مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صــ 227

(34)
جلسة 13 من يناير سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم, ويحيى خضرى نوبى محمد, وأحمد محمد حامد محمد, وعادل سيد عبد الرحيم بريك نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد فاروق السيد العوانى مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4026 لسنة 45 قضائية. عليا:

موظف - تأديب - واجبات الموظف - طاعة الرؤساء وتوقيرهم - حق الشكوى والإبلاغ عن الجرائم
حق الشكوى من الحقوق المكفولة للأفراد - إلا أنه إذ ثبت فى حق العامل أن العبارات الواردة فى تظلمه فى ضوء الظروف والملابسات التى صدرت فيها أنه لم يقصد من تلك الشكاوى الإبلاغ عن المخالفات المبلغ عنها توصلاً إلى ضبطها وإنما كان مدفوعاً بشهوة الإضرار بزملائه ورؤسائه والكيد لهم والطعن فى نزاهتهم، فإن ذلك يعد خروجاً على الواجب الوظيفى وسلوكاً لا يتفق والاحترام الواجب لزملائه ورؤسائه- تطبيق.


الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 10/4/1999 أودع الأستاذ/ ................. المستشار بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومى برقم 4026 لسنة 45ق. عليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية "الدائرة الأولى" فى الطعن التأديبى رقم 512 لسنة 39ق بجلسة 27/2/1999 والقاضى منطوقه (بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه المؤرخ 21/ 4/ 1991 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره وحرمانه من أجر أيام الغياب، وإلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعن تعويضًا مقداره خمسمائة جنيه على الوجه المبين بالأسباب).
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه وتأييد القرار المطعون فيه ورفض طعن المطعون ضده مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا.
ونظر الطعن أمام الدائرة السابعة عليا فحص طعون بجلسة 4/ 12/ 2002 وبجلسة 1/ 10/ 2003 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا فحص طعون للاختصاص لنظره بجلسة يخطر بها الخصوم فنظرته بجلسة 27/ 12/ 2004 وما تلاها من الجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلستها المنعقدة فى 27/ 3/ 2006 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الخامسة - موضوع" وحددت لنظره أمامها جلسة 13/ 5/ 2006 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 11/ 11/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 1/ 2007 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع ومضى الأجل المصرح به دون إيداع أية مذكرات وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثَمَّ يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن المطعون ضده أقام الطعن التأديبى رقم 512 لسنة 39ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 9/ 7/ 1997 طالبًا فى ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 98 الصادر بتاريخ 21/ 4/ 1997 فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة أيام بالإضافة إلى خصم أيام 23، 24، 31/ 10/ 1996 لما نسب إليه من الانقطاع عن العمل خلال الأيام المشار إليها وعدم الامتثال للأوامر الصادرة إليه بتشغيله مندوب سولار وإساءته استعمال حق الشكوى بتقديم شكوى ثبت عدم صحة ما تضمنته من وقائع على سند من القول أنه يشغل وظيفة ملاحظ قاطرات بالحضرة، وقد علم بتاريخ 21/ 5/ 1997 بصدور قسيمة الجزاء رقم 98 فى 21/ 4/ 1997 المطعون فيه فتظلم منه بتاريخ 1/ 6/ 1997 إلا أن الجهة الإدارية أخطرته بأنها لها توافق على تخفيض الجزاء لصدوره بناءً على تحقيقات النيابة الإدارية ناعيًا على القرار الطعين صدوره غير قائم على سببه لأنه لم ينقطع عن العمل خلال الأيام المشار إليها بالقرار المطعون فيه وفقًا للثابت من كتاب الجهة التى يعمل بها المؤرخ 21/ 4/ 1997 - كما أن المجلس الطبى العام قرر صلاحيته للعمل كملاحظ داخل الورش فى حدود ساعات العمل الرسمية فقط وهو ما لا يتفق مع قرار تشغيله كمندوب سولار وأنه إذ تظلم من هذا الوضع فاتهم بإساءة استعمال حق الشكوى مختتما عريضة طعنه بطلب الحكم بما تقدم.
وبجلسة 27/ 2/ 1999 أصدرت المحكمة التأديبية بالإسكندرية "الدائرة الأولى" حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الجهة الإدارية قد تقاعست عن تقديم ملف التحقيقات التى أجريت بشأن القرار المطعون فيه رغم تكليفها بذلك وتغريمها لهذا السبب واتساع المجال أمامها لذلك، الأمر الذى يقيم قرينة ضدها مؤداها عدم قيام القرار المطعون فيه على سببه المبرر له قانونًا، كما أقامت قضاءها بالنسبة لطلب التعويض على أن ركن الخطأ متحقق فى جانب الجهة الإدارية التى أصدرت القرار الطعين دون أن تقدم دليل مشروعيته، وقد ألحق هذا الخطأ أضرارًا مادية بالطاعن تتمثل فيما تكبده من مصاريف التقاضى وما خصم من راتبه تنفيذا للقرار المطعون فيه كما ألحق به أضرارًا أدبية تتمثل فى الإساءة إلى مركزه بين زملائه وإظهاره بمظهر العامل المقصر فى أداء واجباته وقدرت التعويض الذى يجبر هذه الأضرار فى مجموعها بمبلغ خمسمائة جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن، وحاصلها أن القرينة التى استخلصتها محكمة أول درجة والمستمدة من نكول جهة الإدارة عن تقديم الأوراق اللازمة للفصل فى الطعن التأديبى هى قرينة قابلة لإثبات العكس، ومن ثم فإنها تسقط إذا ما قدمت المستندات والأوراق والتحقيقات وبصرف النظر عن ضرورة مساءلة المسئول عن إيداع الأوراق.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم أو القرار المطعون فيه بميزان القانون وحده لتنزل صحيح حكمه على النزاع غير مقيدة فى ذلك بطلبات الطاعن أو الأسباب التى يبديها بتقرير الطعن باعتبار أن المرد فى ذلك هو أعمال مبدأ المشروعية وسيادة القانون فى روابط القانون العام.
ومن حيث إنه من المقرر - طبقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة -أنه ولئن كان عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى استنادًا إلى القاعدة الأصولية التى تقضى بأن البينة على من ادعى إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه فى مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال وطبيعة النظام الإدارى بحسبان أن الجهة الإدارية المدعى عليها تحتفظ فى حوزتها بالأوراق والمستندات اللازمة للفصل فى النزاع وعلى ذلك فإنه يتعين على الجهات الإدارية أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمفيدة فى إظهار وجه الحق فيه إثباتًا ونفيًا متى طلب إليها ذلك فإذا نكلت تلك الجهة عن تقديم سائر الأوراق والمستندات المنتجة فى الدعوى فإن ذلك يقيم قرينة بصحة ادعاء الطاعن من عدم قيام القرار المطعون فيه على سببه المبرر له الأمر الذى يصمم القرار بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه إلا أن هذه القرينة تسقط وتستبعد النتيجة المترتبة عليها إذا قدمت الجهة الإدارية الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع الدعوى أثناء نظر الطعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء القرار التأديبى المطعون فيه على أساس قرينة عول عليها الحكم بأن رتب على عدم تقديم الهيئة الطاعنة للمستندات اللازمة تسليمًا بصحة الادعاء بعدم مشروعية ذلك القرار.
ومن حيث إن تلك القرينة قد سقطت فقد بات لازمًا استبعاد النتيجة المترتبة عليها والأثر الذى تنتجه حيث قدمت الهيئة الطاعنة أثناء نظر هذا الطعن المستندات اللازمة للفصل فى موضوع الطعن التأديبى وفقًا لأوراقها المنتجة فيه مما لا وجه معه للتعويل على القرينة المستمدة من عدم تقديم تلك الأوراق والمستندات.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة التحقيقات التى أجرتها النيابة الإدارية بالإسكندرية بالقضية رقم 1 لسنة 1997 التى حوتها حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة أمام الدائرة السابعة عليا فحص طعون بجلسة 19/ 3/ 2003 أنه نسب إلى المطعون ضده أنه تغيب عن العمل دون اتباع الإجراءات المقررة ولم ينفذ ما صدر إليه من أوامر بدقة وخرج على مقتضى الواجب الوظيفى وذلك بأن:
1- انقطع عن العمل خلال الأيام 23، 24، 31/ 10/ 1996.
2- لم يمتثل لتنفيذ الأوامر الصادرة إليه بتنفيذ قرار نقله من وظيفة ملاحظ قاطرات إلى وظيفة مندوب سولار وقام بالتوقيع بدفتر العمرة الخاص بالعربات بالمخالفة للتعليمات.
3- أساء استعمال حق الشكوى بتقديمه شكوى ثبت عدم صحة ما تضمنه من وقائع وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة التحقيقات المشار إليها وباعتراف المطعون ضده عدم تنفيذه للقرار الصادر بنقله من وظيفة ملاحظ قاطرات إلى وظيفة ملاحظ سولار داخل ورشة الحضرة المؤرخ 17/ 10/ 1996 كما اعترف بما ورد بتأشيرته على كتاب قسم قاطرات الحضرة المؤرخ 24/ 10/ 1996 التى تفيد عدم استلامه العمل كمندوب سولار وكذا قيامه بالتوقيع بدفتر العمرة المخصص لإثبات أعطال الجرارات والعربات بالمخالفة للتعليمات وتأكدت اعترافاته من واقع أقوال كل من /......... رئيس ورشة الحضرة و....... رئيس قسم عربات إسكندرية والمهندس/ ........ مدير إدارة الصيانة الذى أصدر قرار نقل المذكور ومتعللاً فى ذلك بأن قرار النقل صدر بالمخالفة للتوصية الطبية الصادرة من القومسيون الطبى العام بالعمل داخل الورثة خلال مواعيد العمل الرسمية وبسبب منعه من التوقيع بدفتر الحضور والانصراف، كما أنكر المطعون ضده تغيبه عن العمل أيام 23، 24، 31/ 10/ 1996 مقررًا أنه كان متواجدًا كل يوم من تلك الأيام بداخل ورشة الحضرة وكان ممنوعًا من التوقيع بدفتر الحضور والانصراف بناء على تعليمات المهندس ........ المذكور.
ومن حيث إنه من المقرر أنه يجب على الموظف أن يمارس العمل فى المكان المخصص لممارسة واجبات وظيفته والذى يحدده له رئيسه المختص بتوزيع العمل وفقًا لمقتضيات سير المرفق العام، ويعتبر فى مقدمة الواجبات الوظيفية وأبرزها واجب طاعة الموظف لرؤسائه فى أداء عمله وفقًا لتوجيهاتهم وأن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة فلا يكفى فى هذا الصدد تواجد العامل بمقر عمله فى أوقات العمل الرسمية وإنما هو مكلف بتنفيذ الأوامر والتعليمات التى تصدر إليه وأن يؤدى العمل المنوط به طبقًا لتلك الأوامر لأنه مكلف أساسًا بإنجاز القدر من العمل المطلوب منه أداؤه فى الوقت المخصص لذلك، وتقتضى طاعة العامل لرؤسائه بالإضافة إلى جانب تنفيذ ما يصدر إليه من أوامر وقرارات احترامه لهم بالقدر الذى يجب أن يسود بين الرئيس والمرؤوس ومن ثم فإنه لا يحق للموظف بعد أن أبدى وجهة نظره أن يعترض على ما استقر عليه رأى رؤسائه فى هذا الشأن أو أن يمتنع عن تنفيذه ذلك أن المنوط به توزيع الأعمال على الموظفين هو الرئيس الإدارى المسئول عن سير العمل بحسب التدرج الإدارى؛ إذ لو ترك الأمر لإرادة الموظف يختار ما يشاء من أعمال يرتاح إليها ويرفض منها ما يرى أنه لا يتفق مع يجب أن يكون وفقا لتقديره لاختل النظام الوظيفى واضطرب سير المرفق العام مما يعرض المصلحة العامة للخطر.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق أن المخالفات المنسوبة للمطعون ضده سالفة الذكر ثابتة فى حقه ثبوتا يقينيًا من واقع اعترافه وبشهادة الشهود الذين سمعت أقوالهم فى تحقيقات النيابة الإدارية ولا يشفع للمطعون ضده بما تعلل به على النحو الموضح سلفًا ذلك لأنه كان يجب عليه فى حالة تضرره أن يتظلم من قرار نقله إلى الجهة الرئاسية لمصدر هذا القرار إذا كان مخالفًا من وجهة نظره لطبيعة عمله وتوصية القومسيون الطبى وولوج طريق التقاضى دون تحدى رؤسائه بعدم تنفيذ القرار، وخاصة أن الأوراق خلت من أى دليل يفيد أن مرضه يحول دون قيامه بواجبات الوظيفة المنقول إليها وما قرره المهندس/.................. مدير إدارة الصيانة بسكة حديد القبارى أن قرار نقل المذكور لا يخالف قرار القومسيون الطبى العام الصادر لصالحه لأن الوظيفة المنقول إليها داخل ورشة الحضرة وأن وظيفة مندوب السولار المتضرر منها تندرج تحت مسمى ملاحظ قطارات وذلك للإشراف على عدادات السولار والتى تتطلب ممن يشغل هذه الوظيفة أن يكون على دراية باللغة الإنجليزية لقراءة العدادات وأن المذكور حاصل على مؤهل الإعدادية، ومبررًا تضرر الشاكى من نقله لأنه يريد أن يكون بعيدًا عن الرقابة والمسئولية لأنه فى وظيفته السابقة كان يمكن أن يتواجد فى أكثر من مكان فى المحطة ويمكنه التلاعب فى مواعيد الحضور والانصراف.
ومن حيث إنه بالنسبة لما نسب إلى المطعون ضده بأنه أساء استعمال حق الشكوى بتقديم شكوى ثبت عدم صحة ما تضمنته من وقائع فإنه لما كان المقر أنه يتعين على المرؤوسين توقير واحترام رؤسائهم، ويعتبر ذلك واجبًا تحتمه طبيعة النظام الإدارى والسلطة الرئاسية، وفى مقابل ذلك يتعين على الرؤساء احترام كرامة وحقوق العاملين تحت رئاستهم، وعلى ذلك فإنه يتعين للتأكد من وقوع مساس من مرؤوس برئيسه من خلال عبارات وردت فى تظلم أو شكوى قدمها إليه أن يتوافر فى تلك العبارات لفظًا ومعنى وفى إطار الظروف والملابسات التى جرت فيها ما يعد خروجًا عن حق التظلم والشكوى بقصد الإيذاء الأدبى والمعنوى للرئيس الموجهة إليه سواء بالتشهير به أو إهانته أو تحقيره أو المساس بهيبته وكرامته بأى وجه من الوجوه، وذلك فى ضوء إطار السياق الكامل لعبارات التظلم الذى حرره العامل، وذلك للوقوف عما إذا كانت ثمة عبارات وألفاظ مؤثمة من عدمه.
ومن حيث إنه - فى ضوء ما تقدم فإنه لما كان الثابت من مطالعة الشكاوى المقدمة من المطعون ضده إلى المهندس مدير إدارة الوحدة بمنطقة غرب الدلتا التابع لهيئة السكة الحديد المؤرخة فى 19/ 10/ 1996 وكذا رئيس النيابة الإدارية المؤرخة فى 22/ 10/ 1996 أن المطعون ضده ضمن هذه الشكاوى عبارات غير لائقة ووقائع ثبت من واقع تحقيق النيابة الإدارية عدم صحتها وتضمنت وجود مخالفات مالية وصرف أموال أميرية بدون وجه حق داخل ورشة الحضرة وضياع أموال الهيئة والتستر على نهب المال العام واستجواب المتستر على ذلك والاطلاع على ملفات هؤلاء العاملين الذين يشكلون تشكيلاً عصابيًا داخل ورشة الحضرة وأن العامل/ ...... يقوم بالوظيفة المنقول إليها منذ عشرين سنة وأنه له قضية سرقة واختلاس منظورة فى المحكمة وبالنيابة العامة، وأن هناك آخرين فى هذه القضية عليهم مبالغ مالية لأن المهندس مدير الإدارة قام بتشغيله فى السولار ورفع العامل المذكور من هذا العمل، وأنه رفع قضية على المهندس المذكور وتنازل عنها بعد نقله للعمل بالقاهرة، إلا أنه بعد عودته دبر له هذا العمل لشئ فى نفسه يبيته له.
ومن حيث إنه - بالبناء على ما تقدم - فإن ما نسب إلى المطعون ضده من اتهام فى هذا الشأن ثابت فى حقه؛ حيث تدل العبارات الواردة بتظلمه فى ضوء الظروف والملابسات التى صدرت فيها أنه لم يقصد من تلك الشكاوى الإبلاغ عن المخالفات المبلغ عنها توصلا إلى ضبطها وإنما كان مدفوعًا بشهوة الإضرار بزملائه ورؤسائه والكيد لهم والطعن فى نزاهتهم بعد صدور قرار نقله إلى وظيفة عازفًا عن العمل بها مما يعد خروجًا على الواجب الوظيفى وسلوكه سلوكًا لا يتفق والاحترام الواجب لزملائه ورؤسائه.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه بمجازاة المطعون ضده بخصم خمسة أيام من راتبه وحرمانه من أجر أيام الغياب قائمًا على سببه المبرر له واقعًا وقانونًا ويضحى الطعن عليه بغير سند خليقًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب المطعون ضده التعويض عن قرار مجازاته فإنه لما كان من المقرر أن مناط مسئولية الجهة الإدارية عن القرارات الإدارية الصادرة منها توافر ثلاثة أركان مجتمعة معًا أولهما ركن الخطأ بأن يكون القرار الإدارى المطعون فيه معيبًا، والركن الثانى الضرر، بأن يصيب صاحب الشأن ضررٌ من جراء صدور هذا القرار، والأخير أن تقوم علاقة سببية مباشرة بين الخطأ والضرر.
وإذ ثبت مما تقدم مشروعية القرار الطعين، ومن ثم ينتفى ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة وبالتالى لا تُسأل جهة الإدارة عن الأضرار التى أصابت المطعون ضده من جراء صدور القرار المطعون فيه مما يتعين معه رفض هذا الطلب وإذ أخذ الحكم المطعون فيه ينظر مغاير فيكون قد جاء على خلاف أحكام القانون وشابه الخطأ فى تطبيقه وتأويله حريًا بالإلغاء مما يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بقبول الطعن التأديبى 512 لسنة 39ق شكلاً وبرفضه موضوعًا.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الطعن التأديبى رقم 512 لسنة 39ق.