مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية (في الفترة من 1/ 1/ 2010 إلى 30/ 6/ 2011) - صـ 197

(17)
جلسة 8 من يناير سنة 2011

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مجدي حسين محمد العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسين محمد عبد المجيد بركات, وأحمد عبد التواب محمد موسى, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ومنير عبد القدوس عبد الله نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 3116 لسنة 57 القضائية عليا.

( أ ) أحزاب سياسية - مفهومها - طبيعتها القانونية - عدم مسئولية جهة الإدارة عما تأتيه من أفعال تجاه منتسبيها.
الحزب السياسي جماعة منظمة تؤسس طبقا لقانون الأحزاب السياسية، تقوم على مبادئ وأهداف مشتركة، وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم - لا يعد الحزب شعبة من شعب السلطة التنفيذية أو وحدة من الوحدات الإدارية للدولة - مؤدى ذلك: ما يأتيه الحزب من أفعال تجاه المنتمين إليه لا تنسب إلى جهة الإدارة، ولا ترتب حكما قانونيا في حقها - تطبيق.
(ب) انتخابات مجلس الشعب - طلب الترشح للعضوية - وجوب التقدم خلال الميعاد المحدد.
المادتان (6) و (7) من القانون رقم (38) لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب.
نظم قانون مجلس الشعب أولى مراحل ممارسة حق الترشح لعضوية هذا المجلس، وأوجب على من أراد ممارسته اتباع أحكامه بتقديم طلب الترشح ومرفقاته التي يحددها قرار من وزير الداخلية إلى مدير أمن المحافظة التي يرغب المواطن في الترشح في إحدى دوائرها الانتخابية خلال المدة التي تحدد لذلك، وأولى في ذات الوقت الجهة الإدارية المشار إليها الاختصاص بتلقي وتسلم ما يقدم إليها من طلبات وقيدها بسجل خاص - مؤدى ذلك: أن تقديم طلب الترشيح مقيد بميعاد يقدر مداه وزير الداخلية، فإن انقضى زال الوجوب الملقى على عاتق جهة الإدارة بتلقي الطلبات وقيدها، ولم يكن لزاما عليها ذلك، ما دام أنها لم تكن قد حالت بين طالب الترشح وبين التقدم بالطلب خلال الميعاد - ترتيبا على ما سبق: حيلولة الحزب دون تقدم المنتسب إليه بأوراق ترشحه للمجلس النيابي في الميعاد المحدد لا يقيم قرارا إداريا سلبيا في حق جهة الإدارة بالامتناع عن تلقي أوراق ترشحه - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 13/ 11/ 2010 أودع الأستاذ/ ... المحامي، وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام بالرقم عاليه، طعنا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى - بحيرة) في الدعوى رقم 1285 لسنة 11 ق بجلسة 10/ 11/ 2010، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي مصروفاته.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع ببطلان وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية رقم 1340 لسنة 2010 باعتبار باب تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشعب لعام 2010 عن دائرة ... عن مقعد (الفئات) مغلقا بانتهاء يوم 7/ 11/ 2010، واعتباره مفتوحا أمام الطاعن، وتمكينه من تقديم أوراق ترشحه في هذه الانتخابات، على أن ينفذ الحكم بمسودته دون إعلان، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان الطعن على النحو الثابت بمحضر الإعلان.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 13/11/2010، وفيها أبدى الحاضر عن الدولة دفاعه، طالبا الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات. وأبدى ممثل هيئة مفوضي الدولة الرأي القانوني بشأن الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة، حيث ارتأى الحكم برفض الطعن. وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة، ثم قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 20/ 11/ 2010، وفيها نظر الطعن على النحو المبين بمحضرها، حيث قدم الطاعن حافظة مستندات، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/ 11/ 2010، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 12/ 2010 لاستمرار المداولة، وبهذه الجلسة قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 11/ 2010 أقام الطاعن الدعوى رقم 1285 لسنة 11 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى - بحيرة)، طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار السيد وزير الداخلية باعتبار باب الترشح لانتخابات مجلس الشعب لعام 2010 مغلقا مساء يوم 7/ 11/ 2010، واعتباره مفتوحا أمام المدعي، وتمكينه من قيد اسمه ضمن المرشحين للحزب الوطني بدائرة ... عن مقعد (الفئات)، وما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطيا: تمكينه من تقديم أوراق ترشحه وقبولها كمستقل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على أن ينفذ الحكم بموجب مسودته دون إعلان. وفي الموضوع بإلغاء وبطلان القرار المطعون فيه، وبعدم الاعتداد بالتوكيلين الخاصين رقمي ... مكتب دمنهور النموذجي، اللذين يبيحان لأمين الحزب الوطني بالبحيرة وأمين التنظيم المركزي التنازل عن ترشح المدعي في انتخابات مجلس الشعب، واعتبار هذين التوكيلين كأن لم يكونا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقال المدعى شارحا دعواه: إنه انضم إلى الحزب الوطني، وتقدم للترشح لعضوية مجلس الشعب من خلال الحزب بعد أن أنفق عشرات الآلاف من الجنيهات على الدعاية الانتخابية، وقد تحصل القائمون على الحزب على إقرار منه جبرا بعدم الترشح إذا لم يقع عليه الاختيار من الحزب، ولم يعلم بأنه لم يشمله الاختيار من قبل الحزب إلا بعد قفل باب الترشح، وبذلك يكون مسئولو الحزب قد فوتوا الفرصة عليه في التقدم للترشح لعضوية مجلس الشعب مستقلا عن دائرة ... (فئات) خلال المدة المحددة بقرار وزير الداخلية، ولم يسلموه أوراق الترشح الخاصة به إلا يوم 9/ 11/ 2010، بما يمثل إعداما لحقه في تقديم أوراقه خلال المدة المحددة لذلك، وبما يمثل مانعا ماديا يحق معه للمدعي إقامة دعواه بطلباته الآنفة الذكر.
وعين لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 10/ 11/ 2010، وفيها قرر المدعي أنه يحدد طلباته في الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبول أوراق ترشحه عن دائرة... عن مقعد (الفئات) لانتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها في 28/ 11/ 2010، وبذات الجلسة صدر الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي مصروفاته.
وشيدت المحكمة حكمها على أساس أن أوراق الدعوى جاءت خالية مما يفيد تقديم المدعي أوراق ترشحه خلال الميعاد المحدد لذلك، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، وهو ما يتعين معه القضاء برفضه.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم أقام طعنه لأسباب تتحصل في مخالفته للقانون؛ لأن طلباته في الدعوى تدور حول عدم تمكنه من تقديم أوراق ترشحه لانتخابات مجلس الشعب لعام 2010 عن دائرة ... عن مقعد (الفئات) خلال الفترة من 3/ 11 حتى 7/ 11/ 2010، وأن سبب ذلك هو أن إجراءات اختيار مرشحي الحزب الوطني استلزمت أن يقوم كل من أراد الترشح بتقديم أوراقه، مرفقا بها أصل بطاقة الرقم القومي لأمين الحزب بالمحافظة، على أن يقوم هو بتقديم أوراق من وقع عليه الاختيار من قبل الحزب إلى لجنة قبول طلبات الترشح بمديرية الأمن، ومن هذا الوضع يبين أن الطاعن قدم بالفعل كافة أوراق ترشحه إلى أمين الحزب بمحافظة البحيرة، ولم يردها إليه إلا بعد فوات الميعاد، بما يشكل مانعا ماديا قهريا حال بينه وبين تحقيق رغبته في الترشح، الذي هو حق دستوري أصيل، وبالتالي وإذ سلمت إليه الأوراق يوم 9/ 11/ 2010 بعد فوات الميعاد، فإن هذا يعد مناط اعتبار باب الترشح بالنسبة له مفتوحا، وما دام توافر مانع قهري حال بينه وبين تقديم أوراق ترشحه فإن قرار وزير الداخلية باعتبار باب الترشح مغلقا بنهاية يوم 7/ 11/ 2010 يكون غير نافذ في حقه، خاصة أنه بعد أن علم بعد الساعة الخامسة مساء يوم 7/ 11/ 2010 بعدم اختياره من قبل الحزب تقدم إلى مديرية أمن البحيرة بصور من أوراق ترشحه، فتم منعه من التقديم بحجة عدم وجود أصول الأوراق، فتقدم بشكوى إلى قسم شرطة دمنهور لإثبات الواقعة إلا أن مسئولي القسم رفضوا قبول الشكوى أو اتخاذ أي إجراء فيها. ثم خلص الطاعن إلى طلباته المبينة بإجراءات الطعن.
ومن حيث إنه من الحري بداءة تحديد طلبات الطاعن التي صدر الحكم الطعين فصلا فيها حتى يمكن وزن ما قضى به بميزان أحكام القانون الواجبة التطبيق. ولما كان البين من واقعات النزاع أن الطاعن ولئن كان قد اختتم صحيفة دعواه بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية باعتبار باب الترشح لانتخابات مجلس الشعب لعام 2010 مغلقا مساء يوم 7/ 11/ 2010 واعتباره مفتوحا أمامه، مع تمكينه من قيد اسمه بكشوف المرشحين لعضوية المجلس، سواء بحسبانه مرشحا من مرشحي الحزب الوطني أو بصفته مستقلا، وذلك عن دائرة ... بمحافظة البحيرة عن مقعد (الفئات)، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وعدم الاعتداد بالتوكيلين الخاصين الصادرين لأمين الحزب الوطني بالبحيرة وأمين التنظيم المركزي بالتنازل عن الترشح لانتخابات مجلس الشعب، واعتبارهما كأن لم يكونا؛ لئن كان الطاعن قد اختتم صحيفة دعواه بطلباته السالفة الذكر، إلا أنه وأثناء نظر دعواه أمام محكمة أول درجة وبجلسة 10/ 11/ 2010 حدد طلباته بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبول أوراق ترشحه عن دائرة ... بمحافظة البحيرة عن مقعد (الفئات) لانتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها في 28/11/2010، وفق الثابت بمحضر هذه الجلسة، ومن ثم يكون الطاعن قد التفت بصفة نهائية عما أبداه بصحيفة دعواه من طلبات، ووجه طعنه إلى ما حدده أمام المحكمة من قرار، بما لا وجه معه للعود ثانية إلى طلباته السابقة موضع التفاته، حيث صدر الحكم بعد تسليط رقابة المشروعية على ذاك القرار الذي حدده بمحضر جلسة نظر الدعوى، دون ثبوت عودة الطاعن إلى طلباته المبدأة أولا بصحيفة دعواه قبل إقفال باب المرافعة فيها.
ومن حيث إنه ترتيبا على ذلك، ولما كان المستقر عليه في ضوء الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة أنه يلزم لكي يمكن نسبة قرار سلبي لجهة الإدارة أن يكون ثمة رفض أو امتناع من قبلها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح، فإن تحقق مناط توافر مثل هذا القرار كان ثمة محل للدعوى المقامة طعنا عليه، وإن تخلف مناط توافره لم يكن ثمة محل صحيح للدعوى المرفوعة لإلغاء مثل ذاك القرار، إذ ينتفي حالتئذ وجوده حقيقة.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب تنص على أن: "يقدم طلب الترشح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرغب المرشح في الترشيح في إحدى دوائرها الانتخابية، وذلك خلال المدة التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه، على ألا تقل عن خمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح. ويكون طلب الترشيح مصحوبا بإيصال بإيداع مبلغ ألف جنيه خزانة مديرية الأمن بالمحافظة المختصة وبالمستندات التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه لإثبات توافر الشروط التي يتطلبها هذا القانون للترشيح".
وتنص المادة (7) على أن: "تفيد طلبات الترشيح بحسب تواريخ ورودها في سجل خاص، وتعطى عنها إيصالات، ويتبع في شأن تقديمها الإجراءات التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه".
ومفاد ذلك أن المشرع نظم أولى مراحل ممارسة حق الترشح لعضوية مجلس الشعب، موليا من أراد ممارسة هذا الحق أن يقدم طلبا مكتوبا إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرغب في الترشح في إحدى دوائرها الانتخابية، وموجبا عليه تقديم هذا الطلب خلال المدة التي تحدد بقرار من وزير الداخلية، على أن يكون الطلب مصحوبا بإيصال بإيداع المبلغ المحدد بنص المادة (6) السالفة الذكر بمديرية الأمن بالمحافظة المختصة، وبالمستندات التي تثبت توافر الشروط المتطلبة قانونا للترشح، والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية، وموليا في ذات الوقت جهة الإدارة ممثلة في مديرية الأمن بالمحافظة المختصة الاختصاص بتلقي ما يقدم إليها من طلبات ترشح، وموجبا عليها تسلمها ومرفقاتها، وقيدها في سجل خاص بحسب تواريخ ورودها، على أن تعطي مقدميها إيصالات بذلك.
ومؤدى ذلك: أن تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشعب وإن كان حقا لكل من وجد في نفسه القدرة على القيام بالمهام الجسام الملقاة على عاتق السلطة التشريعية، متى توجهت الإرادة الشعبية لاختياره عضوا فيها، إلا أن هذا الحق - أي حق التقدم بطلب الترشح - مقيد بميعاد يقدر مداه وزير الداخلية، الأمر الذي مقتضاه أن الاختصاص المنوط بجهة الإدارة بتلقي طلبات الترشح ليس اختصاصا موسعا مطلقا عن التقيد بميقات، وإنما هو اختصاص مضيق بقدر ما يحدده وزير الداخلية من موعد لتقديم هذه الطلبات، فإن انقضى هذا الميقات زال الوجوب الملقى بالنص على عاتقها في تلقي وتسلم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشعب، ولم يكن لزاما عليها تسلم وقيد ما يقدم إليها من طلبات بعد انقضاء الميعاد المحدد لذلك، ما دام أن ذا الشأن لم يتقدم إليها بطلبه خلال هذا الميعاد، ولم تكن جهة الإدارة - بوجه عام - قد حالت بينه وبين تقدمه بطلبه خلاله، وبالتالي فلا يكون ثمة قرار سلبي بالامتناع عن تسلمها طلب الترشح يمكن الطعن عليه بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومما ذكره الطاعن صراحة أنه لم يتقدم بطلب ترشحه لعضوية مجلس الشعب ومرفقاته عن دائرة ... مقعد (الفئات) بمحافظة البحيرة إلا يوم 9/ 11/ 2010 بعد الميعاد المحدد لذلك بقرار من وزير الداخلية، حيث حددت الفترة من 3 حتى 7 من نوفمبر موعدا لتقديم طلبات الترشح لمجلس الشعب لعام 2010 وذلك من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الواحدة والنصف مساء يوميا فيما عدا اليوم الأخير، حيث امتد الزمن حتى الساعة الخامسة مساء. ولما كان الوجوب الملقى على عاتق جهة الإدارة (مديرية الأمن المختصة) بتلقي الأوراق الخاصة بالترشح مرتبطا بالميعاد الذي يجب أن يستنهض فيه اختصاص الجهة الإدارية بتلقيها، إذ اختصاصها بذلك مقيد - وفق ما سلف ذكره - بالموعد المحدد لتقديم طلبات الترشح، وبالتالي فإن وجوب تسلمها هذه الطلبات مقيد هو الآخر بهذا الميعاد، يتحقق ببدئه واستمراره، ويزول بانقضائه وفواته، ومن ثم فإذا امتنعت مديرية الأمن بمحافظة البحيرة، الكائن بدائرتها الدائرة الانتخابية التي كان يرغب الطاعن في الترشح لعضوية مجلس الشعب عن مقعد (الفئات) بها عن تسلم أوراق ترشحه لانقضاء الميعاد المحدد لذلك وفواته، فلا يمكن أن يشكل امتناعها هذا قرارا سلبيا في حقها يصلح أن يكون محلا لدعوى الإلغاء، دون أن يغير من ذلك ما ساقه الطاعن سببا حال بينه وبين تقديم طلب ترشحه خلال الموعد المضروب لذلك، متمثلا في استيلاء الحزب الوطني الديمقراطي الذي ينتمي إليه على أصول أوراق ترشحه، بما في ذلك بطاقة الرقم القومي، فضلا عن التوكيلين الخاصين المبرمين بينه وبين كل من أمين هذا الحزب بمحافظة البحيرة وأمين التنظيم الحزبي المركزي، بما تضمناه من بنود تمثل قيودا على الطاعن بشأن الترشح لعضوية مجلس الشعب، الأمر الذي لم يتمكن معه من التقدم لمديرية الأمن بطلب ترشحه إلا بعد فوات الميعاد، وبعدما علم بعدم ترشيح الحزب له، ذلك أن هذا السبب لا يمكن القول بأنه راجع إلى جهة الإدارة، إذ الحزب السياسي - عموما - ما هو إلا جماعة منظمة تؤسس طبقا لقانون نظام الأحزاب السياسية، تقوم على مبادئ وأهداف مشتركة، وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم، وبالتالي فإن الحزب الذي ينتمي إليه الطاعن - أو غيره من الأحزاب السياسية - لا يعد بحال شعبة من شعب السلطة التنفيذية أو وحدة من الوحدات الإدارية للدولة، وعليه فما يأتيه من فعال في شأن المنتمين إليه لا يمكن نسبتها البتة إلى جهة الإدارة، ولا يمكن ترتيب حكم قانوني في حقها بسبب ما اقترفه الحزب من فعال تجاههم، إذ هي (أي جهة الإدارة) من الناحية القانونية براء مما اقترف آنئذ في حقهم وكذا من آثاره، ولا يكون ثمة مسوغ قانوني لنقل مسئولية فعال شارك الطاعن في إتيانها بما ارتضاه قبل حزبه الذي انتمى إليه ودان بالولاء الحزبي له، وبما تنازل عنه من استعمال لحقه وبإرادته المنفردة في إنهاء ما أبرمه من عقدي وكالة وفقا للمادة (715) من القانون المدني التي خولته هذا الحق، ولو تضمن عقد الوكالة ما يسلبه سلطته في ذلك - لا يكون ثمة مسوغ قانوني لنقل مسئولية جميع ذلك إلى جهة الإدارة، وإلزامها - حيث لا يلزمها القانون - بتسلم أوراق الترشح لعضوية مجلس الشعب بعد انقضاء الميعاد المحدد لإلزامها بذلك وفواته.
ومن حيث إنه ولما كان مناط توافر القرار السلبي وفقا للفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة غير متحقق قانونا بالنسبة لواقع حال الطاعن، فمن ثم يكون محل دعوى الإلغاء المقامة منه غير متوافر، ويتعين بالتالي القضاء بعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري السلبي المطعون فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب مذهبا مغايرا لذلك خلاف حكم القانون الصحيح، فإنه يكون من المتعين إلغاؤه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.
وحيث إن من خسر النزاع يلزم المصروفات وفقا للمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وألزمت الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي.