مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صـ 913

(138)
جلسة 10 من سبتمبر سنة 2007م

برئاسة السيد الأستاذ المستشارالدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بلال أحمد محمد نصار، وناجى سعد الزفتاوى، ومنير عبد الفتاح غطاس، وفوزى على حسين شلبى نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب السيد عبد الوهاب مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى سكرتير المحكمة

الطعن رقم 12454 لسنة 50 قضائية. عليا:

دعوى - الحكم فى الدعوى - بطلان الحكم - حالات بطلان الحكم - التوقيع على مسودة الحكم ممن لم يسمع المرافعة واشترك فى المداولة.
المادة (3) من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
المادة (167) من قانون المرافعات.
مفاد المادة (167) من قانون المرافعات أن قضاة المرافعة الذين استمعوا إليها هم بذاتهم قضاة المداولة والحكم بطريق الحتم واللزوم - الحكم هو خلاصة مداولة القضاة بعد سماعهم المرافعة - إذا تغير أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة وجب بالضرورة إعادة فتح المرافعة وإعادة الإجراءات تمكيناً للهيئة المعدلة من سماع المرافعة، وتمكيناً للخصوم من الترافع أمام هيئة المحكمة بتشكيلها المعدل ومعرفة التعديل الطارئ على التشكيل للقضاة الذين سيصدرون الحكم - مخالفة القاعدة - بطلان الحكم - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 19/ 6/ 2004 أودع الأستاذ/ ...... المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير هذا الطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (الدائرة التاسعة) بجلسة 19/ 4/ 2004 فى الدعوى رقم 9791 لسنة 55 ق الذى حكمت فيه (بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات).
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى لنظرها بهيئة مغايرة مع إرجاء البت فى المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلستها بتاريخ 9/ 10/ 2006 وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلسات الفحص، وقررت بجلسة 12/ 2/ 2007 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وحددت لنظره أمامها جلسة 19/ 5/ 2007 وبها نظرته المحكمة، وبالجلسة ذاتها قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 10/ 9/ 2007 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل حسبما جاء بالأوراق فى أن الطاعن (مدعيًا) أقام بتاريخ 25/ 7/ 2001 الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين، وطلب فى ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار رقم 54 الصادر بتاريخ 26/ 6/ 2001 وبإلغاء هذا القرار، وبإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية والنفسية التى أصابته من القرار المطعون فيه، وأبدى المدعى فى صحيفة الدعوى شرحاً لدعواه أنه كان يعمل بوظيفة مدير إدارة الحركة بمطار القاهرة الدولى (بالمطار رقم "1" بالأسواق الحرة) ، وبتاريخ 26/ 6/ 2001 صدر القرار رقم 54 لسنة 2001 بنقله للعمل بالإدارة العامة للمنافذ الجمركية، ونعى المدعى على القرار رقم 54 لسنة 2001 المطعون عليه أنه صدر باطلاً لمخالفته للقانون ومشوباً بعيب الانحراف بالسلطة وذلك على النحو الذى أورده تفصيلاً بصحيفة الدعوى وخلص منه إلى طلباته سالفة الذكر، وقد نظرت محكمة القضاء الإدارى الشق العاجل من الدعوى بجلستها بتاريخ 24/ 12/ 2001 وبها قررت إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيها، ونفاذاً لذلك قامت هيئة مفوضى الدولة بتحضير الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلسات التحضير، وقدمت تقريراً مسبباً برأيها القانونى فيها ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 2001 المطعون عليه، وفى طلب التعويض ارتأت أصلياً: عدم قبوله لعدم اتباع الطريق الذى رسمه القانون، واحتياطياً: رفضه موضوعاً، وقد عاودت محكمة القضاء الإدارى نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث أصدرت بها بجلستها بتاريخ 19/ 4/ 2004 حكمها سالف الذكر (المطعون فيه) الذى خلصت فيه إلى عدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 54 لسنة 2001 المطعون عليه فيما تضمنه من نقل المدعى للعمل بالمنافذ الجمركية لزوال المصلحة إثر عدم قيام المدعى بالطعن على قرار آخر لاحق هو القرار رقم 1187 لسنة 2001 الصادر بتاريخ 15/ 11/ 2001 بنقله من المنافذ الجمركية إلى الإدارة المركزية للتنظيم والإدارة ، كما خلصت المحكمة إلى عدم قبول طلب التعويض عن الأضرار الناجمة عن قرار النقل الرقيم 54 لسنة 2001 المطعون عليه على سند من تقديمه دون سبقه باللجوء إلى لجان فض المنازعات وفق ما رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 ، ومن ذلك خلصت المحكمة إلى قضاءها بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصروفات (الحكم المطعون فيه)، فلم يرتض المدعى (الطاعن) بهذا القضاء واقام عليه طعنه الماثل على سند مما نعاه على الحكم المطعون فيه من بطلانه للخطأ فى تطبيق القانون، وفى فهم الواقع والفساد فى الاستدلال ولتضارب أسبابه وذلك على النحو الذى أورده الطاعن تفصيلاً بتقرير طعنه الماثل وخلص منه إلى طلباته المذكورة التى اختتم بها تقرير هذا الطعن.
ومن حيث إن المادة (3) من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن (تطبق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائى)، وقد أحالت هذه المادة إلى أحكام قانون المرافعات، وأوجبت اتباعها فى كل ما لم يرد فيه نص فى قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن المادة (167) من قانون المرافعات تنص على أنه (لا يجوز أن يشترك فى المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً). ومفاد ذلك أن قضاة المرافعة الذين استمعوا إليها هم بذاتهم قضاة المداولة والحكم بطريق الحكم واللزوم - بحسبان أن الحكم هو خلاصة مداولة القضاة بعد سماعهم المرافعة، فإن تغير أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة فإن ذلك يوجب بالضرورة إعادة فتح باب المرافعة وإعادة الإجراءات تمكينا للهيئة المعدلة من سماع المرافعة وتمكيناً للخصوم من الترافع أمامها وتلك قاعدة أصولية فى قانون المرافعات يترتب على مخالفتها بطلان الحكم الذى أسهم فى إصداره عضو لم يسمع المرافعة ولا ترافع الخصوم أمام الهيئة بحضوره، والمقصود بالمرافعة فى هذا الصدد هو أن يتاح للخصوم مُكنة الحضور أمام المحكمة بتشكيلها المعدل، ومُكنة معرفة التعديل الطارئ على تشكيل المحكمة بعد أن كان قد أغلق باب المرافعة بحجز الدعوى للحكم، وذلك مصداقاً لحكم المادة (102) مرافعات التى توجب الاستماع إلى اقوال الخصوم حال المرافعة.
ومن حيث أن البين من مطالعة رول جلسات نظر الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه ومحاضر جلساتها أن هيئة المحكمة برئاسة المستشار / فارس سعد فام نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة قررت بجلستها بتاريخ 12/ 1/ 2004 حجز الدعوى لإصدار الحكم فيها بجلسة 19/ 4/ 2004 وبذات الجلسة الأخيرة المحددة لإصدار الحكم فى الدعوى قررت هيئة المحكمة برئاسة المستشار دكتور/ هانئ أحمد الدرديرى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة (إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة اليوم لتغيير التشكيل والحكم يصدر بها - رول الدعوى) ، وثابت من ذلك أنه قد تغير تشكيل هيئة المحكمة فى الجلسة المحددة للنطق بالحكم وأعيدت الدعوى للمرافعة لهذا السبب، وثابت عدم حضور المدعى فى الجلسة ذاتها التى أعيدت إليها الدعوى للمرافعة (محضر جلسة 19/ 4/ 2004) وحاصل ذلك أن الدعوى أعيدت للمرافعة وأعيد حجزها للحكم فى آن واحد وبقرار واحد منفرد لتغيير تشكيل هيئة المحكمة الثابت حصوله فى شخص رئيس المحكمة (رول جلسة 19/ 4/ 2004 بالدعوى)، وإثر ذلك صدر الحكم بالتشكيل الجديد للمحكمة دون مرافعة ودون حضور المدعى أمامها بتشكيلها المستحدث به شخص رئيس المحكمة الجديد (الذى اشترك فى المداولة ووقع مسودة الحكم وهو ليس من الأعضاء الذين سمعوا المرافعة) ودون أن يتاح للمدعى معرفة قضائه الجدد الذين سيصدرون الحكم فى دعواه تلك المعرفة التى قد يتعلق بها ويتفرع عنها حقوق قانونية مثيل طلبات الرد فى الحالات التى يتحقق فيها مناط ذلك طبقاً للقانون والحقوق المقررة به للخصوم وذوى الشأن فى هذا الصدد - إن كان - وواقع الحال أن الدعوى بعد غلق باب المرافعة فيها لم تعد ثمة مكنة للترافع بحيث إن عدم حضور الخصم يوم النطق بالحكم ليس تغيباً منه عن إحدى جلسات المرافعة، وليست إعادة الدعوى للمرافعة فى يوم الحكم مما يمكن اعتباره فى الواقع والقانون إتاحة فرصة جديدة للخصوم للترافع أمام الهيئة بتشكيلها المعدل فى ضوء واقع الحال المشار إليه، وإذ إنه ببسط حكم القانون المتقدم ذكره على واقع المنازعة الثابت فيما سلف بيانه، ومن كل ذلك يثبت لهذه المحكمة بطلان الحكم المطعون فيه تطبيقاً لصريح حكم المادة (167) من قانون المرافعات، الأمر الذى يتوجب معه لزاماً إعادة الدعوى إلى المحكمة التى أقيمت أمامها أصلاً لتقضى فيها قضاءً صحيحاً بإجراءات سليمة وهو ما تقضى به هذه المحكمة - هذا ومما هو جدير بالتنويه عنه فى هذا الصدد أن القضاء من محكمة الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة أول درجة لا يخول لمحكمة الطعن التصدى مباشرة للخوض فى موضوع الدعوى والفصل فيها بعد سابقة قضاءها بالبطلان لأن فى مثل هذا التصدى - عندئذ - هدرًا لمبدأ تعدد درجات التقاضى وفصلاً فى المنازعة على درجة واحدة بالمخالفة لأحكام القانون، وأن القضاء الذى يفضى إلى ذلك ينطوى - عندئذ بالضرورة - على ترتيب الآثار القانونية لحكم باطل وذلك اثر حسبانه استنفاداً لدرجة من درجات التقاضى حال تصدى محكمة الطعن للمنازعة والفصل فى موضوعها لأنها حال ذلك تفصل فيها وبحق بوصفها محكمة أول وآخر درجة بعد سابقة قضاءها ببطلان الحكم الصادر فيها من محكمة أول درجة وهو ما ينأى قضاء هذه المحكمة عن أن يتمخض عنه فى هذا الصدد صوناً للضمانات الأساسية لحقوق التقاضى، ومنها تعدد درجات التقاضى.
(تنظر على سبيل المثال أحكام المحكمة الإدارية العليا الصادرة بجلسة 27 مارس سنة 1984 فى الطعن رقم 1416 لسنة 26 ق عليا، وبجلسة الأول من فبراير سنة 2003 فى الطعن رقم 10666 لسنة 46 ق عليا، وبجلسة 18 نوفمبر 2006 فى الطعن رقم 3327 لسنة 49 ق . عليا).

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة التاسعة) للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة.