مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة بين 8 نوفمبر سنة 1928 وبين 27 فبراير سنة 1930) - صـ 237

جلسة يوم الخميس 21 مارس سنة 1929

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

(196)
القضية رقم 955 سنة 46 قضائية

إحراز وحمل السلاح. شيخ البلد لا يعاقب بمقتضى القانون رقم 8 لسنة 1917.
(قانون إحراز وحمل السلاح رقم 8 لسنة 1917)
1 - إن المفهوم الواضح للقانون رقم 8 لسنة 1917 الخاص بمنع إحراز السلاح وحمله هو أن هذا القانون لم يتعرّض لرجال القوّة العمومية لا بمنع ولا بترخيص. بل انه استثناهم من متناول المنع استثناء مطلقا تاركا معاملتهم فيما يختص بإحراز السلاح وحمله إلى اللوائح الجارى بها العمل فى تنظيم أمورهم سواء أكان الإحراز أو الحمل بحسب تلك اللوائح مطلقين أو مقيدين بزمان أو مكان أو ظرف أو شرط خاص.
2 - إن عبارة "رجال القوّة العمومية" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 1917 هى من صيغ العموم فهى تشمل كل رجال القوة العمومية بلا تفريق بين من كان منهم يؤدّون عملهم على الدوام ومن يؤدّونه الوقت بعد الوقت مع استعدادهم لأدائه فى أى وقت حسب الاقتضاء. فشيخ البلد المعرّض بمقتضى وظيفته لأن يحل محل العمدة فى عمله ولأن يكون عند الضرورة رئيسا للداورية السيارة له حق حمل السلاح باعتباره رئيسا لكل القوّة العمومية أو لجزء منها فى قريته.
وعلى ذلك فلا يجوز - تطبيقا لهذا القانون - الحكم بتغريم شيخ بلدة لحمله سلاحا ناريا فى غير أوقات العمل المسموح له بها وبمصادرة بندقيته لأن حالته ليست مما يعاقب عليه بالقانون نمرة 8 لسنة 1917 بل إن كان هناك عقاب فيكون بمقتضى اللوائح الإدارية الأخرى دون سواها.


الوقائع

اتهمت النيابة المذكور بأنه فى يوم 11 فبراير سنة 1927 بناحية حاجر إدفو بصفته شيخ بلد بادفو بحرى وجد حاملا سلاحا ناريا "بندقية" نهارا فى غير أوقات العمل المسموح بحمله فيها مخالفا بذلك لائحة حمل السلاح وطلبت عقابه بالمواد 1 و6 من قانون السلاح و4 من لائحة حمل السلاح. ومحكمة جنح إدفو الجزئية سمعت الدعوى وحكمت فيها حضوريا بتاريخ 10 مارس سنة 1927 وعملا بالمواد المذكورة بتغريم المتهم خمسين قرشا ومصادرة البندقية.
فاستأنفه فى يوم صدوره.
ومحكمة قنا الابتدائية الأهلية بهيئة استئنافية بعد أن سمعت موضوع هذا الاستئناف حكمت فيه حضوريا بتاريخ 29 مايو سنة 1927 بقبوله شكلا وبرفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
وفى يوم صدوره طعن عليه الطاعن بطريق النقض والإبرام وقدّم حضرة محاميه تقريرا ببيان أسباب طعنه فى 14 يونيه سنة 1927.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قدّم وتلاه بيان الأسباب فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
وحيث إن المادة الأولى من القانون نمرة 8 سنة 1917 وإن قضت بمنع إحراز السلاح وحمله فى القطر المصرى إلا أن فقرتها الثانية نصت على أن "هذا المنع لا يسرى على رجال القوّة العمومية المرخص لهم بحمل السلاح ضمن" "حدود اللوائح الجارى العمل بها وطبقا لنصوصها".
وحيث إن عبارة "المرخص لهم" الواردة بهذه الفقرة ظاهر من السياق أنها تقرير وبيان لوصف عالق من قبل برجال القوّة العمومية ومستمدّ من اللوائح الجارى العمل بها لا أنها إنشاء لترخيص مبتدأ يراد تخويله لهم بمقتضى هذا القانون تخويلا مقيدا بحدود اللوائح الجارى العمل بها. ومع وضوح هذا المفهوم يكون القانون الجديد لم يتعرّض لرجال القوّة العمومية بمنع ولا بترخيص. بل إنه استثناهم من متناول المنع استثناء مطلقا تاركا معاملتهم فيما يختص بإحراز السلاح وحمله إلى اللوائح الجارى العمل بها فى تنظيم أمورهم سواء أكان الإحراز أو الحمل بحسب تلك اللوائح مطلقين أو مقيدين بزمان أو مكان أو ظرف أو شرط خاص.
وحيث إن اللوائح الخاصة بالعمد والمشايخ تجعل شيخ البلد معرّضا بمقتضى وظيفته لأن يحل محل العمدة فى عمله كما تجعله معرّضا لأن يكون رئيسا للدورية السيارة. وفى هاتين الصورتين يكون له حق حمل السلاح باعتباره رئيسا لكل القوّة العمومية أو لجزء منها فى قريته كما يفهم من منشور وزارة الداخلية نمرة 15 المقول بالحكم المطعون فيه إنه صدر على أثر صدور القانون نمرة 8 لسنة 1917.
وحيث إنه بحسب شيخ البلد أن يكون من واجب وظيفته المبادرة إلى القيام بعمل رجل القوّة العمومية عند الاقتضاء حتى يصدق عليه نص تلك الفقرة الثانية ولا يشمله المنع المنصوص عليه بالفقرة الأولى. ذلك بأن لفظ "رجال القوّة العمومية" هو من صيغ العموم فهو يشمل كل رجالها بلا تفريق بين من يؤدّون عملها على الدوام والاستمرار ومن يؤدّونه الوقت بعد الوقت مع استعدادهم لأدائه فى أى وقت بحسب الاقتضاء.
وحيث إنه يكفى أن يكون من نتيجة القول بشمول المنع المنصوص عليه بهذا القانون لحالة الطاعن أنه حكم بمصادرة البندقية التى كان يحملها حتى يعلم أن هذا القول غير صواب. ذلك بأن تلك البندقية سواء أكانت مملوكة للحكومة وسلمتها لشيخ البلد لاستعمالها عند أداء واجبه كرجل من رجال القوة العمومية أم كانت مملوكة له هو وقد فرضت الحكومة عليه شراءها ليستعملها فى أداء هذا الواجب فان مصادرتها مع بقائه شيخا للبلد تعطيل له عن القيام بواجبه عند مسيس الحاجة بل هى مصادرة له فى أداء هذا الواجب. وليس يصح أن يفرض الشارع واجبا ويسلب المكلف وسيلة الأداء. هذه النتيجة وحدها تكفى للدلالة على أن حالة الطاعن ليست مما يعاقب عليه بالقانون نمرة 8 لسنة 1917 بل إن كان هناك عقاب فيكون بمقتضى اللوائح الإدارية ليس غير. ولهذا يتعين قبول الطعن.

فبناء عليه

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه برمته وبراءة الطاعن.