مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 109

(16)
جلسة 30 من نوفمبر سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إدوارد غالب سيفين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، ومحمد الأدهم محمد حبيب، وأسامة يوسف شلبي، وعبد العزيز أحمد حسن محروس نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد ماهر عافية مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال عبد الحميد عبد الجواد أمين السر

الطعن رقم 5116 لسنة 44 قضاية. عليا:

موظف - تأديب - ضمانات التحقيق - حق الدفاع.
طبقًا للمادة (79) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، فإنه لا يجوز توقيع الجزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه، وإذا استشعر العامل عدم الحيدة لدى المحقق وطلب سماع أقواله أمام جهة أخرى، فإنه وإن كان ذلك لا يعطل استمرار التحقيق معه إذا لم يكن لهذا الدافع سندٌ بالأوراق إلا أن المحقق يلتزم فى هذه الحالة بالسير فى الإجراءات ملتمساً أدلة الثبوت من أقوال الشهود والبيانات التى تؤيد الاتهام المنسوب للعامل، فلا يجوز له التوصية لدى السلطة المختصة بتوقيع الجزاء قبل استكمال إجراءات التحقيق. لا محل لإجبار المتهم على الإدلاء بأقواله فيما نسب إليه مهدداً بالجزاء التأديبى الذى سيوقع عليه فى حالة امتناعه، فإنه لا يسوغ إكراه المتهم على الإدلاء بأقواله بأى وسيلة من وسائل الإكراه المادى أو المعنوى - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 13/ 5/ 1998 أودع ممثل هيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين بصفتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم المشار إليه والذى قضى للأسباب الواردة به بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1997 بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ويطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1997، وبرفض الطعن المقام من المطعون ضده، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن، انتهت فيه إلى قبوله شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وقد نظر الطعن أمام الدائرة السابعة عليا فحصاً وموضوعاً على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص النوعى والتى حددت لنظره جلسة 3/ 3/ 2005، ويعد تداوله بالجلسات قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم؛ حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر النزاع تخلص فى أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 441 لسنة 39ق بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة التأديبية - الدائرة الأولى - بالإسكندرية بتاريخ 5/ 6/ 1997 طلب فى ختامها الحكم بالغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من أجره، وما يترتب على ذلك من آثار والذى صدر دون إجراء تحقيق إدارى معه بالمخالفة للمادة (79) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وتعسف الجهة الإدارية فى استعمال سلطتها.
وبجلسة 21/ 3/ 1998 قضت المحكمة المذكورة بحكمها المطعون فيه الذى شيدته على أن الجهة الإدارية نسبت للطاعن مخالفة الإجراءات الإدارية بعدم مثوله للتحقيق فيما نُسب له من إهمال فى الإشراف على العاملين بمدرسة منهل المعرفة الثانوية الصباحية بناءً على الشكوى المقدمة من مدير المدرسة عن الفترة المسائية المتضمنة قيامهم باستخدام سخانات كهربائية فى إعداد الشاى داخل حجرات المدرسين والإداريين مما ترتب عليه تلف الوصلات الكهربائية وتعطل الإنارة بالفترة المسائية كما نُسب لهم غلق حجرات مشرفى الأدوار المخصصة للوكلاء المشرفين عن الفترتين، وأن هذا الاتهام لا يشكل فى حد ذاته مخالفة إدارية طالما كان بوسع الجهة الإدارية أن تستخلص الاتهام من أصول صحيحة طبقًا للتحقيق الذى تجريه حول الواقعة وسماع الشهود، ومما يجعل القرار الصادر بمجازاته غير قائم على سند من القانون جديراً القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن المحكمة أخطأت فى تطبيق القانون وأن المطعون ضده قد فوت فرصة الدفاع عن نفسه إلا أن ذلك لا يمنع الجهة من توقيع الجزاء عليه طالما ثبت لديها صحة الاتهام فى المخالفات المنسوبة له، إذا إنه لم ينفِ صحة الوقائع الواردة فى الاتهام.
ومن حيث إن الثابت من قرار الجزاء المطعون فيه أنه بنى على رفض المطعون ضده الإدلاء بأقواله فى الشكوى المقدمة ضده من مدير المدرسة عن الفترة المسائية دون أن يتضمن قرار الجزاء الإشارة إلى التحقيق الإدارى الذى أجرى حول الواقعة أو عناصر إثبات المخالفة كما لم تقم الجهة الإدارية أثناء نظر الطعن بإيداع أوراق التحقيق أو البيانات المؤيدة لصحة الاتهام المنسوب للمطعون ضده.
الأمر الذى يصم القرار المطعون بمخالفة القانون، إذ أن المادة (79) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 لا تجيز توقيع الجزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه وذلك حتى يتسنى مواجهته بما هو منسوب له وتمكينه من إبداء دفاعه، واستجلاء الحقيقة فيما يتعلق بصحة الوقائع ونسبتها إلى فاعليها أو تبرئه ساحته منها، وإذا استشعر العامل عدم الحيدة لدى المحقق وطلب سماع أقواله أمام جهة أخرى فإنه وإن كان ذلك لا يعطل استمرار التحقيق معه إذا لم يكن لهذا الدافع سند ثابت بالأوراق. إلا أن المحقق يلتزم فى هذه الحالة بالسير فى الإجراءات ملتمسًا أدلة الثبوت من أقوال الشهود والبيانات التى تؤيد الاتهام المنسوب للعامل فلا يجوز له التوصية لدى السلطة المختصة بتوقيع الجزاء قبل استكمال إجراءات التحقيق الذى لم تستوف أوضاعه القانونية فى الحالة المعروضة واقتصر الجزاء على مخالفة المطعون ضده بسبب امتناعه عن إبداء أقواله فى التحقيق الإدارى. إذ لا محل لإجباره على الإدلاء بأقواله فيما نُسب إليه مهدداً بالجزاء التأديبى الذى سيوقع عليه فى حالة امتناعه لما هو مقرر فى الأصول العامة للتحقيق أنه لا يسوغ إكراه المتهم على الإدلاء بأقواله بأى وسيلة من وسائل الإكراه المادى أو المعنوي.
(يراجع حكم الإدارية العليا طعن رقم 3494 لسنة 42 ق. ع بجلسة 30/ 8/ 1998 مج س 43جـ ، ص 1662).
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا التطبيق الصحيح عند رقابته لمشروعية قرار الجزاء المطعون فيه، فإنه يكون قد التزم صحيح الفهم لوقائع النزاع متعينًا رفض الطعن فيه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا.