مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 367

"فتوى رقم 605 فى تاريخ 15 من يونية سنة 1971 - ملف رقم 49/ 1/ 7"
(124)
جلسة 9 من يونية سنة 1971

صيدلية - القانون رقم 127 لسنة 195 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة - الصيدليات الخاصة التابعة لجمعيات تعاونية - عدم جواز تعاملها مع الجمهور من غير أعضاء الجمعية - أساس ذلك.
أن القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة نص فى المادة 10 منه، معدلة بالقانون رقم 61 لسنة 1959 على أن تعتبر مؤسسات صيدلية فى تطبيق أحكام هذا القانون الصيدليات العامة والخاصة ومصانع المستحضرات الصيدلية ومخازن الأدوية ومستودعات الوسطاء فى الأدوية ومحال الاتجار فى النباتات الطبية ومتحصلاتها الطبيعية.
ثم تضمنت المواد من 11 - 29 الاحكام العامة للمؤسسات الصيدلية، ومن بين هذه الاحكام ما قضت به المادة 19 معدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1956 من أن "يدير كل مؤسسة صيدلية صيدلى مضى على تخرجه سنة على الأقل أمضاها فى مزاولة المهنة فى مؤسسة صيدلية حكومية أو أهلية. فاذا كان الامر يتعلق بصيدلية خاصة أو بمستودع وسيط جاز اسناد الادارة لمساعد صيدلى يكون اسمه مقيد بهذه الصفة بوزارة الصحة العمومية"...
وتناول القانون بعد ذلك بيان الاحكام الخاصة بكل نوع من انواع المؤسسات الصيدلية، فخص الصيدليات العامة بعده أحكام من بينها ما قضت به المادة 30/ 2 من أنه "ويراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص فيها على مائة متر" وكذلك ما نصت المادة 32 من أنه "لا يجوز للصيدلى أن يصرف للجمهور أى دواء محضر بالصيدلية الا بموجب تذكرة طبية"...
أما الصيدليات الخاصة فقد نظمت أحكامها فى المادتين 39، 40 وكانت المادة 39 تنص على أنه "لا يجوز منح ترخيص فى فتح صيدلية خاصة الا اذا كانت تابعة لهيئة حكومية أو بلدية خيرية مسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية ويكون من بين نشاطها فتح هذه الصيدلية الخاصة. ويشترط فى الصيدليات الخاصة ألا تكون متصلة بالطريق العام، وتسرى عليها أحكام الصيدليات العامة عدا أحكام المادتين 30، 32. ويجوز لهذه الصيدليات أن تصرف بالثمن الأدوية بالعيادات الخارجية لغير مرضاها فى البلاد التى لا يوجد بها صيدلية عامة وفى هذه الحالة تسرى عليها أحكام المادة 32".
وقد أدخلت على هذه المادة عدة تعديلات آخرها التعديل الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1959 فأصبح نصها على أن "الصيدليات الخاصة نوعان (1) صيدليات المستشفيات والمستوصفات والعيادات الشاملة وعيادات الأطباء المصرح لهم فى صرف الأدوية لمرضها أو ما فى حكمها، ولا يجوز منح ترخيص بفتح صيدلية خاصة من هذا النوع الا اذا كانت ملحقة بمؤسسة علاجية مرخص بها طبقا لاحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 الخاص بالمحل التجارية والصناعية، وتسرى عليها أحكام الصيدليات العامة عدا أحكام المادتين 30، 32. ويجوز لهذه الصيدليات أن تصرف بالثمن الادوية بالعيادات الخارجية لغير مرضاها فى البلاد التى لا يوجد بها صيدلية عامة وفى هذه الحالة تسرى عليها أحكام المادة 32 (2) الصيدليات التابعة لجمعية تعاونية مشهرة ويمنح الترخيص بفتح صيدلية خاصة من هذا النوع بناء على طلب من رئيس مجلس ادارة الجمعية أو مديرها، وتسرى على هذا النوع من الصيدليات العامة عدا المادة 30".
ويستفاد من النصوص المتقدمة أن ثمة نوعين من الصيدليات الصيدليات العامة والصيدليات الخاصة وأن لكل منهما، بحسب طبيعته والتنظيم القانونى له، أحكاما تميزه مما ينبغى معه عدم الخلط بينهما. وقد أبرزت المذكرة الايضاحية للقانون رقم 127 لسنة 1955 الفارق بين النوعين فاوردت أن "مشروع القانون أفرد بابا خاصا لكل نوع من أنواع المؤسسات الصيدلية على حدة وذلك على الوجه الآتى ( أ ) تعتبر الصيدليات العامة أهم المؤسسات الصيدلية ولها مركز الصدارة فى أحكام القانون لانها المصدر الوحيد الذى يستوفى منه جمهور المرضى حاجته من الدواء لهذا أفسح القانون الحالى مجال انشاء الصيدليات وزيادة عددها..." (ب) وقد تكلم المشروع عن الصيدليات الخاصة وعما يسرى بشأنها من أحكام ومن يصرف لهم الدواء من تلك المؤسسات فقصر ذلك على المرضى الذين يعالجون بالمؤسسة العلاجية التى الحق بها صيدلية خاصة تجنبا لمنافسة هذه المؤسسات للصيدليات العامة اذا ترك للأولى حق بيع الدواء للجمهور بوجه عام".
ويبين من ذلك أن الصيدليات العامة هى المصرح لها فى البيع للجمهور دون تحديد، أما الصيدليات الخاصة فغير مصرح لها أن تبيع أو تتعامل الا مع فئة محددة هم أعضاء الهيئة التى تتبعها الصيدلية.
ويؤكد هذا النظر، بالاضافة الى ما تقدم، ما جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 61 لسنة 1959 حيث أوردت أنه "لما كانت أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة لا تبيع للصيدليات الخاصة التى يصرح بها للجمعيات التعاونية أن تبيع بالثمن أدوية لأعضائها الا فى حالات خاصة (حيث كان يشترط أن يكون فتح الصيدلية من بين نشاط الجمعية) مما يعوق الجمعيات التعاونية عن المساهمة فى علاج أعضائها. لذلك رؤى تعديل القانون المذكور بحيث يمكن للجمعيات التعاونية فتح صيدليات خاصة تبيع بالثمن الأدوية للاعضاء وأسرهم".
كما يؤكد هذا النظر ويؤيده أن المادة 39 من القانون كانت تبيح للصيدليات الخاصة جميعها أن تصرف بالثمن الأدوية بالعيادات الخارجية لغير مرضاها فى البلاد التى لا توجد بها صيدلية عامة. فلما عدلت هذه المادة بالقانون رقم 61 لسنة 1959 أبقى المشرع على هذا الحكم بالنسبة للنوع الاول من الصيدليات الخاصة، وهو صيدليات المستشفيات والمستوصفات والعيادات الشاملة عيادات الاطباء المصرح لهم فى صرف الأدوية لمرضاهم، أما بالنسبة للنوع الثانمى، وهو الصيدليات التابعة لجمعيات تعاونية، فلم يورد فى شأنها نص مماثل. وليس من شك فى أن هذه المغايرة فى الحكم تعنى أنه لا يجوز للصيدليات الأخيرة أن تبيع أو تتعامل مع غير أعضائها أعمالا للأصل العام الذى يحكم نشاط مثل هذا النوع من الصيدليات على النحو السابق بيانه.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم أنه لا يجوز للصيدليات الخاصة التابعة للجمعيات التعاونية أن تتعامل مع الجمهور من غير أعضاء الجمعية ولا يجوز، بغير تعديل القانون، استثناء تلك الصيدليات من هذا القيد.
ومن حيث أنه لا محاجة فى القول بأن من مقتضى النص فى القانون سريان أحكام الصيدليات العامة على الصيدليات المشار اليها جواز تعاملها مع الجمهور، ذلك أن الاحكام التى تسرى بالتطبيق لهذا النص هى تلك التى لا تتعارض مع الطبيعة الخاصة لتلك الصيدليات، والا كان مؤدى ذلك تحويلها من صيدليات خاصة الى صيدليات عامة، وهو أمر غير مقبول ولا يتفق مع التمييز الذى أورده القانون بين نوعى الصيدليات.
يضاف الى ما تقدم، أن فى إباحة تعامل الصيدليات التابعة للجمعيات التعاونية مع الجمهور ومساواتها بالصيدليات العامة فى هذا الخصوص مع اعفائها من شرطى المسافة واسناد ادارتها الى صيدلى - ما يجعلها فى وضع متميز بالنسبة للصيدليات العامة، مع أنها لم تعف من هذين الشرطين الا أنها تتعامل على نطاق ضيق ولا يخشى من منافستها للصيدليات العامة التى هى الاصل المشبه به. والقاعدة الأصولية تقضى بألا يكون المشبه أحسن حالا من المشبه به.
وكذلك لا يسوغ الاستناد الى نص المادة 18 من قانون الجمعيات التعاونية رقم 317 لسنة 1956 التى تقضى بأن "للجمعية أن تقصر ما تؤديه من خدمات وأعمال على أعضائها وأن تسمح بأدائه للغير..." للقول بجواز تعامل الصيدليات سالف الذكر مع الجمهور من غير أعضاء الجمعية حسبما يقرره نظامها الداخلى - لا يسوغ الاستناد الى ذلك لان قانون مزاولة مهنة الصيدلية بحسبانه قانونا خاصا هو الذى يحكم نشاط المؤسسات الصيدلية، وبالتالى يكون المرجع اليه وحده فى بيان مدى نشاط الصيدلية الخاصة حتى ولو كانت تابعة لجمعية تعاونية اذ ليس لهذه التبعية من أثر فى تحديد هذا النشاط.
وأخيرا فانه لا يجوز القول بأن امتناع المسئول عن ادارة الصيدلية الخاصة التابعة لجمعية تعاونية عن البيع للجمهور يشكل جريمة تموينية، لأن نصوص القانون هى التى تقرر من لهم حق التعامل مع هذا النوع من الصيدليات وليس لمن عداهم أية حقوق قبلها. ومن ثم فان الامتناع عن البيع لهؤلاء يجد سنده من نصوص القانون ولا ينطوى على جريمة ما.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أنه لا يجوز للصيدليات الخاصة التابعة لجمعيات تعاونية أن تتعامل مع الجمهور من غير أعضاء الجمعية.