مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 373

(56)
جلسة 30 من يناير سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبد الرحمن يوسف، ومنير صدقى يوسف خليل، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن، وعمر ضاحى عمر ضاحى نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد مصطفى عنان مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله سكرتير المحكمة

الطعن رقم 11311 لسنة 47 قضائية. عليا:

إثبات - إثبات في الدعوى - سلطة المحكمة التقديرية فى الاستعانة بأهل الخبرة.
الاستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات هو أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع، وإذا ما رأت الاستعانة برأي الخبير فإن لها حرية التقدير الموضوعى لكافة عناصر الدعوى - تطبيق.


الإجراءات

سبق إيراد الإجراءات تفصيلاً في الحكم التمهيدى الصادر من هذه المحكمة بجلسة 26/ 4/ 2005 والذى قضت فيه بقبول الطعن شكلاً، وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسوان لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم.
وقدم الخبير محاضر أعماله وتقريره المؤرخ 13/ 6/ 2006 المرفق بالأوراق، وبجلسة 5/ 12/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 30/ 1/ 2007، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن عناصر المنازعة سبق استعراضها تفصيلاً بالحكم التمهيدى الصادر بجلسة 26/ 4/ 2005، ومن ثم تحيل إليه المحكمة تفادياً للتكرار وتعتبره بما قدم فيه من مستندات ومذكرات جزءاً من هذا الحكم.
ومجمل هذه الوقائع أنه سبق للمطعون ضده أن أقام الدعوى رقم 68 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بقنا طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يؤدى له بصفته مبلغ 63078.13 جنيهاً والمصروفات.
وذكر المدعى - شرحاً لدعواه - أنه تعاقد مع المدعى عليه بتاريخ 15/ 8/ 1992 على تأجير كافيتريا (كرفان) فى الفترة من 15/ 8/ 1992 حتى 14/ 8/ 1995 نظير إيجار شهرى مقداره 4200 جنيه، إلا أنه تقاعس عن سداد الإيجار فى الفترة من نوفمبر عام 1994 وحتى نهاية فبراير 1995، وعن الفترة من إبريل سنة 1995 وحتى يوليه سنة 1995، فضلاً عن الإيجار المستحق عن شهر يوليه سنة 1996، بالإضافة إلى نسبة 2% رسم نظافة، 5% قيمة أرباح تجارية، بالإضافة إلى غرامات التأخير المستحقة، وأنه على الرغم من مد مدة العقد تسعة أشهر أخرى إلا أنه لم يلتزم بالسداد رغم مطالبته الودية.
وخلص المدعى إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 11/ 7/ 2001 قضت محكمة القضاء الإدارى بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى إلي الجهة الإدارية المدعية مبلغ 34860 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد والمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه تعاقد مع الوحدة المحلية لمدينة أبو سمبل السياحية على إيجار الكافيتريا " كرفان متحرك "المملوك لها بغرض تقديم مشروبات خفيفة لمدة ثلاث سنوات من 15/ 8/ 1992 حتى 14/ 8/ 1995 نظير أجرة شهرية مقدرها 4200 جنيه تُدفع مقدماً فى الأسبوع الأول من كل شهر، وقد تم مد مدة العقد تسعة أشهر أخرى بموافقة السلطة المختصة لينتهى فى 31/ 5/ 1996، وأنه - أى المدعى عليه - تقاعس عن سداد القيمة الإيجارية خلال شهرى نوفمبر وديسمبر سنة 1994، وأشهر يناير وفبراير، وإبريل، مايو، يونيو، يوليه سنة 1995، وشهر مايو سنة 1996 بمبلغ مقداره 34860 جنيهاً، فمن ثم يتعين إلزامه بسداد هذا المبلغ مضافاً إليه نسبة 4% فوائد قانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تاريخ السداد.
وأضافت المحكمة أنه عن طلب الجهة الإدارية إلزام المدعى عليه بسداد قيمة متأخرات 2% نظافة، 5% قيمة أرباح تجارية بالإضافة إلى غرامة التأخير، فإنه لم يثبت من بنود العقد أن المدعى عليه ملزم بسداد المبالغ المشار إليها إلى الجهة الإدارية المتعاقد معها، ومن ثم يكون طلبها فى هذا الشأن فاقدا للسند القانونى المبرر له ويتعين الحكم برفضه.
ومن حيث إن مبنى الطعن - حسبما جاء بالحكم التمهيدي - أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون تأسيساً على أن للطاعن مستحقات لدى الجهة الإدارية تبلغ 4800 جنيه لدى الإدارة الهندسية للوحدة المحلية بمدينة أبو سمبل، ومبلغ 5931 جنيهاً لدى العلاقات العامة، فضلاً عن قيام تلك الجهة بتسييل خطاب الضمان ومصادرة التأمين المدفوع، وأنه طلب من المحكمة ندب خبير حسابى فى الدعوى طبقاً للمادة (135) من قانون الإثبات لبيان مستحقاته لدى تلك الجهة وإجراء مقاصة قضائية طبقاً للمادة (362) من القانون المدنى، ومع ذلك لم تتعرض المحكمة لما أثاره الطاعن فى هذا الشأن مما يصم الحكم بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب. سيما وأن الجهة الإدارية لم تدحض ما قرره الطاعن فى هذا الشأن.
وأضاف أنه طلب بمذكرات دفاعه إعمال نظرية الظروف الطارئة على المنازعة موضوع العقد تطبيقاً لحكم المادة (127) من القانون المدنى باعتبار حالات الإرهاب فى صعيد مصر - فى فترة تنفيذ العقد - تعتبر من قبيل الحوادث الاستثنائية العامة التى لا يمكن فى الوسع توقعها، والتى ترتب عليها أن أصبح تنفيذ الالتزام أكثر تكلفة وهو ما كان يتعين معه تحمل الجهة الإدراية النتائج المترتبة على ازدياد الأعباء الناتجة عن تلك الظروف، وذلك بتعويض الطاعن جزئياً عن الخسارة التى لحقت به، ومع ذلك لم يتعرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن مما يصمه بالقصور فى التسبيب.
ومن حيث إن الخبير المنتدب في الطعن خلص إلى:
1 - أن المدة التى تخلف فيها الطاعن عن سداد القيمة الإيجارية المستحقة على الكافيتريا التى كان يستأجرها هي شهور نوفمبر، ديسمبر سنة 1994 ويناير، فبراير، إبريل، مايو، يوليو سنة 1995 مايو سنة 1996 (أى تسعة أشهر)، وأن إجمالي القيمة الإيجارية المستحقة على الطاعن عن هذه المدة هى 34860 جنيها (أربعة وثلاثون ألفاً وثمانمائة وستون جنيها).
2- أن إجمالي المبالغ المستحقة للطاعن طرف الوحدة المحلية المركز مدينة أبو سمبل، والتى تمثل قيمة التأمين ثلاثة أشهر، وقيمة خطاب الضمان الذى تم تسييله وفواتير مشروبات حصلت عليها الجهة الإدارية ولم تقدم ما يفيد سدادها، وجزء من ثمن قطعة أرض تم تحويله من الوحدة المحلية لمدينة أسوان إلى مدينة أبو سمبل، وتنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم (568/ 5 ق إداري) وهو مبلغ 111235.60 جنيهاً.
3 - إنه بإجراء تسوية بين طرفى الطعن ووفق الموضح تفصيلاً بالتقرير يكون هناك مبلغ 76375.60 جنيهاً.
4 - أنه لم يحضر من يمثل الوحدة المحلية لمدينة ابو سمبل أى موعد من مواعيد المناقشة على الرغم من إخطارها بهذه المواعيد قانوناً بموجب كتب مسجلة موضحة أرقامها بمحاضر الأعمال.
ومن حيث إنه من المقرر أن الاستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات هو أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع وإذا ما رأت الإستعانة برأي الخبير، فإن لها حرية التقدير الموضوعى لكافة عناصر الدعوى، وهى لا تلتزم إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأى لأهل الخبرة، ولها أن تأخد بما تطمئن إليه من تقرير الخبير، ولها أن تطرح ما انتهى إليه الخبير كله أو بعضه.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإنه وإن كان الخبير قد خلص إلى أنه بإجراء التسوية بين مستحقات طرفى الخصومة يتضح أنه يستحق للطاعن مبلغ 76375.60 جنيهاً، إلا أنه تلاحظ للمحكمة أن الطاعن تخلف عن سداد القيمة الإيجارية المتفق عليها لاستغلال كافيتريا "كرفان" لمدة تسعة أشهر بواقع 4200 جينه شهرياً - أى بإجمالى مقدراه 37800 جنيه، وأن الجهة الإدارية قامت - وقبل صدور الحكم المطعون فيه بجلسة 10/ 7/ 2000 - بمصادرة التأمين المدفوع منه (ايجار ثلاثة أشهر) بمبلغ 12600 جنيه. كما قامت بتسييل خطاب الضمان النهائى بملبغ 11340 جنيهاً. كما أنه يُستحق للطاعن مبلغ 7641 جنيهاً - قيمة فواتير مشروبات حصلت عليها الجهة الإدارية دون سدادها ثمنها في حينه - أى بإجمالى مقداره (12600 + 11340 + 7641) = (31581) جنيهاً.
ومن حيث إنه وإن كانت القيمة الإيجارية التى تخلف الطاعن عن سدادها قد بلغت 37800 جنيه على ما سلف بيانه، إلا أن الحكم المطعون فيه قدر هذه المستحقات بمبلغ 34860 جنيهاً فقط، ولم تطعن الجهة الإدارية على هذا التقرير.
ولما كان من المقرر أن الطاعن لا يضار بطعنه، ومن ثم فلا مناص من الاعتداد بما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الشأن.
وإذ تبين أنه يستحق للطاعن 31581 جنيهاً على التفصيل السالف بيانه فمن ثم فإنه باستنزال هذا المبلغ من مستحقات الجهة الإدارية الموضحة سلفاً (34860 جنيهاً) يكون مستحقاً لتلك الجهة مبلغ 3279 جنيهاً.
ومن حيث إنه عن الفوائد القانونية المستحقة طبقاً للمادة (226) من القانون المدنى، فإن الثابت أن الجهة الإدارية طلبت في دعواها المودعة سكرتارية محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 21/ 10/ 1996 إلزام المدعى عليه (الطاعن) بأداء مبلغ 63078.13 جنيهاً. ولم تطلب الحكم بالفوائد القانونية بواقع 5% إلا بمذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 2/ 11/ 1999 والمسلَّم صورة منها إلى وكيل الطاعن، ومن ثم تستحق الفوائد القانونية عن المبلغ المقضى به (3279 جنيهاً) اعتباراً من ذلك التاريخ.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من صدوره مشوباً بالقصور في التسبيب لعدم رده على ما طالب به من تطبيق نظرية الظروف الطارئة على المنازعة موضوع العقد، فإنه أيا ما كان الرأى في مدى توافر الشروط إعمال نظرية الظروف الطارئة على المنازعة الماثلة، فإن الثابت أن الجهة الإدارية وافقت - وبناءً على طلب الطاعن - على مدة فترة العقد لمدة تسعة أشهر بعد انتهاء المدة المحددة له في 14/ 8/ 1995 وهو ما يُعد تعويضاً كافياً عما يدعيه الطاعن من الأضرار المقول بها، مما تلتفت معه المحكمة عما يثيره في هذا الشأن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يؤدى للجهة الإدارية المدعية (المطعون ضدها) مبلغ 34860 جنيهاً، والفوائد القانونية بواقع 4% اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين تعديله على النحو الذى سيرد بالمنطوق، مع إلزام الطرفين المصروفات مناصفةً عملا بحكم المادة (186) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يؤدى للمدعى بصفته (المطعون ضده بصفته) مبلغاً مقداره 3279 جنيهاً (ثلاثة آلاف ومائتان وتسعة وسبعون جنيهاً)، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ اعتباراً من 2/ 11/ 1999 وحتى تمام السداد، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفةً عن درجتى التقاضى.