مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية (في الفترة من 1/ 1/ 2010 إلى 30/ 6/ 2011) - صـ 144

(10)
جلسة 25 من نوفمبر سنة 2010

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مجدي حسين محمد العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسين محمد عبد المجيد بركات, وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك، وشحاتة على أحمد أبو زيد، ومنير عبد القدوس عبد الله. نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 4539 لسنة 57 القضائية عليا (1).

( أ ) دعوى - تكييف الطلبات - سلطة المحكمة في ذلك.
تكييف الدعوى هو من تصريف المحكمة، إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات، وأن تستظهر مراميها، وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساتها، وذلك بشرط ألا يصل تكييف المحكمة للدعوى إلى حد تعديل طلبات الخصوم بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به صراحة، أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصود المدعين ونياتهم من وراء إبدائها - تخضع محكمة الموضوع في ذلك لرقابة محكمة الطعن(2) - تطبيق.
(ب) دعوى - حكم في الدعوى - طعن في الحكم - القضاء بعدم الاختصاص الولائي يستلزم إعادة الدعوى إلى المحكمة المطعون في حكمها متى كانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها.
إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، دون أن يتعرض لموضوع المنازعة، وكانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها، فإنه يتعين على محكمة الطعن الحكم بإحالة الدعوى إلى المحكمة المطعون في حكمها للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة (3) - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 12/11/2010، أودع الأستاذ/ .... المحامي، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام بالرقم عاليه، طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) في الدعوى رقم 1072 لسنة 11 ق بجلسة 21/11/2010، الذي قضى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن قبول أوراق الطاعن للترشح لعضوية مجلس الشعب عن دائرة ... مقعد (فلاح)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 23/11/2010، وقدم الحاضر عن الدولة مذكرة بالدفاع، انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن، كما ارتأى مفوض الدولة الحكم برفض الطعن، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة.
ثم قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 23/ 11/ 2010، وفيها نظر الطعن على النحو المبين بمحضرها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 20/ 11/ 2010 أقام الطاعن الدعوى رقم 1072 لسنة 11 ق، أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) طالباً الحكم بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تلقي أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 عن دائرة ...، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها قبول أوراق ترشحه، وإدراج اسمه بكشوف المرشحين لعضوية هذا المجلس.
وقال المدعي شارحاً لدعواه: قامت قيادة الحزب الوطني ببني سويف بطلب أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب 2010 عقب فتح باب الترشح، وذلك عن دائرة .... صفة (فلاح)، إلا أنه عقب غلق باب الترشح بتاريخ 7/11/2010 وإعلان الكشوف في 8/11/2010 لم يجد اسمه في كشوف المرشحين. ولما كان حقه في الترشح من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون، وتتوافر فيه كافة الشروط المقررة قانوناً، فقد لجأ إلى القضاء لقبول أوراق ترشحه وإدراج اسمه بكشوف المرشحين.
واختتم المدعي صحيفة دعواه بالطلبات سالفة الذكر.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات. وبجلسة 21/11/2010 صدر الحكم المطعون فيه الذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص.
وشيدت المحكمة حكمها على أن حقيقة طلبات المدعي تكمن في وقف تنفيذ قرار الحزب الوطني الديمقراطي بعدم إدراج اسمه كمرشح للحزب الوطني لعضوية مجلس الشعب عن دائرة ... بصفة (فلاح)، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبالتالي فإن ما يصدر عن الحزب من قرارات لا تعتبر من قبيل المنازعات الإدارية التي يختص القضاء الإداري بالفصل فيها، وإنما يكون القضاء العادي بمحاكمه، وحسب قواعد توزيع الاختصاص، هو المختص بنظر هذه المنازعات، وبالتالي يتعين الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم أقام طعنه الماثل، لأسباب محصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، ذلك أن رفض الجهة الإدارية تسلم أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب يعد مخالفاً للدستور والقانون، وأن القضاء الإداري دون غيره هو المختص بالفصل في مثل هذه المنازعات، ولا سيما أنه قام بتسلم الأوراق الخاصة به من الحزب الوطني، ومن بينها التوكيل الخاص الصادر منه لهذا الحزب، وقد قام بنفسه بتقديم هذه الأوراق إلى الجهة الإدارية، إلا أنها رفضت قبول هذه الأوراق، وتم إخراجه من مديرية الأمن المختصة بالقوة، وذلك بالمخالفة للدستور والقانون.
ومن حيث إنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة، إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات، وأن تستظهر مراميها، وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساتها، وذلك بشرط ألا يصل تكييف المحكمة للدعوى إلى حد تعديل طلبات الخصوم بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به صراحة أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصود المدعين ونياتهم من وراء إبدائها، وتخضع المحكمة في ذلك لرقابة محكمة الطعن.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ما أورده الطاعن في صحيفة دعواه المودعة أمام محكمة الدرجة الأولى أنه يلتمس الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن قبول أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب عام 2010 عن مقعد (فلاح - مستقل) بدائرة ... محافظة بني سويف، مع ما يترتب من آثار، أخصها إدراج اسمه بكشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب، وتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان.
وفي ضوء ما تقدم فإن حقيقة طلبات الطاعن أمام محكمة أول درجة، باستقصاء مراميها وما قصده من وراء إبدائها، هي الطعن في القرار السلبي الصادر من جهة الإدارة بالامتناع عن قبول أوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب عام 2010، وهو يعد من القرارات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بنظر طلب إلغائها، وعلى ذلك تكون محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) قد جانبها الصواب في تكييفها لطلبات الطاعن، إذ اعتبرتها تتمثل في وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الحزب الوطني الديمقراطي بعدم إدراج اسمه كمرشح للحزب الوطني لعضوية مجلس الشعب عن دائرة ... بصفة (فلاح - مستقل)، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه إذ ما قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ما تقدم، فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه. وإذا ما كان هذا الحكم قد قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، دون أن يتعرض لموضوع المنازعة، وكانت الدعوى غير مهيأة للفصل فيها، فإنه يتعين الحكم بإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) للفصل فيها مجدداً من هيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات، عملاً بمفهوم المخالفة لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) للفصل فيها مجددا من هيئة مغايرة، وأبقت الفصل في المصروفات.


(1) تضمنت ذات المبادئ الأحكام الصادرة عن ذات الدائرة في الطعن رقم 4538 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 25/ 11/ 2010، وفي الطعن رقم 5014 والطعن رقم 5198 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 27/ 11/ 2010.
(2) راجع كذلك الحكم الصادر عن ذات الدائرة في الطعن رقم 6265 لسنة 57 القضائية عليا، منشور بهذه المجموعة.
(3) في حكمها في الطعن رقم 23686 لسنة 51 القضائية عليا بجلسة 14/ 6/ 2008 (قيد النشر) انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء الحكم المطعون فيه فيما يقضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، ثم تصدت للفصل في موضوع المنازعة (تعديل بيانات شهادة الخدمة العسكرية)، دون أن تشير لكون الدعوى مهيأة للفصل فيها.
وقارن المتن والهامش بحكم دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 1352 لسنة 33 القضائية عليا بجلسة 14/ 5/ 1988، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها منذ إنشائها حتى أول فبراير 2001، مكتب فني رقم 12 ص 132، حيث انتهت المحكمة إلى أنه إذا انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء حكم مطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص، فعليها إذا كان موضوع الدعوى صالحا للفصل فيه أن تفصل فيه مباشرة، ولا تعيده إلى المحكمة التي أصدرت الحكم. ولم تشر الدائرة إلى تصدي المحكمة الإدارية العليا للفصل في الموضوع في حالة مخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الاختصاص، إذا كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ويلاحظ أن المادة (269) من قانون المرافعات كانت تنص على أنه: "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة.
فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم. وفي هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة.
ويجب ألا يكون من بين أعضاء المحكمة التي أحيلت إليها القضية أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم المطعون فيه.
ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحا للفصل فيه، أو كان الطعن للمرة الثانية، ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها أن تحكم في الموضوع".
وقد صدر القانون رقم (76) لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات، ونصت المادة الثانية منه على استبدال النص التالي بنص الفقرة الرابعة من المادة المذكورة:" ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وكان الموضوع صالحا للفصل فيه، أو كان الطعن للمرة الثانية، ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها، أيا كان سبب النقض، أن تحكم في الموضوع".