع الأصلى تقاضاه من الخاضع بالتبعية أو من غيره، فشأن هذا التصرف شأن أى تصرف بعوض يبرمه هذا الأخير مع أى شخص لا تربطه به صله، ولا فرق فى الحقيقة بين أن يشترى الخاضع بالتبعية عينا ما من الخاضع الأصلى أو يشتريها من غيره، ما دام أنه قد أدى الثمن فى الحالتين سواء من ماله الخاص أو من مال غيره أداه عنه تبرعا، ففى هذه الحالة يكون المال الذى آل الى الخاضع بالتبعية بعيدا عن الخاضع الأصلى وليس ثمرة لنشاطه، وليس فيه ما يدعو الى فرض الحراسة عليه أو الى أيلولته الى الدولة.
ومن حيث أنه لتحديد مدى جواز الاستثناء من أحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 طبقا للقرار الجمهورى المشار اليه، فانه يتعين أن تبحث الحراسة العامة كل حالة على حده لتقصى ظروفها ووزن ملابساتها، استظهار لما اذا كان الخاضع بالتبعية قد تلقى المال من الخاضع الأصلى تبرعا، أم أنه آل اليه منه بمقابل، خاصة وأن الاختصاص بأعمال هذا الاستثناء معقود لرئيس الجمهورية يجريه فى كل حالة على حدة، حسبما ينص عليه القرار الجمهورى رقم 1915 لسنة 1967.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن المقصود بتلقى المال فى مفهوم قرار رئيس الجمهورية رقم 930 لسنة 1967 هو انتقال ملكيته من الخاضع الأصلى الى الخاضع بالتبعية بغير عوض، وبذلك يسرى الاستثناء المنصوص عليه فى هذا القرار على المال الذى انتقلت ملكيته بعوض تقاضاه الخاضع الأصلى من الخاضع بالتبعية أو من غيره.