مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية (في الفترة من 1/ 1/ 2010 إلى 30/ 6/ 2011) - صـ 167

(13)
جلسة 27 من نوفمبر سنة 2010

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مجدي حسين محمد العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسين محمد عبد المجيد بركات, وأحمد عبد التواب محمد موسى, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ومنير عبد القدوس عبد الله نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 4563 لسنة 57 القضائية عليا.

( أ ) انتخابات مجلس الشعب - صفة الفلاح - شروط تحققها - وجوب توافر صفة الفلاح في المرشح واقعا وقانونا - أثر عضوية الشخص في الغرفة التجارية على توافر صفة (الفلاح) فيه.
المادة (87) من دستور 1971 - المواد (2) و(3) و(15) من القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب.
أوجب الدستور والقانون أن يكون نصف الأعضاء الذين يكونون مجلس الشعب من العمال والفلاحين - تحقيقا لهذه الإرادة الصريحة يكون لزاما توافر صفة (الفلاح) أو (العامل) في المرشح واقعا وقانونا؛ حتى يأتي تكوين مجلس الشعب متطابقا مع مقصود الدستور، وبما يكون انعكاسا صادقا لإرادة الناخبين - صدعا بأمر الدستور حدد المشرع المقصود بالفلاح، مبينا عدم توافر هذه الصفة في الشخص إلا إذا توافر أمران: أحدهما يتعلق بعمله، والآخر يخص إقامته، حيث استلزم أن تكون الزراعة عمله، وأن يكون الريف محل إقامته، واستلزم أن يتوافر بشأن العمل وصفان متلازمان غير منفكين، بأن يكون هذا العمل هو عمل الشخص الوحيد، وأن يكون في ذات الوقت هو مصدر رزقه الرئيس. وتطلب المشرع وجوب توافر شرط مؤداه: ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر أكثر من عشرة أفدنة - ترتيبا على ذلك: يلزم أن يأتي التطبيق العملي تجسيدا لتعريف الفلاح بمدلوله الحق، من غير انتقاص منه بتضييق أو افتئات عليه بتوسيع؛ لأن تضييق هذا المدلول أو توسيعه مؤد لا محالة إلى إفراز مجلس غير متطابق مع مراد المشرع دستوريا، وغير متوافق على وجه حقيقي مع إرادة الناخبين قانونا - إذا قامت قرائن الحال وتضافرت ظروف الواقع، لتتعارض قانونا ومنطقا مع ما يدعيه الشخص من توافر صفة الفلاح فيه، كان لزاما طرح مدعاة وتطبيق حكم القانون الحق - تأسيسا على ذلك: عضوية الشخص في الغرفة التجارية تستلزم توافر صفة (التاجر) فيه، وهو ما يؤدي إلى انحسار صفة (الفلاح) عنه (1).
(ب) دعوى - دعوى الإلغاء - الطعن في الحكم الصادر في الدعوى - الصفة في الطعن - ثبوت الصفة في الطعن لمن لم يكن ممثلا في الدعوى إذا كان القرار المطعون فيه الماس بمركزه القانوني محلا لطعن أقامه في دعوى أخرى.
تثبت الصفة للطاعن على الحكم الصادر في دعوى الإلغاء إذا كان القرار المطعون فيه الذي يمس مركزه القانوني هو ذات القرار المطعون فيه في دعوى أخرى مقامة منه - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 22/ 11/ 2010، أودع الأستاذ/ ... المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام بالرقم عاليه، طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعويين رقمي 3258 و3703 لسنة 16 ق. بجلسة 20/ 11/ 2010، الذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعيين مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان. وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 23/ 11/ 2010، حيث مثل فيها طرفا الخصومة، وأبدى الحاضر عن الدولة دفاعه، طالبا الحكم برفض الطعن، كما أبدى ممثل هيئة مفوضي الدولة الرأي القانوني بشأن الطعن، على النحو الثابت بمحضر هذه الجلسة، حيث ارتأى الحكم برفض الطعن. وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة، ثم قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 23/ 11/2010، وفيها نظر الطعن على النحو المبين بمحضرها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا. ولا ينال من ذلك أن الطاعن لم يكن ممثلا في الدعوى رقم 3703 لسنة 16 ق، حيث إن القرار المطعون فيه الذي يمس مركزه القانوني هو ذات القرار المطعون فيه في الدعوى الأخرى المقامة منه.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 11/ 2010 أقام الطاعن الدعوى رقم 3258 لسنة 16 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار لجنة الفصل في الاعتراضات فيما تضمنه من قبول ترشح السيد/ ... بصفته (فلاحا).
وبتاريخ 14/ 11/ 2010 أقام السيد/ ... الدعوى رقم 3703 لسنة 16 ق، طالبا الحكم بذات الطلبات المبداة من الطاعن في الدعوى الأخرى.
وقال المدعيان شارحين دعواهما: إنه عندما أعلنت كشوف المقبولين للترشح لعضوية مجلس الشعب لعام 2010 تبين أن اللجنة أدرجت أمام اسم السيد/ ... صفة (فلاح)، فتقدم كل منهما باعتراض إلى لجنة الاعتراضات، فأصدرت قرارها الطعين. ولما كان هذا القرار مخالفا صحيح حكم القانون؛ لأن المذكور لا تتوافر بشأنه الشروط التي تطلبها قانون مجلس الشعب في المادة الثانية لكي يصدق على المرشح وصف (فلاح)، حيث إنه من كبار رجال الأعمال، وليست مهنته الزراعة، ولا مصدر رزقه الرئيس، كما أنه غير مقيم بالريف، حيث يقيم في شارع ... قسم أول ...، كما أنه يحوز أكثر من ثمانية وعشرين فدانا، فضلا عن أنه عضو بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة ... بصفة (فئات)، كما أنه لم يؤد الخدمة العسكرية، ومزدوج الجنسية لاكتسابه الجنسية الأمريكية.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة، وبجلسة 20/ 11/ 2010 صدر الحكم في الدعويين برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعيين مصروفاته.
وشيدت المحكمة حكمها على أساس أن البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون على ترشحه مقيم بالريف في ك 19 ... مركز ...، وأن عمله ومصدر رزقه الرئيس الزراعة، ولا سيما أنه كان عضوا بمجلس إدارة الغرفة التجارية ...، وصدر قرار وزير التجارة والصناعة رقم 844 لسنة 2010 بتعيين عضو آخر بمجلس إدارة الغرفة بدلا من المطعون على ترشحه، كما أن الحيازة الزراعية له ولزوجته وأولاده القصر تقل عن العشرة أفدنة، فضلا عن أنه أدى الخدمة العسكرية ولم يثبت أنه مزدوج الجنسية.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم أقام طعنه الماثل لأسباب محصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، حيث التفت عن المستندات المقدمة في الدعوى، التي تثبت توافر صفة (فئات) للمطعون ضده السادس؛ وذلك لأنه يحوز أكثر من ثلاثين فدانا، وأنه عضو بمجلس إدارة الغرفة التجارية بالقرار رقم 590 لسنة 2010، وقرار محافظ الإسماعيلية رقم 374 لسنة 2008 بإعلان فوزه بعضوية المجلس الشعبي المحلي لمدينة ... تحت وصف (فئات)، دون أن ينال من ذلك تنازله عن عضوية مجلس إدارة الغرفة أو عضوية المجلس الشعبي المحلي؛ لصورية هذا التنازل، كما أنه مقيم في شارع ... وليس بالريف، فضلا عن أن الحكم الطعين خلا من أسماء القضاة الذين أصدروه بما يصمه بالبطلان.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها في الإلغاء وفرع منها، ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون، وزنا مناطه مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء ألا يوقف قرارا إداريا إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق، وبدون مساس بأصل الحق، أن طلب وقف التنفيذ قد توافر له ركنان: أولهما - ركن الجدية، ويتمثل في قيام الطعن في القرار، بحسب الظاهر من الأوراق، على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. وثانيهما - ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
وحيث إنه عن ركن الجدية: فإن المادة (87) من الدستور تنص على أن "يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة، وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين، على ألا يقل عن ثلاث مئة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام. ويبين القانون تعريف العامل والفلاح ".
وتنص المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالفلاح من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيس، ويكون مقيما في الريف، وبشرط ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر، ملكا أو إيجارا، أكثر من عشرة أفدنة ".
وتنص المادة الثالثة منه على أن "تقسم جمهورية مصر العربية إلى دوائر انتخابية لانتخاب أربع مئة وأربعة وأربعين عضوا. كما تقسم إلى دوائر أخرى لانتخاب أربعة وستين عضوا، يقتصر الترشيح فيها على المرأة، ويكون ذلك لفصلين تشريعيين. وينتخب عن كل دائرة عضوان، أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين. وتحدد جميع هذه الدوائر طبقا لقانون خاص بذلك. ويشترط لاستمرار عضوية أعضاء المجلس المنتخبين من بين العمال والفلاحين أن يظلوا محتفظين بالصفة التي تم انتخابهم بالاستناد إليها، فإذا فقد أحدهم هذه الصفة أسقطت عنه العضوية بناء على قرار يصدر من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه".
وتنص المادة الخامسة عشرة على أن "ينتخب عضو مجلس الشعب بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب، فإذا كان المرشحان الحاصلان على الأغلبية المطلقة من غير العمال والفلاحين أعلن انتخاب الحاصل منهما على أكبر عدد من الأصوات، وأعيد الانتخاب في الدائرة بين المرشحين من العمال والفلاحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، وفي هذه الحالة يعلن انتخاب الحاصل منهما على أكبر عدد من الأصوات. وإذا لم تتوافر الأغلبية المطلقة لأحد من المرشحين في الدائرة أعيد الانتخاب بين الأربعة الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، وفي هذه الحالة يعلن انتخاب الاثنين الحاصلين على أعلى الأصوات، بشرط أن يكون أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين".
ومفاد ذلك أن الدستور جاء نصه السالف الذكر مبينا الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الجمهورية، والعدد الذي يتكون منه المجلس في حده الأقل، موجبا أن يكون نصف الأعضاء الذين يكونون المجلس ممن يتصفون بصفة العمال والفلاحين، ومحيلا إلى القانون فيما يتعلق بتحديد الدوائر الانتخابية، وعدد هؤلاء الأعضاء، ووضع تعريف للعامل والفلاح. وصدعا بأمر الدستور جاء قانون مجلس الشعب محددا ومعرفا ما أحيل إليه أمر تحديده وتعريفه، وموجبا - اتساقا مع ما أوجبه الدستور من أن يكون نصف عدد الأعضاء، على الأقل، من العمال والفلاحين - انتخاب عضوين عن كل دائرة، أحدهما، على الأقل، من هذه الفئة، مشترطا لاستمرار عضوية من يتم انتخابه على أساس من صفة (الفلاح) أو (العامل) أن يظل محتفظا بهذه الصفة، فإن فقدها أسقطت عنه العضوية بالطريقة التي نصت عليها المادة الثالثة السالفة الذكر. وفصلت المادة الخامسة عشرة ما يتبع بشأن إعلان الأعضاء المنتخبين، بحيث تكون دوما نسبة تمثيل العمال والفلاحين في حدها الأقل المشار إليه مرعية ومستوفاة.
ومؤدى ذلك: أن ثمة تمثيلا حتميا للعمال والفلاحين في عضوية مجلس الشعب، وثمة نصيبا مفروضا لهذا التمثيل، انبثاقا عن إرادة قاصدة للشعب، معبر عنها بالنص الدستوري، بحسبان أن هذه الفئة هي مكونه الرئيس، الأمر الذي تعين معه أن تشارك فيما يضطلع به المجلس من مهام، وما يقع على عاتقه من مسئوليات، وما يؤديه من رقابة، وفاقا مع مساهمتها حقا مع غيرها من الفئات التي يتكون منها هذا المجلس في صنع الحياة على تراب هذا الوطن. وقد ارتأت تلك الإرادة لكي يؤتي هذا التمثيل ثماره المرجوة ألا يقل عن ذاك النصيب المفروض حدا، وألا يقل عن نصف مجموع الأعضاء المنتخبين عددا، ومن ثم تحقيقا لهذه الإرادة الصريحة يكون لزاما توافر صفة (الفلاح) أو (العامل) في المرشح واقعا وقانونا؛ حتى يأتي تكوين المجلس متطابقا مع مقصود الدستور، مؤديا إلى تحقيق غايته من عنايته بتمثيل هذه الفئة، وبما يكون انعكاسا صادقا لإرادة الناخبين، بأن تكون إرادتهم قد تعلقت بمن استوفى إحدى هاتين الصفتين على وجه الحقيقة واقعا.
ومن حيث إن المشرع حدد المقصود بالفلاح مبينا عدم توافر هذه الصفة في الشخص إلا إذا توافر أمران: أحدهما يتعلق بعمله، والآخر يخص إقامته، حيث استلزم أن تكون الزراعة عمله، وأن يكون الريف محل إقامته، واستلزم أن يتوافر بشأن العمل وصفان متلازمان غير منفكين، بأن يكون هذا العمل هو عمل الشخص الوحيد، وأن يكون في ذات الوقت هو مصدر رزقه الرئيس. وتطلب المشرع حتى تتحقق تلك الصفة بعنصريها: (العمل) و(الإقامة)، ويتحقق الأول منهما بوصفيه المشار إليهما وجوب توافر شرط - توافقا مع ما استلزمه من أن يتخذ الشخص الزراعة عملا - مؤداه: ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر أكثر من عشرة أفدنة.
ومؤدى ذلك ولازمه: أنه يتعين لتحقق تلك الصفة أن يجتمع الأمران سالفا الذكر بالنسبة لمن يدعي توافرها فيه، وأن يتوافر لعنصر العمل وصفاه، وألا ينفك أي من ذلك جميعا عن الشخص، وبحيث يتوافر الشرط الذي تطلبه المشرع بالنسبة للمساحة التي يحوزها الشخص من الأرض الزراعية، ومن ثم يلزم أن يأتي التطبيق عملا تجسيدا لتعريف الفلاح بمدلوله الحق، من غير انتقاص منه بتضييق أو افتئات عليه بتوسيع، حيث إن تضييق هذا المدلول أو توسيعه مؤد لا محالة إلى إفراز مجلس غير متطابق مع مراد المشرع دستوريا، وغير متوافق على وجه حقيقي مع إرادة الناخبين قانونا.
وإنه ترتيبا على ذلك إذا ما قامت قرائن الحال وتضافرت ظروف الواقع، وجاء هذا الواقع متعارضا قانونا ومنطقا مع ما يدعيه الشخص من توافر صفة (الفلاح) له، كان لزاما رد مدعاه، وتطبيق حكم القانون الحق، ومن باب الأولى عدم الاعتداد بما يدعيه إن انتفى أحد عناصر هذه الصفة بأوصافها أو انتفى كذلك شرطها، على اختلاف الصور التي يفرزها واقع التطبيق وفقا لجميع ذلك.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده السادس تقدم بأوراق ترشحه لعضوية مجلس الشعب عن الدائرة الأولى بـ ... بصفة (فلاح)، فأقيمت الدعويان الصادر بشأنهما الحكم المطعون فيه، طعنا على القرار الصادر بقبول ترشحه؛ لعدم أدائه الخدمة العسكرية، ولكونه مزدوج الجنسية، وكذلك لعدم توافر صفة (الفلاح) بالنسبة له. ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده المذكور قد أدى الخدمة العسكرية وفق الشهادتين الصادرتين عن وزارة الدفاع، كما أن الأوراق قد جاءت خلوا مما يفيد اكتسابه جنسية أخرى مع الجنسية المصرية، فمن ثم يكون الطعن على ترشحه لهذين السببين غير قائم على صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه عن السبب المتعلق بافتقاد المطعون ضده المذكور صفة (الفلاح)، فإن البادي من الأوراق أنه عضو بالغرفة التجارية بمحافظة ...، وهذه الغرفة من المقرر قانونا أنه لا يكتسب عضويتها كغرفة تجارية إلا من توافرت فيه صفة (التاجر)، وهو ما يؤدي لا محالة إلى انحسار وصف (الفلاح) عنه، دون أن ينال من ذلك ما قدمه المطعون ضده من صدور قرار من وزير التجارة والصناعة برقم 844 لسنة 2010 بتاريخ 22/ 9/ 2010 بتعيين شخص آخر غيره لعضوية مجلس إدارة الغرفة التجارية لمحافظة ...؛ ذلك أن صدور مثل هذا القرار لا يعني بحال زوال صفة عضوية هذه الغرفة بالنسبة له، إذ ثمة فارق بين عضوية الغرفة التجارية وعضوية مجلس إدارتها، إذ ثبوت الأولى لا يعني ثبوت الأخيرة تلقائيا للشخص، كما أن زوال الأخيرة لا يعني زوال الأولى إلا إذا قام بالشخص سبب لزوالها، وهو ما أجدبت الأوراق مما يشهد به، ومن ثم وإذ ثبت أن الطاعن يتمتع بصفة (التاجر) فإنه يكون من ثم مفتقدا لصفة (الفلاح)، ويعضد ذلك أنه انتخب لعضوية المجلس الشعبي المحلي لمدينة ... بصفة (فئات)، دون أن ينال من ذلك تنازله عن هذه العضوية، إذ مجرد التنازل لا يستلزم تغير صفته، وبالتالي يكون ركن الجدية متوافرا في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فضلا عن توافر ركن الاستعجال؛ نظرا لأن الانتخابات ستجرى يوم 28/ 11/ 2010، وإذ توافر طلب وقف التنفيذ على ركنيه، كان متعينا القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، الأمر الذي يلزم معه إلغاؤه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إثبات صفة (الفلاح) للمطعون ضده السادس، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: اعتباره مرشحا بصفة (فئات)، مع تنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان لتوافر مناط ذلك وفقا للمادة (286) مرافعات.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من إثبات صفة (الفلاح) للمطعون ضده السادس، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اعتباره مرشحا بصفة (فئات)، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان.


(1) ذات المبدأ تضمنه الحكم الصادر عن ذات الدائرة في الطعن رقم 3680 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 23/ 11/ 2010. وقارن بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7388 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 15/ 5/ 2001، منشور بمجموعة مبادئها في السنة 46 القضائية، مكتب فني جـ 2 رقم 213ص 1831، حيث لم ترتب المحكمة على مجرد توافر صفة (التاجر) في الشخص انتفاء صفة (الفلاح) عنه.