مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 287

(42)
جلسة 17 من يناير سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، ومحمد محمود حسام الدين، والسيد أحمد محمد الحسينى، وحسن سلامة أحمد محمود. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين أمين السر

الطعن رقم 2162 لسنة 48 قضائية. عليا:

قرار إدارى - سحب القرارات الإدارية - القرارات الإدارية الصادرة عن سلطة مقيدة لا تتقيد بالميعاد المقرر للطعن القضائي.
القرارات الإدارية الصادرة عن سلطة مقيدة يجوز لجهة الإدارة سحبها متى استبان لها وجود الخطأ فيها، دون التقيد بالميعاد المقرر للطعن القضائى، وإن القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان إنما يصدر عن سلطة مقيدة، إذ حدد المشرع فحوى هذا القرار وحدد الواقعة المادية التى تكوِّن ركن السبب فيه ألا وهى أداء الطالب الامتحان فى جميع مواده بنجاح مما يثبت أهليته وجدارته، فإذا انعدم أساس النجاح سواء بعدم أداء الامتحان أو بعدم الإجابة عليه إجابة سليمة انعدام السبب الذى لا تقوم النتيجة بالنجاح إلا على أساسه وأصبحت هذه النتيجة بلا سبب ولا أساس، إذ يجب أن يصبح قرار إعلان النتيجة قائماً على سببه الصحيح وواقعًا على محله القانونى، وإلا تمخض عن مجرد تصرف لا أساس له ولا سند يقوم عليه مما ينحدر به إلى درجة الانعدام، ويجوز للجهة الإدارية تصويبه فى أى وقت دون التقيد بميعاد السحب أو الإلغاء - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الاثنين الموافق 31/ 12/ 2001 أودع وكيل الطاعنة تقريراً بالطعن على حكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه، الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإلزام المدعين المصروفات، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعادة تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
وطلبت الطاعنة - فى تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفذ القرار المطعون فيه، مع تنفيذ الحكم بمسودته، وإلزام المطعون ضدهما بكافة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن طبقاً للثابت بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونُظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص) حسب محاضر الجلسات، التى قررت إحالته إلى هذه المحكمة، وتدوول أمامها بالجلسات، ثم تقرر حجزه للحكم بجلسة اليوم، وصرحت لمن يشاء من الطرفين بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع انقضت دون تقديم شيء، وفى هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة،
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن الطاعنة أقامت دعواها ابتداءً بتاريخ 27/ 8/ 2001 أمام محكمة القضاء الإدارى طالبة الحكم بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اعتبارها راسبة فى السنة الثالثة بكلية التربية جامعة حلوان، وتمكينها من تأدية امتحانات الفصل الدراسى الأول من السنة الرابعة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت المدعية - الطاعنة - شرحاً لدعواها إنها التحقت بكلية التربية وتدرجت فيها إلى أن وصلت للفرقة الرابعة وقيدت بها وسددت رسومها ومضى على إعلان نتيجتها بأنها ناجحة ومنقولة للسنة الرابعة ثلاثة شهور، ثم فى 18/ 7/ 2001 فوجئت بإبلاغها بأنها راسبة فى السنة الثالثة.
وتنعى المدعية - الطاعنة - على هذا القرار مخالفته للقانون باعتبار أن قرار نجاحها أصبح حصيناً من الإلغاء بمضى ثلاثة أشهر عليه دون سحب أو إلغاء.
بجلسة 11/ 11/ 2001 أصدرت محكمة أول درجة حكمها الطعين، وشيدت قضاءها على أن القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان يصدر عن سلطة مقيدة، ويجوز للجهة الإدارية تصويبه فى أى وقت دون التقيد بميعاد السحب أو الإلغاء. ولما كانت المدعية، الطاعنة - راسبة فى خمس مواد منها ثلاث مواد بالفرقة الثالثة، ومادتان محملة بهما من الفرقتين الأولى والثانية، وبالتالى لم تكن لتستفيد من قواعد الرأفة، وانتهت المحكمة لسلامة قرار الجامعة وانتفاء ركن الجدية لطلب وقف التنفيذ وقضت بحكمها المتقدم.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنة، فقد أقامت طعنها الماثل استناداً لمخالفة الحكم الطعين للمبادئ التى استقرت عليها أحكام المحكمة الإدارية العليا، فإنه إذا فات الميعاد المقرر لسحب القرار الإدارى المخالف للقانون أو للطعن فيه بالإلغاء اكتسب القرار حصانة تعصمه من السحب إدارياً أو الإلغاء قضاءً، وامتنع على كل من الإدارة وذوى الشأن استئناف النظر فيما يرتبه القرار من آثار قانونية، والطاعنة قد التحقت بكلية التربية وتم إعلان نتيجتها فى شهر إبريل عام 2001 بأنها ناجحة ومنقولة للفرقة الرابعة، التى قيدت فيها وسددت رسوم هذه الفرقة فى 22/ 4/ 2001 وأدت امتحان الفصل الدراسى الثانى برقم جلوس (29) بالفرقة الرابعة، ثم فوجئت فى 18/ 7/ 2001 بإخطارها بأنها راسبة فى السنة الثالثة وبعد أن مضى على قرار إعلان نتيجتها ناجحة أكثر من ستين يوماً منذ صدوره فى إبريل 2001 حتى إخطارها بالرسوب فى 18/ 7/ 2001 دون أى خطأ أو غش أو تدليس منها، لذا فقد اكتسب القرار حصانة تمنعه من السحب أو الإلغاء، واختتمت الطاعنة تقرير الطعن بالحكم بطلباتها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن القرارات الإدارية الصادرة عن سلطة مقيدة يجوز لجهة الإدارة سحبها متى استبان لها وجود الخطأ فيها دون التقيد بالميعاد المقرر للطعن القضائى، وأن القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان أنما يصدر عن سلطة مقيدة، إذ حدد المشرع فحوى هذا القرار وحدد الواقعة المادية التى تكون ركن السبب فيه ألا وهى أداء الطالب الامتحان فى جميع مواده بنجاح مما يثبت أهليته وجدارته، فإذا انعدم أساس النجاح سواء بعدم أداء الامتحان أو بعدم الإجابة عليه إجابة سليمة انعدم السبب الذى لا تقوم النتيجة بالنجاح إلا على أساسه وأصبحت هذه النتيجة بلا سبب ولا أساس، إذ يجب أن يصدر قرار إعلان النتيجة قائماً على سببه الصحيح وواقعاً على محله القانونى، وإلا تمخض عن مجرد تصرف لا أساس له ولا سند يقوم عليه مما ينحدر به إلى درجة الانعدام، ويجوز للجهة الإدارية تصويبه فى أى وقت دون التقيد بميعاد السحب أو الإلغاء.
ومن حيث إنه بتطبيق ما سبق على وقائع الطعن الماثل، وكان البادى من ظاهر الأوراق أن الطاعنة طالبة بكلية التربية بجامعة حلوان المطعون ضدها بقسم (فرنسى غير متخصصين) واجتازت امتحان الفرقة الأولى عام 94/ 1995 ونقلت إلى الفرقة الثانية مع تخلفها فى مادة الصوتيات، ثم أدت امتحان الفرقة الثانية عام 95/ 1996 ورسبت فى أربع مواد، ثم أدت الامتحان فى هذه المواد عام 1996/ 1997 ونجحت ونقلت إلى الفرقة الثالثة مع تخلفها فى مادة الصوتيات بالفرقة الأولى، وفى مادة الصوتيات بالفرقة الثانية، أى نُقلت للفرقة الثالثة بمادتى تخلف، وفى عامى 97/ 1998، 98/ 1999 لم يثبت نجاحها بالفرقة الثالثة، ولم يثبت نجاحها فى مادتى التخلف المشار إليهما، وفى عام 99/ 2000 تقدمت الطاعنة من الخارج لامتحان الفرقة الثالثة، وكانت نتيجتها راسبة فى ثلاث مواد من الفرقة الثالثة هى (نصوص - علم نفس تعليمى - قواعد وتاريخ لغة) ولم تتم الإشارة لمادتى التخلف السابقتين وهما الصوتيات من الفرقة الأولى، والصوتيات من الفرقة الثانية، ورغم أنها بهذا تعتبر راسبة فى خمس مواد، فقد طبقت الكلية المطعون ضدها الثانية على الطاعنة قاعدة الرأفة مع مادة (قواعد وتاريخ اللغة) وهى إحدى مواد الفرقة الثالثة، وتم إعلان نجاحها ونقلها للفرقة الرابعة بمادتى تخلف من مواد الفرقة الثالثة وهما: (النصوص، وعلم النفس التعليمى)، ولم تشر نتيجة الطاعنة إلى مادتى تخلف من الفرقتين الأولى والثانية، ونقلت الطاعنة رغم ذلك إلى الفرقة الرابعة وسددت مصروفات هذه السنة الدراسية بالقسيمة رقم 554603 فى 22/ 4/ 2001، واستخرجت بطاقة الفرقة الرابعة وحضرت محاضرات الفرقة الرابعة، وأدت امتحان الفصل الدراسى الثانى تحت رقم جلوس (29) فى سبع مواد بالفرقة الرابعة، بالإضافة لمادة تخلف من الفرقة الثالثة، ثم بتاريخ 19/ 7/ 2001 تبين للكلية المطعون ضدها الثانية خطؤها، وتم إخطار الطاعنة أنها راسبة بالفرقة الثالثة، وأنها لم تنجح فيها، لأنها راسبة فى ثلاث مواد من مواد الفرقة الثالثة، بالإضافة لمادتى تخلف من الفرقة الأولى والفرقة الثانية، أى بإجمالى خمس مواد رسبت فيها فلا يجوز رفعها أو تطبيق قواعد الرأفة عليها، وبالتالى لا يجوز إعلان نجاحها أو نقلها إلى الفرقة الرابعة، لذا فإن قرار الجامعة المطعون ضدها الأولى والكلية المطعون ضدها الثانية بتصويب وضع الطاعنة من ناجحة بمادتى تخلف بالفرقة الثالثة إلى راسبة بالفرقة الثالثة جاء - بحسب الظاهر - مطابقاً للقانون خالياً من عيوب الإلغاء مما يرجح معه رفض الطعن عليه عند نظر الموضوع، وبالتالى ينهار ركن الجدية لطب وقف تنفيذ هذا القرار، ويتعين رفض هذا الطلب دون حاجة لبحث ركن الاستعجال.
ولا ينال من ذلك ما تحتج به الطاعنة بأنها اكتسبت مركزاً قانونياً تحصن بمضى المدة، تأسيساً على أن الجامعة المطعون ضدها الأولى والكلية المطعون ضدها الثانية أعلنتا نجاحها فى إبريل عام 2001 بالفرقة الثالثة ونقلها للفرقة الرابعة بمادتى تخلف من مواد الفرقة الثالثة، وأنها استخرجت بطاقة " كارنيه " الفرقة الرابعة، وسددت مصروفاتها وحضرت محاضرات الفرقة الرابعة بل أدت امتحاناً فيها، ولم تقم الجامعة والكلية المطعون ضدها بإخطارها بتصحيح الوضع إلا فى شهر يوليو 2001، أى بعد مضى ثلاثة أشهر، وبعد تحصن القرار بإعلان نتيجة الطاعنة بمضى المدة، فذلك مردود عليه بأن إعلان نتيجة الطاعنة - كغيرها من طلاب التعليم - سواء نجاحاً أو رسوباً يصدر عن سلطة مقيدة للجامعة والكلية المطعون ضدهما، فالعبرة بدخول الطاعنة الامتحان، وبنجاح الطاعنة فى هذا الامتحان، وهو ما لم تقدم الطاعنة دليلاً عليه، بل إن أوراق الطعن تنطق بأن الطاعنة لم تدخل امتحان التخلف صوتيات من الفرقة الأولى، ولم تدخل امتحان مادة التخلف صوتيات من الفرقة الثانية، أى أن الطاعنة لم تنجح فى هاتين المادتين؛ لذا فهى راسبة فيهما بالإضافة لثلاث مواد من الفرقة الثالثة، ولا يسوغ تطبيق قواعد الرأفة على حالة الطاعنة وهى راسبة فى خمس مواد، ثلاث منها من مواد الفرقة الثالثة، واثنتان تخلف من مواد الفرقتين الأولى والثانية؛ لذا فإن قرار الجهة بتصويب وضع الطاعنة جاء - بحسب الظاهر - مطابقاً للقانون رغم مضى ثلاثة أشهر على إعلان نتيجة الطاعن، على اعتبار أن النجاح والرسوب لا تملك فيهما الجهة سلطة تقديرية وإنما يصدر عن سلطة مقيدة فلا يتحصن بمضى المدة.
ولما كان حكم محكمة أول درجة قد ذهب ذات المذهب وانتهى لذات النتيجة ؛ لذا يتعين تأييده، ورفض الطعن عليه لعدم قيامه على أى أساس قانونى أو واقعى.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنة المصروفات.