مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) - صـ 372

جلسة الاثنين 21 ديسمبر سنة 1931

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

(304)
القضية رقم 530 سنة 2 القضائية

( أ ) نقض. إغفال الحكم ذكر اسم شخص غير المتهم. لا يطعن عليه.
(ب) تسليم الشىء إلى الخدم أو المستخدمين أو الصناع. اختلاس أحدهم إياه. حكمه.
(جـ) تسليم الشىء إلى محترف بالنقل. اختلاسه إياه. حكمه.
(المادتان 296 ع و274/ 7 - 8 ع)
1 - ليس مما يعنى المتهم أن يكون الحكم قد أغفل ذكر أشخاص غيره متهمين أو غير متهمين، وإذن فلا يقبل منه أن يطعن على الحكم إلا بما له مساس بشخصه.
2 - الاختلاس لا يمكن أن يعدّ تبديدا معاقبا عليه بالمادة 296 عقوبات إلا إذا كانت حيازة الشىء قد انتقلت إلى المختلس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يخون هذه الأمانة باختلاس الشىء الذى اؤتمن عليه. أما إذا كانت الحيازة لم تنتقل بالتسليم بل بقيت على ذمة صاحب الشىء كما هو الحال فى التسليم الحاصل إلى الخادم أو العامل وكان الغرض منه مجرّد القيام بعمل مادى (acte materiel) مما يدخل فى نطاق عمل المستلم باعتباره خادما أو عاملا كتنظيف الشىء أو نقله من مكان إلى آخر فان الاختلاس الذى يقع من الخادم أو العامل فى الشىء المسلم إليه يعدّ سرقة لا تبديدا.
3 - إنه وإن كان التسليم الحاصل إلى المحترفين بنقل الأشياء فى العربات أو المراكب أو على دواب الحمل إنما يقع بناء على عقد من عقود الائتمان يتم بين صاحب الشىء ومتعهد نقله سواء أكان العقد شفويا أم كتابيا وكان من مقتضى ذلك أن تنتقل حيازة الشىء إلى مستلمه إلا أنه إذا اختلس هذا المحترف الشىء المسلم إليه فإنه يعدّ سارقا بحكم الفقرة الثانية من المادة 274 ع.
وقد يعترض على هذا النص بأنه شذ عن القواعد العامة للسرقة إذ لم يعتدّ بالتسليم الحاصل فى هذه الحالة والذى من شأنه أن ينقل حيازة الشىء المسلم إلى مستلمه فاذا اختلسه عدّ خائنا للأمانة لا سارقا - قد يعترض بهذا غير أنه لا محل للاجتهاد فى مقام النص الصريح.
الطعن المقدّم من إبراهيم محمود المعاملى ضد النيابة العمومية فى دعواها رقم 1631 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 530 سنة 2 قضائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن المذكور وآخر بأنهما فى يوم 27 فبراير سنة 1930 بدائرة قسم محرم بك سرقا كمية من الفحم لشركة فايرى حالة كونهما عاملين بها بالأجرة. وطلبت من محكمة جنح العطارين الجزئية عقابهما بالفقرة السابعة من المادة 274 من قانون العقوبات ثم طلبت باحدى الجلسات تطبيق المادة 48 من القانون المذكور بالنسبة للطاعن.
وبعد أن سمعت المحكمة المذكورة هذه الدعوى قضت غيابيا فى 11 نوفمبر سنة 1930 عملا بالفقرة السابعة من المادة 274 والقفرة الثالثة من المادة 48 من قانون العقوبات بحبس الطاعن ستة شهور مع الشغل. فعارض فى هذا الحكم ونظرت المعارضة وقضى فيها فى 30 ديسمبر سنة 1930 بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم الغيابى وبراءته مما نسب إليه.
فاستأنفت النيابة فى 11 نوفمبر سنة 1930 و5 يناير سنة 1931.
ومحكمة اسكندرية الابتدائية الأهلية بعد أن سمعت الدعوى بهيئة استئنافية حكمت فى 10 مارس سنة 1931 غيابيا وعملا بالفقرة السابعة من المادة 274 والفقرة الثالثة من المادة 48 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وحبس الطاعن ستة شهور مع الشغل. فعارض فى هذا الحكم وسمعت المعارضة وقضى فيها فى 26 أبريل سنة 1931 بقبولها شكلا وبرفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى يوم صدوره وقدّم تقريرا بالأسباب فى 2 مايو سنة 1931.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن محصل الوجه الأوّل من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه بنى على أسباب لا وجود لها بالأوراق ولكنها مستمدة من مجرّد اعتقاد المحكمة وهذا مبطل للحكم بطلانا جوهريا.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه تبين أنه جاء مؤيدا لحكم غيابى استئنافى صدر قبله ومعتمدا لأسبابه وهذا الحكم الغيابى بنى على شهادة شاهد سمع فى التحقيق وقد عزز الحكم المذكور صحة التهمة المسندة إلى الطاعن بأقوال شاهد آخر سمع فى التحقيق أيضا، فأدلة الإدانة مستمدة كلها من أوراق الدعوى ولا صحة لما يزعمه الطاعن خلاف ذلك.
ومن حيث إن الوجه الثانى مردود بأن الجهة التى وقعت فيها السرقة المسندة إلى الطاعن مذكورة بديباجة الحكم وهى دائرة قسم محرّم بك. كما أنه ليس مما يعنى الطاعن أن يكون الحكم قد أغفل ذكر أشخاص غيره متهمين أو غير متهمين إذ لا يقبل منه أن يطعن فى الحكم إلا بما له مساس بشخصه.
ومن حيث إن الوجه الثالث مردود بأنه كان فى وسع الطاعن أن يشكو إلى محكمة الموضوع ما فى التحقيق الابتدائى من نقص أو قصور يزعم أنه أضر به. أما وقد سكت عن ذلك أمام محكمة الموضوع فليس له أن يتظلم منه لأوّل مرة أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الوجه الرابع مردود بأن الاختلاس لا يمكن أن يعدّ تبديدا معاقبا عليه بالمادة 296 عقوبات إلا إذا كانت حيازة الشىء قد انتقلت إلى المختلس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يخون هذه الأمانة باختلاس الشىء الذى اؤتمن عليه. أما إذا كانت الحيازة لم تنتقل بالتسليم بل بقيت الحيازة على ذمة صاحب الشىء كما هو الحال فى التسليم الحاصل إلى الخادم أو العامل وكان الغرض من التسليم مجرّد القيام بعمل مادى (acte materiel) مما يدخل فى نطاق عمل المستلم باعتباره خادما أو عاملا كتنظيف الشىء أو نقله من مكان إلى آخر كما هو الشأن فى القضية الحالية (حيث كان الطاعن يشتغل عاملا فى الشركة صاحبة الفحم وتسلم الفحم منها لتوصيله إلى منزل أحد العملاء) فان الاختلاس الذى يقع من الخادم أو العامل فى الشىء المسلم إليه يعدّ سرقة لا تبديدا منطبقا على المادة 296، على أنه إذا اعتبر أن الطاعن ليس خادما ولا عاملا بشركة الفحم كما وصفته النيابة فى التهمة التى قدّمته بها إلى المحكمة وكان برغم انقطاعه لخدمة الشركة المجنى عليها كما يستفاد من وقائع الدعوى لا تزال تغلب عليه صفة أنه حوذى عمومى (عربجى كارو كما وصف بديباجة الحكم الابتدائى أو عربجى نقل نمرة 6252 كما وصف بديباجة الحكم الاستئنافى الغيابى والحكم المطعون فيه) فان ذلك لا يفيد الطاعن شيئا لأن الاختلاس الحاصل منه بهذه الصفة لا يزال بصريح نص القانون معتبرا سرقة بحكم الفقرة الثامنة من المادة 274 التى تعتبر من الظروف المشدّدة فى جريمة السرقة أن تقع السرقة من المحترفين بنقل الأشياء فى العربات أو المراكب أو على دواب الحمل أو من أى إنسان آخر مكلف بنقل أشياء أو من أحد أتباعهم إذا كانت الأشياء المسروقة قد سلمت إليهم بصفتهم السابقة. وقد يعترض على هذا النص بأنه شذ عن القواعد العامة للسرقة إذ لم يعتدّ بالتسليم الحاصل فى هذه الحالة والذى من شأنه أن ينقل حيازة الشىء المسلم إلى مستلمه لأن التسليم إلى متعهد النقل غير التسليم إلى الخادم أو العامل، إذ هو لا يقع فى الحالة الأولى إلا بناء على عقد من عقود الائتمان يتم بين صاحب الشىء ومتعهد نقله سواء أكان العقد شفويا أم كتابيا وكان من مقتضى ذلك أن تنتقل حيازة الشىء إلى مستلمه فاذا اختلسه كله أو بعضه عدّ خائنا للأمانة لا سارقا - قد يعترض بذلك غير أنه لا محل للاجتهاد فى مقام النص الصريح؛ وما دام القانون قد اعتبر هذه الحالة بالذات سرقة ونص عليها فى الفقرة الثامنة من المادة 274 فلا مناص من احترام حكم القانون.
ومن حيث إنه يكفى للرد على الوجه الخامس ما سبق ذكره ردا على الوجه الرابع.