مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 868

(132)
جلسة 8 من سبتمبر سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشارالدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، وبلال أحمد محمد نصار، وناجى سعد الزفتاوى، ود. حسين عبد الله قايد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب سيد عبد الوهاب مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد رمضان عشماوي سكرتير المحكمة

الطعن رقم 13186 لسنة 48 قضائية. عليا:

( أ ) اختصاص - ما يدخل فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى - إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ التزام قانوني.
المادة (10) و (12) و (13) و (14) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ التزام وارد بأحكام القانون بتعيين العاملين أيا كانت الدرجة المالية التى سيشغلها من يتم تعيينه فإن هذه المنازعة تتعلق بإلغاء قرار سلبى بالامتناع عن تنفيذ التزام قانونى وهو ما يندرج فى إطار عبارة "سائر المنازعات الإدارية" الواردة فى عجز المادة العاشرة من القانون رقم 47/ 1972 وينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإدارى صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية - تطبيق.
(ب) أزهر - تعيين - تعيين العمالة المتطوعة بالمعاهد الأزهرية.
يترتب على ضم المعاهد الأزهرية تعيين جميع العاملين بها فى الوظائف المدرجة بميزانية الأزهر متى توافرت شروط شغلها إلا أن القانون رقم 16 لسنة 1999 أضاف حكماً جديداً مؤداه تعيين جميع العاملين بهذه المعاهد التى صدر قرار من شيخ الأزهر يشغلها سواء كانوا مدرسين أو إداريين أو عمالاً على أن يتم تأهيلهم لتولى هذه الوظائف - أثر ذلك - أن امتناع شيخ الأزهر عن تعيين العمالة المتطوعة بالمعهد الأزهرى يعد قراراً سلبياً بالامتناع مخالفاً لصحيح حكم القانون - تطبيق.


الإجراءات

إنه فى يوم الأربعاء الموافق 28/ 8/ 2002 أودع السيد / ........ المحامى المقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة ووكيل الطاعن بصفته - قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 5670 لسنة 56 ق بجلسة 4/ 7/ 2002 القاضى "برفض الدفوع المبداة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وبعدم قبولها شكلاً، وباختصاص المحكمة، وبقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".
وطلب الطاعن - فى ختام تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن "بصفته" المصروفات.
وقد تدوول الطعن بجلسات دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 10/ 3/ 2007، وقد تدوول بجلسات هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإنه يخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 20/ 1/ 2002 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 5670 لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تعيين العمالة المتطوعة للعمل بالمعهد الإعدادى للبنين بقرية أبو أيوب مركز الحسينية محافظة الشرقية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال - شرحاً لدعواه - إنه قد تشكلت لجنة برئاسته لإقامة مجمع معاهد أزهرية (ابتدائي- إعدادي) بالجهود الذاتية للبنين والبنات بقرية أبو أيوب مركز الحسينية محافظة الشرقية، وتم التبرع بالأرض اللازمة لإقامة هذا المجمع التى وافقت رئاسة مركز ومدينة الحسينية على قبول هذا التبرع ووافق شيخ الأزهر مبدئياً على إقامة المعهد الابتدائى والإعدادى، وتم نقل ملكية الأرض المتبرع بها المقام عليها المجمع للأزهر الشريف بعقد هبة رسمى بدون عوض مسجل بسجل عقارى الحسينية، وتم ضم المعهد الابتدائى للأزهر بالقرار الوزارى رقم 133 لسنة 2000 فى 20/ 8/ 2000 وتعيين العمالة المتطوعة فيه تنفيذاً لحكم قضائى صدر بذلك وقد تقدم المدعى إلى منطقة الشرقية الأزهرية لمعاينة المعهد الابتدائى للتحقق من إمكانية إقامة معهد إعدادى أعلى منه وجرت هذه المعاينة وأوصت بإمكانية إقامة المعهد الإعدادى أعلاه ووافق شيخ الأزهر على إنشائه تحت متابعة وإشراف الإدارة الهندسية لمنطقة الشرقية الأزهرية، وتم الانتهاء من إقامته.
وقد تقدم المدعى إلى منطقة الشرقية الأزهرية بطلب تشغيل المعهد للعام الدراسى 2001/ 2002 وأعدت منطقة الشرقية الأوراق اللازمة لذلك ورفع الأمر إلى الإدارة العامة للبحوث الفنية للمجلس الأعلى للأزهر وتأخر وصول قرار التشغيل وعندما قام المدعى بالاستفسار عن سبب التأخير علم بأنه يجب تحرير إقرار عليه بعدم مطالبة الأزهر بتعيين عمالة متطوعة مطلقاً وأصبح المدعى ولجنة الجهود الذاتية فى موقف دقيق إما كتابة هذا الإقرار وتلتزم من ثم اللجنة برد ما تكبدته العمالة المتطوعة من أموال من أجل إقامة المعهد الذى تكلف أكثر من مائتى وخمسين ألف جنيه، حيث تبرعت العمالة المتطوعة بمائة ألف جنيه وتبرع المدعى وأهل قريته بباقى المبلغ بل إن العام الدراسى كان قد اقترب وإن لم يحصل المذكور على أمر تشغيل المعهد سوف يشرد الطلاب ويتم توزيعهم على أقرب معاهد مجاورة، وإما فى حالة عدم كتابة الإقرار سيحرم المعهد من إصدار أمر التشغيل، وأمام هذا الإكراه المعنوى اضطر المدعى لكتابة الإقرار الذى يعتد به قانوناً لأنه جاء وليد إرادة معيبة واقعة تحت تأثير إكراه معنوى، فضلاً عن كونه يمثل اتفاقاً جاء مخالفاً للقانون، وفى 29/ 8/ 2001 وافق شيخ الأزهر على ضم المعهد بدون تشغيل العمالة المتطوعة أياً كان نوعها.
ونعى المدعى على القرار السلبى بعدم تعيين العمالة المتطوعة أن القواعد السارية وقت إنشاء هذا المعهد تلتزم بتعيين العمالة المتطوعة حال كونها تستوفى كافة شروط التعيين، فضلاً عن أن جهة الإدارة تتنصل من الموافقة على تعيين العمالة المتطوعة رغم موافقتها المبدئية على إنشاء المعهد، ورغم أن القانون رقم 16 لسنة 1999 نص على تعيين كافة العاملين بالمعهد بشرط توافر شرط تأهيلهم لهذه الوظائف. وأشار المدعى إلى العديد من الأحكام القضائية السابق صدورها بإلزام الأزهر بتعيين هذه العمالة، وامتناع الأزهر عن تعيين هذه العمالة يشكل قراراً سلبياً ويترتب عليه نتائج قد يتعذر تداركها.
واختتم عريضة دعواه بما سلف ذكره من طلبات.
وقد تدوول الشق العاجل أمام محكمة القضاء الإدارى التى قررت إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى شقيها، وأودعت تقريراً بالرأى القانونى فى شقيها ارتأت فى ختامه الحكم أصلياً: ببطلان عريضة الدعوى وإلزام رافعها المصروفات.
احتياطياً: بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة وتدوولت بجلساتها إلى أن أصدرت حكمها الطعين بجلسة 4/ 7/ 2002 وقد شيدت قضاؤها على أن المدعى يهدف بدعواه إلى وقف القرار السلبى بالامتناع عن اتخاذ إجراءات تعيين العمالة المتطوعة من مدرسين وإداريين وعمال بالمعهد الإعدادى للبنين بقرية أبو أيوب مركز الحسينية محافظة الشرقية وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكرت المحكمة - بشأن الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى - أن المدعى لا يهدف بدعواه إلى تعيين العمالة المذكورة بوظائف معينة وبمستوى محدد، إنما يهدف من دعواه بإلزام الأزهر بتعيين تلك العمالة بعد تشغيل المعهد طبقاً للقانون رقم 23 لسنة 1965 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1971 والقانون رقم 16 لسنة 1996 وقضت برفض هذا الدفع.
وأما عن الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم الالتجاء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات ذكرت المحكمة أن المشرع لم يستلزم اللجوء لهذه اللجنة طالما اقترن طلب الإلغاء بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وأما عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ذكرت المحكمة بأن المدعى له صفة ومصلحة فى الدعوى؛ لأنه من أعضاء اللجنة المشرفة على بناء المعهد، وأن الجهة الإدارية أخذت تعهداً عليه مع باقى أعضاء اللجنة بعدم المطالبة بتعيين العمالة المتطوعة كشرط لموافقتها على تشغيل المعهد. وأضافت المحكمة أن القرار المراد إلغاؤه قرار سلبى ولا يتقيد بميعاد دعوى الإلغاء طالما ظل قائماً، ثم تطرقت إلى موضوع الدعوى فاستعرضت المادة (1) من القانون رقم 44 لسنة 1971 الصادر بتعديل المادة الأولى من القانون رقم 23 لسنة 1965، ثم عرجت إلى المادة الأولى من القانون رقم 16 لسنة 1999، وذكرت المحكمة بأنه ولئن كان المستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 44 لسنة 1971 أنه يترتب على ضم المعاهد الأزهرية تعيين جميع العاملين فيها فى الوظائف المدرجة بميزانية الأزهر متى توافرت شروط شغلها إلا أن القانون رقم 16 لسنة 1999 أضاف حكماً جديداً مؤداه تعيين جميع العاملين بهذه المعاهد التى صدر قرار من شيخ الأزهر بتشغيلها سواء كانوا مدرسين أو إداريين أو عمالاً على أن يتم تأهيلهم لتولى هذه الوظائف، فيكون امتناع شيخ الأزهر عن تعيين العمالة المتطوعة بهذا المعهد قراراً سلبياً بالامتناع مخالفاً لصحيح حكم القانون ويتعين إلغاؤه ولا وجه للاحتجاج بأن المدعى حرر إقراراً بقبوله تشغيل المعهد دون عمالة خاصة، لأن المادة الأولى من القانون رقم 16 لسنة 1999 أوجبت تعيين جميع العاملين بالمعاهد الأزهرية التى يصدر قرار من الأزهر بتشغيلها، فحق هؤلاء العاملين مستمد من القانون، ولا يجوز أن يكون محلاً للتنازل أو الخروج عنه، وأنه حق يتعلق بمجموع هؤلاء العاملين وأن ما حرره المدعى لا يعدو أن يكون موافقة على تشغيل المعهد.
ولم يرتضِ الطاعن هذا القضاء وشيد طعنه عليه استناداً إلى صدور الحكم الطعين من محكمة غير مختصة وذكر الطاعن - شرحاً لهذا السبب - بعد أن استعرض المادة (14) من قانون مجلس الدولة أن المشرع اعتد بالمستوى الوظيفى فى توزيع الاختصاص النوعى بين محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية وأن التكييف الصحيح لطلبات المطعون ضده أمام محكمة أول درجة هو طلب تعيين أفراد فى المستوى الثانى فما دونه بمعهد ينضم إلى الأزهر الشريف والدفع بعدم الاختصاص يتعلق بالنظام العام وتقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وأضاف الطاعن نعياً على الحكم الطعين أن الدعوى المقضى فيها أمام محكمة أول درجة غير مقبولة لرفعها قبل التظلم، بحسبان أن الطعن على القرار النهائى بالتعيين يجب أن يسبقه تظلم، فضلاً عن صدور الحكم دون الالتجاء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات حسبما تطلب القانون رقم 7 لسنة2000، وذلك لأن بعض المتقاضين يلجأون إلى تضمين طلباتهم طلباً بوقف تنفيذ القرار المراد إلغاؤه هروباً من تطبيق القانون المشار إليه ولكن العبرة بحقيقة طلباتهم فليس ثمة استعجال فى طلب إلغاء قرار التعيين وليس هناك إلزام على جهة الإدارة بالتعيين فى وقت معين بمجرد استيفاء شروط التعيين فهذا الحق لا ينشأ إلا بصدور قرار بذلك فمن ثم لا يوجد قرار إدارى بالمعنى الدقيق. واستطرد الطاعن قائلاً بأنه يدفع بعدم قبول الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها لرفعها من غير ذى صفة، وذلك لأنه فى حالة صدور حكم بالتعيين فإنه تنشأ علاقة بين الموظف والحكومة لا يكون المطعون ضده طرفاً فيها ويترتب عليها حقوق والتزامات، فهل يمكن أن تترتب هذه الحقوق وتلك الالتزامات فى مواجهته، فمن ثم فإن الحكم الصادر له لا يمكن تنفيذه.
وأخيراً ذكر الطاعن أن الحكم الطعين جاء قاصراً فى أسبابه لأنه كان يتعين على محكمة أول درجة التحقق من توافر الشروط المتطلبة فى كل متقدم لشغل الوظيفة وأن تتصدى لشرط اجتياز الامتحان إلا أنها لم تفعل ذلك كما كان يتعين توافر موافقة وزارة المالية فهذا شرط جوهرى للتعيين باعتبارها الجهة المسئولة عن صرف المرتبات، كما أن هذا الحكم خالف قاعدة أساسية فى الإثبات لأن الأصل أنه يقع على المدعى إثبات ما يدعيه فكان واجباً على المطعون ضده إثبات موافقة وزارة المالية واعتمادها المبالغ اللازمة لتشغيل المعهد أو اختصام وزير المالية بصفته أو إدخاله من قبل المحكمة.
ومن حيث إن المادة 10/ ثالثاً ورابعاً وتاسعاً ورابع عشر من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية:-
(ثالثاً) الطلبات التى يقدمها ذوو الشأن بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات.
(رابعاً) الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى.
(تاسعاً) الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية.
(رابع عشر) سائر المنازعات الإدارية".
وتنص المادة (12) من هذا القانون على أن "لا تقبل الطلبات الآتية:
( أ ) الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية.
(ب) الطلبات المقدمة رأساً بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها فى البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم ........".
وتنص المادة (13) من هذا القانون على أن "تختص محكمة القضاء الإدارى بالفصل فى المسائل المنصوص عليها فى المادة (10) عدا ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية........ ".
وتنص المادة (14) من هذا القانون على أن "تختص المحاكم الإدارية: (1) بالفصل فى طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها فى البنود ثالثاً ورابعاً من المادة (10) متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثانى والمستوى الثالث ومن يعادلهم ..".
والبين مما سبق عرضه من النصوص وبالقدر اللازم للفصل فى هذا الطعن أن المشرع حدد فيها جانباً من اختصاصات محاكم مجلس الدولة وقيد قبول الدعوى بتوافر المصلحة الشخصية لدى رافعها: كما استلزم ضرورة تقديم تظلم قبل الالتجاء إلى القضاء فى مسائل محددة حصراً فى البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة العاشرة المشار إليها من قانون مجلس الدولة. كما حصر اختصاص المحاكم الإدارية بطلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها فى البندين (ثالثاً ورابعاً) من المادة العاشرة المشار إليها متى كانت متعلقة بموظفين من شاغلى الدرجة الثالثة فما دونها، أما محكمة القضاء الإدارى فأسند إليها الفصل فى الطلبات المقدمة ممن يشغلون الدرجة الثانية وما يعلوها وكذا سائر المنازعات الإدارية أياً كان موضوعها وأيا كانت صفة رافعها".
ومن حيث إنه بالنسبة لدفع الطاعن بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى نوعياً بنظر الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين فإن الأمر يتوقف على تحديد حقيقة الطلبات التى أقيمت بها الدعوى، ولما كانت هذه الطلبات لا تعدو أن تكون طلب إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ الالتزام المقرر فى القانون رقم 16 لسنة 1999 بتعيين العاملين بمدارس تحفيظ القرآن الكريم الرسمية أيا كانت الدرجة المالية التى سيشغلها من يتم تعيينه فإن هذه المنازعة لا تعد طلب إلغاء قرار تخطى فى التعيين على وظيفة معينة حتى يمكن القول بأن الاختصاص بنظر الدعوى يتحدد على ضوء الدرجة المالية التى سيتم التعيين عليها، إنما تتعلق بإلغاء قرار سلبى بالامتناع عن تنفيذ التزام قانونى وهو ما يندرج فى إطار عبارة "سائر المنازعات الإدارية" الواردة فى عجز المادة العاشرة المشار إليها وينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإدارى صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية وإذ تصدت محكمة القضاء الإدارى للدعوى المشار إليها فإنها تكون قد أعملت صحيح القانون فى هذا الصدد.
وأما عن دفع الطاعن بعدم توافر صفة للمطعون ضده فى الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين فإن الثابت من الإفادة الصادرة من الوحدة المحلية لمنشأة أبو عمر أن المطعون ضده هو القائم بالإشراف على مبنى المعاهد الأزهرية بالناحية المذكورة وهو المسئول عن التنفيذ، بالإضافة إلى أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده حرر إقراراً تعهد فيه لجهة الإدارة (الأزهر الشريف) بعدم مطالبته بتعيين عمالة متطوعة مطلقاً وأياً كان نوعها وذلك حتى يوافق الأزهر على تشغيل هذا المعهد، الأمر الذى يشير إلى تحقق صفة للمطعون ضده فى المطالبة بتشغيل العمالة المتطوعة باعتباره هو الذى كان مضطلعاً بالإشراف على المشروع، فمن ثم تحقق له المصلحة والصفة اللازمين لمطالبة جهة الإدارة بتنفيذ التزامها المقرر بالقانون رقم 16 لسنة 1999 السابق الإشارة إليه وذلك بغض النظر عن بحث مدى مشروعية هذا الإقرار من عدمه باعتباره ليس مطروحاً فى هذا الطعن .
ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن على الحكم الطعين من مخالفة القانون بحسبان أنه قضى بقبول الدعوى فى حين أن القرار المطعون فيه من القرارات التى استلزم فيها القانون التظلم وجوبياً باعتباره قراراً يتعلق بالتعيين.
ومن حيث إن الثابت أن القرار المطعون عليه أمام محكمة أول درجة ليس قراراً بالتخطى فى التعيين فى إحدى الوظائف كما سبق البيان إنما هو قرار سلبى بالامتناع عن تنفيذ التزام مقرر بمقتضى القانون رقم 16 لسنة 1999 بتعيين العمالة المتطوعة فى المعهد بعد ضمه دون تحديد لوظيفة أو درجة معينة يراد التعيين عليها فإن القرار محل الدعوى المشار إليها بهذه المثابة لم يدخل فى إطار القرارات التى تطلب المشرع التظلم منها وجوبياً وفقاً للمادة 10/ ثالثاً ورابعاً وتاسعاً المشار إليها من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن على الحكم الطعين من قضائه بقبول الدعوى رغم عدم الالتجاء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات.
فإن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق فى بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها تنص على أن "ينشأ فى كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التى تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة".
وتنص المادة الحادية عشرة من هذا القانون على أنه "عدا المسائل التى يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تقبل الدعوى التى ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على قبول طلب الإلغاء المقترن بطلب وقف التنفيذ دون الالتجاء إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات إعمالاً للمادة الحادية عشرة المشار إليها من القانون رقم 7 لسنة 2000 فإن الحكم الطعين فى هذا الصدد يكون قد صادف صحيح القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن على الحكم الطعين من القصور فى التسبيب لأن المحكمة لم تتحقق من الشروط الواجب توافرها فى كل متقدم للوظيفة وكان يتعين عليها التصدى لشرط اجتياز الامتحان كما كان يتعين كذلك إثبات موافقة وزارة المالية واعتمادها للمبالغ اللازمة لتشغيل المعهد باعتبارها الجهة المنوط بها صرف المرتبات فكان لازماً اختصام وزير المالية أو إدخاله فى الدعوى.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 16 لسنة 1999 الصادر بتعديل القانون رقم 23 لسنة 1965 فى شأن تعيين مدرسى مدارس تحفيظ القرآن الكريم الرسمية تنص على أن "يستبدل بنص المادة الأولى من القانون رقم 23 لسنة 1965 فى شأن تعيين مدرسى مدارس تحفيظ القرآن الكريم الرسمية المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1971 النص الآتي:
"استثناءً من أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 يعين جميع العاملين بالمعاهد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم التى تضم إلى الأزهر فى الوظائف المدرجة بميزانية الأزهر متى توافرت فيهم شروط شغلها وذلك بشرط اجتيازهم الامتحان المقرر لشغل هذه الوظائف وفقاً للقواعد والإجراءات التى يصدر بتحديدها قرار من شيخ الأزهر ويعفى من شرط اللياقة الطبية المحفظون للقرآن الكريم.
كما يعين جميع العاملين بالمعاهد التى صدر قرار من الأزهر بتشغيلها بشرط تأهيلهم لتولى هذه الوظائف ويكون الضم بقرار من الوزير المختص بشئون الأزهر بعد موافقة وزير المالية".
والبين من النص المتقدم وبالقدر اللازم للرد على هذا الدفع أن خطاب المشرع موجه إلى الأزهر وليس إلى المحكمة وذلك بشأن التحقق من شروط شغل وظائف المعاهد فيمن يرغب فى شغلها من العمالة المتطوعة وكذا اختبارهم لشغل هذه الوظائف كما أن خطابه موجه إلى الأزهر أيضاً وليس إلى المطعون ضده بشأن إصدار القرار بضم المعاهد للأزهر بعد موافقة وزير المالية، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم الطعين بعدم تحققه من توافر شروط شغل الوظائف فيمن تقدم إليها واجتيازه الامتحان اللازم لها وكذا نعيه على الحكم الطعين بعدم إلزام المطعون ضده بإثبات صدور موافقة وزير المالية على التعيين وعلى تدبير المبالغ اللازمة قد جاء هذا النعى جميعه فى غير محله ويتعين الالتفات عنه.
من حيث إن كافة الدفوع التى أبداها الطاعن على النحو السابق بيانه جاءت بلا سند من القانون فيتعين الالتفات عنها جميعاً.
ومن حيث إن الحكم الطعين صدر متفقاً والتطبيق الصحيح للقانون وبمنأى عن الإلغاء الأمر الذى يضحى معه رفض هذا الطعن أمراً متعيناً.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بالمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.