مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الثامنة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1963 إلى آخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 116

(جلسة أول يناير سنة 1964 - فتوى رقم 29 فى 14 من يناير سنة 1964)
(46)

شهر عقارى - سلطة مصلحة الشهر العقارى فى الانتفاع عن شهر بعض التصرفات - أعمالها بالنسبة للتصرفات الصادرة من أعضاء الجمعية التعاونية لبناء المساكن لموظفى مصلحة الشهر العقارى ولضباط القوات المسلحة الى من ليسوا أعضاء فيها - التصرفات المخالفة لما تضمنته عقود تمليك أعضاء هاتين الجمعيتين للأراضى التى خصصت لهما بمدينة الأوقاف بالدقى وبضاحية مصر الجديدة من أحكام خاصة بالتصرف فى هذه الأراضى الى غير الأعضاء فى الجمعيتين - أساس ذلك وجود قيد على ملكية أعضاء الجمعيتين المشار اليها فرضه الاتفاق المقبول منهم - مقتضى هذا القيد وجوب أن يجرى تصرف العضو بموافقة الجمعية متى كان الى غير عضو من أعضائها - يترتب على ذلك اعتبار الأرض المبيعة غير قابلة للتصرف فيها على خلاف ذلك القيد.
اذا كان الثابت أن عضو الجمعية التعاونية لبناء المساكن لموظفى مصلحة الشهر العقارى والتوثيق يتلقى ملكيته لقطعة الارض التى تخصص له من الاراضى التى خصصت للجمعية لتوزيعها على أعضائها، وفقا لقواعد التمليك المقررة فى انظمتها المقبولة من أعضائها - مقيدة بما يرد فى هذه الأنظمة من قيود، تحيل اليها عقود بيع الأراضى الى كل عضو صراحة، ومن ثم يتلقى عضو الجمعية التعاونية المشار اليها ملكيته مقيدة بما نص عليه فى اللائحة الداخلية لهذه الجمعية من أنه لمجلس ادارة الجمعية حق تقرير الاولوية فى التنازل عن قطع الارض التى تم استبدالها لحساب الأعضاء الذين لم يحصلوا على مساكن لهم (م12) ومن أن التنازل عن الاسهم أو الملكية لغير الاعضاء لا يتم الا بموافقة مجلس ادارة الجمعية (م26). وكذالك الحال بالنسبة الى أعضاء الجمعية التعاونية لبناء المساكن لضباط القوات المسلحة، فان العضو منهم يتلقى ملكيته لما يصيبه من أرض، من الاراضى التى خصصت للجمعية، مقيدة بما ورد فى نظامها من قيود، منها أنه فى حالة رغبة العضو فى التنازل عن عقده لآخر ، يحتفظ لمجلس الادارة بحق تقرير الأولوية لأعضاء الجمعية الذين لم يحصلوا على مساكن لهم (م 15)، كما تكون مقيدة أيضا بما تضمنه عقد شراء الجمعية للأراضى التى خصصت لها بمصر الجديدة، من عدم جواز البيع قبل اتمام بناء قطعة الأرض التى تخصص لكل عضو، وعلى مقتضى ذلك، يكون ثمة قيد على ملكية أعضاء الجمعية المشار اليها، فرضه الاتفاق المقبول منهم، والمحال الى أحكامه صراحة أو ضمنا فى عقود ملكية كل عضو منهم، فلا يجوز لهم على مقتضى هذا القيد، التصرف فى الأراضى التى بيعت لهم، إلا وفقا للأوضاع المتفق عليها ومؤداها أن يجرى التصرف بموافقة الجمعية متى كان الى غير عضو من أعضائها، مما يجعل التصرف من عضو الجمعية الى من ليس عضوا فيها ممنوعا عليه، اذا لم تأذن له الجمعية بذلك، ممثلة فى مجلس ادارتها ، ومن ثم تكون الارض المبيعة الى العضو غير قابلة للتصرف فيها، الا بمراعاة ذلك نزولا على مقتضى القيد السالف بيانه، الذى هو فى حقيقته منع من التصرف، يلحق الارض المبيعة ذاتها، ويرد عليها، بحيث يعتبر وصفا لها ذاتها، من شأنه اعتبارها غير قابلة للتصرف فيها على خلاف ذلك القيد، ولذلك يغدو التصرف المخالف باطلا بطلانا مطلقا، اذ الأمر على ما سلف لا يتمخض عن مجرد التزام يتحمل به العضو، وانما هو يتعلق بوضف يلحق الأرض التى آلت اليه، موصوفة به ، بما يجعلها بمراعاة هذا الوصف من الأموال الممنوع التصرف فيها، فى الحدود سالفة البيان.
وحظر التصرف فى الأرض التى يشتريها كل عضو، وفقا للأحكام السالف ايضاحها - صحيح - فى القانون ذلك لما نصت عليه المادة 23 من القانون المدنى من أنه اذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع، ومقصورا على مدة معقولة، ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف اليه أو الغير، والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف اليه أو الغير، ومن الواضح أن المنع من التصرف، فى خصوصية الحالات محل البحث، قد اشترط ابتغاء تحقيق مصلحة لباقى أعضاء الجمعية ممن لم يدركهم الدور للحصول على أراضى ضمن ما خصص للتوزيع على أعضائها من أراضى، حتى يكون لهم عند تنازل من ناله من الاراضى المذكورة نصيب عن نصيبه هذا، حتى الحلول محله، وفقا للقواعد المقررة لترتيب الاولوية فيما بين الاعضاء، فينتفع بذلك مما قرر من مزايا وتيسيرات، اذ الاعضاء، احق من غيرهم بذلك وأولى، فما تقررت هذه الا من أجلهم جميعا، وتحويلها عن بعضهم، الى من ليس منهم، حرمان للمستحق، وتفويت للحكمة المبتغاة فى هذا الخصوص، وفى مصلحة باقى الاعضاء المشار اليهم، مصلحة الجمعية ذاتها، تلك التى تتمثل فى تمكينها من تحقيق الغرض الذى قامت من أجله، وهو توفير المساكن لكل عضو فيها - وغنى عن البيان، أن مجرد ما يخوله هذا التقييد للتصرف فى الأرض المبيعة الى كل عضو - من تمكين الجمعية اذا ما أجرى مقتضاه من اختيار من يجاورون أعضاءها، مما جعل لها أن ترغب عن حوار لا ترضية من غير أعضائها، هو فى حد ذاته مصلحة مشروعة للجمعية ولاعضائها - وليس ثمة ريب، أن المصلحة المشروعة المبتغاة من اشتراط هـ أ الشرط متمثلة فى كل ما سبق، تقتضى اعمال مقتضاه للمدة التى يقضيها ذلك، وهى المدة التى يتطلبها تحقيق ما قامت من أجله الجمعية، وما توخته من مصلحة بهذا القيد، وهى تلك التى يتملك فيها أعضاؤها المساكن التى أريد أن يكون لكل منهم، واحد منها ، وليس بلازم أن تتحدد هذه بزمن اذ هى فى ذاتها معقولة، وليست على سبيل التأييد، كما أن باب التصرف مفتوح، اذا ما وجه الى الاعضاء الباقين، ولا ضرر للعضو من ذلك أن مست به الحاجة الى بيع أرضه.
ومتى بان مما تقدم، أن ملكية أعضاء الجمعيتين التعاونيتين لبناء المساكن لموظفى الشهر العقارى ولضابط القوات المسلحة، تنتقل الى كل منهم، بقيد مقتضاه عدم جواز تصرف العضو فيها، لغير الأعضاء فيها، الا بموافقة الجمعية المختصة، وأن مؤدى ذلك هو منعه من التصرف فيها، على خلاف ذلك، وأن هذا المنع صحيح فى القانون، فان جزاء التصرف المخالف، هو البطلان، على ما سلف البيان، لما نصت عليه المادة 824 من أنه اذا كان شرط المنع من التصرف الوارد فى العقد صحيحا طبقا لحكم المادة السابقة (م 823 السالف بيانها وشرحها) فكل تصرف مخالف له يقع باطلا، وذلك لأن الشرط المانع من التصرف أن كان صحيحا، وخولف كان التصرف المخالف باطلا بطلانا مطلقا لعدم قابلية المال للتصرف (المذكرة الايضاحية للمادة 824 من القانون المدنى).
ومن أجل ذلك فان ما تجرى عليه مصلحة الشهر العقارى والتوثيق، من الامتناع عن شهر التصرفات التى تصدر عن أعضاء الجمعيتين المشار اليهما، فيما سبق الى غير الاعضاء فيهما، بالمخالفة للشروط القاضية بحظر التصرف فيما يتلقونه من أراض، الا وفقا لاحكام معينة تضمنتها نظم هاتين الجمعيتين التى تجعل اليها عقود تمليك أعضاء لما يصيبهم من أراضيها - ما تجرى عليه المصلحة من ذلك، فى محله، لان التصرفات فى هذه الأحوال، باطلة، على ما سلف ايضاحه وللمصلحة أن ترفض شهر كل تصرف ظاهر البطلان.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن امتناع مصلحة الشهر العقارى والتوثيق عن شهر التصرفات المشار اليها فيما تقدم، فى محله.