مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 722

(109)
جلسة 26 من مايو سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن كمال أبو زيد، وأحمد إبراهيم زكى، ود. محمد ماهر أبو العينين، ود. حسنى درويش عبد الحميد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عصام أبو العلا مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد حسن أحمد أمين السر

الطعن رقم 8514 لسنة 52 قضائية. عليا:

موظف - تأديب - المحاكم التأديبية - حدود سلطة المحكمة التأديبية فى تكييف الوقائع المنسوبة للمحال.
للمحكمة التأديبية - تحت رقابة المحكمة الإدارية العليا - تكييف الوقائع المنسوبة للمحال على نحو صحيح، وإنزال الوصف القانونى السليم عليها، والتحقق من مواجهة الطاعن به - يجوز للمحكمة تغيير الوصف القانونى للمخالفة على ألا يكون الوصف الجديد متضمناً تشديداً لوصف المخالفة - تطبيق.


الإجراءات

فى 17/ 1/ 2006 أقام وكيل الطاعن الطعن الماثل بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة مقرراً الطعن على الحكم سالف البيان والذى انتهى إلى مجازاة الطاعن بخفض وظيفته فى الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعن - فى ختام تقرير الطعن - إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً ببراءته مما هو منسوب إليه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة وعلى النحو الثابت بمحاضر الجلسات؛ حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 3/ 2/ 2005 أقامت النيابة الإدارية الدعوى الماثلة بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها متضمنة تقرير اتهام ضد:
1 - .......... - مدير إدارة بقطاع التنشيط السياحى بالهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحى "درجة أولى".
لأنه خلال الفترة من 20/ 7/ 1999 حتى 8/ 8/ 2003 بجهة عمله بمكتب السياحى بطوكيو باليابان التابع لهيئة تنشيط السياحى وبصفته مديرا لهذا المكتب خلال الفترة المشار إليها ندباً خرج على مقتضى الواجب الوظيفى إذ لم يؤد العمل المنوط به بأمانة ولم يحافظ على ممتلكات وأموال الدولة وخالف القواعد المالية المنصوص عليها فى القوانين واللوائح وأتى ما من شأنه المساس بمالية الدولة وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة بأن:
اختلس لنفسه دون وجه حق مبلغ 45631 دولاراً أمريكياً قيمة مشاركة الشركات السياحية فى معرض جاتا باليابان المودع بالحساب الدولارى رقم 978663 لدى بنك متسوبيشى بطوكيو فى الفترة من 20/ 7/ 1999 حتى 4/ 4/ 2001، وستراً لذلك أخفى على جهة عمله ما يفيد ورود المبلغ المنوه للحساب سالف الذكر، ثم قام بتوريد المبلغ بتاريخ 8/ 8/ 2003 عقب افتضاح أمره، وطالبت النيابة الإدارية محاكمة المذكور تأديبياً طبقاً لنصوص المواد القانونية الواردة بتقرير الاتهام.
وتدوول نظر الدعوى بالمحكمة المشار إليها، وعلى النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 26/ 12/ 2005 أصدرت المحكمة حكمها القاضى بمجازاة الطاعن بخفضه إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة وذلك تأسيساً على ثبوت هذه المخالفات فى حقه وبشهادة الشهود وانتهت إلى حكمها سالف البيان.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لعدم الاختصاص الولائى للنيابة الإدارية بالتحقيق معه أو المحكمة التأديبية بتوقيع الجزاء عليه نظراً لأنه يخضع لقانون العاملين بالسلك الدبلوماسى إبان عمله بالخارج، وينعقد الاختصاص بتأديته إلى الجهة المنتدب إليها وهى الفاو العرب باليابان، فضلاً عن سقوط الدعوى التأديبية ضده بالتقادم لمضى ثلاث سنوات على الواقعة قبل بدء التحقيق فيها، فضلاً عن أن المحكمة التأديبية أسندت إليه شهادة كيدية من جانب الشاكية ........، فضلاً عن عدم اكتمال أركان جريمة الاختلاس من الناحية الجنائية فى حقه، وانتهى الطاعن إلى طلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص الولائى للمحكمة التأديبية بمحاكمة الطاعن فالثابت أن الطاعن لم يندب إلى وزارة الخارجية كما يدعى، بل إنه كان منتدباً للعمل مديرًا لمكتب السياحة بطوكيو باليابان التابع لهيئة تنشيط السياحة، وهى جهة عمله الأصلية ولم ينتدب إلى وزارة الخارجية، وبالتالى فإن الاختصاص بتأديبه ينعقد للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحى، وهى التى أحالته للنيابة الإدارية لأن المخالفة المنسوبة إليه هى مخالفة مالية وعليه فان هذا الدفع يتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بسقوط المخالفة بمضى المدة فإن الأمر يتوقف على حقيقه وتكييف المخالفة المنسوبة إليه، فهى جاءت بتقرير الاتهام اختلاس المبلغ المشار إليه بتقرير الاتهام وهى جريمة جنائية لا تسقط الدعوى الجنائية عنها إلا بمضى المدة المقررة لسقوطها وهى عشر سنوات، وعليه فمتى بدأ معه التحقيق فى 3/ 12/ 2003 بعد اختلاسه للمبلغ وفقاً لما هو وارد بتقرير الاتهام عام 1999 فإن الدفع بالسقوط ليس له محل ويتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه وعن موضوع اتهام الطاعن فمن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن للمحكمة التأديبية تحت رقابة المحكمة الإدارية العليا تكييف الوقائع المنسوبة للمحال على نحو صحيح وإنزال الوصف القانونى السليم عليها والتحقق من مواجهة الطاعن بهذا الوصف القانونى السليم وأنه يجوز للمحكمة تغير الوصف القانونى للمخالفة حسبما تظهره الأوراق من أدلة على ارتكابه لها، على إلا يكون الوصف الجديد يتضمن تشديداً لوصف المخالفة على نحو يزيد موقف المتهم سوءاً أو أن يكون الوصف الجديد لم يتم مواجهة المحال به فى التحقيقات أو يكون بعيداً عن وقائع المخالفة المنسوبة إليه، فعلى المحكمة فى هذه الحالة أن تحيل الدعوى إلى دائرة أخرى للفصل فيها، وعليه فانه يجوز للمحكمة أن تسبغ على الاتهام الوصف الصحيح الذى يتبين لها بوقائع الدعوى، ويمكن أن يندرج فى الوصف المقدم به المتهم للمحكمة، وبمعنى آخر أن يحتوى الوصف المقدم به إلى المحكمة، وأن يتم مواجهته بهذا الاتهام.
ومن حيث إنه كذلك فإن القدر المتيقن منه، والثابت فى حق الطاعن والواضح مما جاء بأوراق الحكم المطعون فيه أنه خالف التعليمات الإدارية وأهمل فى إيداع المبلغ محل الاتهام بالبنك ليتسنى السحب والصرف منه من ناحية وضبط الحسابات الخاصة بالمكتب من ناحية أخرى؛ حيث تفصح المكاتبات المقدمة من الطاعن بحوافظ مستنداته أنه كانت هناك نية واتجاه لاستعمال هذا المبلغ فى تغطية تكاليف بعض المعارض عام 2001، وأن وقوع أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 جعلت من استعمال هذا المبلغ أمراً غير قائم على سند لتأثير الأحداث على عملية الجذب السياحى ككل، وعليه فقد كان واجباً على الطاعن إعادة المبلغ إلى البنك مرة أخرى ليتسنى ضبط حسابات المكتب وفقاً للتعليمات الإدارية، ولا يمكن الجزم بتوافر قصد الاستيلاء على هذا المبلغ فى هذه المستندات المقدمة منه، والمذكرات المتبادلة بينه وبين المسئولين عن استخدام المبلغ ومنهم رئيس الهيئة ذاته الذى قدم تبريراً لسحب هذا المبلغ وتحقيقات النيابة الإدارية، وهذا القدر المتيقن من الاتهام الثابت فى حقه باعترافه فى التحقيقات بسحب المبلغ وعدم رده يمثل مخالفة مستمرة للتعليمات حتى رد المبلغ بما لا يسقط المخالفة من ناحية دون ناحية أخرى فانه إذاً يتعين مجازاته عن هذه المخالفة بوصفها سالف البيان فإن عقوبة خفض الوظيفة الموقعة عليه تكون قد انطوت على غلو يتعين معه تعديلها إلى خصم شهرين من أجره بوصف أن المخالفة فى النهاية إدارية، ولم يتم ضياع أية مبالغ مالية على الدولة لقناعه برد المبلغ عند تسوية حسابات الفرع.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره.