مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الثامنة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1963 إلى آخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 381

(جلسة 22 من أغسطس سنة 1964 – فتوى رقم 775 فى 3 من سبتمبر سنة 1964)
(143)

معاش استثنائى - القانون رقم 58 لسنة 1957 فى شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية - أعضاء مجلس الأمة الذين تقررت لهم معاشات استثنائية بمقتضى قرار من رئيس الجمهورية بالتطبيق لهذا القانون - استحقاقهم لها من تاريخ صدور القرار المذكور - أثر ذلك - وجوب استرداد ما صرف لهم من معاشات استثنائية قبل هذا التاريخ - لا يغير من ذلك الاستناد للقانون رقم 55 لسنة 1962 فى شأن التجاوز عن استرداد ما صرف الى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور - أساس ذلك.
تقضى المادة الأولى من القانون رقم 58 لسنة 1957 فى شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية بأنه يجوز منح معاشات استثنائية أو زيادات فى المعاشات أو منح مكافآت استثنائية للموظفين والمستخدمين المدنيين والعسكريين المحالين الى المعاش، أو الذين يتركون خدمة الحكومة أو لعائلات من يتوفى من الموظفين أو المستخدمين وهم فى خدمة الحكومة أو بعد احالتهم الى المعاش، كما يجوز أيضا منحها لغير الموظفين ممن يؤدون خدمات جليلة للجمهورية، وتنص المادة الثانى على أن تؤلف لجنة بقرار من رئيس الجمهورية للنظر فى المعاشات الاستثنائية بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد، ولا تكن قرارات اللجنة نافذة ألا بعد اعتمادها من رئيس الجمهورية.
واضح من هذين النصين، أن الحق فى الحصول على معاشات استثنائية فى حال عدم استحقاقها أصلا طبقا لقوانين المعاشات - أو الحصول على زيادة فى مقدار ما يستحق من معاش - فى حال ثبوت أصل الاستحقاق - أنما يستمد من القرار الذى يصدر بتقرير هذا الحق، ذلك أن هذا الحق لا ينشأ رأسا من نص قانون معين يقرره ويقرر شروطا معينة لاستحقاقه، بحيث يكون لذى الشأن، ممن تتوافر فيه هذه الشروط، أن يطالب به، بالاستناد الى هذا النص مباشرة، وانما الأمر فى منح تلك المعاشات أو الزيادة فيها، موكول الى تقدير الجهة المختصة، حسبما تراه فى كل حالة، ووفقا للأسباب الخاصة التى يترك لها تقديرها. ومن ثم يكون القرار الصادر فى هذا الشأن هو بذاته، المنشئ للحق فى المعاش أو الزيادة فيه، وبعبارة أخرى، فان هذا القرار هو الذى يكسب الموظف الحق فى الحصول على المعاش أو على الزيادة فى مقداره.
ولما كانت القاعدة هى أن القرار الادارى المنشئ انما ينتج أثره اعتبارا من تاريخ صدوره، دون أن يرتد بهذا الأثر الى الماضى، الا فى حالات خاصة ليست من بينها الحالة محل البحث، ومن ثم، فان القرار الصادر بمنح المعاش الاستثنائى أو الزيادة فى المعاش ينتج أثره اعتبارا من تاريخ صدوره، وهو تاريخ صدر قرار رئيس الجمهورية بالموافقه على ما قررته لجنة المعاشات الاستثنائية.
ولا يسوغ الاستناد الى ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 58 لسنة 1957 المشار اليه - عن أنه تسرى على المعاشات والمكافآت الاستثنائية الممنوحة بمقتضى هذا القانون باقى أحكام قوانين المعاشات المعامل بها الموظفون والمستخدمون الذين منحت لهم، وذلك مع عدم الاخلال بما تقرره اللجنة المنصوص عليها فى المادة السابقة بحسب الأحوال من أحكام خاصة - ذلك أن هذا النص لا يعنى بأى حال سريان الأحكام المتعلقة باستحقاق المعاشات وكيفية تسويتها ما ورد فى قوانين المعاشات على المعاشات الاستثنائية، ذلك أن هذه الأحكام لا تؤدى الى استحقاق الموظف معاشا أصلا، أو الى استحقاقه قدرا أقل من المعاش الاستثنائى، والمعاش الاستثنائى انما يتقرر على سبيل الاستثناء من هذه الأحكام فالمقصود أذن بباقى الأحكام الواردة فى قوانين المعاشات هى تلك الأحكام التى تعالج أمر المعاش بعد أن يتقرر، وهى الأحكام الخاصة بمن يستحق المعاش من بالموظف بعد وفاته وشروط هذا الاستحقاق ومدته والأسباب المؤدية الى وقف صرف المعاش الى هؤلاء المستحقين، كذلك الأحكام المتعلقة بسقوط الحق فى المعاش فى حالة الحكم فى جريمة مما تسقط الحق، أو وقف المعاش فى حالة الحكم بعقوبة جنائية، والأحكام المتعلقة بوقف صرف المعاش عند الاعادة الى الخدمة، وأيضا الأحكام الخاصة باستبدال نقود بالمعاشات، وغير ذلك من أحكام تعالج أمر المعاش بعد تقريره. ولما كان المعاش العادى يتقرر الحق فيه وفقا لنصوص قوانين المعاشات، وكانت هذه النصوص هى التى يتقرر المعاش الاستثنائى على سبيل الاستثناء منها، ومن ثم فلا وجه للقول بسريان المادة 18 من القانون رقم 394 لسنة 1956 التى تقضى بأن يستحق الموظف معاشا عند انتهاء خدمته - فى شأن المعاش الاستثنائى اذ أن هذه المادة بالذات، متعلقة بالمعاش العادى وحده وهى بالذات التى يتقرر المعاش الاستثنائى على سبيل الاستثناء منها، لأنه أما أن يكون معاشا غير مستحق أصلا، حيث لا تكون للموظف مدة تجعل له الحق فى المعاش، أو يكون اضافة الى المعاش، حيث يمنح الموظف استثناء اضافات الى المعاش العادى الذى يسوى بمراعاة مرتبه فى السنتين الأخيرتين، أن كان له أصلا حق فى المعاش.
ومن حيث أنه لما تقدم، فان المعاشات الاستثنائية التى تقررت للسادة أعضاء مجلس الأمة المذكورة أسماؤهم فى قرار رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1958، أنما تستحق لهم من تاريخ تقريرها، وهو تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية المشار اليه بالموافقة على ما قررته لجنة المعاشات الاستثنائية، وليس تاريخ انتهاء خدمة السادة المذكورين.
ومن حيث أنه يترتب على ذلك أن تكون مبالغ المعاشات الاستثنائية التى صرفت قبل تاريخ تقريرها بقرار رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1958، قد أديت للسادة الذين تناولهم هذا القرار، دون وجه حق، مما يتعين معه استردادها منهم. وهذا الاسترداد واجب قانونا لا يجوز التجاوز عنه طبقا لأى قانون قائم، وبالذات طبقا للقانون رقم 55 لسنة 1962 فى شأن التجاوز عن استرداد ما صرف الى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور، ذلك لأن المادة الأولى من القانون المذكور تنص على أنه "يتجاوز عن استرداد ما صرف الى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور بناء على قرارات بالترقية أو تسويات صادرة من جهات الادارة تنفيذا لحكم أو فتوى.... وذلك اذا ألغيت أو سحبت تلك القرارات أو التسويات". وظاهر بوضوح من هذا النص أن التجاوز طبقا له يكون عما صرف الى موظف أو عامل من مرتب أو أجر. وفى الحالة المعروضة تم الصرف الى أعضاء بمجلس الأمة وهم ليسوا موظفين ولا عمالا، وكان ما صرف هو معاش استثنائى لا مرتب ولا أجر، ومن ثم لا ينطبق القانون المذكور بأى صور على هذه الحالة ولا يمكن التجاوز عن استرداد ما صرف من هذه المعاشات الاستثنائية بغير وجه حق الا بمقتضى قانون يصدر بذلك.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن استحقاق السادة أعضاء مجلس الأمة المذكورة أسماؤهم فى قرار رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1958، للمعاشات الاستثنائية التى حددها لهم هذا القرار، يكون عن تاريخ صدوره. ويتعين استرداد ما صرف من هذه المعاشات قبل ذلك التاريخ، الا اذا صدر قانون يقضى بالتجاوز عن هذا الاسترداد.