مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صــ 261

(39)
جلسة 14 من يناير سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد البارى محمد شكرى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السعيد عبده جاهين، ومحمد الشيخ على، وحسونة توفيق حسونة، وأحمد منصور محمد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مجدى الجارحى مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ وائل محمد عويس سكرتير المحكمة

الطعن رقم 21844 لسنة 51 قضائية. عليا:

مجلس الدولة - شئون أعضاء - لا يشترط توقيع طلبات قضاة مجلس الدولة من محام مقبول لدى المحكمة الإدارية العليا.
قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
قانون مجلس الدولة لم يستثن طلبات قضاة مجلس الدولة من توقيعها من محام مقبول لدى المحكمة الإدارية العليا على نحو يغاير ما اتبعه المشرع فى المادة (16) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979؛ حيث استثنى طلبات أعضاء المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بأى شأن من شئونهم من حكم المادة (34) من هذا القانون - التى تتطلب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التى تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعاً عليها من محامٍ مقبول الحضور أمامها - وأجازت المادة (16 ) توقيع الطلبات من صاحب الشأن، ولئن كان ذلك إلا أنه ليس مؤدى ذلك اشتراط توقيع طلبات قضاة مجلس الدولة من محامٍ مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا: أساس ذلك - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 10/ 8/ 2005 أودع السيد المستشار/ ........ عن نفسه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 21844 لسنة 51 ق . ع "طلبات أعضاء" بطلب الحكم بأحقيته فى صرف المبلغ الشهرى المقرر بمقتضى قرار وزير العدل رقم 7717 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة للسيد المستشار رئيس مجلس الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية عن السنوات الخمس السابقة على تقديم الطعن.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المقرر قانوناً.
وبعد تحضير الطعن أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بأحقية الطاعن فى صرف المبلغ الشهرى المقرر بمقتضى قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس مجلس الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى على النحو المبين بالأسباب.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 12/ 2006 أودع الطاعن حافظة مستندات طويت على كتاب مدير إدارة الماهيات المؤرخ 23/ 11/ 2006 يفيد بلوغ مرتب الطاعن بداية المرتب المقرر للسيد المستشار رئيس مجلس الدولة من 29/ 9/ 1999، وبجلسة 3/ 12/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث إن واقعات الطعن الماثل تخلص فى أنه بتاريخ 10/ 8/ 2005 أودع الطاعن عن نفسه التقرير الماثل للحكم بأحقيته فى صرف المبلغ الشهرى المقرر بمقتضى قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة للسيد المستشار رئيس مجلس الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية عن السنوات الخمس السابقة على تقديم الطلب.
وبياناً لطعنه قال أنه يشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة منذ 29/ 9/ 1999 وبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة طبقاً لجدول المرتبات الملحق بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة والتى تعادل بداية مربوط الدرجة الوظيفية للسيد المستشار/ رئيس مجلس الدولة وقد صدر قرار السيد المستشار وزير العدل رقم 7717 لسنة 1989 والمعدل بعدة قرارات آخرها برقم 458 لسنة 2004 بصرف مبلغ شهرى إضافى لأعضاء الهيئات القضائية من بداية مربوط الدرجة الوظيفية التى يشغلونها وتقرر بمقتضى هذه القرارات لرؤساء الهيئات القضائية مبلغ إضافى يزيد على ما يصرف لمن يتساوون معهم فى المعاملة المالية طبقاً للمادة (11) من القانون رقم 17 لسنة 1976 وبالمخالفة للمادة (122) من قانون مجلس الدولة وما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا فى طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق بجلسة 3/ 3/ 1990 وما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 13455 لسنة 48 ق طلبات الأعضاء .
وردت الجهة الإدارية على الطلب بأنه من المقرر أن القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية قد عهد إلى وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية أمر بيان ماهية الخدمات التى يؤديها الصندوق لأعضائه من أعضاء الهيئات القضائية وبيان تفصيلها وتحديد ضوابطها ليصدر فى شأنها ما يناسبها من القرارات التى يوافق عليها المجلس الأعلى للهيئات القضائية ويجب بالتالى أن يكون إنفاذ الخدمات التى يقدمها وما يترتب عليها من أعباء يتحملها متطوراً ومرتبطاً دوماً بموارده.
وقد صدر قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية متضمناً تحديد الأغراض التى يقوم عليها هذا الصندوق ووسائل تنفيذها ومتابعتها وصور الخدمات الصحية والاجتماعية التى يقدمها ومداها وما يخرج عن نطاق ما يتحمله الصندوق من تكلفتها، ثم صدر قرار وزير العدل رقم 7717 لسنة 1989م ناصاً فى مادته الأولى على أن: يصرف للسادة أعضاء الهيئات القضائية من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية مبلغ شهرى بنسبة مقدارها أربعون فى المائة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التى يشغلها العضو والمبينة بجداول المرتبات الملحقة أرقام 6916 لسنة 1991م ، 118 لسنة 1993م، 810 لسنة 1994، 3890 لسنة 1995، 650 لسنة 2003، 458 لسنة 2004، وقد حددت هذه القرارات - بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية - قواعد وضوابط مقدار المبلغ الشهرى الذى تقرر صرفه لأعضاء الهيئات القضائية بنسب ثابتة هى ربط الدرجة الوظيفية التى يشغلها العضو وهى نسب لا تتغير بما يطرأ على مرتب العضو بسبب العلاوات الاجتماعية أو العلاوات الدورية أو بسبب استحقاق العضو العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى والبدلات المقررة لها لبلوغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التى يشغلها إعمالاً للبند عاشراً من قواعد تطبيق جدول المرتبات المضاف بالقانون رقم 17 لسنة 1976 طالما بقى العضو فى وظيفته ولم يرق إلى الوظيفة الأعلى مباشرة، فالعبرة - إذن - فى تحديد بداية هذا المبلغ هى بداية مربوط الوظيفة التى يشغلها العضو فعلا وليس بالراتب الفعلى الأساسى الذى يتقاضاها فيتعين فى هذا المجال التفرقة بين المستوى الوظيفى والمستوى المالى فالعضو يبقى فى مستواه الوظيفى إلى أن يرقى إلى الدرجة الأعلى فى حين أن المستوى المالى يتغير وقد يصبح العضو فى ذات المستوى المالى للدرجة دون أن يؤثر ذلك على مستواه الوظيفى أو على بداية مربوط الدرجة التى يشغلها حسبما وردت فى جداول المرتبات، وهذا ما جرى به قضاء محكمة النقض - دائرة طلبات رجال القضاء فى الطلب رقم 64 لسنة 69 ق بجلسة 13/ 1/ 2004.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد تضمن فى نصوصه الإجراءات أمام محاكم مجلس الدولة فى المواد من (24 إلى 54) مكرراً ، وقررت المادة (3) من قانون الإصدار تطبيق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائى، وقد نصت المادة (44) من هذا القانون على أن "ميعاد رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، ويقدم الطعن من ذوى الشأن بتقرير مودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ...." ثم حددت المادة (104) من هذا القانون كيفية الفصل فى طلبات قضاة مجلس الدولة والمحكمة المختصة بنظرها بأن نصت على أن "تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم ... كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل فى طلبات التعويض عن تلك القرارات. و تختص أيضاً دون غيرها بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات .....". ولا تحصل رسوم على هذا الطلب.
ومن حيث إنه ولئن كان قانون مجلس الدولة لم يستثن طلبات قضاة مجلس الدولة من توقيعها من محام مقبول لدى المحكمة الإدارية العليا على نحو يغاير ما اتبعه المشرع فى المادة (16) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 حيث استثنى طلبات أعضاء المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بأى شأن من شئونهم من حكم المادة (34) من هذا القانون - التى تتطلب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التى تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعاً عليها من محام مقبول الحضور أمامها وأجازت المادة (16) توقيع الطلبات من صاحب الشأن، ولئن كان ذلك إلا أنه ليس مؤدى ذلك اشتراط توقيع طلبات قضاة مجلس الدولة من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن الاستثناء الذى أورده قانون المحكمة الدستورية العليا مرده إلى اختصاصها بنظر طلبات تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى (مادة 31) وطلبات الفصل فى النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين (مادة 32) فكان حرياً بالمشرع مادامت هذه المحكمة تختص بنظر طلبات غير طلبات أعضاء المحكمة واشترط فى تلك الطلبات أن تكون موقعة من محام، كان حرياً به أن يستثنى طلبات الأعضاء من شرط التوقيع من محام حتى لا تدخل فى عموم الطلبات التى تختص بنظرها المحكمة والتى استلزمت المادة (34) توقيعها من محام هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الغاية التى تغياها المشرع من توقيع محام على صحف الدعاوى وصحف الطعون هى ضمان تحرير هذه الأوراق بمعرفة متخصصين فى القانون حتى يراعى فى تحريرها أحكام القانون، فتقل بقدر الإمكان المنازعات فيما لو قام بتحريرها من لا خبرة لهم بممارسة هذه الأمور ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوى الشأن، ولذلك فإن الإلزام الوارد بوجوب توقيع الصحيفة من محام لا يجب أن يفهم بعيداً عن حكمته وبالتالى فإن الطلب الذى يقدمه القاضى أو المستشار يكون قد تحقق فيه الحكمة المبتغاة من توقيعه من محام، مما يستوجب قبول طلبات قضاة مجلس الدولة وغيرهم من أعضاء الهيئات القضائية الموقعة منهم ولو لم تزيل بتوقيع محام، ومما يؤكد هذا النظر ما قررته المادة (85) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 142 لسنة 2006 من أنه "يباشر المدعى جميع الإجراءات أمام الدائرة بنفسه، وله أن يقدم دفاعه كتابة أو ينيب عنه فى ذلك كله أحد رجال القضاء الحاليين أو السابقين من غير أرباب الوظائف أو المهن........". وذلك بما يحفظ لخصومة رجال القضاء خصوصية الدعاوى المتعلقة بشئونهم، وهو أمر يستوى فيه سائر أعضاء الهيئات القضائية.
ومن حيث إن القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية نص فى مادته الأولى على أن: (ينشأ بوزارة العدل صندوق تكون له الشخصية الاعتبارية تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية .. ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الانفاق منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية ) وقد صدر قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 ناصًا فى مادته الأولى على أن: (يصرف للسادة أعضاء الهيئات القضائية من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية مبلغ شهرى بنسبة مقدارها أربعون فى المائة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التى يشغلها العضو والمبينة بجداول المرتبات الملحقة أرقام 6916 لسنة 1991م ، 118 لسنة 1993م ، 810 لسنة 1994، 3890 لسنة 1995، 650 لسنة 2003، 458 لسنة 2004).
وتنص المادة 122 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن" تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة.
وتسرى فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام التى تقرر فى شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية).
وتنص قواعد جدول المرتبات على أن:
(ثالثاً: تستحق البدلات المحددة قرين كل وظيفة فى جدول المرتبات لكل من يصدر قرار تعيينه فى إحدى الوظائف الواردة بالجدول ولا يجوز الجمع بين بدل التمثيل وبدل القضاء) ، كما تنص الفقرة الأخيرة من هذه القواعد المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 على أن: (يستحق العضو الذى يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التى يشغلها العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة الأعلى وفى هذه الحالة يستحق البدلات المقررة لهذه الوظيفة...).
وقضت المادة (12) من القانون رقم 17 لسنة 1976 بأن يستمر العمل بقواعد جداول المرتبات الملحقة بكل من قانون السلطة القضائية وقانون مجلس الدولة والقانون رقم 89 لسنة 1973 م والقانون رقم 88 لسنة 1973 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.
ومن حيث إن البين من النصوص المتقدمة أن الأصل أن كل من يُعين فى إحدى المناصب القضائية يستحق المرتب والبدلات المقررة قرين منصبه فى جدول المرتبات الملحق بالقانون المنظم للهيئة القضائية التى ينتمى إليها كما يستحق البدلات والمزايا الأخرى التى يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل طبقاً لأحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 المشار إليه .
واستثناءً من هذا الأصل استحدث المشرع بالقانون رقم 17 لسنة 1976 طريقاً استثنائياً للترقية المالية بمقتضاه يمنح من بلغ نهاية مربوط وظيفته العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى وسائر البدلات المقررة لها وهذه الترقية المالية تتم حكماً بقوة القانون إعمالاً لإرادة المشرع الذى اعتبر عضو الهيئة القضائية منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته فى مركز قانونى مماثل لشاغل الوظيفة الأعلى من الناحية المالية، ويصير مستحقاً لذات المعاملة المالية لشاغل تلك الوظيفة ويستحق مخصصاته المالية بحيث يغدو فى ذات المستوى المالى للمنصب الأعلى ويتساوى معه تماماً فى المعاملة المالية مما يستتبع التسوية بينهما من جميع الوجوه المالية فى المزايا المالية أياً كان مصدر هذه المزايا، ويعاملان معاملة مالية واحدة سواء فى المرتبات والبدلات المقررة فى جدول المرتبات الملحق بقانون الهيئة القضائية أم فى القانون رقم 36 لسنة 1975 والقرارات المنفذة له، ذلك أن الخدمات التى يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية فى نطاق القانون الأخير لا تعتبر من أعمال التبرع التى يقدمها الصندوق لمستحقيها، بل توخى المشرع بتقريرها أن تعينهم على تهيئة أسباب الحياة الكريمة والمستوى اللائق الذى يعين القاضى على النهوض برسالته السامية وواجبه المقدس فى ثقة واطمئنان وهو أمر حرصت على توفيره لرجال القضاء كافة النظم القضائية فى العالم بتقرير معاملة مالية خاصة لرجال القضاء تتفق وما تمليه عليهم مناصبهم وأسلوب حياتهم من تكاليف وأعباء جسام بما يحفظ للقضاء هيبته ومكانته، وبالتالى فإن البدلات والمزايا المقررة بقرارات وزير العدل طبقاً لأحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 تخضع لذات الاستثناء الذى قرره المشرع بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بحيث كلما تحقق التماثل بين ما هو مقرر لشاغل الوظيفة القضائية وإحدى الوظائف التى يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المرتبات والبدلات أو المعاشات حق لشاغل الوظيفة القضائية أن يعامل ذات المعاملة للوظيفة المعادلة.
وبناء عليه فإن نائب رئيس مجلس الدولة يستحق المبلغ الشهرى المنصوص عليها بقرار وزير العدل بالنسبة المقررة به منسوبة إلى بداية ربط وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة فإذا بلغ مرتب النائب نهاية مربوط وظيفته واستحقاقه مخصصات وظيفة رئيس مجلس الدولة كاملة وأضحى الربط المالى لوظيفة رئيس مجلس الدولة هو الربط الذى تحسب على أساسه كافة العلاوات والبدلات والمزايا المالية التى تمنح لنائب رئيس مجلس الدولة الذى بلغ راتبه مربوط الوظيفة الأعلى ما لم ينص صراحة على استبعاد هذا الأساس عند منح المزايا المالية الأخرى، فإذا ما نص قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 والقرارات المعدلة له على منح أعضاء الهيئات القضائية - ومن بينهم نواب رئيس مجلس الدولة - مبلغاً شهرياً بنسبة معينة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التى يشغلها العضو وأحال فى بيان تلك الدرجة إلى جدول المرتبات الملحق بقانون كل هيئة قضائية فإن مقتضى ذلك أن يتغير حساب النسبة المشار إليه بتغير حساب الربط المالى للوظيفة والذى أصبح ببلوغه ربط الوظيفة الأعلى من الناحية القانونية والعملية ربطاً مالياً جديداً تحسب على أساسه البدلات والعلاوات ما لم ينص على غير ذلك صراحة ، وإذا كان المبلغ الشهرى المقرر بقرار وزير العدل لا يعدو أن يكون بدلاً لارتباطه وجوداً وعدمًا بالوظيفة التى يشغلها العضو ولا يتأثر صعوداً أو هبوطاً بكفايته أو عمله أو قدرته على الإنجاز كمًّا أو نوعاً فإن الأمر يستوجب حساب المبلغ الشهرى المشار إليه على ذات الأساس الذى تحسب به البدلات وهو مربوط الدرجة الأعلى، ولقد كان مصدر القرار بصيراً بجدول المرتبات فى قوانين الهيئات القضائية والقواعد المرتبطة بها والتى أضحت أصلاً ثابتاً وعلى اختلاف القوانين فى المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية، واختار أن يربط صرف النسبة المقررة من المبلغ الشهرى على النحو الوارد بجدول المرتبات دون أن ينص صراحة على استبعاد القواعد المرتبطة بتطبيقه، أو يختار طريقة أخرى لحساب المبلغ الشهرى الذى قرر صرفه، الأمر الذى يؤكد اتجاه إرادة مصدر القرار إلى اتخاذ الربط المالى كما جاء بجداول المرتبات والقواعد المرتبطة بها أساساً لحساب المبلغ الشهرى المشار إليه.
ولا يبعد ذلك عما قررته المحكمة الدستورية العليا فى طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق بجلسة 3/ 3/ 1990 من أنه ..... ولما كان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر فى مركز قانونى يماثل من الناحية المالية رئيس محكمة النقض ويصير مستحقاً لمعاملته ذات المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض، فقد غدا فى ذات المستوى المالى لدرجته ويتساوى معه تماماً فى المعاملة المالية ومن ثم فإنه متى كان الأمر يتعلق بترقية مالية استحدثها القانون رقم 17 لسنة 1976م وبمقتضاها أضحى نائب رئيس مجلس الدولة الذى بلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته مستحقًا لمرتب وبدلات رئيس مجلس الدولة، فإن هذه الترقية المالية لابد وأن تنتج آثارها فى استحقاقه سائر البدلات والمزايا الوظيفية منسوبة إلى ربط الوظيفة الأعلى وإلا أضحت بعض البدلات (بدل التمثيل) مستحقاً بفئة رئيس مجلس الدولة وبعضها الآخر منسوباً إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وهو ما يأباه المنطق القانونى ويخالف صريح الحكم المستحدث بالقانون رقم 17 لسنة 1976 الذى قرر استحقاق نائب رئيس مجلس الدولة لجميع بدلات الوظيفة الأعلى وهو حكم مطلق يستعصى على التقييد بأداة أدنى من القانون بعد أن غدا هذا الحكم أصلاً ثابتاً ينتظم المعاملة المالية فى المرتبات والبدلات لجميع أعضاء الهيئات القضائية سواء تقررت هذه المعاملة المالية فى جداول المرتبات الملحق بقوانين الهيئات القضائية أم فى تشريعات أخرى تنتظم أى معاملة تخصهم.
ومن حيث إن الطاعن يشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وبلغ نهاية ربط وظيفته واستحق مرتب وبدلات مجلس الدولة وأضحى فى مركز قانونى يماثل رئيس مجلس الدولة فى المستوى المالى فقد حقت مساواته برئيس مجلس الدولة فى سائر جوانب المعاملة المالية الأمر الذى يستوجب الحكم بأحقيته فى تقاضى المبلغ الشهرى المقرر بقرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس مجلس الدولة مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى فيما يتعلق بالفروق المالية من تاريخ بلوغ نهاية مربوط وظيفته.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدى بسقوط الحق المذكور بالتقادم الثلاثى المنصوص عليه بالمادة الأولى من قرار وزير العدل رقم 7871 لسنة 1989 الذى قرر سقوط الحقوق الناشئة عن قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية والقرارات المنظمة له بعد مضى ثلاث سنوات من تاريخ استحقاقها فيما عدا إعانة نهاية الخدمة فتسقط بمضى خمس سنوات فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن حقوق الأفراد لا تسقط إلا فى المواعيد التى يقررها المشرع ولو أنشئت تلك الحقوق بأداة أقل من التشريع، ومن ثم فلا يجوز لقرار وزير العدل أن يحدد ميعاداً جديداً لسقوط الحقوق المالية الناشئة لأعضاء الهيئات القضائية تخالف مواعيد التقادم أو السقوط الواردة فى القوانين، فإذا كان المبلغ الشهرى المشار إليه هو من الحقوق الدورية المتجددة التى تستحق شهراً فشهر فإن هذه الحقوق لا تسقط إلا بمضى خمس سنوات من تاريخ استحقاقها طبقًا لما نص عليه القانون المدنى وقانون المحاسبة الحكومية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بأحقية الطاعن فى صرف المبلغ الشهرى المقرر بمقتضى قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس مجلس الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى.