مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 740

(112)
جلسة 2 من يونيو سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المُستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، ومنير عبد الفتاح غطاس، وفوزى على حسين شلبي، ود. حسن عبد الله قايد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب سيد عبد الوهاب مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى أمين السر

الطعن رقم 4317 لسنة 45 قضائية. عليا:

موظف - معاش - تاريخ استحقاق المعاش.
إن مجرد انتهاء الخدمة قبل بلوغ سن التقاعد - طالما بلغت مدة الاشتراك فى التأمين 240 شهراً على الأقل - لا يعنى استحقاق المؤمن عليه للمعاش المبكر وإنما يرتبط استحقاق هذا المعاش ونشأة الحق فيه بتقديم طلب لصرفه - عدم تقديم الطلب بصرف المعاش المبكر فور انتهاء الخدمة يعد قرينة على عدم رغبة المؤمن عليه فى صرف المعاش المبكر فى هذا الوقت خاصة وأن المؤمن عليه قبل بلوغه سن الستين يظل مخاطباً بأحكام القانون وله الحق بعمل آخر والخضوع لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وعلى ذلك فإن تقديم الطلب هو الذى يفصح عن رغبة المؤمن عليه فى صرف المعاش المبكر - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 20/ 4/ 1999 أودع الأستاذ/ ......... المحامى المقبول لدى هذه المحكمة بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى - دائرة التسويات والجزاءات - فى الدعوى رقم 3628 لسنة 51ق جلسة 22/ 2/ 1999 القاضى "بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعى فى صرف معاشه اعتباراً من 1/ 8/ 1992 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى حيث ان تاريخ صرف مستحقات المطعون ضده من جانب الهيئة الطاعنة فى 1/ 6/ 1993 هو التاريخ الصحيح طبقاً للقانون.
وقد أعلن الطعن قانوناً للمطعون ضده، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى فى الطعن.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت إحالته إلى دائرة الموضوع بهذه المحكمة؛ حيث نظر أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 14/ 4/ 2007 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أن المطعون ضده كان قد أقام بتاريخ 13/ 10/ 1994 دعواه رقم 3628 لسنة 51 ق بإيداع عريضتهما ابتداء قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم طالباً فى ختامها الحكم بأحقيته فى تسوية معاشه وصرفه اعتباراً من 17/ 9/ 1985 تاريخ انتهاء خدمته وليس من 1/ 6/ 1993 وإلزام الهيئة بصرف متجمد المعاش عن المدة من 17/ 9/ 1985 حتى 1/ 6/ 1993.
وذكر شرحاً لدعواه انه كان يعمل مدرساً بوزارة التربية والتعليم اعتباراً من أغسطس 1960 ثم انقطع عن العمل اعتباراً من 17/ 9/ 1985، وقد قضت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 31/ 8/ 1992 بفصله من الخدمة لانقطاعه عن العمل، وأنه تقدم إلى جهة الإدارة بطلب لتسوية معاشه وصرفه اعتباراً من 17/ 9/ 1985، لكن الهيئة قامت بصرف المعاش اعتباراً من 1/ 6/ 1993 بالمخالفة للقانون، وخلص المدعى إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
وقد نظرت المحكمة الإدارية الدعوى، وبجلسة 24/ 11/ 1996 حكمت بعدم اختصاصها بنظرها وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص فوردت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة ونظرت أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدرت حكمها المطعون فيه القاضى بأحقية المدعى فى صرف معاشه اعتباراً من 1/ 8/ 1992 باعتبار أن ذلك هو أول الشهر الذى نشأ فيه سبب استحقاق المعاش بصدور حكم المحكمة التأديبية بفصله من الخدمة.
ولما لم يلق ذلك قبولاً لدى الطاعن فقد أقام عليه الطعن الماثل على سند من أن الحكم قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن المطعون ضده يستحق معاشه اعتباراً من أول الشهر الذى قدم فيه طلب صرف المعاش أى فى 1/ 6/ 1993 وليس قبله.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل يدور حول تاريخ استحقاق المطعون ضده لمعاشه، وما إذا كان من أول الشهر الذى نشأ فيه سبب الاستحقاق وهو فى الحالة الماثلة صدور حكم المحكمة التأديبية بجلسة 31/ 8/ 1992 بفصله من الخدمة للانقطاع أم من أول الشهر الذى تقدم فيه إلى الهيئة بطلب لصرف المعاش، وذلك اعتباراً من 1/ 6/ 1993.
ومن حيث إن المادة (100) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "إذا حكم على العامل بالإحالة إلى المعاش أو الفصل انتهت خدمته من تاريخ صدور الحكم ما لم يكن موقوفاً عن عمله فتعتبر خدمته منتهية من تاريخ وقفه".
وتنص المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 على أنه "يستحق المعاش فى الحالات الآتية:
1) انتهاء خدمة المؤمن عليه ببلوغه سن التقاعد..
2) انتهاء خدمة المؤمن عليه للفصل بقرار من رئيس الجمهورية.
3) انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاء أو العجز.
4) وفاة المؤمن عليه أو ثبوت عجزه عجزاً كاملاً.
5) انتهاء خدمة المؤمن عليه لغير الأسباب المنصوص عليها فى البنود (1) و (2) و (3) متى كانت مدة اشتراكه فى التأمين 240 شهراً على الأقل.
6).......
وتنص المادة (23) من ذات القانون على أنه "يخفض المعاش المستحق عن الأجر الأساسى لتوافر الحالة المنصوص عليها فى البند رقم (5) من المادة (18) بنسبة تقدر تبعاً لسن المؤمن عليه من تاريخ استحقاقه الصرف وفقاً للجدول رقم (8) المرافق ..".
كما تنص المادة (25) من القانون معدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1987 على ان "يستحق المعاش اعتباراً من أول الشهر الذى نشأ فيه سبب الاستحقاق، ويستحق المعاش لتوافر الحالة المنصوص عليها فى البند (5) من المادة (18) من أول الشهر الذى قدم فيه طلب الصرف وفى حالة عدم تقديم طلب الصرف حتى بلوغ المؤمن عليه سن الستين أو ثبوت العجز الكامل ... أو وقوع الوفاة فيستحق هذا المعاش اعتباراً من أول الشهر الذى تحققت فيه إحدى الوقائع المشار إليها.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن شروط استحقاق المعاش المبكر تنحصر فيما يأتى:
1 - انتهاء خدمة المؤمن عليه وهو شرط قائم فى جميع حالات استحقاق المعاش.
2 - أن يكون انتهاء الخدمة قبل بلوغ سن التعاقد ولغير الفصل بقرار من رئيس الجمهورية أو إلغاء الوظيفة أو العجز أو الوفاة.
3 - أن تكون للمؤمن عليه مدة اشتراك لا تقل عن 240 شهراً.
4 - تقديم المؤمن عليه طلباً لصرف المعاش.
وقد ورد هذا الشرط الأخير بنص المادة (25) التى قررت حكماً عاماً مؤداه استحقاق المعاش اعتباراً من أول الشهر الذى يتحقق فيه سبب الاستحقاق، كما قررت حكماً خاصاً بالمعاش المبكر مقتضاه استحقاق هذا المعاش اعتباراً من أول الشهر الذى يقدم فيه طلب الصرف.
وقد جاء هذا الشرط متسقاً مع دور نظام التأمين الاجتماعى فى مجال تعويض العامل عن أجره الذى يقطع نتيجة لتحقق الإخطار التى يتعرض لها والتى يتعامل معها نظام التأمين وهى أخطار الشيخوخة والعجز والوفاة... فالأصل عدم استحقاق المعاش إلا إذا توافرت إحدى هذه الحالات، واستثناء من الأصل أجاز المشرع للمؤمن عليه طلب صرف معاش الشيخوخة مبكراً إذا ما كانت ظروفه تتطلب صرف المعاش، ويأتى اشتراط تقديم الطلب لمصلحة المؤمن عليه، فعدم صرف المعاش فور انتهاء الخدمة يمنحه ميزة تخفيض أقل حيث إن نسبة التخفيض وفقاً للمادة (23) تقل كلما كبر السن وفقاً للجدول رقم (8) المرافق للقانون، كما يمنحه فى حالة وقوع الوفاة أو ثبوت العجز الكامل قبل صرف المعاش مزايا معاش الوفاة أو العجز هذا من الناحية التأمينية.
ومن الناحية القانونية فان مجرد انتهاء الخدمة قبل بلوغ سن التقاعد - طالما بلغت مدة الاشتراك فى التأمين 240 شهراً على الأقل - لا يعنى استحقاق المؤمن عليه للمعاش المبكر وإنما يرتبط استحقاق هذا المعاش ونشأة الحق فيه بتقديم طلب لصرفه، وعلى ذلك فان عدم تقديم الطلب بصرف المعاش المبكر فور انتهاء الخدمة إنما يعد قرينة على عدم رغبة المؤمن عليه فى صرف المعاش المبكر فى هذا الوقت خاصة وأن المؤمن عليه قبل بلوغه سن الستين يظل مخاطباً بأحكام القانون، وله الحق بعمل آخر والخضوع لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وعلى ذلك فإن تقديم الطلب هو الذى يفصح عن رغبة المؤمن عليه فى صرف المعاش المبكر، ومن ثم تخفيض المعاش بالنسبة المقابلة لسنه وقت تقديم الطلب.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد عين بوزارة التربية والتعليم بوظيفة مدرس من أغسطس1960 وأنه انقطع عن عمله اعتبارا من 17/ 9/ 1985 19فأحيل إلى المحاكمة التأديبية بتهمة الانقطاع عن العمل فى غير حدود الإجازات المصرح بها قانوناً وذلك بالدعوى التأديبية رقم 1227 لسنة 28ق؛ حيث قضت المحكمة بجلسة 31/ 8/ 1992 بمجازاته بعقوبة الفصل من الخدمة وصدر قرار جهة الإدارة برفع اسمه من عداد الموظفين بالدولة بتاريخ 23/ 12/ 1992.
وحيث إنه لم يتقدم بطلب لصرف معاشه المبكر نتيجة لفصله من الخدمة إلا بتاريخ 20/ 6/ 1993، وقد قامت الهيئة الطاعنة بصرف المعاش المستحق له اعتباراً من 1/ 6/ 1993 طبقاً للقواعد القانونية السابق ذكرها، ومن ثم فانها تكون قد طبقت فى حالته صحيح حكم القانون وتكون دعواه المقامة بطلب صرف المعاش قبل هذا التاريخ فى غير محلها جديرة بالرفض.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يستوجب القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإعفاء المطعون ضده من المصروفات عملاً بنص المادة (137) من قانون التأمين الاجتماعي.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى موضوعاً.