مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 703

(106)
جلسة 15 من مايو سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبد الرحمن يوسف، ود. الديدامونى مصطفى أحمد، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن، وعمر ضاحى عمر ضاحى نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد مصطفى عنان مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4168 لسنة 49 قضائية. عليا:

( أ ) إثبات - إثبات فى الدعوى - المحكمة هى الخبير الأعلى.
المحكمة هى الخبير الأعلى فى الطعن، وإذا كانت أوراق الدعوى ومستنداتها كافية للفصل فيها فلا يجب إحالتها إلى خبير.
(ب) تعويض - أركان المسئولية العقدية.
يشترط لقيام المسئولية العقدية توافر أركان ثلاثة: الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وإن الخطأ العقدى هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أيا كان السبب فى ذلك يستوى أن يكون عدم التنفيذ راجعاً لعمده أو إهماله أو عن فعله دون عمد أو إهمال - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 8/ 2/ 2003 أودع الأستاذ/ ........ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن " قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 4168/ 49ق.عليا طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة - بجلسة 19/ 12/ 2002 فى الدعوى رقم 3801/ 54ق القاضى منطوقه:
أولاً : بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهما الثانى والثالث لرفعها غير ذى صفة.
ثانياً : بقبولها شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الأول، ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن - استناداً لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع:
أصلياً : بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بطلباته المبتدأة موضوع التداعى الماثل وهو إلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يؤدوا له بصفته مبلغاً وقدره "13651000" جنيه كتعويض إجمالى جبراً عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت به والفوائد القانونية عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
واحتياطياً :- وتمهيدياً وقبل الفصل فى الموضوع الحكم بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب بدورة أحد خبرائه المختصين للقيام بالمأمورية المبينة بصدر تقرير هيئة مفوضى الدولة المقدم أمام محكمة القضاء الإدارى.
أعلن الطعن إلى المطعون ضدهم، وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه استناداً لما ورد به من أسباب الحكم: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع الحكم بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال القاهرة ليندب أحد خبرائه المختصين للقيام بالمأمورية الواردة بصدر التقرير.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/ 5/ 2006 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 5/ 7/ 2006 ومذكرات لمن يشاء خلال أسٍبوعين وفيها قررت الدائرة إعادة الطعن للمرافعة لتغيير تشكيل الهيئة وحجز الطعن لإصدار الحكم فيه آخر الجلسة ،وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة موضوع - لنظره - أمامها بجلسة 14/ 11/ 2006.
وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/ 3/ 2007 قررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 15/ 5/ 2007، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - أن المدعى بصفته" الطاعن بصفته "أقام الدعوى رقم 3801/ 54 ق أمام محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الخامسة - بتاريخ 23/ 1/ 2000 طالباً فى ختامها الحكم: بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدى له مبلغاً مقداره 13651000جنيه والفوائد القانونية عليه بواقع 7% سنوياً تعويضاً عما أصابه من أضرار والمصروفات.
وقال - شرحاً لدعواه - إنه بتاريخ 1/ 12/ 1988 تم إبرام عقد استغلال محجر طفلة رقم 8572 بالكيلو 18و 20 طريق القطامية العين السخنة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد إلا أنه فى 4/ 6/ 1991 صدر قرار المدعى عليه الثانى بإلغاء عقد الاستغلال وامتثلت الشركة التابعة للمدعى بتنفيذه، وتم تسليم المحجر للجنة المحاجر فى 9/ 7/ 1991، ونعى المدعى على القرار المشار إليه مخالفته القانون والعقد لأنه تم تحديد موقع المحمية الطبيعية الواقعة بمنطقة الغابة المتحجرة بالمعادى بمحافظة القاهرة وفقاً للحدود والخريطة المرفقة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 944/ 1989 إلا أن المدعى عليه الثانى قام بتعديل الخريطة المحددة للمحمية الطبيعية مما يعد غصباً لسلطة رئيس الوزراء، كما أن الخريطة المستبدلة تحدد موقع المحمية بدءاً من الكيلو 19.400 وحتى الكيلو 21 بينما يقع المحجر بين علامة الكيلو18.500 والكيلو 19.900 وبالتالى فإن التداخل بين المحجر والمحمية يقع فى مسافة 500 م فقط وباقى مساحة المحجر وقدرها "900" متر خارج حدود المحمية وليست للدولة حاجة بها مما يكون قرار الإلغاء المطعون فيه الذى استند إلى وقوع المحجر داخل حدود المحمية جاء مخالفاً للقانون وكان يمكن الاكتفاء بتعديل حدود المحجر ليكون على حدود المحمية بدلاً من الإلغاء، ، وانهى المدعى صحيفة دعواه بالطلبات سالفة الذكر.
وبجلسة 19/ 12/ 2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الأول ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعى بصفته بالمصروفات مؤسسة حكمها على أنه قد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 944/ 1989 بتحديد موقع الغابة المتحجرة ونتج عن ذلك وقوع المحجر رقم 8572 داخل حدود المحمية مما حدا بجهة الإدارة إلى أخطار المدعى بسرعة إخلاء المحجر وإلغاء العقد معه إعمالاً للبند 9 فقرة 6 التى تضمنت حق جهة الإدارة فى حاله حاجتها إلى أرض المحجر للمنافع العامة إلغاء العقد، ومن ثم فإن قيام جهة الإدارة بإلغاء العقد يكون متفقاً مع صحيح حكم القانون وينتفى فى جانبها ركن الخطأ اللازم لقياس مسئوليتها التقصيرية للقضاء بالتعويض.
لم يرتض الطاعن (بصفته) هذا الحكم ونعى عليه بالاتى:
أولا : مخالفته للقانون والثابت بالمستندات من الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب لأن البين من الخريطة المرفقة بقرار رئيس مجلس الوزراء والمحددة لموقع المحمية أن المحجر يقع خارج حدود المحمية وأن المطعون ضده الثالث اصطنع خريطة يعدل فيها موقع المحمية والتى أدخل فيها ثلث موقع المحجر ضمن حدود المحمية وأن الكروكى المرفق يعقد استغلال المحجر والمحدد موقعه على الطبيعة بين علامة الكيلو 18.500 والكيلو 19.900 طريق المعادى العين السخنة - خارج حدود المحمية الطبيعية، وكان الأعدل فى هذه الحالة أن تحال الدعوى إلى خبراء فى المساحة لتحديد ما إذا كان المحجر واقعاً ضمن حدود المحمية الطبيعية طبقاً للخريطة المرفقة بقرار رئيس مجلس الوزراء من عدمه.
ثانياً: أن الطعن فى الحكم بالاستئناف هو طريق من طرق الطعن العادية يطرح الخصومة برمتها أمام محكمة الاستئناف التى من حقها بحث الموضوع من جديد دون الاقتصار على بحث عيوب الحكم.
ومن حيث أنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أنها كافية للفصل فيها دونما حاجة لإحالتها إلى خبير - حسبما يطلب الطاعن ذلك - وباعتبار أن المحكمة هى الخبير الأعلى فى الطعن، ومن ثم يتعين والحالة هذه رفض طلب الطاعن بشأن إحالة الطعن إلى خبير.
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه "يشترط لقيام المسئولية العقدية توافر أركان ثلاثة: الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وأن الخطأ العقدى هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أياً كان السبب فى ذلك، يستوى أن يكون عدم التنفيذ راجعاً لعمده أو إهماله أو عن فعله دون عمد أو إهمال.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ ومدى توافر فى حق الجهة الإدارية المطعون ضدها فإن المادة (86) من اللائحة التنفيذية لقانون المناجم والمحاجر رقم 86/ 1956 الصادرة بقرار وزير الصناعة رقم 69/ 1959 تنص على أن "للمصلحة الحق فى إلغاء العقد إذا احتاجت الحكومة للأرض أو جزء منها للمنافع العامة وفى هذه الحالة يتعين على المستغل أن يوقف التشغيل فى المحجر فوراً وله أن يسترد القيمة الإيجارية عن المدة الباقية من العقد بعد خصم جميع المستحقات للمصلحة قبله.
وتنص المادة (87) من هذه اللائحة على أنه "فى حالة المناطق الواسعة المساحة كما هو الحال فى مناطق الجبس والرمال والزلط والطفلة ونحوها يكون للحكومة الحق فى أى وقت أن تستبعد من المنطقة أى جزء يتضح أن للغير حقوقاً عليه أو أنه مما تحتاج إليه الحكومة لأعمالها الخاصة أو للمنافع العامة أو للأغراض العسكرية دون أن يكون للمستغل أى حق فى المطالبة بأية تعويضات عن ذلك.
ومن حيث إن الفقرة السادسة من البند التاسع من عقد استغلال المحجر رقم 8572 طفلة تنص على أن "إذا احتاجت الحكومة لأرض المحجر أو لأى جزء منه للمنافع العامة أو لأعمالها الخاصة أو للأغراض العسكرية فى هذه الحالة يلغى العقد ويرد للمستغل رسوم الإيجار بنسبة المدة الباقية من العقد بعد استيفاء جميع مستحقات المحافظة ويمنح المستغل إخطارا قبل رفع يده بمدة ثلاثين يوماً.
ومفاد النصوص سالفة الذكر ان المشرع أجاز للجهة الإدارية الحق فى إلغاء عقد استغلال المحجر إذا احتاجت لأرض هذا المحجر أو جزء منها للمنفعة العامة أو لأعمال خاصة بها أو للأغراض العسكرية، وإذا كانت مدة عقد الاستغلال لم تنته ففى هذه الحالة يرد للمستغل رسوم الإيجار بنسبة المدة الباقية من العقد بعد استيفاء جميع مستحقات المحافظة وعلى الجهة الإدارية إخطار المستغل بإنهاء العقد ومنحه مدة ثلاثين يوماً لإخلاء المحجر ورفع يده عنه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته قد تعاقد مع الجهة الإدارية على استغلال المحجر رقم 8572 لاستخراج الطفلة بإيجار سنوى قدرة 3000 جنية وأن مساحة المحجر 1400م2 × 350م لمدة خمس سنوات تبدأ من 1/ 12/ 1988 وتنتهى فى 30/ 11/ 1993 ويقع هذا المحجر بين الكيلو 18.500 إلى 19.900 طريق المعادى القطامية، وبتاريخ 16 يوليو 1989 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 944/ 1989 بإنشاء محمية طبيعية بمنطقة الغابة المتحجرة بالمعادى بمحافظة القاهرة، وتم تحديد هذه المحمية بين الكيلو 19.400 وحتى 21، ولما كانت هذه المحمية تعد من أعمال المنفعة العامة وإذ ثبت أن جزءاً من المحجر استغله الطاعن بصفته يقع فى حدود هذه المحمية فقد أصدرت الجهة الإدارية قرارها بتاريخ 4/ 6/ 1991 بإلغاء العقد محل النزاع ، ومن ثم يكون مسلك الجهة الإدارية بإلغاء عقد الاستغلال والحالة هذه قد تم وفقاً لأحكام القانون وشروط العقد.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن بصفته بالقول إن حدود المحمية لم تتداخل مع المحجر إلا فى مسافة 500م وأنه يمكن استبعاد هذه المساحة والإبقاء على باقى المساحة لاستغلالها كمحجر فهذا القول مردود عليه بأن شرط عقد الاستغلال حسبما سلف ذكره تجيز للجهة الإدارية إلغاء هذا العقد إذا احتاجت لجزء من المحجر وليس كل المحجر، إضافة إلى ذلك فإن القانون رقم 102/ 1983 بشأن المحميات الطبيعية حظرت مادتاه الثانية والثالثة ممارسة أية أنشطة أو تصرفات أو أعمال تجارب فى المناطق المحيطة بمنطقة المحمية إذا كان من شأنها التأثير على بيئة المحمية أو الظواهر الطبيعية بها إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة ولم يثبت من الأوراق أن الطاعن قد حصل على مثل هذا الترخيص.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما سبق ذكره وإذ ثبت أن إلغاء الجهة الإدارية لعقد استغلال المحجر المبرم بينها وبين الطاعن بصفته قد تم وفقاً لأحكام القانون وشروط العقد، ومن ثم ينتفى ركن الخطأ فى جانبها، وبالتالى تنتفى مسئوليتها العقدية قبل الطاعن بصفته وتكون مطالبته بتعويضه عما لحق به من أضرار قدرها بمبلغ 13651000 جنيه " قائمة على غير أساس صحيح من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى وقد أصاب صحيح حكم القانون ويتعين والحالة هذه رفض الطعن، مع مراعاة ما نص عليه فى الفقرة السادسة من البند التاسع من العقد التى تعطى للطاعن بصفته الحق فى استرداد رسوم الإيجار بنسبة المدة الباقية من العقد إذا كان قد دفع عنها رسوماً وذلك بعد استيفاء ما يكون مستحقاً للجهة الإدارية.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإنه يتعين إلزام من خسر الطعن بها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.