مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 150

جلسة 21 من مايو سنة 1946

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك المستشارين.

(157)
القضية رقم 656 سنة 16 القضائية

حكم غيابي. تقادم العقوبة. مضي مدة تزيد على ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا الحكم إلى وقت علم المحكوم عليه. حصول إعلانه إلى المحكوم عليه في محله. هذا الحكم تسري بالنسبة إليه أحكام المدة المقررة لسقوط العقوبة لا الأحكام المقررة لسقوط الدعوى إلى أن يعارض فيه المحكوم عليه ويثبت للمحكمة عدم علمه به، ثم تسري مدة سقوط الدعوى.
إذا كان قد مضى بين الحكم الغيابي الصادر على المتهم وبين علمه به مدة تزيد على ثلاث سنوات، أي أكثر من المدة المقررة في القانون لانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة في مواد الجنح، وكان الثابت في الوقت ذاته أن هذا الحكم قد أعلن في بحر هذه المدة إلى المحكوم عليه في محله مخاطباً مع أخته التي تقيم معه في مسكن واحد، فإن هذا الحكم لا يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط الدعوى العمومية، وهي ثلاث سنوات، بل يسقط بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة، وهي خمس سنين، محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد العادي المقرر للطعن في الحكم، وذلك إلى أن تحصل المعارضة فيه ويثبت المحكوم عليه للمحكمة عدم علمه به، إذ علمه به يؤيده الظاهر المستفاد من حصول إعلانه في محله مما يجب معه افتراضه في حقه حتى يقيم الدليل على العكس، وعندئذٍ تبعث الدعوى العمومية من جديد ويعود معها مضي المدة المقررة لسقوط الدعوى وذلك بالنسبة إلى المستقبل فقط.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن المحكمة قضت بقبول المعارضة المرفوعة منه شكلاً على أساس أنه لم يعلن بالحكم الغيابي الذي صدر في 15 فبراير سنة 1942 وأنه لم يعلم به بسبب تجنيده في الجيش، وإذن فإن علمه به لا يكون في اليوم الذي قرر فيه المعارضة وهو 11 من نوفمبر سنة 1945. ولما كان قد مضى بين يوم هذا الحكم وبين علم المتهم به أكثر من ثلاث سنين، فإن الدعوى العمومية تكون قد سقطت بمضي المدة باعتبار أن الحكم المذكور آخر عمل متعلق بالتحقيق. ومتى كان الأمر كذلك، فقد كان من المتعين الحكم بالبراءة على هذا الأساس.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "في يوم 30/ 5/ 1941 سرق معطفاً مبينة أوصافه وقيمته بالمحضر من محل أوروزدى باك" ومحكمة أول درجة دانته بتاريخ 8 سبتمبر سنة 1941 وذكرت في ذلك: "أن زكي كوهين رئيس قسم بمحلات أوروزدى باك شهد بالجلسة بأنه بينما كان يقوم بالمراقبة في القسم رأى المتهم خارجاً من المكان المعروض فيه ملابس الرجال فسأله عن رغبته فأجابه بأن شيئاً لم يعجبه ثم لاحظ وجود حافظة بجواره على الأرض فاستفسر منه عن صاحبها فادعى أنها ليست له ولما لم يرَ أحداً سواه اشتبه في الأمر وفتح الحافظة فوجد بها بلطواً مسروقاً من المحل وكان موجوداً في المكان الذي خرج منه، وعندئذٍ ساقه إلى الخواجة إبراهيم خوري المفتش في المحل. وشهد هذا الأخير بأن المتهم كان تارة ينكر وتارة أخرى يعترف أنه صاحب الحافظة. وحيث إن المتهم أنكر السرقة وقرر عند نظر المعارضة بأنه قصد محل أوروزدى باك لشراء بنطلون ثم ادعى أن غرضه الفرجة وقد تبين أنه لا يحمل نقوداً، كما أنه استأجر دراجة وتركها خارج المحل. وحيث إن الشاهد زكي كوهين قرر في التحقيق بأنه رأى المتهم حاملاً الحافظة غير أنه لطف من شهادته قدر المستطاع بعد تنازل المحل عن بلاغه، ومع ذلك فإن خروج المتهم من المكان الذي كان موضوعاً فيه البالطو المسروق ووقوفه بجوار الحافظة عند مفاجأة رئيس القسم له دون وجود أحد سواه ودخوله المحل بغير نقود واضطرابه في أقواله واستئجاره دراجة لتسهيل الهرب له بغنيمته واعترافه بالسرقة أمام محقق البوليس كما هو ثابت في صدر المحضر - كل ذلك يقطع بأنه هو صاحب الحافظة وسارق للبالطو، ومن ثم يتعين معاقبته بالمادة 318 من قانون العقوبات. وحيث إنه وإن كان المتهم ادعى كذباً في بادئ الأمر بأنه طالب ثم أعطى إقراراً على نفسه بأنه ترك الدراسة منذ مدة طويلة إلا أن المحكمة ترى استعمال الرأفة معه وإيقاف تنفيذ الحكم عملاً بالمادة 55 عقوبات وذلك نظراً لحداثة سنه وعدم وجود سوابق له". والمحكمة الاستئنافية قضت في 15 فبراير سنة 1942 بتأييد هذا الحكم لأسبابه ثم حكمت في المعارضة المرفوعة من الطاعن بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وذلك بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1945 وقالت: "إن الحكم المعارض فيه أعلن لأخت المتهم ولم يعلم به المتهم لسبب ظروف غير عادية وهي تجنيده في الخدمة العسكرية وترحيله مع الجيش إلى مرسى مطروح. وترى المحكمة لذلك قبول المعارضة شكلاً بالرغم من حصولها بعد الميعاد. وحيث إن الحكم المعارض فيه صحيح لما بني عليه من الأسباب التي تأخذ بها هذه المحكمة فيتعين تأييده".
وحيث إنه لا وجه لما يثيره الطاعن في طعنه، فإنه إن كان قد مضت مدة تزيد على ثلاث سنوات أي أكثر من المدة المقررة في القانون لانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة في مواد الجنح وبين الحكم الغيابي وبين علم المحكوم عليه به إلا أنه ثابت أن هذا الحكم قد أعلن إلى المحكوم عليه بتاريخ 7 من مارس سنة 1942 مخاطباً مع أخته التي تقيم معه في مسكن واحد - على ما هو مذكور بصدر الحكم المطعون فيه بأصل الإعلان الذي اطلعت عليه هذه المحكمة - ولذلك فإنه فيما يختص بالسقوط بمضي المدة يعتبر بعد انقضاء الميعاد المقرر للطعن فيه محسوباً من يوم حصول هذا الإعلان نهائياً فتسري بالنسبة إليه أحكام المدة المقررة لسقوط العقوبة وهي خمس سنين في مواد الجنح لا المقررة لسقوط الدعوى العمومية وهي ثلاث سنين، وذلك إلى أن تحصل المعارضة فيه ويثبت المحكوم عليه للمحكمة عدم علمه به، لأن العلم يؤيده الظاهر المستفاد من حصول الإعلان على الوجه الصحيح المبين بالقانون، فيجب افتراضه قانوناً في حق المحكوم عليه ووصف الإجراء، أي الحكم، على مقتضاه حتى يقدم الدليل على العكس فتبعث مدة سقوط الدعوى من جديد وذلك بالنسبة إلى المستقبل فقط. ومتى كان الأمر كذلك، وكانت لم تمضِ المدة المقررة لسقوط العقوبة حتى التقرير بالمعارضة، فإن الطعن لا يكون مستنداً إلى أساس صحيح.