مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الثامنة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1963 إلى آخر سبتمبر سنة 1964) - صـ 386

(جلسة 22 من أغسطس سنة 1964 – فتوى رقم 783 فى 6 من سبتمبر سنة 1964)
(145)

مسئولية - مسئولية الموظفين عن أعمال وظائفهم - هى مسئولية ادارية يختلف نطاقها عن نطاق المسئولية المدنية - أركان المسئولية الادارية، هى الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر - استقرار القضاء الادارى لركن الخطأ، على التفرقة بين الخطأ الشخصى والخطأ المرفقى، ومساءلة الموظف عن النوع الأول دون الأخير - بيان المقصود من هذين النوعين من الخطأ - تطبيق ذلك على ما ارتكبه بعض موظفى وزارة العدل من أخطاء ترتب عليها لوزارة الخزانة ضرر.
اذا ثبت أن ثمة ضرر لحق بوزارة الخزانة هو تحملها الفرق بين سعر الأسهم وقت الاكتتاب وسعرها وقت البيع وهو مبلغ 30 جنيها و30 مليما ورأت وزارة الخزانة تحصيل هذا المبلغ من الموظفين المسئولين من وزارة العدل، ولما كان تحميل هؤلاء الموظفين بهذا المبلغ هو فى الواقع تعويض لوزارة الخزانة عن الضرر الذى لحقها - فانه ينبغى أن تتوافر عناصر المسئولية (وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر) وذلك اعمالا لنص المادة 163 من القانون المدنى التى تقضى بأن - كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.
وفى خصوص الركن الأول من أركان المسئولية - الخطأ - فقد استقر القضاء الادارى فى صدد مسئولية الموظفين عن أعمالهم، على التفرقة بين الخطأ الشخصى والخطأ المرفقى وساءل الموظف عن النوع الأول دون الأخير - والعمل الضار الصادر من الموظف يعد خطأ شخصيا قد يستتبع مساءلته مدنيا اذا كان مشوبا بسوء النية أو كان بالغا حد الجسامه.... ومثل الأولى أن يصدر خطأ الموظف عن عوامل شخصية، أو أن يقصد النكاية والأضرار أو أن يستهدف منفعته الذاتية... ومثل الثانية أن يبلغ حد ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون، وفى غير هاتين الحالتين يكون عمل الموظف الضار خطأ مصلحيا يسأل عنه ذات المرفق العام.
وبتطبيق هذه القواعد على الحالة المعروضة يبين أن الخطأ الذى صدر من الموظف الأول لا يشوبه سوء النية ولا يمكن أن يرقى الى مرتبة الجسامة.
وبالنسبة الى الموظف الثانى فقد وجه اليه الانذار لأنه لم ينتبه الى وجود طلب باسم ( ) دون وروده بالكشف، وورد اسم ( ) بالكشف دون أن يكون له طلب. وهو خطأ يسير لا يرقى الى مستوى الخطأ الشخصى.
أما بالنسبة الى الموظف الأخير فان ما صدر منه لا يشوبه سوء النية، بل أن حسن النية والحرص على مصلحة وكيل النيابة الذى اعتقد أنه مكتتب حسب ما ورد اليه فى الكشف هما اللذان دفعاه الى تحرير النموذج حتى لا تضيع على وكيل النيابة فرصة الاكتتاب - والخطأ الذى وقع فيه لا يبلغ حد الجسامة ويخفف منه كثيرا شرف القصد ونبل الباعث.
وفى ضوء ما تقدم يبين أن عنصر الخطأ الشخصى منتف فى حق هؤلاء الموظفين، وليس ذلك بمتعارض مع ما انتهت اليه النيابة الادارية من توافر الخطأ فى جانبهم... ذلك أن الخطأ الذى نعنيه هو الخطأ المدنى ونطاق المسئولية المدنية يتميز عن نطاق المسئولية الادارية من حيث الطبيعة والأحكام، وحيث لا خطأ فلا مسئولية.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أنه لا يجوز تحميل موظفى وزارة العدل المذكورين بالفرق بين سعر الأسهم وقت الاكتتاب وسعرها عند البيع، وذلك لعدم ارتكابهم خطأ شخصى مما يمكن أن يكون محل مساءلته مدنيا.