مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 453

(68)
جلسة 27 من فبراير سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبد الرحمن يوسف، ود. الديدامونى مصطفى أحمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وعمر ضاحى عمر ضاحى نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفى عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4352 لسنة 47 قضائية. عليا:

عقد إدارى - تنفيذه - شرط أولوية العطاء.
أعمال شرط أولوية العطاء بعد انتهاء المقاول من تنفيذ الأعمال التى كلف بها استناداً إلى أن المشروع حرص على أن تصاحب هذه الأولوية العقد فى مسيرته حتى نهاية تنفيذه، ولا تنتهى بإرساء المناقصة وإبرام العقد، وإنما تظل شاهدة على موضوعية الاختيار مانعة من الغش والتلاعب بعد انتهاء مرحلة الاختيار والبدء فى تنفيذ التعاقد، كما أن شرط الأولوية قُصد به أن يقدم المتناقص فى عطائه صورة صادقة لأسعاره، وأن ترتب جهة الإدارة العطاءات على هدى من ذلك دون مغالاة من صاحب العطاء فى أسعاره للأعمال أو الفئات التى ينتظر زيادة حجمها أو كمياتها عند التنفيذ، وإنقاص فى أسعار الأعمال والفئات الأخرى نقصاناً ينأى عن حقيقتها وصولاً إلى التعاقد مع جهة الإدارة، باعتبار أن العطاء فى جملته أقل العطاءات المقدمة سعراً، ثم يتبين عند التنفيذ أنها محض أولوية خادعة استنفذت أغراضها بما لا يصادف الحقيقة - تطبيق.


الإجراءات

إنه فى يوم السبت الموافق 3/ 2/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4352 لسنة 47ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة المنوفية) بجلسة 5/ 12/ 2000 فى الدعوى رقم 3779 لسنة 1ق. القاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام طعنه - استناداً لما ورد بصحيفة الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بقبول الدعوى رقم 3779 لسنة 1ق شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المطعون ضده (المدعى عليه) بأن يؤدى إلى الطاعن بصفته (المدعى بصفته) مبلغ 15161.613 جنيهاً والفوائد عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 حتى تمام السداد والمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضي.
وتم إعلان الطعن إلى المطعون ضده طبقاً للقانون، وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فيه - استناداً لما ورد به من بيانات - الحكم بقبوله شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/ 10/ 2002 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات طويت على عدد 2 مستند، تم تعليتها بغلافها، وبجلسة 7/ 5/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع لنظره بجلسة 25/ 11/ 2003.
تم نظر الطعن أمام محكمة، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 28/ 11/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/ 1/ 2007، وفى هذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 27/ 2/ 2007 لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يتعين القضاء بقبوله شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن واقعات النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المدعى بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 3985 لسنة 45ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 12/ 3/ 1991 طالباً فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بدفع مبلغ 15161.613 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات والأتعاب.
وقال - شارحاً لدعواه - أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبين الكوم قد أسندت إلى المدعى عليه تنفيذ عملية إنشاء عدد 13 مأوى لرفع المياه وبلغت تكاليف إنشاء المبنى الواحد 9141.930 جنيهاً بقيمة إجمالية مقدارها 109703.160 جنيهات وصدر أمر التشغيل فى 13/ 7/ 1981 وقد ورد تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 643 بتاريخ 14/ 10/ 1984 يفيد أنه تم صرف مبالغ للمدعى عليه بدون وجه حق نتيجة التفاوت بين أسعاره وأسعار المقاول التالى له وهو أحمد محمد محمود سامى بواقع 14358.733 جنيهاً بالإضافة إلى مبلغ 802.880 جنيهاً قيمة أعمال لم يقم المدعى عليه بتنفيذها تتعلق بأعمال الردم وقد تم إنذاره لسداد مستحقات الإدارة بتاريخ 30/ 11/ 1985 دون جدوى وأنهى المدعى بصفته صحيفة دعواه بالطلبات سالفة الذكر، وبإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بطنطا تم إحالة الدعوى إليها وقيدت بجدولها تحت رقم 4631 لسنة 1ق، وبإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بمحافظة المنوفية تم إحالة الدعوى إليها وقيدت بجدولها تحت رقم 3779 لسنة 1ق.
وبجلسة 5/ 12/ 2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والمشار إليه سلفا مشيدة إياه على أنه تم تعديل كميات العقد بالنقص بنسبة 18% من إجمالى قيمة العطاء المقدم من المدعى عليه وهو ما يدخل فى نطاق النسبة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (87) من لائحة المناقصات والمزايدات ومن ثم فلا مجال لإعمال شرط أولوية العطاء فى هذه الحالة باعتبار - أنها قد روعيت عند إرساء المناقصة على المقاول المذكور، بالإضافة إلى أن إرادة المتعاقدين قد اتجهت إلى الربط بين الفئات الواردة بالعطاء والكميات المنفذة فعلاً على النحو الذى تضمنه البند (1) من الشروط الخاصة الواردة بكراسة الشروط والمواصفات وعليه فإنه يجب صرف مستحقات المدعى عليه كاملة دون خصم فرق الأولوية، وعن طلب استرداد مبلغ 802.880 جنيها استناداً لأن المدعى عليه لم يقم بتنفيذ أعمال الردم فقد ثبت من محضر التسليم الابتدائى المؤرخ 17/ 3/ 1982 ومحضر التسليم النهائى المؤرخ 20/ 7/ 1983 ومحضر إثبات الحالة المؤرخ 30/ 4/ 1985 والمحرر بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض أن المدعى عليه قام بتنفيذ الأعمال محل التعاقد على نحو مرض بما فيها أعمال الردم وتم صرف جميع مستحقاته على هذا الأساس، ومن ثم فإن طلب استرداد المبلغ المذكور يكون غير قائم على سند من الواقع والقانون متعين الرفض.
لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فأقام طعنه الماثل ناعياً على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تفسيره وتأويله لأنه قد خالف ما استقرت عليه أحكام الإدارية العليا من ضرورة مراعاة العطاء المقبول، لأسعار العطاء التالى له ويتعين محاسبة المقاول على أساس أسعار العطاء التالى له وهو ما يتحقق به وجه المصلحة العامة، ولما كان البين من الأوراق أن قيمة الأعمال التى نفذها المطعون ضده بلغت حسب الختامى مبلغ 89898.606 جنيهاً بينما بلغت أسعار قيمة هذه الأعمال وفقاً لأسعار العطاء التالى له المقدم من المقاول أحمد محمود سامى مبلغ (75540) جنيهاً وذلك بفارق 14358.733 جنيهاً وأنه إعمالاً لشرط أولوية العطاء فلا يستحق المطعون ضده هذا المبلغ، إضافة إلى استحقاق الطاعن المبلغ 802.880 جنيه قيمة أعمال لم ينفذها المطعون ضده فيكون إجمالى المستحق للطاعن مبلغ 15161.613 جنيهاً وعملاً بأحكام المادة (226) من القانون المدنى فإن المدعى يستحق فوائد قانونية عن المبلغ المشار إليه بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وأنهى الطاعن صحيفة طعنه بالطلبات سالفة الذكر.
ومن حيث إن المادة (87) من لائحة المناقصات والمزايدات للقانون رقم 236 لسنة 1954 والصادرة بالقرار الوزارى رقم 542 لسنة 1957 والمعدلة بالقرار رقم 176 لسنة 1960 - والمعمول بها وقت التعاقد تنص على أن "تحتفظ الوزارة أو المصلحة بالحق فى تعديل العقد بالزيادة أو النقص فى حدود 15% فى عقود التوريد ... و 25% فى عقود الأعمال دون أن يكون للمتعهد أو المقاول الحق فى المطالبة بأى تعويض عن ذلك.
ويجوز بقرار من وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة أو مدير السلاح فى الوزارات أو المناطق والمصالح والأسلحة تجاوز الحدود الواردة بالفقرة السابقة فى الحالات الطارئة أو الاستثنائية بشرط ألا يؤثر ذلك على أولوية المتعهد أو المقاول فى ترتيب عطائه، ووجود اعتماد فى الميزانية يسمح بذلك وضرورة الحصول على موافقة المقاول عليها.
وتنص المادة 92 من هذه اللائحة على أن المقادير والأوراق المبينة بجدول الفئات هى مقادير وأوزان تقريبية قابلة للزيادة أو العجز... وسواء نشأت الزيادة أو النقص عن خطأ فى حساب المقايسة الابتدائية أو عن تغييرات أدخلت فى العمل بمقتضى أى حق مخول للوزارة أو السلاح أو للمصلحة طبقاً لأحكام العقد، ويشرط ألا يؤثر ذلك على أولوية المقاول فى ترتيب عطائه.
والمستفاد من هذين النصين أن المشرع أجاز للجهة الإدارية فى التنفيذ الفعلى للعملية موضوع المناقصة إجراء تعديل فى الكميات أو حجم العقد بالزيادة أو النقص فى حدود النسب التى أوردها، كما أجاز لها فى حالات أخرى التجاوز عن هذه النسبة بشروط منها ألا تؤثر الزيادة أو النقص على أولوية المتعهد أو المقاول فى ترتيب عطائه.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على إعمال شرط أولوية العطاء طبقاً لنص المادة سالفة الذكر بعد انتهاء المقاول فى تنفيذ الأعمال التى كلف بها استناداً إلى أن المشرع حرص على أن تصاحب هذه الأولوية العقد فى مسيرته حتى نهاية تنفيذه ولا تنتهى بإرساء المناقصة وإبرام العقد وإنما تظل شاهدة على موضوعية الاختيار مانعة من الغش والتلاعب بعد انتهاء مرحلة الاختيار والبدء فى تنفيذ التعاقد، كما أن شرط الأولية قصد به أن يقدم المتناقص فى عطائه صورة صادقة لأسعاره وأن ترتب جهة الإدارة العطاءات على هدى من ذلك دون مغالاة من صاحب العطاء فى أسعاره للأعمال أو الفئات التى ينتظر زيادة حجمها أو كمياتها عند التنفيذ وإنقاص فى أسعار الأعمال والفئات الأخرى نقصاناً ينأى عن حقيقتها وصولاً إلى التعاقد مع جهة الإدارة باعتبار أن العطاء فى جملته أقل العطاءات المقدمة سعراً، ثم يتبين عند التنفيذ أنها محض أولوية خادعة استنفدت أغراضها بما لا يصادف الحقيقة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تعاقد مع الجهة الإدارية على إنشاء اثنى عشر غرفة مأوى لرفع المياه بمدينة شبين الكوم بقيمة إجمالية قدرها 109703.160 جنيهاً وكان الجهاز المركزى للمحاسبات قد طلب تشكيل لجنة فنية لمقارنة الفئات الواردة بعطاء المطعون ضده والتى تم تنفيذها بالفئات الواردة بالعطاء التالى له والمقدم من المقاول أحمد محمد محمود سامى وذلك إعمالاً لشرط أولوية العطاء وقد تبين من هذه المقارنة =89898.733 المطعون ضده - 75.540 العطاء التالى له = 14358.733 وهو الفارق بينهما، ومن ثم فإن المطعون ضده لا يستحق صرف هذا الفارق ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم أحقية الجهة الإدارية لهذا المبلغ قد خالف صحيح حكم القانون. ومن حيث إنه عن مبلغ 802.880 جنيهاً المطالب به استناداً إلى أن المطعون ضده لم يقم بتنفيذ أعمال الردم فالثابت من الاطلاع على محضر التسليم الابتدائى المؤرخ 17/ 3/ 1982 ومحضر التسليم النهائى المؤرخ 20/ 7/ 1983 ومحضر إثبات الحالة المؤرخ 30/ 4/ 1985 والمحرر بمعرفة اللجنة المشكلة لهذا الغرض والتى كان من بينها ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات، وكتاب الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية بتاريخ 26/ 5/ 1985 أن المدعى عليه (المطعون ضده) قام بتنفيذ الأعمال محل التعاقد على نحو مرضٍ بما فيها أعمال الردم، كما ورد بكتاب الجهة الإدارية المؤرخ 28/ 5/ 1985 أنه تم ردم الأماكن المستحقة للردم ووجود ردم بالمواقع يرجع إلى زيادة كمية الردم الناتج من الحفر عن الحاجة وعدم السماح للمقاول بنقل هذه الأتربة منعاً من استغلالها أو بيعها لمصانع الطوب وتحميل الجهة الإدارية مصاريف نقلها، وإذ يبين مما سلف ذكره أن السبب الذى استندت إليه الجهة الإدارية لمطالبة المطعون ضده بمبلغ 802.880 جنيهاً غر صحيح، وإذ قضى الحكم المطعون فيه باستبعاد مطالبة الجهة الإدارية لهذا المبلغ فقد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما سبق ذكره فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم أحقية الجهة الإدارية فى استرداد مبلغ 14358.733 جنيهاً (فقط أربعة عشر ألفا وثلاثمائة وثمانية وخمسون جنيهاً و733/ 100 مليماً) قد خالف صحيح حكم القانون، ويتعين - والحالة هذه القضاء بإلغائه فى هذا الشق وتأييد ما ورد بقضائه فيما عدا ذلك.
ومن حيث إنه عن الفوائد القانونية فإنه إعمالاً لأحكام المادة (226) من القانون المدنى ولما كانت المطالبة بمبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وأن أعمال المقاولة تعد من الأعمال التجارية، ومن ثم فإن الطاعن يستحق فائدة من هذا المبلغ بواقع 5% إلا أنه إعمالاً لقاعدة عدم جواز القضاء للطاعن بأكثر مما طلب فإنه يستحق فائدة عن المبلغ سالف الذكر بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى السداد.
ومن حيث انه عن المصروفات فإنه يتعين إلزام من خسر الطعن بها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الجهة الإدارية فى استرداد مبلغ 14358.733جنيهاً (فقد أربعة عشر ألفا وثلاثمائة وثمانية وخمسون جنيهاً و733/ 100 مليماً) من المطعون ضده والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى السداد ، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضي.