مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 – صـ 579

(86)
جلسة 18 من مارس سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد البارى محمد شكرى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السعيد عبده جاهين، ومحمد الشيخ على أبوزيد، وحسونة توفيق حسونة، ود. سمير عبد الملاك منصور نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أسامة راشد مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / وائل محمد عويس أمين السر

الطعن رقم 3929 لسنة 49 قضائية. عليا:

دعوى - دعوى الإلغاء - الحكم فى الدعوى - آثار الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً أو نسبياً.
مقتضى الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه هو إعدام القرار ومحو أثاره من وقت صدوره فى الخصوص وبالمدى الذى حدده الحكم، فإذا قضى بإلغاء القرار إلغاء مجرداً ترتب على ذلك اعتباره كأن لم يصدر واستعادت الجهة الإدارية سلطتها فى إصدار قرار جديد بعد تنقيته من أوجه العوار التى شابت القرار المقضى بإلغائه، أما الإلغاء النسبى أو الجزئى حيث يكون القرار بطبيعته قابلاً للتجزئة ، وكان فى جزء منه معيباً فيوجه الطعن فى هذه الحالة إلى هذا الجزء من القرار دون غيره، ويظل القرار قائماً إلا ما قضى بإلغائه منه، فُتحمى آثاره بالنسبة للطاعن وحده من وقت صدوره وهو ما يكشف عن دور دعوى الإلغاء كأداة لحماية الحقوق الشخصية - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم 3/ 2/ 2003 أودع الطعن قلم كتاب هذه المحكمة عريضة الطعن الماثل طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع: أولاً: بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر لصالح الطاعن فى الطعنين رقم 2812 لسنة 42ق عليا، 2986/ 43 ق. عليا تنفيذًا كاملاً من حيث رد أقدمية الطاعن إلى أقدمية زملائه المعينين بالقرار الجمهورى رقم 472 لسنة 1993 وترتيبه ضمن دفعته المعينة بهذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار بما فى ذلك تسكينه على الدرجة التى يشغلها أقرانه، ثانياً: إلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعن الفروق المالية المستحقة له بين المخصص المالى لوظيفة معاون نيابة إدارية ووظيفة رئيس نيابة إدارية من الفئة "ب" وذلك من تاريخ استلامه العمل فى 9/ 9/ 2002 مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثالثاً: إلزام المطعون ضدهم بان يؤدوا للطاعن المبلغ الذى تقدره المحكمة تعويضاً له عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء القرار المطعون فيه، رابعاً: إلزام المطعون ضدهم بصرف منحة الزواج الحاصل فى 30/ 7/ 1999 للطاعن، وقد تم إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق، وقد قدم مفوض الدولة تقريراً الرأى القانونى فى الطعن انتهى فيه إلى النتيجة المبينة فى هذا التقرير.
وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/ 2/ 2007 حضر الطاعن شخصياً وقرر انه يقصر طلباته الختامية فى مواجهة الحاضر عن المطعون ضدهم إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإرجاع أقدميته فى وظيفة معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور القرار الجمهورى رقم 472 لسنة 1993 فى 14/ 12/ 1993 ووضعه بين زملائه المعينين بهذا القرار فى الترتيب المقرر له قانوناً مع ما يترتب على ذلك من آثار وقررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص - حسبما ذكر الطاعن فى عريضة طعنه – فى أنه أقام الطعنين رقمى 2812 لسنة 42 ق عليا، 2986 لسنة 46ق عليا أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً فيهما إصدار الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 472 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخطية فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما ترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 16/ 2/ 2002 حكمت المحكمة الإدارية العليات بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الجمهورى رقم 472 لسنة 1993 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، تنفيذًا لهذا الحكم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 228 لسنة 2002 بتاريخ 1/ 8/ 2002 بتعيينه فى وظيفة معاون نيابة إدارية دون تنفيذ الحكم الصادر لصالحه تنفيذًا كاملاً من حيث رد أقدميته إلى اقدمية زملائه المعينين بقرار رئيس الجمهورية رقم 472 لسنة 1993 والذين تمت ترقيتهم إلى درجة رئيس نيابة إدارية من الفئة "ب"، وقد تظلم من هذا القرار ولم يتلق رداً على تظلمه. وقد نعى الطاعن على القرار المطعون فيه بأنه صدر على خلاف أحكام القانون ومشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة، فقد درجت الجهة الإدارية على تنفيذ الأحكام تنفيذا كاملاً برد أقدمياتهم إلى أقامه زملائهم المعينين بالقرار المطعون فيه ولم تسلك هذا المسلك مع الطاعن، الأمر الذى تكون معه مطالبة الطاعن برد أقدمية زملائه قائمة على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن الطاعن قد قصر طلباته فى الطعن حسبما قرر فى محضر جلسة المحكمة المعقودة فى 11/ 2/ 2007 على إصدار الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإرجاع أقدميته فى وظيفة معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 472/ 1993 فى 14/ 12/ 1993 ووضعه بين زملائه المعينين بهذا القرار فى الترتيب المقرر له قانوناً مع ما يترتب على ذلك من آثار
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 14/ 12/ 1993 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 472 لسنة 1993 بتعيين عدد من معاونى النيابة الإدارية، فأقام الطاعن الطعنين رقمى 2812 لسنة 42 ق عليا، 3986 لسنة 46 ق أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم بإلغاء القرار المشار إليه فيما تضمنه من تخطية فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، حيث قضت المحكمة بجلسة 16/ 2/ 2002 بقبول الطعنين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار الجمهورى رقم 472 لسنه 1993 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذا لهذا الحكم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 228/ 2002 بتاريخ 1/ 6/ 2002 بتعيين الطاعن معاوناً للنيابة الإدارية.
ومن حيث انه من المسلم به أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجةً على الكافة، وتلك نتيجة لا معدى عنها إدراكاً للطبيعة العينية لدعوى الإلغاء حيث تكون الدعوى مخاصمة للقرار الإدارى فى ذاته فإذا حكم بالإلغاء فان جهة الإدارة تلتزم بتنفيذ الحكم دون أن يمكن لها أن تمتع عن التنفيذ أو تتقاعس عنه على أى وجه نزولاً على حجية الأحكام والتزاماً بسيادة القانون، وأن حكم الإلغاء يحقق بذاته إعدام الأثر القانونى المباشر للقرار منذ تقريره دون أن يتوقف ذلك على تدخل جهة الإدارة، بيد أنه جرى الأمر على أن تصدر جهة الإدارة قراراً كإجراء تنفيذى بحت لإزالة القرار الملغى تنفيذاً للحكم وقياماً بواجبها الذى تفرضه عليها الصيغة التنفيذية التى تُزيل بها الأحكام القضائية وهذا القرار لا يعدو أن يكون تأكيدا للأثر القانونى الذى تحقق سلفاً بمقتضى حكم الإلغاء ولا يضيف جديداً فى هذا المجال فهو محض تأكيدا لما تضمنه الحكم باعتبار أن المحكوم له إنما يستمد حقه مباشرة من الحكم ذاته الحائز لقوة الشىء المحكوم فيه لا من القرار الصادر تنفيذاً له والتى لا تملك الجهة الإدارية سلطة تقديرية فى صدوره وإنما تلتزم فيه بمنطوق الحكم، وتقتصر فائدة هذا القرار على نقل مضمون حكم الإلغاء من نطاق القضاء إلى المجال الإدارى ليتسنى العلم به من قبل الكافة ومن يعينهم القرار المقضى بإلغائه، ومن ثم فلا مناص والأمر كذلك - من القول بأن الأحكام الصادرة بالإلغاء إنما تكون نافذة بمجرد صدورها.
ومن حيث إنه من المقرر أن مقتضى الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه هو إعدام القرار ومحو أثاره من وقت صدوره فى الخصوص وبالمدى الذى حدده الحكم، فإذا قضى بإلغاء القرار إلغاءً مجردًا ترتب على ذلك اعتباره كأن لم يصدر واستعادت الجهة الإدارية سلطتها فى إصدار قرار جديد بعد تنقيته من أوجه العوار التى شابت القرار المقضى بإلغائه، أما الإلغاء النسبى أو الجزئى حيث يكون القرار بطبيعة قابلاً للتجزئة، وكان فى جزء منه معيباً فيوجه الطعن فى هذه الحالة إلى هذا الجزء من القرار حون غيره، ويظل القرار قائماً إلا ما قُضى بإلغائه منه، فتمحى آثاره بالنسبة للطاعن وحده من وقت صدوره وهو ما يكشف عن دوى الإلغاء كأداه لحماية الحقوق الشخصية.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، وإذ كان الثابت بالأوراق أن هذه المحكمة قد قضت بجلسة 16/ 2/ 2002 "بهيئة مغايره" فى الطعنين رقمى 2812/ 42 ق، 3986 لسنة 46ق. المقامين من الطاعن إلغاء القرار الجمهورى رقم 472 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعين فى وظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، فان مؤدى ذلك اعتبار الطاعن معيناً فى هذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المقضى بإلغائه وهو القرار رقم 472/ 1993 وذلك كأثر حتمى لإعدام هذا القرار ومحو آثاره وقت صدوره بالنسبة لتخطيه للطاعن فى التعيين فى هذه الوظيفة، وإذ أصدرت جهة الإدارة القرار رقم 228 لسنة 2002 بتعيين الطاعن فى وظيفة معاون نيابة إدارية تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه دون إرجاع أقدميته فى هذه الوظيفة إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه فان جهة الإدارة - والحال كذلك - لا تكون قد أوفت التزامها القانونى بتنفيذها الحكم الصادر لصالح الطاعن تنفيذاً كاملاً؛ الأمر الذى يتعين معه القضاء برد أقدمية الطاعن فى وظيفة معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور القرار الجمهورى رقم 472 لسنة 1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإرجاع أقدمية الطاعن فى وظيفة معاون نيابة إدارية إلى تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 472 لسنة 1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار.