مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 307

"فتوى رقم 404 فى تاريخ 16 من مايو سنة 1971 - ملف رقم 22/ 2/ 47"
(105)
جلسة 29 من أبريل سنة 1971

ادارة قضايا الحكومة - هيئات عامة "الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" - قانون ادارة قضايا الحكومة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 نصه - فى مادته السادسة على أن هذه الادارة تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - شمول عبارة "المصالح العامة" الهيئات العامة، اذ هى لا تعدو أن تكون مصالح عامة منحت الشخصية المعنوية - صدور القانون رقم 61 لسنة 1968 باصدار قانون المحاماة - مفاد نصوص هذا القانون أن الهيئات العامة، شأنها شأن المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، ينعقد لها الاختصاص فى مباشرة قضاياها بنفسها وتملك قانونا أن توكل المحامين العاملين بها فى الحضور والمرافعة عنها أمام جهات القضاء - ليس من شأن هذا الاختصاص الغاء النيابة المقررة لادارة قضايا الحكومة فى هذا الصدد - أساس ذلك - مثال: الاختصاص بمباشرة قضايا الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية معقود لها بالاضافة الى ادارة قضايا الحكومة.
ان قانون ادارة قضايا الحكومة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 ينص فى مادته السادسة على أن "تنوب هذه الادارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التى خولها القانون اختصاصا قضائيا وتسلم اليها صور الاعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون والاحكام المتعلقة بتلك الجهات ما اتصل منها بجهة القضاء العادى أو جهة القضاء الادارى أو أية هيئة قضائية أخرى. ولرئيس ادارة قضايا الحكومة أو لمن يفوضه أن يتعاقد مع المحامين المقبولين للمرافعة أمام المحاكم فى مباشرة دعوى خاصة بالحكومة أو المصالح العامة أو المجالس المحلية أمام المحاكم الأجنبية "... كما نص قانون المرافعات فى المادة 13 منه على أنه" فيما عدا ما نص عليه فى قوانين خاصة تسلم صورة الاعلان على الوجه الآتى:
1 - ما يتعلق بالدولة يسلم للوزراء ومديرى المصالح المختصة والمحافظين أو لمن يقوم مقامهم فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة الى ادارة قضايا الحكومة أو فروعها بالاقاليم حسب الاختصاص المحلى لكل منها.
2 - ما يتعلق بالاشخاص العامة يسلم للنائب عنها قانونا أو لمن يقوم مقامه فميا عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والاحكام فتسلم الصورة الى ادارة قضايا الحكومة أو فروعها بالاقاليم حسب الاختصاص المحلى لكل منها..."
وقد استقر الرأى فى تفسير هذه النصوص على أن ادارة قضايا الحكومة تنوب عن الهيئات العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا، بحسبان أن الهيئات العامة تندرج فى عموم المصالح العامة، اذ هى لا تعدو أن تكون مصالح عامة منحت الشخصية المعنوية لتتمتع بقدر من الاستقلال فى ممارسة النشاط المرفقى الذى تخصصت للقيام عليه، وهذه النيابة ليست رهينة بارادة ادارة قضايا الحكومة أو بارادة الهيئة العامة، فهى ليست من قبيل الوكالة، وانما هى اختصاص قرره القانون لجهة ناط بها النيابة عن الحكومة والمصالح العامة وما اليها، فهو يدخل فى نطاق ترتيب المصالح، ويتعين ممارسته على النحو الذى رسمه المشرع له.
ومن حيث أن قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 نص فى المادة 54 منه على أن "يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن الهيئات العامة والمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام المحامون العاملون بها المقيدون بجدول المحامين المشتغلين وطبقا لدراجات قيدهم... "كما نص فى المادة 55 منه المعدلة بالقانون رقم 65 لسنة 1970 على أنه "لا يجوز للمحامين العاملين بالهيئات والمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لها، مزاولة أى عمل من أعمال المحاماه المنصوص عليها فى هذا القانون أو الحضور أمام المحاكم لغير الجهات التى يعملون بها".
ومفاد هذه النصوص أن المشرع يقرر للمحامين العاملين بالهيئات العامة صلاحية تخولهم المرافعة عنها كما أنه يسلم بحضورهم عنها أمام المحاكم، ويحظر عليهم الحضور لغير هذه الجهات التى يعملون بها، وذلك يعنى أن الهيئات - العامة - شأنها شأن المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها - ينعقد لها اختصاص فى مباشرة قضاياها بنفسها، وتملك قانونا أن توكل المحامين العاملين بها فى الحضور والمرافعة عنها أمام جهات القضاء، فبذلك يستقيم ما قرره المشرع لهؤلاء المحامين من صلاحية فى هذا الخصوص.
ويساند ذلك أن مشروع نص المادة 54 من قانون المحاماه كان ينص على أن "يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن الوزارات ومصالح الحكومة والادارات المحلية والهيئات العامة أعضاء ادارة قضايا الحكومة الحاصلون على درجة الليسانس فى القانون أو ما يعادلها.
"كما يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن المؤسسات العامة والشركات والجمعيات والمنشآت المحامون العاملون بها المقيدون بجدول المحامين المشتغلين وطبقا لدرجات قيدهم..."
ويتضح من مشروع هذا النص أنه كان يقوم على فكرة التمييز بين الحكومة والمصالح العامة والهيئات العامة والمحلية من جهة وبين المؤسسات العامة والشركات والجمعيات من جهة أخرى، فكان يساوى بين الهيئات العامة والحكومة ويعطى لادارة قضايا الحكومة الاختصاص بمباشرة قضاياها على عكس المؤسسات العامة وما اليها حيث ينيط بها بمباشرة قضاياها عن طريق المحامين العاملين بها... غير أنه تقرر حذف الفقرة الأولى من النص سالف الذكر، مع نقل الهيئات العامة الى الفقرة الخاصة بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام، وذلك واضح الدلالة على أن المشرع بعد ان كان قد اتجه الى تقرير حكم لمباشرة قضايا الهيئات العامة يماثل الحكم المقرر فى قانون ادارة قضايا الحكومة، عدل عن هذا الاتجاه وأثبت لهذه الهيئات مكنة فى مباشرة قضاياها بواسطة المحامين العاملين بها، شأنها فى ذلك شأن المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وشركات القطاع العام. كما أن الجمع بين هذه الجهات جميعا فى مضمار نص واحد ينطوى على حكم معين، من شأنه أن يحول دون حرمان الهيئات العامة من الافادة من هذا الحكم واخراجها من زمرة الجهات التى سوى المشرع بينها جميعا.
ولا يعترض على تلك النتيجة بأنها تخالف ما قرره المشرع فى قانون ادارة قضايا الحكومة وقانون المرافعات من نيابة لهذه الادارة تنفرد بها فى مباشرة قضايا الهيئات العامة، فذلك مردود بأن هذه النتيجة تقررت بقانون المحاماه، أى بأداة هى فى مرتبة كل من قانون ادارة قضايا الحكومة وقانون المرافعات، مما يتعين معه اعمالها دون التحرج من أن تتصادم بقاعدة أعلى منها فى تدرج مراتب التشريع.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أن للهيئات العامة طبقا للنصوص المستحدثة فى قانون المحاماة - أن تباشر قضاياها بنفسها عن طريق المحامين العاملين بها غير أن هذه المكنة ليس من شأنها الغاء النيابة المقررة لادارة قضايا الحكومة فى هذا الصدد، فهذه النيابة - كما سلف البيان - اختصاص قرره المشرع لجهة أولاها مرفق الدفاع عن الحكومة والمصالح العامة، ولم يتضمن قانون المحاماة نصا يقرر صراحة الغاء هذا الاختصاص بالنسبة الى الهيئات العامة، كما أن أحكام هذا القانون لا تتعارض مع أحكام قانون ادارة قضايا الحكومة وقانون المرافعات تعارضا من شأنه أن ينسخ أحكامهما، فضلا عن أن ما ورد بقانون المحاماة ليس تنظيما شاملا للنيابة عن الهيئات العامة فى قضاياها يؤدى الى نسخ التنظيم السابق عليه وأنما كل ما ورد فى هذا القانون هو اعطاء الهيئات العامة مكنة فى مباشرة قضاياها الى جانب الاختصاص المقرر والمفوض لادارة قضايا الحكومة، فهذه الادارة لازالت صاحبة اختصاص فى هذا الشأن، ويجوز أيضا للهيئة أن توكل المحامين العاملين بها فى مباشرة قضاياها.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن الاختصاص بمباشرة قضايا الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية معقود لها بالاضافة الى ادارة قضايا الحكومة.