مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 221

(33)
جلسة 11 من يناير سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إدوارد غالب سيفين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، ود. سامى حامد إبراهيم عبده، ومحمد لطفى عبد الباقى جودة، وعبد العزيز أحمد حسن محروس نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد ماهر عافية مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ جمال عبد الحميد عبد الجواد أمير السر

الطعن رقم 10681 لسنة 48 قضائية. عليا:

موظف - النقل - السلطة التقديرية للجهة الإدارية - حدودها
النقل من وظيفة إلى أخرى بذات الدرجة وبذات المجموعة النوعية ومن مكان إلى آخر هو أمر ترخص فيه جهة الإدارة كلما استوجبته المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام ولا رقابة عليها ما دام قرارها راعى القيوم التى وضعها المشرع لمصلحة العامل المنقول وخلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، والقول بأن النقل المصاحب للجزاء أو التحقيق يعد جزاءً تأديبيًا مقنعًا هو قول يجافى الحقيقة ويجعل من نقل العامل المجتهد وغير المتهم بإهمال أو لم يأتِ بمخالفة تأديبية أسوأ حالاً من العامل المقصر وهو اتجاه لا يأباه المشرع والعدالة معًا - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 3/ 7/ 2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل فى الحكم المشار إليه والقاضى منطوقه بإلغاء القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من مجازاة المطعون ضده بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه ونقله مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان بصفتيهما - فى ختام تقرير الطعن ولما ورد به من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً - وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء بتأييد القرارين المطعون فيهما، وبرفض الطعن التأديبى للمطعون ضده.
وقد أعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى ألتزمت فيه الرأي.
وقد تحدد لنظر الطعن جلسة 3/ 12/ 2003 أمام الدائرة السابعة عليا فحص وبها نظر وبذات الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن للدائرة الثامنة عليا فحص للاختصاص، وقد تحدد لنظره جلسة 27/ 2/ 2005 وبها نظر وبجلسة 8/ 1/ 2006 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع وقد تحدد لنظره جلسة 30/ 30/ 2006 وبها نظر، وبجلسة 14/ 12/ 2006 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وعن موضوع الطعن، فإن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضده سبق وأن أقام الطعن التأديبى المطعون على حكمه طالبًا الحكم بإلغاء قرار مجازاته بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه ونقله إلى مدرسة أخرى؛ على سند من القول بأنه نسبت إليه وهو يعمل مدرس أول لغة عربية وعضوًا بكنترول مدرسة المهندسين الإعدادية التابعة لإدارة الجيزة التعليمية مخالفات تتعلق بأعمال الكنترول.
وبجلسة 3/ 5/ 2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه.
وشيدت قضاءها على أساس أن جهة الإدارة أجرت تحقيقًا مع الطعن وآخرين فى المأمورية رقم 1432/ 115/ 1998، وانتهت فيه إلى نسبة مخالفات عديدة له ولآخرين فى أعمال الكنترول وهو تحقيق قد إعتوره النقض الجسيم والقصور الشديد عن تحقيق غايته ومحله فلم يواجه الطاعن بأي فعل أتاه حتى يتسنى له الدفاع عن نفسه ودرء المسئولية عنه وعلى ذلك فقد تضمن التحقيق المشار إليه على هذا النحو مخالفات جماعية بالمخالفة لما يجب أن يكون عليه التحقيق من تحديد واضح لكل مخالفة على حدة ولكل شخص بذاته حتى تكتمل عناصر التحقيق ويتحد الاتهام وعلى ذلك يكون ما نسب للطاعن على النحو السالف بيانه غير متحقق فى شأنه لقصور التحقيق عن إثباته، وإذ صدر القرار المطعون فيه بناءً على هذا التحقيق الباطل فإنه يكون قد وقع مخالفًا للقانون متعين القضاء بإلغائه.
وفيما يتعلق بقرار النقل فإنه قد صدر بناءً على ما نُسب للطاعن من مخالفات ومن ثم يعد بمثابة جزاء تأديبى لم يرد ضمن الجزاءات المنصوص عليها قانونًا ومن ثم يكون قد وقع مخالفًا للقانون مما يتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل هو أن الحكم المطعون عليه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله على سند من أن المطعون ضده بوصفه مدرس أول لغة عربية بمدرسة المهندسين الإعدادية بنين، وأثناء امتحانات الدور الثانى للعام الدراسى 97/ 1998 وبصفته عضوًا بالكنترول خرج على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يؤد العمل المنوط به بدقة وأمانة بارتكاب عدة مخالفات مع آخرين ثبتت فى حقه من واقع التحقيقات التى أجريت بمعرفة إدارة وسط الجيزة التعليمية فى المأمورية رقم 1432/ 115/ 1998 وأن التحقيق انتهى بعد سماع أقواله وجميع المخالفين معه وتمت مواجهتهم بما هو منسوب إليهم، من ثم يكون التحقيق صحيحًا مطابقًا للقانون، كما أن النقل قد صدر لصالح العمل ودواعيه وكان لوظيفة مماثلة فيكون صحيحًا.
ومن حيث إن ما نُسب للمطعون ضده وآخرين بصفتهم أعضاء بكنترول مدرسة المهندسين الإعدادية بنين ارتكاب المخالفات الآتية:
1- عدم استخراج أوراق إجابات طلاب المنازل لمراجعتها المراجعة النهائية.
2- عدم إستخراج أوراق إجابات جميع طلاب المدرسة للفصل الدراسى الأول لمراجعتها مع الفصل الدراسى الثانى لتطبيق قواعد المراجعة النهائية على من يستحق مما نتج عنه رسوب جمع من الطلاب يحق لهم النجاح.
3- التلاعب فى أوراق إجابات جمع من طلاب المدرسة بالتزوير لإنجاحهم بالمخالفة لمقتضى الواجب الوظيفى وخيانة الأمانة.
4 - حصول بعض الطلاب على درجات تخضع لقواعد المراجعة النهائية ولم يتم عمل محضر بها.
وقد كان ذلك إثر ورود شكوى ضد المطعون ضده وآخرين القائمين على كنترول المدرسة المذكورة بوقوع مخالفات عديدة بعملهم، وقد شكلت لجنة من المتخصصين لبحث هذه المخالفات وثبت فى حق المخالفين جميعًا ومنهم المطعون ضده، وقد وُوجه المطعون ضده بما نُسب إليه وآخرين فى المأمورية رقم 1432/ 115/ 1998 وقد أقر المطعون ضده بوجود خطأ من أعضاء الكنترول وهو واحد منهم فى عدم تطبيق قواعد الرأفة على الطالب/ ......؛ حيث ذكر المطعون ضده عبارة "فحدث خطأ منا فى عدم تطبيق قواعد الرأفة" على الطالب المذكور مما تسبب فى رسوبه.
(ص 63) من التحقيق ضمن إحدى المخالفات المنسوبة إليه وزملائه.
وقد تبين من التحقيق الذى أُجرى مع المطعون ضده أن المحقق قد وجه للمطعون ضده عدة مخالفات وقام بالرد على بعضها وأقر بخطئه فى البعض الآخر هو وزملاؤه.
ولما كان المطعون ضده وزملاؤه بصفتهم أعضاء لجنة كنترول المدرسة المذكورة ومن ثم فهم متضامنون فى أعمال الكنترول لا ينفصل أحدهم
عن الآخرين، والمسئولية الجماعية لا تعنى إفراد تهمة لكل مخالف على حدة، بل يجوز مساءلة كل واحد من المخالفين فى جميع ما نُسب إليهم جميعًا من مخالفات إذا ما تبين أن عملهم مشترك ولا يمكن فصله عن عمل الآخرين، ففى هذه الحالة تبقى المسئولية الجماعية قائمة تجاههم جميعًا متى ثبتت فى حقهم دون التنصل منها كما هو الحال فى الطعن الماثل.
ومن ثم يضحى ما انتهى إليه الحكم المطعون عليه من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه استنادًا على عدم تحديد واضح لكل مخالفة على حدة ولكل شخص بذاته مما يصم التحقيق بالقصور فى غير محله، إذ إن التحقيق الذى أجرى فى هذا الشأن بيَّن تفصيلاً كل واقعات الموضوع، والمخالفاتُ التى أحصاها تقرير اللجنة المختصة بفحص أعمال الكنترول وُوْجه المطعونُ ضده وزملاؤه بها وقد أقر بخطئه فى بعض منها، مما تقضى معه المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن ما نُسب للمطعون ضده مع زملائه ثابت فى حقه وبما أسفرت عنه نتائج اللجنة المشكلة لهذا الغرض، مما يشكل ذنبًا إداريًا فى حق المطعون ضده يجب مؤاخذته عليه، ويضحى قيام جهة الإدارة بمجازاة المطعون ضده بقرارها المطعون فيه قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون، إلا أن القرار المطعون فيه قد شابه الغلو نظرًا لكون هذه المخالفات قد شابت عمل المطعون ضده وآخرين وأن الجهة الإدارية قد حققت الجزاء لزملاء المطعون ضده إلى سبعة أيام فقط، مما ترى معه المحكمة مجازاة المطعون ضده بخصم سبعة أيام من راتبه بدلاً من خمسة عشر يومًا.
أما فيما يتعلق بنقل المطعون ضده إلى مدرسة أخرى فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن النقل من وظيفة إلى أخرى بذات الدرجة وبذات المجموعة النوعية ومن مكان إلى آخر هو أمر ترخص فيه جهة الإدارة كلما استوجبته المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام الذى تقوم عليه، ولا رقابة على جهة الإدارة ما دام قرارها راعى القيود التى وضعها المشرع لمصلحة العامل المنقول، ومنها عدم نقله إلى وظيفة درجاتها أقل وما دام خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو الإنحراف بها، والقول بأن النقل المصاحب للجزاء أو التحقيق مع العامل المنقول يعد جزاءً تأديبيًا مقنعًا فهو قول يجافى الحقيقة ويجعل من نقل العامل المجتهد وغير المتهم بإهمال أو تقصير أو لم يأتِ بمخالفة تأديبية معينة أسوأ حالاً من العامل المقصر وهو اتجاه يأباه المشرع والعدالة معًا.
ومن حيث إن المطعون ضده قد شاب سلوكه وتصرفاته أثناء عمله بكنترول مدرسة المهندسين الإعدادية بنين بعض المخالفات والتى كان يتعين عليه وزملائه تجنبها مخافة وقوعهم تحت طائلة الشبهات؛ إذ ورد بالشكاوى المقدمة ضده وآخرين أنهم يكونون عصابة داخل كنترول المدرسة، وهذه الصفة التى وُصف بها المطعون ضده وزملائه من الشاكين تجعل من الواجب على جهة الإدارة بعد ثبوت هذه المخالفات فى حق المطعون ضده وزملائه ولدواعى المصلحة العامة ومصلحة المرفق أن ينقلوا إلى مدرسة أخرى لدرء الشبهات والمفاسد.
وإذ قامت جهة الإدارة بنقل المطعون ضده مكانيًا على مدرسة أخرى بذات درجته ووظيفته فإن قرارها فى هذا الشأن يكون قد صدر مراعيًا المصلحة العامة بمنأى عن الإلغاء.
وإذ صدر الحكم المطعون عليه خلاف ما تقدم فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون متعين الإلغاء.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبمجازاة المطعون ضده بخصم سبعة أيام من راتبه ونقله إلى مدرسة أخرى.