مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) - صـ 186

جلسة الخميس 8 يناير سنة 1931

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

(150)
القضية رقم 74 سنة 48 القضائية

ضرب أو جرح بالمادة 205 ع. المرض أو العجز عن الاشتغال المدّة المقررة قانونا. وجوب بيان ذلك فى الحكم.
يجب لإمكان تطبيق المادة 205 عقوبات أن يكون الجرح أو الضرب قد أحدث بالمجنى عليه مرضا أو عجزا عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما. ولما كانت هذه النتيجة هى علة تشديد العقوبة وجب عند تطبيق هذه المادة أن يذكر فى الحكم أن هذه النتيجة وقعت فعلا وإلا كان الحكم ناقصا فى بيان الوقائع ووجب نقضه.
الغالب أن المرض يترتب عليه العجز عن القيام بالأعمال الشخصية إلا أنه لما كان أحد الأمرين كافيا على انفراده لإمكان تطبيق المادة 205 ع وجب أن يكون المرض الذى لا يتسبب عنه العجز عن الأشغال الشخصية بالغا من الجسامة مبلغا يجعله أمام القانون فى درجة ذلك العجز. وبلوغ المرض هذا المبلغ من الجسامة أمر تقديرى موكول لقاضى الموضوع. ولكن لا يكفى لتطبيق المادة المذكورة أن يقول القاضى فى حكمه إن المجنى عليه مكث تحت العلاج مدّة تزيد على عشرين يوما لأن هذا القول لا يكفى فى الدلالة على شدّة المرض الذى أصاب المجنى عليه لجواز أن يكون العلاج الذى استمر هذه المدّة قاصرا على التردّد على الطبيب لعمل غيار يومى أو ما أشبه ذلك من الأحوال التى لا تدل بذاتها على جسامة المرض [(1)].
الحكم الصادر فى القضية رقم 772 سنة 37 القضائية بجلسة 13 مارس سنة 1920 برياسة معالى طلعت باشا وعضوية حضرات المستر كالوينى والمستر كلابكوت ومصطفى فتحى بك ويوسف سليمان بك المستشارين.


وقائع الدعوى

اتهمت النيابة العمومية الطاعن المذكور بأنه فى ليلة 6 أبريل سنة 1919 بمعصرة سمالوط شرع فى قتل حليمة بنت حسين عمدا بأن أطلق عليها عيارا ناريا أصابها فى ساق رجلها اليسرى وذلك مع سبق الإصرار. وطلبت من حضرة قاضى الإحالة بمحكمة بنى سويف إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 194 و45 و46 عقوبات، وحضرة قاضى الإحالة قرّر فى 24 مايو سنة 1919 إحالة المتهم المذكور على محكمة جنايات بنى سويف لمحاكمته بالمواد سالفة الذكر. ومحكمة الجنايات المشار إليها حكمت فى 16 أغسطس سنة 1919 حضوريا باعتبار الواقعة جنحة تنطبق على المادة 205 عقوبات وبمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدّة سنة ونصف، وقد قرّر المحكوم عليه بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض والإِبرام يوم صدوره وقدّم حضرة كامل افندى حنا المحامى عنه تقريرا بأسباب طعنه فى 31 أغسطس سنة 1919.


المحكمة

بعد سماع طلبات النيابة العمومية وطلبات حضرة إدوار افندى قصيرى المحامى الحاضر عن حضرة إبراهيم بك الهلباوى محامى الطاعن والاطلاع على الأوراق والمداولة حسب القانون.
من حيث إن الطعن مقبول شكلا.
وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على وجهين:
(أوّلا) أن الطاعن لم يكن يقصد إحداث إصابة عمدا بل الحادثة حصلت بالقضاء والقدر أو بالإهمال ولمحكمة النقض أن تستنتج غير ما استنتجته محكمة الجنايات وتعتبر الواقعة منطبقة على المادة 208 عقوبات.
(ثانيا) لم تذكر محكمة الجنايات مع تطبيقها المادة 205 عقوبات أن المجنى عليها أصابها مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية مدّة تزيد عن عشرين يوما بل قالت إنها مكثت تحت العلاج أكثر من عشرين يوما مع أنه لابدّ من ذكر المرض أو العجز عن الأشغال الشخصية وإلا كان الحكم باطلا.
وحيث عن الوجه الأوّل فانه فى الموضوع.
وحيث عن الوجه الثانى فان مدّة المرض التى تزيد عن العشرين يوما وتكون سببا فى تشديد العقوبة هى عن شيئين المرض والعجز عن الأشغال الشخصية. وكثيرا ما يحصل عدم ملاحظة هذا التقسيم عند تطبيق المادة 205 عقوبات التى يقصد منها أن يكون المرض قد زادت مدّته عن عشرين يوما أو يكون العجز عن الأشغال الشخصية زادت مدّته كذلك عن المدّة المعينة بالمادة المذكورة. فى الحالة الأولى يكون المرض ملازما للمعالجة فلا يزول المرض قانونا إلا بزوال العلاج وقد جاء صراحة فى الحكم المطعون فيه أن المجنى عليها مكثت تحت العلاج أكثر من عشرين يوما وهذا يدل على أنها كانت مريضة أكثر من العشرين يوما المذكورة فالمحكمة حدّدت من جهةٍ مدّة المرض وهذا التحديد مسألته ترجع إلى الموضوع ومن جهة أخرى قرّرت المحكمة أن مدّة المرض تزيد عن العشرين يوما وهذا يكفى.
الطعن المقدّم من طِلب أحمد على وآخرين ضدّ النيابة العامة فى دعواها رقم 235 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 74 سنة 48 قضائية ومحمد السعيد نعمان وعثمان عبد العزيز سليمان مدعيين بحق مدنى.


الوقائع

اتهمت النياية هؤلاء الطاعنين بأنهم فى ليلة 9 أغسطس سنة 1929 بناحية كفر الأمير عبد الله ضربوا محمد السعيد نعمان
ضربا أحدث به الإصاباب المبينة بالكشف الطبى وتقرّر لعلاجها أكثر من عشرين يوما، والثانى والثالث أيضا ضربا عثمان عبد العزيز، والأوّل أيضا مع آخر ضربا مصباح محمد سليمان فأحدثوا بهما إصابات لا تحتاج لعلاج. وطلبت معاقبتهم بالمادتين 205 و206 من قانون العقوبات.
وادعى كل من محمد السعيد نعمان وعثمان عبد العزيز سليمان مدنيا وطلبا الحكم لهما الأوّل بمبلغ 125 جنيها تعويضا قبل المتهمين الأربعة بالتضامن والثانى بمبلغ 25 جنيها تعويضا قبل المتهمين الثانى والثالث بالتضامن.
ومحكمة جنح السنبلاوين الجزئية سمعت هذه الدعوى وحكمت فيها حضوريا بتاريخ 6 مارس سنة 1930 عملا بالمادتين السابقتين: (أوّلا) بحبس كل من المتهمين الأربعة ثلاثة شهور مع الشغل وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لمحمد السعيد نعمان مبلغ عشرين جنيها تعويضا والمصاريف المدنية المناسبة. (ثانيا) بتغريم كل من الثانى والثالث ثلاثمائة قرش وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لعثمان عبد العزيز مبلغ خمسة جنيهات تعويضا والمصاريف المدنية المناسبة.
فاستأنف المتهمون هذا الحكم فى يوم صدوره واستأنفه أيضا المدّعى بالحق المدنى محمد السعيد نعمان فى 16 مارس سنة 1930.
ومحكمة المنصورة الابتدائية نظرت هذه الدعوى استئنافيا وقضت فيها حضوريا بتاريخ 16 نوفمبر سنة 1930 بقبول الاستئنافين شكلا وبرفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المتهمين بالمصاريف المدنية الاستئنافية المناسبة.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض والإبرام بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1930 وقدّم حضرة المحامى عنهم تقريرا بالأسباب فى 23 منه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مبنى الوجه الأوّل من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه لم يذكر عند تطبيقه المادة 205 من قانون العقوبات حصول مرض للمجنى عليه أو عجز عن الأعمال الشخصية مدّة تزيد على عشرين يوما.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم المستأنف تبين أنه أخذ بأسباب الحكم الابتدائى وهذا الحكم الأخير اكتفى فى معرض بيان النتائج التى ترتبت على ضرب المتهمين الطاعنين للمجنى عليه بالقول بأنه ثبت من الكشف الطبى أن المجنى عليه المذكور عولج ثلاثة وأربعين يوما فيتعين تطبيق المادة 205 عقوبات بالنسبة للمتهمين المذكورين.
ومن حيث إنه يجب لإمكان تطبيق المادة 205 عقوبات أن يكون الجرح أو الضرب قد أحدث بالمجنى عليه مرضا أو عجزا عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما. ولما كانت هذه النتيجة هى علة تشديد العقوبة فى المادة المذكورة وجب عند تطبيق هذه المادة أن يذكر فى الحكم أن هذه النتيجة وقعت فعلا وإلا كان الحكم ناقصا فى بيان الوقائع.
ومن حيث إنه يغلب أن يترتب على المرض عجز عن القيام بالأعمال الشخصية، إلا أنه لما كان أحد الأمرين كافيا على انفراده لإمكان تطبيق المادة وجب أن يكون المرض الذى لا يتسبب عنه العجز عن الأشغال الشخصية بالغا من الجسامة مبلغا يجعله أمام القانون فى درجة العجز عن الأشغال الشخصية لكى يكون هناك تعادل بين الأمرين وليكون كلاهما على انفراده مبررا لتوقيع العقوبة المشدّدة المنصوص عليها فى المادة 205. وبلوغ المرض هذا المبلغ من الجسامة أمر تقديرى موكول لقاضى الموضوع.
ومن حيث إن القول بأن المجنى عليه مكث تحت العلاج مدة تزيد على عشرين يوما لا يكفى لبيان شدّة المرض الذى أصاب المجنى عليه والذى يبرر تطبيق المادة المذكورة لجواز أن يكون العلاج الذى استمر هذه الأيام الطويلة قاصرا على التردّد على الطبيب لعمل غيار يومى أو ما أشبه ذلك من الأحوال التى لا تدل بذاتها على جسامة المرض الذى نشأ عنه الضرب والجرح.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه غير مشتمل على البيان الكافى لاقناع محكمة النقض بأن تطبيق المادة 205 كان له مسوّغ قانونى وإذن يتعين نقضه.
ومن حيث إنه لا داعى بعد ذلك لبحث الوجه الثانى من أوجه الطعن.


[(1)] سبق لمحكمة النقض والإبرام أن قضت بغير هذا. يراجع حكمها الصادر فى 13 مارس سنة 1920 فى القضية رقم 772 سنة 37 القضائية المنشور هنا، ويراجع فى معنى هذه القاعدة جارسون نبذة 117.