مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) - صـ 33

جلسة 22 مايو سنة 1930

برياسة حضرة صاحب العزة كامل إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة زكى برزى بك وحامد فهمى بك وعلى زكى العرابى بك المستشارين.

(41)
القضية رقم 1109 سنة 47 القضائية

( أ ) جرائم الاشتباه المبينة بالمادة 9 من قانون المتشردين. مقوّماتها.
(قانون المتشردين والمشتبه فيهم رقم 24 لسنة 1923)
(ب) عود للاشتباه. استقلال هذه الجريمة عن جريمة السرقة.
(المادة 32 عقوبات)
(جـ) مراقبة. مدتها كعقوبة أصلية.
(قانون المتشردين والمشتبه فيهم رقم 24 لسنة 1923)
1 - إن جرائم الاشتباه المبينة بالمادة التاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923 تقوم كلها على سبق إنذار المشبوه وعلى فعل مادّى من الأفعال المبينة فى هذه المادة وعلى قصد جنائى منتزع من إقدام المشبوه على العود للاشتباه بارتكابه فعلا من تلك الأفعال رغم سبق إنذاره مشبوها.
2 - إنه وإن كان فعل السرقة قد دخل على نوع ما فى تكوين أركان جريمة العود للاشتباه إلا أن هذه الجريمة لا تزال فى باقى أركانها مستقلة عن جريمة السرقة بحيث يتعذر اعتبارهما فعلا واحدا يمكن وصفه قانونا بوصف قانونى واحد أو عدّة أفعال تكون جميعها جريمة واحدة وكل فعل منها يكون جريمة مستقلة. وعلى ذلك لا يجوز تطبيق المادة 32 عقوبات فى حالة العائد للاشتباه إذا ارتكب جريمة أخرى.
3 - إن القانون رقم 24 لسنة 1923 وإن لم يحدّد بنص صريح مدّة المراقبة كعقوبة أصلية إلا أنه يتعين أن تكون مدّة هذه العقوبة كمدّة الحبس فى حدّيه الأدنى والأقصى.
الطعن المقدّم من النيابة العامة فى دعواها رقم 823 سنة 1930 المقيدة بجدول المحكمة رقم 1109 سنة 47 قضائية ضدّ خضر عبد النبى خضر.


الوقائع

اتهمت النيابة المتهم المذكور بأنه فى ليلة 12 مايو سنة 1929 الموافق 3 الحجة سنة 1347 بناحية أبو صير: (أوّلا) سرق مع آخر حكم عليه ملابس وأشياء أخرى مبينة بالمحضر من متعلقات الجيش الإنجليزى، وذلك حالة كونه عائدا إذ سبق الحكم عليه بعقوبتين مقيدتين للحرّية فى سرقات الأخيرة منهما بحبسه أربعة أشهر مع الشغل بتاريخ 17 رمضان سنة 1347 الموافق 27 فبراير سنة 1929 (ثانيا) بجريمته سالفة الذكر عاد إلى حالة الاشتباه مع سبق إنذاره مشبوها بتاريخ 28 يونيه سنة 1927، وطلبت إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 274 فقرة أولى وثانية ورابعة وخامسة و48 و49 و277 من قانون العقوبات و2 و3 و8 و9 و10 و11 من القانون رقم 24 سنة 1923.
وبتاريخ 17 أكتوبر سنة 1929 أصدر حضرة قاضى الإحالة أمرا باحالته على محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته بالمواد المذكورة.
وبعد أن نظرت محكمة الجنايات المذكورة هذه الدعوى حكمت فيها حضوريا بتاريخ 28 يناير سنة 1930 عملا بالمادة 274 عقوبات وبالمواد 2 و3 و8 و9 و10 و11 من القانون رقم 24 سنة 1923 مع تطبيق المادة 32 عقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدّة سنة.
فطعن حضرة رئيس نيابة الزقازيق فى هذا الحكم بطريق النقض والإبرام بتاريخ 12 فبراير سنة 1930 وقدّم تقريرا بالأسباب فى اليوم نفسه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قدّم وتلاه بيان الأسباب فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن أن محكمة الجنايات - بتطبيقها المادة 32 مع المواد 274 ع و3 و8 و9 و10 من قانون رقم 24 سنة 1923 على ما كان متهما به خضر عبد الغنى خضير من سرقة وعود للاشتباه مع سبق إنذاره مشبوها وبالحكم على هذا المتهم بالحبس سنة بغير مراقبة - قد أخطأت فى تطبيق القانون. ولذلك طلبت النيابة الحكم بالمراقبة على جريمة العود للاشتباه التى اعتبرتها محكمة الجنايات مع جريمة السرقة جريمة واحدة واكتفت فيهما بالعقوبة على السرقة التى هى أشدّهما عقوبة.
وحيث إن المادة التاسعة من القانون رقم 24 سنة 1923 توجب الحكم بالمراقبة (كعقوبة أصلية) على من كان منذرا مشبوها وحكم عليه بالإدانة فى سرقة أو فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى الفقرتين (أوّلا) و(ثانيا) من المادة الثانية من هذا القانون. وتنص المادة العاشرة منه على أن الحكم بهذه العقوبة يكون من المحكمة التى تحكم بالعقوبة فى هذه الجرائم السابقة الذكر.
وحيث إن جرائم الاشتباه المبينة بالمادة التاسعة المذكورة تقوم كلها على سبق إنذار المشبوه وعلى فعل مادى من الأفعال المبينة بهذه المادة وعلى قصد جنائى ملازم لهذا الفعل المادّى تلازما لا يكاد تصوّر انفصاله عنه. فجريمة الاشتباه الأولى (وهى المسندة إلى المتهم فى هذه القضية) تتألف من سبق إنذار المشبوه لتسجيل صفة الاشتباه عليه وتنبيهه إلى ما يترتب على الإنذار من محاكمته إذا لم يرضخ هو لمقتضاه، وهو الكف عما أوجب الاشتباه فيه، ومن فعل مادى هو الحكم بادانة المنذر إذا ارتكب جريمة من الجرائم المبينة بالفقرتين (أوّلا) و(ثانيا) من المادة الثانية من قانون التشرد والاشتباه ومن قصد جنائى منتزع من إقدامه على العود للاشتباه بارتكابه هذه الجريمة والحكم بادانته فيها رغم سبق إنذاره مشبوها.
وحيث إنه وإن كان فعل السرقة قد دخل على نوع ما فى تكوين أركان جريمة العود للاشتباه إلا أن هذه الجريمة لا تزال فى باقى أركانها مستقلة عن جريمة السرقة بحيث يتعذر اعتبارهما فعلا واحدا يمكن وصفه قانونا بوصف قانونى واحد (كحالة هتك عرض إنسان بالقوّة فى الطريق العام) أو عدّة أفعال تكوّن جميعها جريمة واحدة وكل فعل منها يكون جريمة مستقلة كقتل اقترن بجناية أخرى أو عدّة جرائم صدرت عن غرض إجرامى واحد كالتزوير للنصب.
وحيث إن الشارع نفسه - بايجابه معاقبة المنذر المشبوه على حالة عوده للاشتباه علاوة على الحكم عليه بالعقوبة البدنية التى استحقها على ارتكابه الجريمة الأخرى - قد دل على أنه لا يريد الأخذ فى الجريمتين بحكم المادة 32 من قانون العقوبات والاكتفاء بالعقوبة البدنية الواجب توقيعها على المشبوه جزاء على تلك الجريمة الأخرى التى ارتكبها.
وحيث إنه يتعين إذن قانونا وجوب معاقبة المنذر المشبوه الذى عاد للاشتباه فى الحالات المبينة بالمادة التاسعة من قانون رقم 24 سنة 1923 بالمراقبة فضلا عن معاقبته على ما ارتكبه من الجرائم الأخرى ولهذا يجب رفع تطبيق المادة 32 من الحكم المطعون فيه وتطبيق المواد 3 و8 و9 و10 من قانون رقم 24 سنة 1923 والحكم على المتهم بالمراقبة.
وحيث إن هذا القانون لم يحدّد بنص صريح فيه مدّة هذه المراقبة (كعقوبة أصلية) ولكنه إذ عاقب على جرائم الاشتباه بهذه العقوبة كما عاقب بها المتشرد الذى تكرر منه العود للتشرد وإذ نص فى ختام الفقرة الرابعة من المادة السادسة من هذا القانون على أن المراقبة المحكوم بها على المتشرد الذى تكرر منه العود للتشرد تعتبر مماثلة لعقوبة الحبس فيما يتعلق بتطبيق قانون العقوبات وتحقيق الجنايات - لذلك يتعين أن تكون مدّة هذه العقوبة كمدّة الحبس فى حدّيه الأدنى والأقصى فتتراوح بذلك مدّة المراقبة التى يعاقب بها المنذر المشبوه على جرائم الاشتباه بين أربع وعشرين ساعة وثلاث سنوات ويجوز إبلاغها عند التعدّد إلى ست سنوات كالحبس عند تعدّده لا تزيد مدّته عن هذه المدة (المادة 36 من قانون العقوبات).
وحيث إن هذه المحكمة ترى أخذا بهذه المبادئ وتطبيقا للمواد المتقدّمة الذكر معاقبة المتهم على جريمة العود للاشتباه بالمراقبة لمدّة ستة شهور.

ولهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بعدم تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بوضع الطاعن تحت المراقبة مدّة ستة شهور تبتدئ من يوم انقضاء العقوبة المحكوم بها.