مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 صـ 152

(23)
جلسة 7 من ديسمبر سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إدوارد غالب سيفين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، ومحمد الأدهم محمد حبيب، ومحمد لطفى عبد الباقى جودة، وعبد العزيز أحمد حسن نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد ماهر عافية مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال عبد الحميد عبد الجواد سكرتير المحكمة

الطعن رقم 6472 لسنة 44 قضائية. عليا:

دعوى- الحكم فى الدعوى - حجية الأحكام - القضاء الحائز قوة الأمر المقضى لا يجوز إثارته مرة أخرى.
الشروط الواجب توافرها لقبول الدفع بحجية الأمر المقضى به تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالحكم وهو أن يكون حكمًا قضائيًا قطعيًا، وأن يكون التمسك بالحجية فى منطوق الحكم لا فى أسبابه إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطًا وثيقًا بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق دون هذه الأسباب، وقسم يتعلق بالحق المدعى به، فيشترط أن يكون هناك اتحاد فى الخصوم والمحل والسبب، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
وتقوم حجية الأمر المقضى به على فكرتين أولهما: أن المركز القانونى قد انحسم بحكم جاز قوة الشيء المحكوم فيه، فلا يسوغ العودة لإثارة النزاع توقيًا لزعزعة الوضع الذى استقر، وثانيهما: هى الحيلولة دون التناقض فى الأحكام - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 24/ 6/ 1998 أودع الأستاذ / ........... المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 6472 لسنة 44 ق. عليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 26/ 4/ 1998 فى الطعن رقم 489 لسنة 23. ق الذى قضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة عشر يومًا من راتبه وتحميله بمبلغ 5929.440 جنيهًا مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً - وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الطعن المقام من الطاعن.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإعادة الطعن رقم 489 لسنة 23 ق. إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيه مجددًا من هيئة أخرى.
ونظر الطعن أمام الدائرة السابعة (فحص) ثم الدائرة الثامنة (فحص) وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن أحيل إلى هذه المحكمة، ونظر أمامها بجلسة 25/ 5/ 2006، وبجلسة 2/ 11/ 2006، أودع المطعون ضده الأول حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أولاً: بصفة أصلية بعدم جواز نظر الطعن الماثل لسابقة صدور حكم الدائرة السابعة عليا(فحص) بجلسة 2/ 7/ 2002 فى الطعن رقم 6267 لسنة 44ق.عليا المقام من المطعون ضدهما الثانى والثالث ضد المطعون ضده الأول فى الطعن الماثل والقاضى فى منطوقه بإجماع الآراء برفض الطعن. ثانيا بصفة احتياطية برفض الطعن وتأييد حكم محكمة أول درجة وإلزام الطاعن بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 13/ 8/ 1996 أقام المطعون ضده الأول الطعن التأديبى رقم 489 لسنة 23 ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط طالبًا الحكم بإلغاء القرار الصادر من محافظ المنيا فيما تضمنه من مجازاته بخصم أجر خمسة عشر يومًا من راتبه وتحميله بمبلغ 5929.44 جنيهًا مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال - شرحًا لطعنه - إنه يعمل كاتبًا بمجلس مدينة مطاى، وقد صدر القرار المطعون فيه باعتباره مسئولاً عن مشروع الأمن الغذائى بمطاى رغم أن دوره ينحصر فى تفريغ الكشوف الواردة له من مدير المشروع واليومية الموقع عليها من مدير المشروع والمدير المسئول عن المخبز، ومن ثم فإنه ليس مسئولاً عن العجز فى حساب المخبز الآلى فى مشروع الأمن الغذائى بمطاى.
وبجلسة 26/ 4/ 1998 حكمت المحكمة التأديبية بأسيوط بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة عشر يومًا من راتبه وتحميله بمبلغ 5929.440 جنيهًا مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت قضاءها على اعتبار عدم تقديم جهة الإدارة لأوراق التحقيق والمستندات قرينة على عدم صحة الأسباب التى بنى عليها القرار المطعون فيه فيما يتعلق بالجزاء والتحميل ومن ثم إلغاء القرار بشقية.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ كان يتعين على المحكمة التأديبية أن تواجه تقاعس جهة الإدارة عن تقديم أوراق التحقيق الخاصة بالقرار المطعون فيه بتغريمها أو تغريم المسئول عن تقديمها حتى يمتثل لأمر المحكمة إلا أنها استخلصت من تقاعس جهة الإدارة عن تقديم المستندات اللازمة للفصل فى الطعن التأديبى قرينة على صحة ادعاء الطاعن وهو ما يخالف حكم المادة (99) من قانون المرافعات، كما تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أنه إذا نكلت جهة الإدارة عن تقديم ما لديها من أوراق أمام المحكمة التأديبية، ثم عادت وقدمتها أمام المحكمة الإدارية العليا فى مرحلة نظر الطعن فإن قرينة الإثبات السلبية التى قام عليها الحكم المطعون فيه تكون قد انهارت ويعتبر الطعن بعد تقديم المستندات مهيأ للفصل فيه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الطعن الماثل لسابقة صدور حكم الدائرة السابعة عليا(فحص) بجلسة 2/ 7/ 2002 بإجماع الآراء برفض الطعن رقم 6267 لسنة 44ق. عليا فإن المادة (101) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن:
"الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلاً وسببًا وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن ثمة شروطًا يلزم توافرها لقبول الدفع بحجية الأمر المقضى به، وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالحكم وهو أن يكون حكمًا قضائيًا قطعيًا وأن يكون التمسك بالحجية فى منطوق الحكم لا فى أسبابه إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطًا وثيقا بالمنطوق، بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب، وقسم يتعلق بالحق المدعى به فيشترط أن يكون هناك اتحاد فى الخصوم والمحل والسبب، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
وتقوم حجية الأمر المقضى به على فكرتين رئيسيتين أولاهما: أن المركز القانونى التنظيمى قد انحسم النزاع فى شأنه بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه، إذ استقر به الوضع الإدارى نهائيًا مما لا يسوغ معه العودة إلى إثارة النزاع فيه بدعوى جديدة توقيًا لزعزعة الوضع الذى استقر وهو ما يتفق ومقتضيات النظام الإداري، ولذلك كان استقرار الأوضاع الإدارية وعدم زعزعتها بعد حسمها بأحكام نهائية حازت قوة الشيء المقضى به بمثابة القاعدة التنظيمية العامة الأساسية التى يجب النزول عليها، والفكرة الثانية التى قامت عليها حجية الأمر المقضى هى الحيلولة دون التناقض فى الأحكام.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت أن المطعون ضده الأول فى الطعن الماثل(.....) قد أقام الطعن التأديبى رقم 489 لسنة 23. ق أمام المحكمة التأديبية بأسيوط ضد كل من محافظ المنيا ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة مطاى طالبًا إلغاء القرار الصادر من محافظ المنيا فيما تضمنه من مجازاته بخصم أجر خمسة عشر يومًا من راتبه وتحميله بمبلغ 5929.440 جنيهًا مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 26/ 4/ 1998 حكمت المحكمة التأديبية بأسيوط بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة عشر يومًا من راتبه وتحميله بمبلغ 5929.440 جنيهًا مع ما يترتب على ذلك من آثار، فأقام محافظ المنيا ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة مطاى الطعن رقم 6267 لسنة 44ق. عليا فى هذا الحكم وأقام رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الطعن الماثل فى ذات الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط، وبجلسة 2/ 7/ 2002 حكمت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا(الدائرة السابعة) بإجماع الآراء برفض الطعن رقم 6267 لسنة 44ق. عليا المقام من محافظ المنيا ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة مطاي.
الأمر الذى تكون معه المنازعة محل الطعن التأديبى رقم 489 لسنة 23. ق قد انحسمت نهائيًا بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه واستقر به الوضع الإدارى نهائيًا مما لا يسوغ معه العودة إلى إثارة المنازعة فيه بعد أن تم حسمه بحكم نهائى حاز قوة الشيء المقضى به، والقول بغير ذلك يؤدى إلى زعزعة الأوضاع الإدارية التى استقرت بأحكام نهائية حازت قوة الشيء المقضى به، كما يمثل إهدارًا لحجية الأمر المقضى به، الأمر الذى قد يؤدى إلى التناقض فى الأحكام وهو ما لا يتفق ومقتضيات النظام الإداري.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإنه يتعين القضاء بعدم جواز نظر الطعن الماثل لسابقة الفصل فى الطعن التأديبى رقم 489 لسنة 23. ق بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة السابعة) بجلسة 2/ 7/ 2002 فى الطعن رقم 6267 لسنة 44ق. عليا على نحو ما سلف بيانه على سند من أن شرط اتحاد الخصوم قد تحقق بحسبان أن محافظ المنيا ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة مطاى ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات يمثلون شخصًا اعتباريًا واحدًا هو الدولة.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بعدم جواز نظر الطعن.