مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية (في الفترة من 1/ 1/ 2010 إلى 30/ 6/ 2011) - صـ 121

(7)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 2010

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / مجدي حسين محمد العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسين محمد عبد المجيد بركات, وأحمد عبد التواب محمد موسى, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ومنير عبد القدوس عبد الله. نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 4176 لسنة 57 القضائية عليا(1).

( أ ‌) إثبات - لزوم التخفف بشأن إثبات وجود قرار إداري سلبي عند إنكاره من قبل الإدارة - أساس ذلك.
عبء إثبات وجود قرار إداري سلبي عند إنكاره من قبل جهة الإدارة, وإن كان يقع على عاتق مدعيه, فإنه نظرا لطبيعته تلك يكون لازما التخفف بشأن إثباته, فيكتفي حالتئذ بالقرائن التي تبرهن على وجوده - أساس ذلك: أن القرار الإداري السلبي تصرف قانوني سلبي لا يشهد به واقع مادي, فلزم أن يتخفف القضاء الإداري بشأن عبء إثباته, متى قام موجب هذا التخفف, لافتقار ذي الشأن كطرف ضعيف يجابه طرفا ذا سلطة عامة إلى الوسائل التي تمكنه من إثبات مدعاه, إذا كانت هذه الوسائل تسيطر عليها الإدارة بوجه عام, على نحو يحول بينه وبينها - القول بغير ذلك يجعل من المستحيل إثبات مثل ذلك التصرف.
(ب‌) انتخابات مجلس الشعب - طلب الترشح للعضوية - امتناع الإدارة عن تلقي أوراق الترشح يُعد قرارا إداريا سلبيا - إثباته.
المادة (62) من دستور 1971 - المادتان (6) و(7) من القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب.
جعل الدستور مساهمة المواطن في الحياة العامة واجبا وطنيا, وجعل من سبل هذه المساهمة ومن عناصرها ممارسة حقي الانتخاب والترشح, وناط بالقانون تنظيم هذا الحق الأخير سواء كان الترشح لمجلس الشعب أو لمجلس الشورى - نظم قانون مجلس الشعب أولى مراحل ممارسة حق الترشح لعضوية هذا المجلس, وأوجب على من أراد ممارسته اتباع أحكامه بتقديم طلب الترشح ومرفقاته التي يحددها قرار من وزير الداخلية إلى مدير أمن المحافظة التي يرغب المواطن في الترشح في إحدى دوائرها الانتخابية خلال المدة التي تحدد لذلك, وأولى في ذات الوقت الجهة الإدارية المشار إليها الاختصاص بتلقي وتسلم ما يقدم إليها من طلبات - مؤدى ذلك: أن جهة الإدارة يلزمها تمكين طالبي الترشح من تقديم أوراق ترشحهم, ولوجا لأولى مراحل عضوية مجلس الشعب, بما يوجبه ذلك من تيسير أمر التقدم بهذه الأوراق, وإزاحة أي عراقيل من طريق تقديمها, وإلا كان عدم قيامها بما من شأنه تحقيق ذاك التمكين نيلا من حق دستوري - صور عدم التمكين تتعدد, ومن أولياتها امتناع جهة الإدارة عن تلقي وتسلم طلبات الترشح وأوراقه من طالبيه, بما يمثله هذا الامتناع من قرار سلبي.
التحقق من مدى صحة الادعاء بأن ثمة قرارا سلبيا من قبل جهة الإدارة بالامتناع عن تسلم طلب الترشح لعضوية مجلس الشعب مرده إلى ما تستخلصه هذه المحكمة, بما لها من سلطان على كافة عناصر الادعاء الواقعي منها والقانوني من ظاهر الواقع وقرائن الحال, في ضوء موجبات التخفف من عبء إثبات وجود هذا الامتناع كتصرف قانوني سلبي لا يشهد به واقع مادي, اكتفاء بما يساق من قرائن تبرهن على صحة مدعى الطاعن, كطرف ضعيف يجابه طرفا ذا سلطة عامة, وكذا تمسكا بالأصل العام الذي يقتضي أن يكون الترجيح عند قيام شبهة حول صحة واقعة متعلقة بحق من الحقوق الدستورية بتقرير هذا الحق - أساس ذلك: إعمال حق المواطن في الترشح كحق دستوري أجدر من مصادرة حقه في ذلك لمجرد إنكار جهة الإدارة لتصرفها السلبي.
(جـ) حقوق عامة - تقرير قيام الحق الدستوري عند قيام شبهة حول واقعة متعلقة به.
يقتضي الأصل العام أنه عند قيام شبهة حول صحة واقعة متعلقة بحق من الحقوق الدستورية أن يكون الترجيح لما فيه تقرير هذا الحق.
(د) قرار إداري - وقف تنفيذه - ركن الاستعجال - تحقق الاستعجال إذا تعلق الأمر بمساس أو انتقاص من حق دستوري.
إذا تعلق الأمر بحق من الحقوق الدستورية الأصلية, مساسا أو انتقاصا منه, تحقق ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري الماس بهذا الحق - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 20/ 11/ 2010, أودع الأستاذ/ ...... المحامي, بصفته وكيلا عن الطاعن, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن, قيد بجدولها العام بالرقم عاليه, طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية, في الدعوى رقم 3578 لسنة 16ق. بجلسة 14/ 11/ 2010, الذي قضى بعدم قبول الدعوى, لانتفاء القرار الإداري, وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم أولا - بقبوله شكلا. وثاني - وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وما يترتب على ذلك من آثار, أهمها قبول أوراق ترشحه, وتمكينه من سداد قيمة التأمين, وإدراج اسمه بكشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب, وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان. وثالث - وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه, وما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد جرى إعلان الطعن على النحو الثابت بمحضر الإعلان.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 22/ 11/ 2010, وفيها أبدى ممثل هيئة مفوضي الدولة الرأي القانوني بشأن الطعن, على النحو الثابت بمحضر هذه الجلسة, حيث ارتأى الحكم برفض الطعن. وأبدى الحاضر عن الدولة دفاعه, طالبا الحكم برفض الطعن, وإلزام الطاعن المصروفات. وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة, ثم قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 23/ 11/ 2010, وفيها نظر الطعن على النحو المبين بمحضرها, وقررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة, حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية, فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 13/ 11/ 2010 أقام الطاعن الدعوى رقم 3578 لسنة 16 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية, طالبا الحكم بقبولها شكلا, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تلقي أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 عن دائرة ..... بالشرقية, وما يترتب على ذلك من آثار, أهمها قبول أوراق ترشحه, وتمكينه من سداد قيمة التأمين, وإدراج اسمه بكشوف المرشحين لعضوية هذا المجلس.
وقال المدعي شارحا دعواه: إنه تقدم بأوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 عن مقعد (العمال) بدائرة .... إلى لجنة تلقي طلبات الترشح بمديرية أمن الشرقية, وذلك خلال الموعد المحدد, إلا أنها امتنعت عن ذلك, وحيل بينه وبين قبول أوراقه رغم أنها مستوفاة, ورغم توافر كافة الشروط المتطلبة للترشح, وذلك إلى أن انتهت المواعيد المقررة لذلك, مما اضطره إلى إرسال (فاكسات) إلى الجهات المعنية. ولما كان ذلك يشكل قرارا سلبيا مخالفا للقانون, ومتضمنا مصادرة لحقه الدستوري في الترشح لعضوية مجلس الشعب, فإنه يطعن عليه, طالبا الحكم بطلباته آنفة الذكر.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 14/ 11/ 2010 صدر الحكم بعدم قبول الدعوى, لانتفاء القرار الإداري, وإلزام المدعي المصروفات.
وشيدت المحكمة حكمها على أساس أن أوراق الدعوى جاءت خالية مما يفيد تقدمه بأوراق ترشحه خلال الميعاد المقرر لتلقي أوراق الترشح لعضوية مجلس الشعب لعام 2010, وأنه حيل بينه وبين تقديمها, ولا سيما أن ما قدمه من مستندات لا تنهض بذاتها دليلا كافيا على ما يدعيه, فضلا عن إنكار الجهة الإدارية لواقعة تقدمه بأوراق الترشح خلال الميعاد المقرر قانونا.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم أقام طعنه الماثل لأسباب محصلها: مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون, حيث التفتت المحكمة عن المستندات التي قدمها إليها, التي تثبت أنه تقدم بأوراق ترشحه كاملة خلال الميعاد, إلا أن لجنة تلقي أوراق الترشح امتنعت عن قبولها, فقام بإرسال أكثر من (فاكس) إلى الجهة الإدارية بتواريخ متتالية دون جدوى, الأمر الذي يكون معه ثمة قرار سلبي بالامتناع عن تلقي أوراق ترشحه, مخالف للقانون, خلاف ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه من المستقر عليه في ضوء الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة أنه يلزم لكي يمكن نسبة قرار سلبي لجهة الإدارة أن يكون ثمة رفض أو امتناع من قبلها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح.
وحيث إن المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب قد ناطت بمديرية أمن المحافظة المختصة تلقي وتسلم طلب الترشح لعضوية مجلس الشعب والمستندات التي يجب أن تكون مرفقة به, وفقا للقرار الذي يصدر من وزير الداخلية بذلك, وأوجب وفقا للمادة (7) قيد طلبات الترشح بحسب تواريخ ورودها في سجل خاص, مع إعطاء ذوي الشأن طالبي الترشح إيصالات بها, فإن لازم ذلك أنه إن امتنعت جهة الإدارة المذكورة عن تسلم طلب الترشح ومرفقاته المقدم إليها من أحد طالبي الترشح لعضوية مجلس الشعب كان امتناعها قرارا سلبيا يدخل في عداد القرارات الإدارية التي تكون محلا لدعوى الإلغاء.
ومن حيث إن ما ثبت للمحكمة من واقع حال المنازعة, ومن خلال ما قدم من أوراق ومستندات أمامها, وما طوي عليه ملف الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قيام مثل هذا القرار - على نحو ما سيفصله هذا الحكم بعد.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها في الإلغاء وفرع منها, ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية, إذ يتعين على المحكمة ألا توقف تنفيذ قرار إلا إذا تبين لها بحسب الظاهر من الأوراق دون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ توافر فيه ركنان: أولهما - ركن الجدية, ويتمثل في قيام الطعن في القرار بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون, تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. وثانيهما - ركن الاستعجال, بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قُضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المادة رقم (62) من الدستور تنص على أن "للمواطن حق الانتخاب.... ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني, وينظم القانون حق الترشيح لمجلس الشعب والشورى وفقا لأي نظام انتخابي يحدده".
وتنص المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه على أن "يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرغب المرشح في الترشيح في إحدى دوائرها الانتخابية, وذلك خلال المدة التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه, على ألا تقل عن خمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح. ويكون طلب الترشيح مصحوبا بإيصال بإيداع مبلغ ألف جنيه خزانة مديرية الأمن بالمحافظة المختصة, وبالمستندات التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه, لإثبات توافر الشروط التي يتطلبها هذا القانون للترشيح, وتثبت صفة (العامل) أو (الفلاح) بإقرار يقدمه المرشح, مصحوبا بما يؤيد ذلك من مستندات ".
وتنص المادة (7) على أن "تقيد طلبات الترشيح بحسب تواريخ ورودها في سجل خاص, وتعطى عنها إيصالات, ويتبع في شأن تقديمها الإجراءات التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه".
وحيث إن مفاد ذلك أن الدستور جعل مساهمة المواطن في الحياة العامة واجبا وطنيا, وجعل بطريق الدلالة من سبل هذه المساهمة ومن عناصرها ممارسة حقي الانتخاب والترشح, وناط بالقانون تنظيم هذا الحق الأخير, سواء كان الترشح لمجلس الشعب أو لمجلس الشورى. وقد جاءت المادة (6) من قانون مجلس الشعب, وما بعدها, منظمة أولى مراحل ممارسة حق الترشح لعضوية هذا المجلس, وموجبة على من أراد ممارسة هذا الحق اتباع أحكامها, بتقديم طلب الترشح ومرفقاته التي يحددها قرار من وزير الداخلية إلى مدير أمن المحافظة التي يرغب المواطن في الترشح في إحدى دوائرها الانتخابية, خلال المدة التي تحدد لذلك, وموليا في ذات الوقت الجهة الإدارية المشار إليها الاختصاص بتلقي وتسلم ما يقدم إليها من طلبات على أن تقوم بقيدها, وفق المادة (7), في سجل خاص بحسب تواريخ ورودها, مع إعطاء مقدميها إيصالات بذلك.
وحيث إنه من مؤدى نصي المادتين (6) و(7) آنفتي الذكر أن جهة الإدارة يلزمها تمكين طالبي الترشح من تقديم أوراق ترشحهم, ولوجا لأولى مراحل عضوية مجلس الشعب, بما يستوجبه ذلك من تيسير أمر التقدم بهذه الأوراق, وإزاحة أي عراقيل من طريق تقديمها, ومن باب الأولى عدم إعاقة مريدي العضوية عن بلوغ غاياتهم, متى أبلغتهم إياها إرادة الناخبين, عند أول أبواب ولوجها, وإلا كان عدم قيامها بما من شأنه تحقيق ذاك التمكين نيلا من حق دستوري, ولكانت بذلك فاعلا أصليا في النيل منه.
ومن حيث إن صور عدم التمكين لا ريب أنها تتعدد, بيد أن من أولياتها امتناع جهة الإدارة عن تلقي وتسلم طلبات الترشح وأوراقه من طالبيه, بما يمثله هذا الامتناع من قرار سلبي.
ومن حيث إن مثل هذا القرار كتصرف قانوني سلبي لا يشهد به واقع مادي, فمن ثم فإن عبء إثبات وجوده عند إنكاره من قبل جهة الإدارة, وإن كان يقع على عاتق مدعيه, فإنه نظرا لطبيعته تلك يكون لزاما التخفف بشأن إثباته, إذ يكتفي حالتئذ بالقرائن التي تبرهن على وجوده, إيماء إلى أن عبء الإثبات يتخفف بشأنه القضاء الإداري, متى قام موجب هذا التخفف, لافتقار ذوي الشأن - كطرف ضعيف يجابه طرفا ذا سلطة عامة - إلى الوسائل التي تمكنهم من إثبات مدعاهم, إذا كانت هذه الوسائل تسيطر عليها الإدارة بوجه عام, على نحو يحول بينهم وبينها, وإلا لكان مستحيلا إثبات مثل ذلك التصرف.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أنه قد تم فتح باب الترشح لعضوية مجلس الشعب, وحددت الفترة من 2 من نوفمبر حتى 7 من نوفمبر 2010 لتقديم أوراق الترشح, وذلك من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الواحدة والنصف مساء يوميا, فيما عدا اليوم الأخير, حيث امتد الميعاد إلى الساعة الخامسة مساء. ولما كان التحقق من مدى صحة ما ادعاه الطاعن من أن ثمة امتناعا من قبل جهة الإدارة عن تسلم طلب ترشحه لعضوية المجلس الأوراق والمستندات المطلوب إرفاقها به, بما يمثل قرارا سلبيا منسوبا إليها, إنما يكون مرده ما تستخلصه هذه المحكمة, بما لها من سلطان على كافة عناصر الادعاء الواقعي منها والقانوني, وصولا إلى وجه الحق, تحقيقا لما طلب تحقيقه من العدل, مرده ما تستخلصه من ظاهر الواقع وقرائن الحال, في ضوء ما سبق ذكره من موجبات التخفف من عبء الإثبات في جانب الطاعن, اكتفاءً بما يساق من قرائن تبرهن على صحة مدعى الطاعن, ومن ثم قيام قرار سلبي في جانب جهة الإدارة, وكذا تمسكا بالأصل العام الذي يقتضي أن يكون الترجيح عند قيام شبهة حول واقعة متعلقة بحق من الحقوق الدستورية, بتقرير هذا الحق, وإنه لما كان ذلك وكان ظاهر الواقع أن الطاعن استجمع أوراق ترشحه وتقدم بطلبه مرفقا به جميع الأوراق والمستندات المحددة بقرار وزير الداخلية رقم 2126 لسنة 2010 للترشح لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 عن مقعد (العمال) بدائرة ..... بمحافظة الشرقية, إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن تلقيها وتسلمها منه, فهرع مستغيثاً بإرسال (فاكسات) بتواريخ 4 و6 و7/ 11/ 2010 إلى جهة الإدارة, على النحو الذي تضمنته هذه (الفاكسات), فما كان في هرعه غناء, فلجأ إلى المحكمة مستجيرا وواضعا تحت نظرها جميع ما شرع في التقدم به من أوراق ومستندات, وما يثبت استغاثته مما تمكن من القيام به وإتيانه من وسيلة لإثبات مدعاه, ومن ثم فإن كل ذلك يحمل ادعاءه على محمل الصحة, لتوافر قرائن برهان وجود القرار السلبي بالامتناع عن تسلم أوراق ترشحه, ويكون ترتيبا على ذلك إعمال حقه في الترشح كحق دستوري أجدر من مصادرة حقه في ذلك لمجرد إنكار جهة الإدارة لتصرفها السلبي.
ولما كان سلوك الجهة الإدارية الممثل قرارا سلبيا ليس له سند من صحيح حكم القانون, فإنه يكون قرارا مشوبا بعدم المشروعية, ويكون بذلك طلب وقف تنفيذه مستويا على ركن الجدية المطلوب للقضاء به, فضلا عن توافر ركن الاستعجال, لتعلق الأمر بحق من الحقوق الدستورية الأصلية, وهذه المحكمة على اطراد في قضائها بأنه متى تعلق الأمر بحق من الحقوق الدستورية الأصلية, مساسا أو انتقاصا منه, فإنه يتحقق به دائما ركن الاستعجال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانبه الصواب, الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه, والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن تسلم أوراق ترشح الطاعن, وما يترتب على ذلك من آثار, أخصها قبول أوراقه وتمكينه من سداد قيمة التأمين المطلوب.
ومن حيث إن الانتخابات التي يزمع الطاعن الترشح فيها من المقرر إجراؤها يوم 28 من نوفمبر 2010, فإن ذلك يقوم سندا كافيا لتقرير أن يكون تنفيذ الحكم بموجب مسودته دون إعلان, إعمالا لحكم المادة (286) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وما يترتب على ذلك من آثار, على الوجه المبين بالأسباب, وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي, وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان, وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية للفصل في الشق الموضوعي من الدعوى.


(1) تضمنت ذات المبادئ الأحكام الصادرة عن ذات الدائرة في الطعون أرقام 2949 و 3113, 3689, 2943 و 2936 و 3112 و 3124 و 2864 و 2953 و 3114 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 22/ 11/ 2010، والطعون أرقام 3677 و 3678 و 3681 و 3704 و 4217, 3676 و 4177 و 4161 و 4166 و 4178 و 4214 و 4216 4692 و 4706 و 3896 و 4693 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 23/ 11/ 2010، والطعنين رقمي 5126 و 4154 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 27/ 11/ 2010.