مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 253

"فتوى رقم 299 بتاريخ 10/ 4/ 1971 - ملف رقم 68/ 2/ 19"
(86)
جلسة 31 من مارس سنة 1971

دعوى الالغاء "تنفيذ حكم الالغاء" (عاملون - ترقية).
حكم بالغاء قرار بالترقية الغاء مجردا - أثره اعدام هذا القرار وكل آثاره المترتبة عليه واعتباره كأن لم يكن أصلا - مقتضى ذلك بالنسبة الى قرار بالترقية، أن الدرجات التى كان يشغلها الموظفون الذين ألغيت ترقياتهم تصبح شاغرة - مع ذلك، فالحكم بالالغاء المجرد لا يكسب الطاعن حقا فى الترقية الى الدرجة التى ألغيت الترقيات اليها - التزام الادارة بازالة القرار بأثر رجعى من تاريخ صدوره، والتزامها أيضا بأعداد الترقيات من جديد على الوجه القانونى السليم الذى أوضحه حكم الالغاء فى حيثياته.
أن القاعدة بالنسبة للاحكام الصادرة بالغاء أنها تحوز حجية مطلقة يحتج بها فى مواجهة الكافة وتتعدى طرفى الدعوى الى الغير. وفى هذا تنص المادة 20 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 على أن "تسرى فى شأن الأحكام جميعها القواعد الخاصة بقوة الشىء المقضى به، على أن الاحكام الصادرة بالالغاء تكون حجة على الكافة".
وهذه الحجية المطلقة هى نتيجة طبيعية لاعدام القرار الادارى فى دعوى هى اختصام له فى ذاته.
والحكم الصادر بالغاء قرار ادارى قد يكون شاملا لجميع اجزائه بحيث يتناول القرار جميعه بكل آثاره، أى يترتب عليه اعدام القرار كله، وهو ما يسمى بالالغاء المجرد أو الكامل وقد يقتصر على أثر من آثار القرار أو جزء منه مع بقاء ما عدا ذلك سليما فيكون الالغاء نسبيا أو جزئيا.
وأكثر ما تكون حالات الالغاء النسبى أو الجزئى فى القرارات الفردية المتعلقة بالوظائف العامة لا سيما قرارات التعيين والترقية. فقد تصدر الادارة قرارات بتعيين أو بترقية بعض الموظفين مع وجود من هم أحق منهم بالتعيين أو الترقية، ففى هذه الحالة تكون مصلحة الطاعن لا فى الغاء تعيين أو ترقية الموظف المطعون فى ترقيته أو تعيينه وانما فى أن يعين أو يرقى هو. ويصدر الحكم فى تلك الحالة بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين أو الترقية. أى أن الالغاء يقتصر على أثر معين من آثار هذا القرار هو تخطى الطاعن فى التعيين أو الترقية ولا يشمل عملية التعيين أو الترقية فى ذاتهما ولذلك فهو لا يتناول القرار المطعون فيه برمته.
وهنا تكون الادارة بالخيار بين الابقاء على القرار المطعون فيه وتصحيح الوضع بالنسبة للطاعن أو الغاء هذا القرار فى الخصوص الذى حدده الحكم اذا كان ذلك هو السبيل الوحيد لتصحيح الوضع. بمعنى أنه اذا كانت هناك درجات خالية تسمح بتعيين أو ترقية الطاعن دون المساس بالمطعون فى تعيينه أو ترقيته فلها أن تبقى على القرار المطعون فيه وتعين أو ترقى الطاعن على الدرجة الخالية مع ارجاع أقدميته فيها الى تاريخ صدور القرار المحكوم بالغائه. أما اذا لم تكن ثمة درجات خالية وقت تنفيذ الحكم فلا مناص عندئذ من الغاء تعيين أو تربقية الموظف الذى سماه الحكم أو آخر المرقين أو المعينين بالقرار المطعون فيه وتعيين أو ترقية الطاعن محله.
أما الالغاء المجرد أو الكامل فيتناول القرار جميعه بكل أجزائه وآثاره. ذلك أن البطلان الذى يؤدى الى الغاء هذا القرار انما يعيب القرار فى ذاته. وهنا يكون من شأن حجية الحكم الصادر بالالغاء أن يضحى القرار المحكوم بالغائه كأن لم يكن ولا يحتج به فى مواجهة أحد ويستفيد ذوو الشأن جميعا من هذا الالغاء لان القرار لم يعد موجودا أو قابلا للنفاذ.
وبناء على ذلك فانه يترتب على صدور حكم بالغاء قرار بالترقية الغاء مجردا اعدام هذا القرار جميعه وكل آثاره المترتبة عليه واعتباره كأن لم يكن واعادة الحال الى ما كانت عليه قبل صدور هذا القرار الملغى على اعتبار أنه لم يصد أصلا.
وهنا تلتزم الادارة بازالة هذا القرار وجميع ما ترتب عليه من آثار بأثر رجعى من تاريخ صدوره حتى وقت الحكم بالغائه. وبالتطبيق لذلك اذا حكم بالغاء قرار الترقية الغاء مجردا فان الدرجات التى كان يشغلها الموظفون الذين الغى قرار ترقيتهم تصبح شاغرة. وهذا لا يعنى أن الحكم بالالغاء المجرد يكسب الطاعن حقا فى الترقية الى الدرجة التى الغيت الترقيات اليها كما هو الحال فى الالغاء النسبى، بل يكون شأن الطاعن هو شأن الموظفين الذين الغيت ترقياتهم من ناحية وضعه فى المركز القانونى الذى كان يستحقه لو لم يصدر القرار الملغى.
ومن حيث أن الحكم الصادر فى الحالة محل البحث قد قضى بالغاء القرار الصادر فى 20/ 1/ 1967 بالترقية من الدرجة الثالثة الى الدرجة الثانية الغاء مجردا فمن ثم يتطلب الأمر الغاء كل أثر لهذا القرار بحيث لا يسوغ بعد ذلك اصدار قرار آخر لا يخرج فى مضمونه عن القرار الملغى اذا أن هذا الاجراء بتعارض مع حجية الحكم ويتساوى فى حقيقة الأمر وواقعه مع عدم تنفيذه، وإنما يتعين على الوزارة إعمالا للقاعدة العامة فى تنفيذ أحكام الالغاء المجرد وحسبما أشار الحكم المشار اليه صراحة - أن تعيد اختيارها على الأساس الذى حدده القانون للترفيه بالاختيار.
ولا يسوغ الاحتجاج فى هذا الشأن بأن بعض من شملهم القرار الملغى قد أحيل الى المعاش كما أوردت الوزارة لأن الأمر يقتضى اعادة الحال الى ما كانت عليه على أساس عدم صدور القرار المحكوم بالغائه.
وبالمثل فانه لا يسوغ الاحتجاج بما ارتأته لجنة شئون العاملين بالوزارة على نحو ما هو ثابت من أوراق الموضوع من أن أحدا لن يستفيد من تنفيذ الحكم على النحو المتقدم اذا أنه بغض النظر عما اذا كانت الافادة من تنفيذ الحكم الصادر بالالغاء المجرد تعد شرطا لازما لاجراء هذا التنفيذ أم أنها ليست كذلك، فان تنفيذ حكم الالغاء فى الحالة المعروضة تنفيذا سليما يحقق فى أقل القليل مصلحة الطاعن اذ على الرغم من عدم ترقيته كنتيجة حتمية لصدور الحكم بالالغاء فان من شأن تنفيذ هذا الحكم أن تلغى ترقيات من شملهم القرار، وبالتالى يعود هؤلاء الى الدرجة الثالثة بأقدمية لاحقة على أقدمية الطاعن فيها.
ومن هنا فأنه يمكن القول بأن القرار المحكوم بالغائه كما أعطى حقوقا لغير أصحابها أضر بحقوق مشروعة لغيرهم. وليس من شك فى أن إعادة الحقوق إلى ذويها أولى بالرعاية والحماية من الإبقاء على مركز أعطى لغير مستحقه.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن مقتضى صدور الحكم بالغاء قرار الترقية الصادر فى 20/ 1/ 1967 الغاء مجردا اعدام كل أثر لهذا القرار من يوم صدوره بحيث تعود الحالة الى ما كانت عليه قبل صدور هذا القرار وتعيد جهة الادارة اجراء الترقيات من جديد على الوجه القانونى السليم الذى أوضحه الحكم فى حيثياته.