مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) - صـ 442

جلسة الاثنين 25 يناير سنة 1932

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

(324)
القضية رقم 78 سنة 1 القضائية

سب. إسناد عيب معين. مراد الشارع من عبارة الإسناد.
(المادة 265 ع)
إن المادة 265 عقوبات تعاقب فى عبارتها الأولى على كل سب مشتمل على إسناد عيب معين وفى العبارة الثانية على كل سب مشتمل على خدش الناموس أو الاعتبار بأى كيفية كانت. ومراد الشارع من عبارة الإسناد هنا إنما هو لصق عيب أخلاقى معين بالشخص بأى طريقة من طرق التعبير. فمن يقول لغيره "ما هذه الدسائس" و"أعمالك أشدّ من أعمال المعرّصين" يكون مسندا عيبا معينا لهذا الغير خادشا للناموس والاعتبار ويحق عقابه بمقتضى المادة 265 ع لا بمقتضى المادة 347 ع.
الطعن المقدّم من الدكتور أنطون ناصر ضدّ النيابة العامّة فى دعواها رقم 853 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 78 سنة 1 قضائية.


الوقائع

أقامت النيابة هذه الدعوى أمام محكمة المنشية المركزية ضدّ الطاعن المذكور واتهمته بأنه فى يوم 14 أغسطس سنة 1930 بدائرة قسم المنشية تعدّى بالسب العلنى على الدكتور الفتيرى كوستالاس بأن وجه إليه الألفاظ المدوّنة بالمحضر وطلبت معاقبته بالمادة 265 من قانون العقوبات.
وبعد أن سمعت المحكمة المركزية المذكورة هذه الدعوى حكمت فيها حضوريا بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1930 عملا بالمادة 347 فقرة ثانية عقوبات باعتبار الواقعة المنسوبة للمتهم مخالفة وتغريمه مائة قرش.
فاستأنف المتهم هذا الحكم فى 3 ديسمبر سنة 1930 واستأنفته النيابة أيضا فى 4 منه.
ومحكمة اسكندرية الابتدائية الأهلية نظرت هذه الدعوى استئنافيا وقضت فيها حضوريا بتاريخ 18 يناير سنة 1931 عملا بالمادتين 148 و265 عقوبات بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع باعتبار الحادثة جنحة بالمادة 265 وتغريم المتهم مائتى قرش.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض والإبرام فى 31 يناير سنة 1931 وقدّم حضرة المحامى عنه تقريرا بأسباب الطعن فى 2 فبراير سنة 1931 ومعه شهادة مؤرخة 28 يناير سنة 1931 تفيد أن الحكم لم يختم لغاية تاريخها.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن صحيح شكلا لتقديمه هو وأسبابه فى الميعاد القانونى.
وحيث إنه قبل البحث فى موضوع الطعن الحالى يتعين بيان الألفاظ المقول بتوجيهها من الطاعن إلى الدكتور كوستيلاس ورفعت بسببها الدعوى لمعرفة ما إذا كانت تدخل تحت نص المادة 265 من قانون العقوبات كما قضى بذلك الحكم الاستئنافى المطعون فيه أم هى تنطبق على ما جاء بالمادة 347 التى رأت المحكمة الابتدائية تطبيقها.
وحيث إن الثابت فى الحكم الاستئنافى المطعون فيه أن الطاعن قال للدكتور كوستيلاس ما يأتى:
"ما هذه الوساخات أو القذارة (qu’est - ce que c’est que ces ce - chonneries) وما هذه الدسائس؟ إن أعمالك أشدّ من أعمال المعرّصين".
وحيث إن المادة 265 عقوبات تعاقب فى عبارتها الأولى على كل سب مشتمل على إسناد عيب معين وفى العبارة الثانية على كل سب مشتمل على خدش الناموس أو الاعتبار بأى كيفية كانت.
وحيث إن مراد الشارع من عبارة الإسناد هنا إنما هو لصق عيب أخلاقى معين بالشخص بأى طريقة من طرق التعبير.
وحيث إنه لا شك فى أن من يقول لغيره "ما هذه الدسائس" يصفه طبعا بوصف الدساس. وكذا من يقول غيره "أعمالك أشدّ من أعمال المعرّصين" يصفه حتما بأنه أحط أخلاقا من المعرّصين.
وحيث إن فى هاتين العبارتين سبا يشتمل بلا ريب على إسناد عيب معين للدكتور كوستيلاس وفيه فى الوقت ذاته خدش للناموس والاعتبار اللذين يغار عليهما كل شخص ويجب على الغير احترامهما.
وحيث إنه من ذلك يرى أن الحكم الاستئنافى المطعون فيه قد أصاب الحق باعتبار ما وقع من الطاعن داخلا تحت نص المادة 265 من قانون العقوبات لا تحت نص المادة 347 منه التى رأت محكمة أوّل درجة تطبيقها وأن لا محل إذن لما يشكو منه الطاعن فى الأوجه الثانى والرابع والخامس من طعنه. على أنه لا يلتفت إلى ما أوضحه الطاعن فى الشق الأخير من الوجه الخامس السالف الذكر من أن المجنى عليه موظف عمومى وأنه يجوز إثبات ما وجه إليه من سب - لا يلتفت إلى ذلك لأنه فضلا عن عدم وجاهة هذا الدفع قانونا فان الطاعن لم يتمسك به أمام محكمة الموضوع ولم يشر إليه بكلمة واحدة وليس له أن يثير دفعا كهذا ولأوّل مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الوجه الثالث بنى على عدم بيان محل الحادثة بيانا كافيا وهذا ادعاء غير صحيح. فقد أثبت الحكم المطعون فيه أن الواقعة حصلت بعيادة الإسعاف (بالاسكندرية طبعا) على أن الطاعن مسلم هو نفسه بذلك فيما أورده فى هذا الصدد فى الوجه الخامس من طعنه.
وحيث إنه لا محل أيضا لما يشكو منه الطاعن فى الوجه السادس من عدم توفر شرط العلانية. إذ بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يعلم أن المحكمة أثبتت توفر هذا الشرط.
وحيث إنه لا محل أخيرا لما يتظلم منه الطاعن من عدم ختم الحكم المطعون فيه فى مدّة الثمانية الأيام المقرّرة لذلك قانونا لأنه وإن كان الطاعن قدّم شهادة رسمية بذلك فانه لم يطلب من هذه المحكمة إعطاءه ميعادا آخر لتقديم ما عسى أن يكون لديه من أوجه أخرى مكتفيا بالأوجه الخمسة السالف ذكرها.
وحيث إنه مما توضح جميعه يرى أن الطعن الحالى فى غير محله ويتعين رفضه موضوعا.