مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثانى (عن المدة بين 6 مارس سنة 1930 وبين 31 أكتوبر سنة 1932) - صـ 599

جلسة 24 أكتوبر سنة 1932

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

(365)
القضية رقم 2203 سنة 2 القضائية

تبديد أشياء محجوزة. امتناع الحارس عن تقديمها يوم البيع. احتجاجه بتبعية هذه الأشياء لأرض محجوز عليها حجزا عقاريا موضوعة تحت حراسته من قبل المحكمة المختلطة. لا يدفع عنه جريمة التبديد.
(المادتان 296 و297 ع)
الحارس على أشياء محجوز عليها من القضاء الأهلى (مواش) إذا امتنع عن تقديمها إلى المحضر فى اليوم المحدّد لبيعها بحجة أن هذه المواشى تابعة لأرض محجوز عليها حجزا عقاريا من المحكمة المختلطة وتعين هو أيضا من قبل المحكمة المختلطة حارسا على تلك الأرض وما عليها من زراعة وما يتبعها من مواش وآلات زراعية إلى غير ذلك من المنقولات المعدّة لخدمة الأرض الزراعية مما يعدّه القانون عقارا بالتخصيص لا يمكن بيع شىء منه منفصلا عن الأرض - هذا الحارس يعتبر مبددا فى هذه الصورة. ولا يزحزح عنه هذه الجريمة احتجاجه بمسئوليته عن تلك الأشياء أمام القضاء المختلط لأن واجبه - بصفته حارسا قضائيا مسئولا أمام الدائن الأجنبى عن المحافظة على الأشياء الموضوعة تحت حراسته - ينتهى عند إبلاغ المحضر الأهلى أن الأشياء المطلوب منه بيعها تابعة لعقار واقع عليه حجز عقارى من المحكمة المختلطة ومطالبة ذلك المحضر برفع هذا الإِشكال إلى الجهة المختصة بالفصل فيه لترى فيه رأيها وترك المحضر بعد ذلك يتصرف بما يراه تحت مسئوليته [(1)].
الطعن المقدّم من محمد يوسف عاشور عمره 42 سنة شيخ بلد وسكنه العمدان ضد النيابة العامة فى دعواها رقم 1311 سنة 1932 المقيدة بجدول المحكمة برقم 2203 سنة 2 قضائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه فى يوم 4 مايو سنة 1931 بالعمدان مركز كفر الشيخ مديرية الغربية بدّد الأشياء الموصوفة بالمحضر والمحجوز عليها قضائيا لأبو شعيشع الشهاوى حالة كونه حارسا ومالكا وذلك إضرارا بالدائن الحاجز.
وطلبت من محكمة جنح كفر الشيخ الجزئية عقابه بالمادتين 296 و297 من قانون العقوبات. سمعت المحكمة هذه الدعوى وقضت حضوريا فى 21 نوفمبر سنة 1931 بحبس الطاعن شهرا مع الشغل. فاستأنف هذا الحكم يوم صدوره.
ومحكمة طنطا الابتدائية الأهلية بعد أن سمعت الدعوى بهيئة استئنافية حكمت غيابيا فى 18 فبراير سنة 1932 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض فى هذا الحكم وقضت المحكمة فى 14 أبريل سنة 1932 بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 3 مايو سنة 1932 وقدّم حضرة المحامى عنه تقريرا بالأسباب فى ذات التاريخ.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه فى الميعاد فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن محصل الوجه الأول من أوجه الطعن أن الطاعن ما كان فى استطاعته أن يقدّم الأشياء المحجوزة للمحضر ليبيعها لأن المواشى المحجوزة كانت تابعة لأرض زراعية أوقع عليها بنك الأراضى المصرى حجزا عقاريا وعينت المحكمة المختلطة الطاعن حارسا قضائيا وشملت حراسته الأرض وما عليها من زراعة وما يتبعها من مواش وآلات زراعية وغير ذلك من المنقولات المعدّة لخدمة الأرض الزراعية مما يعدّه القانون عقارا بالتخصيص فلا يمكن أن يباع شىء منها منفصلا عن الأرض؛ ولو سلم الطاعن للمحضر الأهلى ببيع المواشى أو غيرها مما تقدّم ذكره لعرض نفسه للمسئولية أمام القضاء المختلط، فيكون ما وقع من الطاعن من الامتناع عن تسليم المواشى المحجوزة إلى المحضر فعلا لا يعاقب عليه القانون ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر هذا الامتناع تبديدا مستوجبا للعقاب، ويتعين إذن نقض الحكم وبراءة الطاعن.
ومن حيث إنه مع التسليم بما يقول الطاعن فان واجبه - بصفته حارسا قضائيا مسئولا أمام الدائن الأجنبى عن المحافظة على الأشياء الموضوعة تحت حراسته - ينتهى عند إبلاغ المحضر الأهلى أن الأشياء المطلوب منه بيعها تابعة لعقار واقع عليه حجز عقارى من المحكمة المختلطة ومطالبة ذلك المحضر برفع هذا الإشكال إلى الجهة المختصة بالفصل فيه لترى فيه رأيها، وترك المحضر بعد ذلك يتصرف بما يراه تحت مسئوليته. بذلك كان يمكن أن تبرأ ذمة الطاعن من كل تبعة يمكن أن توجه إليه أمام أية هيئة قضائية. أما أن يعمل على تهريب الأشياء المحجوز عليها من القضاء الأهلى وإخفائها عن أعين المحضر كيما يعرقل التنفيذ عليها ويغل يده عن القيام بواجبه وكل ذلك بحجة أنه مسئول عنها أمام القضاء المختلط فذلك أمر لا يستسيغه القانون ولا يبرر ما وقع منه من الاستهتار بالسلطة القضائية الأهلية والاحتماء فى ذلك بالسلطة القضائية المختلطة.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب إذ اعتبر تهمة التبديد قائمة برغم ما انتحله الطاعن من المعاذير التى حاول أن يلبسها ثوبا قانونيا ولم يفلح.
ومن حيث إن الوجه الثانى - القائم على أن الواقعة غير مبينة فى الحكم بيانا كافيا - مردود بأن الحكم قد بين الواقعة المستوجبة للعقوبة بما فيه الكفاية.
ومن حيث إنه لما تقدّم يتعين رفض الطعن.


[(1)] ملحوظة - الظاهر أن هذه القاعدة لم تستقر بعد.