مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 892

(135)
جلسة 10 من سبتمبر سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشارالدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، وبلال أحمد محمد نصار، وفوزى على حسين شلبى، ود. حسين عبد الله قايد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب سيد عبد الوهاب مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوي سكرتير المحكمة

الطعن رقم 7380 لسنة 47 قضائية. عليا:

موظف - نقل - ضوابطه.
المادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
نقل العامل من وظيفة إلى أخرى من ذات الدرجة وبذات المجموعة النوعية ومن مكان إلى آخر هو أمر تترخص فيه جهة الإدارة تجريه كلما استوجبته المصلحة العامة ولا رقابة للقضاء الإدارى على جهة الإدارة ما دام قرارها مراعيًا القيود التى وضعها المشرع لمصلحة العامل المنقول وما دام قرار النقل قد خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - أثر ذلك: صدور قرار النقل من غير مختص ودون العرض على لجنة شئون العاملين المختصة بعيب القرار بعيب إساءة استعمال السلطة - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الثلاثاء الموافق 8/ 5/ 2001 أودع المستشار المساعد / ......... - عضو هيئه قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بأسيوط - الدائرة الثانية بجلسة 14/ 3/ 2001 فى الدعوى رقم 3521 لسنة 11ق. القاضى منطوقه "بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيها".
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
واعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة فقررت بجلسة 12/ 2/ 2007 إحالة الطعن إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 19/ 5/ 2007 وبها نظرته هذه المحكمة وقررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 10/ 9/ 2007 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 6/ 8/ 2000 أقام المطعون ضده (كمدعٍ) الدعوى رقم 3521 لسنة 11 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الأمر التنفيذى رقم 499 بتاريخ 6/ 5/ 1998 الصادر من وزارة التربية والتعليم فيما تضمنه من نقله إلى إدارة أو تشت التعليمية بمديرية التربية والتعليم بقنا بوظيفة مشرف ابتدائى، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر شرحا للدعوى أنه يعمل بوظيفة مدرس بمدرسة التمايسه الابتدائية بإدارة أسيوط التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بأسيوط وبتاريخ 6/ 5/ 1998 أصدرت وزارة التربية والتعليم الأمر التنفيذى رقم 499 لسنة 1998 متضمناً نقله من وظيفة مدرس بمدرسة التمايسه الابتدائية بإدارة أسيوط التعليمية إلى وظيفة مشرف ابتدائى بإدارة أبو تشت التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بمحافظة قنا، وسبق ذلك صدور قرار محافظ أسيوط رقم 255 لسنة 1998 بمجازاته بخصم شهر من راتبه لما نسب إليه فى التحقيق رقم 316 لسنه 1998 بشأن شكوى احد المواطنين وهو نائب رئيس مجلس الآباء بالمدرسة ضده ومدرس آخر لتصرفاتهما غير اللائقة التى لا تتفق مع رسالة العلم، وتنفيذًا لقرار نقله سالف الذكر فقد قام باستلام العمل بمديرية التربية والتعليم بقنا بتاريخ 25/ 5/ 1998 وتقدم بتظلم من قرار نقله إلى مفوض الدولة لمحافظة أسيوط بتاريخ 20/ 6/ 1998 وقبل إقامة دعوى بطلب إلغاء قرار نقله تم تجنيده بالقوات المسلحة بتاريخ 15/ 7/ 1998 وحتى 31/ 5/ 2000.
ونعى على قرار نقله المشار إليه مخالفته للقانون لأنه تضمن توقيع عقوبة عليه لم يرد عليها النص بالقانون، بالإضافة إلى أنه صدر بناءً على شكوى كيدية من أحد المواطنين تضمنت قيامه ومدرس آخر بمعاكسة بعض التلميذات، وقد ثبتت براءته من هذا الاتهام بالحكم الصادر من محكمة جنايات أسيوط فى الجناية رقم 4917 لسنة 1999 جنايات مركز أسيوط المقيدة برقم 972 لسنة 1999 كلى شمال أسيوط بجلسة 19/ 6/ 2000 القاضى ببراءته مما نسب إليه، فضلاً عن أن محكمة القضاء الادارى بأسيوط أصدرت حكماً فى الدعوى رقم 1799 لسنة 9 ق بجلسة 16/ 6/ 1999 بوقف تنفيذ الأمر التنفيذى محل الدعوى فيما تضمنه من نقل زميله المدرس/ ........ .
وبجلسة 14/ 3/ 2001 قضت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط الدائرة الثانية بحكمها المتقدم، وشيدت قضاءها على انه يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر ركنين مجتمعين اولهما ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار، وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، وأنه بالنسبة لركن الجدية فقد شاب القرار المطعون فيه مخالفات جسيمة تمثلت فى صدوره من غير مختص، حيث إن السلطة المختصة بإصداره هو محافظ أسيوط إلا أن القرار صدر من مدير عام الإدارة العامة لشئون العاملين بوزارة التربية والتعليم وهو غير مختص بإصداره، بالإضافة إلى صدوره دون العرض على لجنة شئون العاملين المختصة ولوظيفة بعيدة عن مجال التدريس ومن ثم يكون هذا القرار مرجح الإلغاء مما يتوافر معه ركن الجدية.
وبالنسبة لركن الاستعجال فإنه يتحقق لما يتربت على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان المدعى من مباشرة مهام وظيفته كمدرس لغة عربية والتى يرى فيها ترجمة لثمرة كفاحه طوال مدة دراسته، فضلاً عما فى ذلك من آثار تؤثر على نفسيته وكرامته، وإذ توافر الركنان اللازمان لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الأمر الذى يتعين معه الحكم بذلك مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاموا عليه طعنهم الماثل على سند مما نعوه على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك لان القرار المطعون فيه صدر مستهدفاً الصالح العام ولا ينطوى على أية إساءة أو انحراف بالسلطة ولم يفوت على المطعون ضده دوره فى الترقية بالأقدمية كما أن الوظيفة المنقول منها وهى وظيفة مدرس مناظرة للوظيفة المنقول إليها وهى وظيفة مشرف ابتدائى وفى ذات المجموعة النوعية لوظائف التعليم وقد صدر هذا القرار ممن يملك سلطة إصداره قانونا ومن ثم يكون هذا القرار قد استوفى كافة أركانه وشروطه وصدر متفقاً مع صحيح أحكام القانون ولا يغير من ذلك صدوره من وزارة التربية والتعليم، ذلك لان نصوص قانون الحكم المحلى لم تسلب الوزير المختص اختصاصه مع المحافظ المختص فى نقل احد العاملين، وترتيباً على ذلك ينتفى ركن الجدية، بالإضافة إلى تخلف ركن الاستعجال حيث إنه ليس من شأنه نقل المطعون ضده إلى وظيفة من ذات درجته المالية وبذات الراتب أية نتائج يتعذر تداركها، ولذلك يتعين الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه من المقرر وطبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رهين بتوافر ركنين مجتمعين:
أولهما: ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار.
وثانيهما: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فقد نصت المادة (54) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 115 لسنه 1983 على أنه " مع مراعاة النسبة المئوية المقررة فى المادة (15) من هذا القانون ويجوز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات التى تسرى عليها إحكامه، كما يجوز نقله إلى الهيئات العامة... وذلك إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره فى الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه...
ولا يجوز نقل العامل من وظيفة إلى وظيفة أخرى درجتها أقل ويكون نقل العامل بقرار من السلطة المختصة بالتعيين".
وقد نصت المادة الرابعة من هذا القانون على أن "تشكل فى كل وحدة بقرار من السلطة المختصة لجنة أو أكثر لشئون العاملين. وتختص اللجنة بالنظر فى تعيين ونقل وترقية ومنح العلاوات الدورية والتشجيعية للعاملين من شاغلى وظائف الدرجة الأولى فما دونها......."
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم - وطبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن نقل العامل من وظيفة إلى أخرى من ذات الدرجة وبذات المجموعة النوعية ومن مكان إلى مكان آخر هو أمر تترخص فيه جهة الاداره تجريه كلما استوجبته المصلحة العامة وحسن سير العمل فى المرفق الذى تقوم عليه ولا رقابه للقضاء الادارى على جهة الاداره ما دام قرارها راعى القيود التى وضعها المشرع لمصلحة العامل المنقول وما دام خلا قرار النقل من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث إنه من المقرر أن القرار الادارى يجب أن يقوم على سبب يبرره وأنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيبب قرارها ويفترض فى القرار غير المسبب انه قام على سبب صحيح وعلى من يدعى العكس أن يقيم الدليل على ذلك، إلا أنه إذا ذكرت جهة الإدارة أسباباً لقرارها من تلقاء نفسها أو كان القانون يلزمها بتسيب قرارها فإن ما تذكره من أسباب يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإدارى وله فى سبيل ذلك أن يمحص هذه الأسباب للتحقق من مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت أن مدير عام الإدارة العامة لشئون العاملين بوزارة التربية والتعلم أصدر الأمر التنفيذى رقم 499 لسنة 1998 بتاريخ 6/ 5/ 1998 متضمناً نقل المطعون ضده من وظيفة مدرس لغة عربية بمدرسة النمايسة الابتدائية بمركز أسيوط بمديرية التربية والتعليم بمحافظة أسيوط إلى وظيفة مشرف ابتدائى بديوان مديرية التربية والتعليم بمحافظة قنا لصالح العمل، ولما كان هذا القرار قد صدر ممن لا يملك قانوناً سلطة إصداره ودون العرض على لجنة شئون العاملين، وقد تضمن نقل المطعون ضده من وظيفة مدرس لغة عربية بمدرسة النمايسة الابتدائية إلى وظيفة مشرف ابتدائى بديوان المديرية، ومن محافظة أسيوط إلى محافظة قنا ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد صدر بالمخالفة للقانون وشابه عيب إساءة استعمال السلطة، بما يتوافر معه ركن الجدية.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه يتوافر نظراً لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج قد يتعذر تداركها تتمثل فى نقل المطعون ضده من محافظة أسيوط إلى محافظة قنا، ومن وظيفة مدرس إلى وظيفة مشرف بما يترتب على ذلك من حرمانه من عمله ومن المزايا الوظيفية التى تترتب على قيامه بهذا العمل بالإضافة إلى الآثار التى تصيبه فى نفسه وكرامته.
ومن حيث إنه وقد توافر ركنا الجدية والاستعجال، ومن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب هذا المذهب وانتهى إلى ذات النتيجة ذاتها فإنه يكون قد واكب الصواب وسديد حكم القانون ويكون الطعن الماثل عليه على غير سند من الواقع والقانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.