مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية (في الفترة من 1/ 1/ 2010 إلى 30/ 6/ 2011) - صـ 138

(9)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 2010

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مجدي حسين محمد العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسين محمد عبد المجيد بركات, وأحمد عبد التواب محمد موسى, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, وشحاتة علي أحمد أبوزيد نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 4496 لسنة 57 القضائية عليا.

( أ ) انتخابات مجلس الشعب - صفة الفلاح - شروط تحققها(1) - اشتراط كون الزراعة المصدر الرئيس لرزقه - جواز تعقب إرادة المترشح بالرجوع إلى تاريخ سابق على تقدمه بطلب الترشح لاستجلاء حقيقة صفته.
المادة (2) من القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب.
حدد المشرع مدلول الفلاح في مجال تطبيق أحكام قانون مجلس الشعب بأنه: من توافرت فيه ثلاثة شروط: أول - أن تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الأساس، وثاني - أن يكون مقيما في الريف، وثالث - ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر، ملكاً أو إيجاراً، أكثر من عشرة أفدنة -التحقق من توافر هذه الشروط لا يكتفي فيه بمستندات يتقدم بها أصحاب الشأن من مرشحين أو معترضين على الترشح، وإنما يتعين أن يفرزها واقع الحال - ترتيبا على ذلك: استقالة الشخص من وظيفته الرسمية، وقيامه بإثبات مهنته في بطاقة الرقم القومي على أنه (مزارع) بعد ذلك مباشرة، وفي تاريخ سابق مباشرة على فتح باب الترشح للانتخابات أمران يكفيان لعدم اعتبار الزراعة المصدر الرئيس لرزقه في تاريخ فتح باب الترشح (2).
(ب) دعوى - دعوى الإلغاء - شرط الصفة - مناط تحققها - توافر شرط الصفة لكل مواطن في مراقبة صحة تمثيل من ترشح لعضوية البرلمان.
المادة (62) من دستور 1971 - المادة (1) من القانون رقم (73) لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية - المادة (9/ 3) من القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب.
شرط الصفة في دعوى الإلغاء يندمج في شرط المصلحة، فتتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة، مادية أو أدبية، حالة أو محتملة لرافع الدعوى. وأن يكون في حالة قانونية أثر فيها القرار المطلوب إلغاؤه تأثيراً مباشرا - لكل مواطن الحق في مراقبة صحة تمثيل من ترشح لعضوية البرلمان، وأن يطعن على قرار قبول ترشحه، دون أن ينتقص من ذلك أو ينال منه أن نصوص قانون مجلس الشعب أعطت لكل مرشح حق الاعتراض على إثبات صفة غير صحيحة أمام اسمه أو اسم غيره من المرشحين، بما قد يبعث على الاعتقاد بأن هذا الحق مقصور على كل من ثبتت له صفة المرشح، ذلك أن المشرع لو كان يقصد ذلك لأورد صياغة النص بما يؤكد على هذا المعنى - أساس ذلك: أن القول بغير ذلك يتعارض مع نصوص كل من الدستور وقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، فضلاً عما ينطوي عليه من سلب حق كل مواطن في مراقبة صحة تمثيل كل من ترشح لتمثيله في البرلمان - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 21/ 11/ 2010 أودع الأستاذ/ ....... المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها بالرقم عاليه، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 6111 لسنة 65 ق بجلسة 13/ 11/ 2010، القاضي في منطوقه بعدم قبول الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ وبإلغاء القرار المطعون فيه بقبول ترشح المطعون ضده السادس بصفة (فلاح) عن دائرة مركز..... عن الحزب الوطني، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها فتح باب الترشح عن هذه الدائرة على مقعد العمال والفلاحين؛ لأنه لم يتمكن أحد خلاف المذكور من الترشح لهذه الدائرة عن هذا المقعد، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين، والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان.
وعين لنظر الطعن بدائرة فحص الطعون جلسة 22/ 11/ 2010، وفيها أبدى الأستاذ مفوض الدولة رأيه في الطعن، طالبا الحكم برفض الطعن. وبذات الجلسة تقرر إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة اليوم حيث نظرته، وبذات الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 6111 لسنة 65 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبة الحكم بقبولها شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بقبول أوراق ترشح المدعى عليه السادس عن دائرة مركز...... بصفة (فلاح).
وذكر المدعي (الطاعن) شرحا لدعواه: أن المذكور تقدم بأوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب بصفة (فلاح) ممثلاً للحزب الوطني، بالمخالفة لحكم المادة الثانية من قانون مجلس الشعب؛ لأنه كان يشغل وظيفة (ضابط شرطة) قبل استقالته في 10/ 8/ 2010، ولم تكن الزراعة مهنته أو مصدر رزقه، كما أنه مقيد بصندوق التأمين الاجتماعي بالحكومة تحت رقم..... قطاع (1) ولم يغلق ملفه التأميني، كما أنه وإخوته من معتادي الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة، ولم يقدم ما يفيد قيده بسجلات اللجنة النقابية للعاملين بالزراعة.
وبجلسة 13/ 11/ 2010 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، تأسيسا على أن الأوراق خلت مما يفيد أن المدعي من المرشحين لانتخابات عضوية مجلس الشعب عن دائرة مركز..... بمحافظة 6 أكتوبر، وأنه لا يكفي لتوافر شرط الصفة في الدعوى أن يكون المدعي مجرد عضو بهيئة الناخبين بالدائرة، ومن ثم فإنه لا تكون له صفة في الطعن على قرار قبول أوراق ترشح أي من المرشحين لهذه الانتخابات، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى؛ لرفعها من غير ذي صفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد في الاستدلال، وأخطأ في تطبيق القانون، وذلك على التفصيل الوارد بتقرير الطعن، الذي تحيل إليه المحكمة تفاديا للتكرار.
ومن حيث إن الطاعن يستهدف من طعنه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ قرار قبول أوراق ترشح المطعون ضده السادس على مقعد (الفلاح)، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان.
ومن حيث إن المادة (62) من الدستور تنص على أن: "للمواطن حق الانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون. ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني".
وتنص المادة (1) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والمعدلة بالقانون رقم 173 لسنة 2005 على أن: "على كل مصري ومصرية بلغ ثماني عشرة سنة ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية الآتية: أولاً...... ثانياً - انتخاب كل من (1).... (2) أعضاء مجلس الشعب".
ومن حيث إن الطاعن قد أقام دعواه المطعون على الحكم الصادر فيها بصفته مواطنا قرر له الدستور حقي الترشيح والانتخاب، وذلك طعنا على قبول أوراق ترشح المطعون ضده السادس بصفة (فلاح) بالمخالفة للقانون.
ولما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن شرط الصفة في دعاوى الإلغاء إنما يندمج في شرط المصلحة، فتتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة، مادية أو أدبية، حالة أو محتملة لرافع الدعوى، وأن يكون في حالة قانونية أثر فيها القرار المطلوب إلغاؤه تأثيرا مباشرا، ومن ثم يكون الطاعن صاحب صفة ومصلحة في الدعوى المطعون على حكمها. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، متعيناً القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى.
ومن حيث إنه لا ينتقص مما تقدم أو ينال منه أن نصوص قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 أعطت لكل مرشح في الفقرة الثالثة من المادة التاسعة منه حق الاعتراض على إثبات صفة غير صحيحة أمام اسمه أو اسم غيره من المرشحين، مما قد يبعث على الاعتقاد بأن هذا الحق مقصور على كل من تثبت له صفة المرشح؛ ذلك أن المشرع لو كان يقصد ذلك لأورد صياغة النص بما يؤكد هذا المعنى، كما لو أضاف عبارة "دون غيره"، والقول بغير ذلك يتعارض مع نصوص كل من الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية المشار إليها، فضلاً عما ينطوي عليه هذا القول من سلبه حق كل مواطن في مراقبة كل من يترشح لتمثيله في البرلمان تمثيلاً صحيحا.
ومن حيث إنه يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن يتوافر فيه ركنا الجدية والاستعجال، بأن يكون القرار المطعون فيه مرجح الإلغاء، وأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، المعدلة بالقانون رقم 12 لسنة 2002 قد حددت مدلول (الفلاح) في مجال تطبيق أحكامه بأنه: كل من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الأساس، ويكون مقيماً في الريف، ولا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر، ملكاً أو إيجاراً، أكثر من عشرة أفدنة.
وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن التحقق من توافر هذه الشروط لا يكتفي فيه بمستندات يتقدم بها أصحاب الشأن من مرشحين أو معترضين على الترشح، وإنما يتعين أن يفرزها واقع الحال، ومن هذه الشروط: الشرط الخاص بأن تكون الزراعة هي العمل الوحيد، ومصدر رزقه الرئيس، وأن يكون مقيماً بالريف.
ولما كان البادي من الأوراق ومن واقع المستندات المقدمة أن المطعون ضده الخامس كان يشغل وظيفة (ضابط شرطة) برتبة (رائد)، وانتهت خدمته من الداخلية بالقرار الوزاري رقم 1265 لسنة 2010 بالاستقالة، وقام بتعديل مهنته إلى (مزارع) في بطاقة الرقم القومي في أغسطس 2010، كما أن البادي من شهادة الحيازة الزراعة أن حيازته عن العام الحالي هي 12س 23ط 1ف ملك، 12س 43ط 1ف إيجار.
ومن حيث إن التواريخ السابقة، وهي سابقة مباشرة على تاريخ فتح باب الترشح، لا تكفي لاعتبار الزراعة المصدر الرئيس لرزقه في تاريخ فتح باب الترشح، الأمر الذي يضحى معه قرار قبول أوراق ترشحه على أساس أنه (فلاح) مخالفاً للقانون، ويغدو متعيناً القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، بعد أن توافر في الأخير ركن الاستعجال، بحسبان أن الانتخابات المرشح لها تحدد لها يوم 28/ 11/ 2010، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان.


(1) يراجع كذلك الحكمان الصادران عن ذات الدائرة فى الطعنين رقمى 4562 و 4563 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 23/ 11/ 2010، المنشوران بهذه المجموعة، والمبادئ المستخلصة منها.
(2) ذات المبدأ قررته الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4163 لسنة 52 القضائية بجلسة 30/ 11/ 2005 (قيد النشر)، وقارن بحكمها في الطعن رقم 423 لسنة 47 القضائية بجلسة 16/ 10/ 2000 منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في شأن الطعون الانتخابية في الفترة من أول أكتوبر 2000 حتى آخر ديسمبر 2000، مكتب فني، رقم 3 ص 28، وحكمها في الطعنين رقمي5513 و 8052 لسنة 52 القضائية عليا بجلسة 12/ 4/ 2008 (قيد النشر)، حيث رأت المحكمة أن العبرة في التثبت من الصفة وتحديدها يكون بتاريخ تقديم طلب الترشح وأنه لا يجوز تعقب إرادة المترشح بالرجوع إلى تاريخ سابق على تقدمه بذلك الطلب.