مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) - صـ 365

جلسة الاثنين 7 ديسمبر سنة 1931

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

(300)
القضية رقم 547 سنة 2 القضائية

( أ ) اختلاس أشياء محجوز عليها. صدور قانون بمنع المطالبة بالدين الذى وقع الحجز من أجله. سقوط الجريمة.
(المرسوم بقانون رقم 54 لسنة 1930 والمادة 5 ع)
(ب) حكم. تناقض أسبابه مع الثابت بمحضر الجلسة. نقض.
1 - إنه وإن كان المرسوم بقانون رقم 54 لسنة 1930 الصادر فى 2 ديسمبر سنة 1930 الخاص بمنح مهلة لدفع إيجارات الأراضى الزراعية لا يسرى بنص المادة الخامسة منه إلا على الدعاوى التى كانت منظورة وقت صدوره إلا أنه من باب أولى يسرى على التنفيذات الحاصلة قبل صدوره ما دامت متعلقة بأجرة سنة 1929 - 1930 الزراعية، بحيث إذا كانت قبل صدوره قد وقعت جريمة تبديد خاصة بحجز حاصل لدفع أجرة السنة المذكورة فلا شك أن مرتكب هذه الجريمة التى لم يكن حكم فيها بعد يحق له أن ينتفع بنتائج هذا المرسوم خصوصا إذا كان بادر من قبل صدور المرسوم إلى دفع المستحق عليه.
2 - تناقض أسباب الحكم مع الثابت بمحضر الجلسة يبعد الاطمئنان إلى سلامة الحكم ويوجب نقضه.
الطعن المقدّم من جرجس تادرس ضدّ النيابة العامة فى دعواها رقم 1735 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 547 سنة 2 قضائية. ومحمد بك وفيق مدع بحق مدنى.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية عرفة سام وأحمد حسنين وجرجس تادرس بأنهم فى يوم أول نوفمبر سنة 1930 بناحيتى تزمنت والجزيرة الغربية اختلسوا زراعة قطن وهى المبينة فى محضر الحجز المحرّر فى 24 سبتمبر سنة 1930 إضرارا بمحمد بك وفيق يكن حالة كون الأول والثانى حارسين وسلمت إليهما الزراعة على سبيل الوديعة والثالث حارس ومالك لبعضها. وطلبت من محكمة جنح بنى سويف الجزئية عقاب الأول والثانى بالمادة 296 من قانون العقوبات والثالث (الطاعن) بها وبالمادة 297 من القانون المذكور.
وادعى محمد بك وفيق مدنيا وطلب الحكم له بمبلغ 21 جنيها تعويضا على المتهمين بالتضامن.
وبعد أن سمعت المحكمة المذكورة هذه الدعوى حكمت فيها حضوريا فى 19 أبريل سنة 1931 عملا بالمواد 172 من قانون تحقيق الجنايات للأول و296 من قانون العقوبات للثانى و297 من القانون المذكور للثالث ببراءة الأول وحبس كل من الثانى والثالث (الطاعن) شهرين مع الشغل وألزمتهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى ألف قرش تعويضا والمصاريف المناسبة.
فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم فى 20 و21 أبريل سنة 1930.
ومحكمة بنى سويف الابتدائية الأهلية بعد أن نظرت هذه الدعوى بهيئة استئنافية قضت فيها حضوريا فى 30 مايو سنة 1931 بقبول الاستئناف شكلا وبرفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الثانى (الطاعن) مع إيقاف التنفيذ وتعديله بالنسبة للمتهم أحمد حسنين والاكتفاء بحبسه خمسة عشر يوما مع الشغل.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 7 يونيه سنة 1931 وقدّم حضرة المحامى عنه تقريرا بأسباب الطعن فى 14 يونيه سنة 1931.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن صحيح شكلا لتقديمه هو وأسبابه فى الميعاد القانونى.
وحيث إن أوجه الطعن تتلخص فى أن الطاعن قرّر أمام المحكمة أن الواقعة المنسوبة إليه لا عقاب عليها وأوضح لها أنه استأجر مع شريك له يدعى كامل افندى ميخائيل من المدعى بالحق المدنى 110 فدادين و8 قراريط و4 أسهم لثلاث سنوات من 15 نوفمبر سنة 1929 لغاية نوفمبر سنة 1931 بايجار سنوى قدره 2820 جنيها و730 مليما يسدّد منه 339 جنيها قيمة دين للبنك العقارى و540 جنيها و820 مليما قيمة الأموال الأميرية السنوية والباقى وقدره 1971 جنيها يدفع على أقساط شهرية من أول نوفمبر سنة 1929 باعتبار كل قسط 55 جنيها واشترط أنه إذا تأخر فى قسط حلت باقى الأقساط كما اشترط حق المدعى المدنى فى التحويل وأن عقد الإيجار تحوّل فعلا للبنك الألمانى الشرقى - وقرّر الطاعن للمحكمة أنه سدّد دين البنك العقارى والأموال عن سنة 1930 الزراعية واستمر فى دفع الأقساط الشهرية للبنك الألمانى إلى شهر سبتمبر سنة 1930 وأن جملة ما دفعه هو 1717 جنيها و320 مليما فى حين أن الإيجار السنوى 1036 جنيها و940 مليما وأنه صدر وقت ذلك مرسوم ملكى قاض بأن من يسدّد فى سنة 1930 ثمانين فى المائة من مجموع الإيجار السنوى فلا يجوز للمؤجر أن يطالبه بالباقى إلا فى سبتمبر سنة 1931 ويقول الطاعن إنه وقد تسدّد منه أزيد من 80% أصبح محقا فى الانتفاع بهذا المرسوم ولذلك امتنع عن سداد نصيبه وقدره النصف فى قسط سبتمبر سنة 1930 فقام المدعى المدنى وأوقع الحجز التحفظى على القطن فى 24 سبتمبر سنة 1930 وفاء لجميع الإيجار وتحدّد للبيع يوم أول نوفمبر سنة 1930 الذى فيه تحرّر محضر التبديد مع أن ذمة الطاعن كانت بريئة من الإيجار وقت التبديد.
وهنا يشكو الطاعن من أن المحكمة لم تحقق شيئا مما ادعاه ولم ترد على دفاعه فى هذا الصدد وأن ما أوضحته فى الحكم خاصا بشريكه كامل افندى ميخائيل جاء كذلك متناقضا مع بعضه وأن واقعة التبديد لم تبين البيان الكافى.
وحيث إن المرسوم بقانون نمرة 54 لسنة 1930 الخاص بمنح مهلة لدفع إيجارات الأراضى الزراعية قد صدر فى 2 ديسمبر سنة 1930 أى بعد أول نوفمبر سنة 1930 المقول بحصول التبديد فيه فدعوى الطاعن فى هذا الوجه من أن تصرفه فى القطن المحجوز عليه وعدم تقديمه يوم البيع كان منه أخذا بحق مقرّر فى المرسوم بالقانون المذكور هى دعوى لا تطابق الواقع. غير أنه مما تجب ملاحظته أن المرسوم المذكور قد صدر قبل محاكمة الطاعن والمادة الأولى منه تقضى بأن من يكون مستأجرا أرضا لسنة 1929 - 1930 زراعية لزراعة القطن ويكون قد دفع أربعة أخماس إيجار السنة المذكورة فلا تجوز مطالبته قبل أوّل سبتمبر سنة 1931 بالخمس الباقى والمادة الثانية منه تنص فيما تنص عليه على أن الأربعة الأخماس المذكورة يجوز دفعها أثناء تنفيذ الحكم الصادر بدفع الإيجار (أو طبعا عند تنفيذ العقد الرسمى إن كانت الإِجارة بعقد رسمى واجب التنفيذ) على شرط أن يتم ذلك قبل بيع الأعيان المحجوزة وأنه فى هذه الحالة إذا كان دفع الأربعة الأخماس مصحوبا بدفع مصاريف التنفيذ والملحقات القانونية تعتبر الإجراءات ملغاة. ولئن كان هذا القانون ساريا بنص المادة الخامسة منه على الدعاوى التى كانت منظورة وقت صدوره فهو من باب أولى يسرى على التنفيذات الحاصلة قبل صدوره ما دامت متعلقة بأجرة سنة 1929 - 1930 الزراعية بحيث إذا كانت قبل صدوره قد وقعت جريمة تبديد خاصة بحجز حاصل لدفع أجرة السنة المذكورة كالقضية الحالية فلا شك أن مرتكب هذه الجريمة التى لم يكن حكم فيها بعد يحق له أن ينتفع بنتائج هذا المرسوم خصوصا وأنه إذ بادر من قبل صدور المرسوم إلى دفع المستحق عليه فهو أولى بالرعاية ممن لم يدفع إلا بعد صدور هذا المرسوم.
وحيث إن اعتبار الحجز ملغى والتبديد ساقطة جريمته ذلك مشروط بأن يثبت الطاعن أنه كان قد دفع فعلا أربعة أخماس إيجار سنة 1930 مع مصاريف التنفيذ والملحقات القانونية. وبما أن الحكم المطعون فيه لم يتعرّض لبحث هذه النقطة التى أثارها الدفاع عن الطاعن كما هو ثابت بمحضر الجلسة وغاية الأمر أن المحكمة أمرت بايقاف تنفيذ العقوبة على الطاعن قائلة - "إنه قام بسداد مبالغ يعتد بها مما للحاجز عليه" وهذا إبهام لا فصل فيه لما قدّمه المحامى من الدفاع فى هذه النقطة.
وبما أن تحقيق حصول دفع أربعة أخماس الإيجار ومصاريف التنفيذ وملحقاته فعلا قبل أوّل نوفمبر سنة 1930 أو عدم دفع ذلك هذا يقتضى تحقيقا موضوعيا ليس من شأن محكمة النقض إجراؤه.
وحيث إنه بقطع النظر عن مسألة تسديد الطاعن لأربعة أخماس الإيجار وحقه فى الانتفاع بمرسوم 2 ديسمبر سنة 1930 على الوجه السالف البيان فان ما ذكره الطاعن من أن الواقعة غير مبينة بالحكم وأن أسباب هذا الحكم مناقضة لما جاء فى محضر الجلسة ومتناقضة أيضا بعضها مع بعض - ما ذكره الطاعن من هذا بعضه صحيح الأساس؛ إذ بالاطلاع على الحكم الابتدائى المأخوذ بأسبابه فى الحكم المطعون فيه وجد أنه عزا لمن يدعى كامل ميخائيل الذى كان متهما بالاشتراك مع الطاعن والذى كان شريكا للطاعن فى الاستئجار أنه قال إنه لم يأخذ من محصول الزراعة المحجوز عليها (وهى ستة أفدنة) إلا محصول فدان واحد مع أن الثابت من أقوال كامل ميخائيل هذا فى محضر جلسة المحكمة الجزئية أنه أخذ ثلاثة أفدنة محصولها ثمانية قناطير. وأهمية الإشارة إلى هذا الخطأ هى وقوع الانبهام فيما أثبته الحكم بعد من أن كامل ميخائيل هذا قد حصل من المدعى المدنى (الحاجز) على إقرار بالتنازل عن الحجز الذى أوقعه على دكانه وعلى نصيبه فى الزراعة - إذ فرق جسيم فى التقدير بين أن يكون نصيبه هذا هو محصول ثلاثة أفدنة وأنه أخذ هذا المحصول - كما يقوله الطاعن - أو أنه محصول فدان واحد كما ورد خطأ فى الحكم أنه هو ما قاله كامل ميخائيل - ولا شك أن خطأ المحكمة فى بيان هذه النقطة مما يبعد الاطمئنان إلى سلامة حكمها.
وحيث إنه لذلك جميعه يكون الطعن الحالى على أساس ويتعين قبوله موضوعا.