مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 206

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1946

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك ومحمد صادق فهمي بك المستشارين.

(223)
القضية رقم 1793 سنة 16 القضائية

إتلاف وتخريب وتعييب. القصد الجنائي في هذه الجرائم. مناط تحققه. العمد وقصد الإساءة متطابقان في هذا المقام.
(المادتان 361 و389 ع)
القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدية، سواء ما اعتبره القانون منها جنايات كتخريب مباني الحكومة (المادة 90) وإتلاف الخطوط التلغرافية (المادة 165) وتعطيل وسائل النقل العامة (المادة 167) وإحداث الغرق (المادة 359) وإتلاف البضائع والأمتعة بالقوة الإجبارية (المادة 366)، وما اعتبره جنحاً كإتلاف المباني والآثار المعدة للنفع العام والزينة وتخريبها (المادة 162) وتخريب آلات الزراعة وزرائب المواشي (المادة 354) وقتل الحيوان وسمِّه وإيذائه (المادتان 355 و357) وإتلاف المحيطات والحدود (المادة 358) وهدم العلامات المساحية أو إتلافها (المادة 362) وإتلاف الدفاتر والمضابط والسجلات العامة أو الخاصة (المادة 365) وإتلاف المزروعات والأشجار (المادة 367) - القصد الجنائي في عموم هذه الجرائم ينحصر في تعمد ارتكاب الفعل الجنائي المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون، ويتلخص في اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث الإتلاف أو التخريب أو التعطيل أو الإغراق وعلمه بأنه يحدثه بغير حق. وعبارة "بقصد الإساءة" التي ذكرت في المادة 361 لم تأتِ في الواقع بزيادة على معنى القصد الجنائي المطلوب في جرائم الإتلاف العمدية الذي تقدم بيانه، لأن تطلب نية الإضرار حيث لا يتصور تخلف الضرر هو تحصيل لحاصل وذكر لمفهوم، إذ نية الإضرار تتوفر قانوناً لدى المتهم متى كان يعلم أن عمله يضر أو يمكن أن يضر بغيره. وهذا هو دائماً حال مرتكب جرائم التخريب والإتلاف العمدية، فمن يتلف مالاً لغيره عن قصد وبغير حق يضر بهذا الغير ويسئ إليه قصداً وعمداً، فقصد الإساءة قائم به بهذا. ولم يشترط القانون أن تكون هذه الإساءة مصحوبة أو غير مصحوبة بمقصود آخر قريب أو بعيد كجلب منفعة بغير حق أو إرضاء مطمع، سيما وأن الإساءة ليست من المقاصد بقدر ما هي وسيلة من الوسائل تستخدم لتحقيق أغراض ومقاصد مادية أو غير مادية لمن لا يتورعون عن تحقيق غاياتهم ومقاصدهم بإيذاء الخلق في النفس أو المال. فمن يتعمد التوسل بفعل مسيء ضار بالغير مع علمه أنه لا حق له فيه - كما هو الشأن فيمن يتعمد التخريب والإتلاف - يصدق عليه وصف مرتكب الإساءة كما يصدق على فعله أنه حصل للإساءة. ولا يهم بعد هذا أن يكون قد رمى من وراء ذلك إلى تحقيق منفعة لنفسه أو لسواه، لأن هذا كله من قبيل البواعث والدوافع التي لا شأن لها بالقصد الجنائي. وهكذا يتطابق في جرائم التخريب والتعييب والإتلاف العمد وقصد الإساءة بحكم أن تعمد مقارفة الفعل الضار بأركانه يتضمن حتماً نية الإضرار. ولعل هذا هو ما حدا واضع القانون على استعمال كلمة "عمداً" في المادة 359 في مقابل اللفظ الفرنسي (Mechamment) الذي استعمله في المادة 361 عند تبيانه جناية إحداث الغرق.
وحمل عبارة "بقصد الإساءة" على المعنى الذي تتطابق فيه مع العمد لا يخشى منه أن يقوم عليه التعارض بين حكم المادة 361 ع وحكم الفقرة الأولى من المادة 389 الواردة في باب المخالفات، لأن هذه الفقرة ليست إلا نصاً احتياطياً وضع على غرار الفقرة الأولى من المادة 479 من قانون العقوبات الفرنسي ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور الإتلاف من العقوبة عملاً بنصوص القانون الأخرى المتعلقة بالتخريب والتعييب والإتلاف، فلا انطباق لهذه المادة حينما ينطبق نص آخر من نصوص القانون الخاصة بالتخريب والإتلاف.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات ركن التخريب إلى وقائع غير صحيحة، فضلاً عن قصوره، فإن أحد شهود الإثبات ذكر أن المسقى كانت ولا تزال موجودة، وقال الحكم ذاته أن المجني عليه قرر أن الطاعن أنشأ مسقى صغيرة مكان المسقى المهدومة، وهذا يتفق مع ما قرره الطاعن من أنه لم يهدم المسقى بل عمل على تضييق عرضها فقط، وكل ما اعترف به وكيل الطاعن هو أن للمجني عليهم حق ارتفاع على المسقى، وهذا يخالف ما قالته المحكمة. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم قد أورد دفاعاً يتناقض مع أقوال الطاعن وأسس عليه قضاءه. هذا وقد أخطأ الحكم في الاستدلال إذ استدل على ملكية المجني عليهم لخمس المسقى على البندين الأول والثالث من عقد القسمة في حين أن البند الأول يخرج المسقى من ملكية المجني عليهم. كذلك قال الحكم إن البند الثالث جعل أطيان الطاعن بين مسقى البلجة وبين مصرف شرباص في حين أن هذا البند يخالف ذلك تمام المخالفة. وإزاء الحكم النهائي الصادر من القضاء المدني في دعوى اليد بعدم جواز التعرض للملك يكون قضاء الحكم المطعون فيه بملكية المجني عليه لأي جزء في المسقى غير صحيح ولا سديداً. ومع كل فالقانون يوجب للعقاب أن يكون التخريب بقصد الإساءة، والثابت هو أن المسقى ليست ملكاً للمجني عليهم وإنما هي ملك للطاعن، وكل ما وقع من هذا هو تضييق في عرضها، كما مرَّ القول، بسبب إنشاء الجنابية وتعديل الفتحات عليها بناءً على أمر صادر من تفتيش الري. فسوء القصد غير متوفر ولم يتعرض الحكم المطعون فيه لإثباته. كما أنه لم يرد على أوجه الدفاع الجديدة التي قدمت أمام المحكمة الاستئنافية.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "هدم مسقى مملوكة لمحمود النجار وآخرين بقصد الإساءة والحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه دانه بهذه الجريمة وقال في ذلك "إن ظروف هذه الدعوى تتلخص في أنه تقدم بلاغ مؤرخ في 17/ 2/ 1945 من عبد العزيز أحمد النجار ومحمود أحمد النجار وحامد أحمد النجار لحضرة مأمور مركز فارسكور يقولون فيه بأن المتهم، وهو عمدة بناحية شرباص، اعتدى على مسقى مشتركة بينه وبينهم وأدخلها في أطيانه، وفي نفس تاريخ البلاغ سمع المحقق أقوال المشتكين فقرروا بأنهم يملكون والمتهم خمسين فداناً يملك فيها المتهم 35 فداناً ويملكون هم الباقي، وأن جميع هذه الأرض تروى من مسقى واحدة بموجب عقد قسمة مؤرخ في سنة 1907 وأن المتهم قام بهدم هذه المسقى فامتنع عليهم ري أرضهم. وفي يوم 19/ 2/ 1945 سئل المتهم فقرر أن المسقى تغيرت لنقل الساقية من مكانها إلى مكان آخر، وذلك لمناسبة إنشاء جنابية لترعة الشرقاوية وفي هذا مصلحة له وللمجني عليهم، كما قرر أن المسقى والساقية مشتركة بينه وبينهم، وحيث إن المجني عليهم استشهدوا بشاهدين وهبة محمد سمك ومحمد جابر ولي الله، وقد سمعت أقوالهما أمام المحقق، ومجمل شهادتهما أن المتهم هدم المسقى المشتركة وهي الطريق الوحيد لري أرض المجني عليهم من زمن قديم، كما أن المحكمة سمعت شهادة المجني عليه محمود أحمد النجار الذي شهد بأن المتهم هدم جزءاً من المسقى طوله حوالي 250 متراً وهو الجزء الواقع أمام أرضه (أرض المتهم) وأن هذه المسقى هي الطريق الوحيد لري أرضه، وأن المتهم بعد رفع القضية المدنية ضده أنشأ مسقى صغيرة في مكان المسقى المهدومة، وحيث إنه ثابت من محضر المعاينة المؤرخ في 20/ 2/ 1945 أن المحقق انتقل إلى حوض العول فوجد مسقى تأخذ مياهها من ترعة الشرقاوية وتتجه من الغرب إلى الشرق وطولها حوالي 500 متر وبجوارها من جهتها البحرية طريق عرضه حوالي متر ويتجه محاذياً للمسقى حتى نهايتها، وقد وجد جزءاً من هذه المسقى يبلغ طوله حوالي 350 متراً مهدوماً، وأن الهدم حديث العهد، وأن الجزء المهدوم واقع في طول أرض المتهم ويبدأ من ترعة الشرقاوية. وحيث إنه ثابت من أقوال جميع شهود الإثبات الذين سمعوا في القضية المضمومة نمرة 1123 سنة 1945 مدني فارسكور والتي كانت مرفوعة من المجني عليهم ضد المتهم أن المتهم اعتدى على المسقى المشتركة وهدمها، وأن ليس للمجني عليهم طريق آخر يروون منه أرضهم خلاف هذه المسقى. كما شهد شهود النفي في القضية المذكورة أن المتهم أجرى تضييق المسقى فقط ولم يهدمها وأن أرض المجني عليهم تروى منها. وحيث إن المتهم يدفع التهمة عنه (1) أن المسقى موضوع الدعوى مملوكة له وأن المجني عليهم لهم حق ارتفاق عليها وهو حق مرور المياه لري أرضهم فقط و(2) أنه لم يهدم المسقى وإنما أجرى تضييقها فقط. وأما عن الدفع الأول فالثابت من عقد القسمة المؤرخ في 8 سبتمبر سنة 1907 وبموجبه اقتسم الموقعون عليه ومن ضمنهم المتهم والمرحوم أحمد الوصيف ابن مورث المجني عليهم الأرض المبينة به أنه قد نص في البند الأول منه "على أن جميع المنافع والمرافق الدائرة بالأطيان سواء كان بري أو صرف أو أتربة من جسر ترعة الشرقاوية أو مسقة البحيرة أو مصرف العموم تكون كذلك للعموم وتقسيم بحق الخمس أيضاً حسب التمليك". كما أنه نص بالبند الثالث منه على أن أرض المتهم ومصطفى ولي الله واقعة بين مسقة البلجة - المسقى موضوع الدعوى - ومصرف شرباص، وكل هذا يدل على أن مسقة البلجة هذه مشتركة للجميع، وأن المجني عليهم يملكون فيها بحق الخمس، وأنها لا تدخل ضمن أرض المتهم بدليل أنها اعتبرت حداً فاصلاً لأرضه وأرض شريكه، فحقوقه وحقوق المجني عليهم ثابتة فيها، ولم يقم دليل على عكس ذلك. وعلى ذلك يكون دفعه الأول على غير أساس. وأما عن الدفع الثاني فيكفي أنه ثابت من محضر المعاينة المؤرخ في 2/ 2/ 1945 أنه وقت أن عاين المحقق المسقى وجدها مهدومة هدماً تاماً بطول 250 متراً وأن هدمها حديث، كما أنه ثابت من أقوال شهود الإثبات أن المتهم أجرى هدم المسقى وهي الطريق الوحيد لري أرض المجني عليهم وعطل بذلك ريِّها. وحيث إنه لذلك تكون جريمة الهدم المنسوبة للمتهم صحيحة، لأنه هدم المسقى وهو يعلم بأنها مملوكة له ولشركائه. وعلى ذلك يتعين الحكم عليه بالعقوبة طبقاً لنص المادة 361 عقوبات. وحيث إن المجني عليهم قد أصابهم من جراء فعل المتهم أضرار إذ امتنع عليهم ري أرضهم مدة من الزمن فالمحكمة ترى الحكم لهم بالتعويض المطلوب".
وحيث إنه عما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه آخذه بالمادة 361 من قانون العقوبات دون أن يثبت عليه قصد الإساءة الذي هو ركن من أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة المذكورة.
وحيث إن القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدية سواء ما اعتبره القانون منها جنايات كتخريب مباني الحكومة (المادة 90) وإتلاف الخطوط التلغرافية (165) وتعطيل وسائل النقل العامة (167) وإحداث الغرق (359) وإتلاف البضائع والأمتعة بالقوة الإجبارية (366)، وما اعتبره القانون جنحاً كإتلاف وتخريب المباني والآثار المعدة للنفع العام والزينة (162) وتخريب آلات الزراعة وزرائب المواشي (354) وقتل الحيوان وسمِّه وإيذائه (355 و357) وإتلاف المحيطات والحدود (358) وهدم أو إتلاف العلامات المساحية (362) وإتلاف الدفاتر والمضابط والسجلات العامة أو الخاصة (365) وإتلاف المزروعات والأشجار (367) إلخ - إن القصد الجنائي في عموم هذه الجرائم ينحصر في تعمد ارتكاب الفعل الجنائي المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون ويتلخص في اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث الإتلاف أو التخريب أو التعطيل أو الإغراق وعلمه بأنه يحدثه بغير حق.
وحيث إن عبارة "بقصد الإساءة" التي ذكرت في المادة 361 لم تأتِ في الواقع بزيادة على معنى القصد الجنائي المطلوب في جرائم الإتلاف العمدية الذي تقدم تبيانه - لأن تطلب نية الإضرار حيث لا يتصور تخلف الضرر هو تحصيل لحاصل وذكر لمفهوم، إذ نية الإضرار تتوفر قانوناً لدى المتهم متى كان يعلم أن عمله يضر أو يمكن أن يضر بغيره، وهذا هو دائماً حال مرتكب جرائم التخريب والإتلاف العمدية، فمن يتلف مالاً لغيره عن قصد وبغير حق يضر بهذا الغير ويسيء إليه قصداً وعمداً، فقصد الإساءة قائم به بهذا. ولم يشترط القانون أن تكون هذه الإساءة مصحوبة أو غير مصحوبة بمقصود آخر قريب أو بعيد كجلب منفعة بغير حق أو إرضاء مطمع، سيما وأن الإساءة ليست من المقاصد بقدر ما هي وسيلة من الوسائل تستخدم لتحقيق أغراض ومقاصد مادية أو غير مادية لمن لا يتورعون عن تحقيق غاياتهم ومقاصدهم بإيذاء الخلق في النفس أو المال. فمن يتعمد التوسل بفعل مسيء ضار بالغير مع علمه أنه لا حق له فيه - كما هو الشأن فيمن يتعمد التخريب والإتلاف - يصدق عليه وصف مرتكب الإساءة كما يصدق على فعله أنه حصل للإساءة. ولا يهم بعد هذا أن يكون قد رمى من وراء ذلك إلى تحقيق منفعة لنفسه أو لسواه لأن هذا كله من قبيل البواعث والدوافع التي لا شأن لها بالقصد الجنائي، وهكذا يتطابق في جرائم التخريب والتعييب والإتلاف العمد وقصد الإساءة بحكم أن تعمد مقارفة الفعل الضار بأركانه يتضمن حتماً نية الإضرار، ولعل هذا هو ما حدا بواضع القانون لاستعمال كلمة "عمداً" في المادة 359 في مقابل اللفظ الفرنسي (Mechamment) الذي استعمله في المادة 361 عند تبيانه جناية إحداث الغرق، ثم إن هذا هو الذي يفسر أن عبارة قصد الإساءة قد زيدت بالقانون رقم 39 لسنة 1923 على المادة 316 من القانون السابق (وهي المادة 361 الحالية) دون أن تشير مذكرة هذا القانون الإيضاحية إلى هذه الزيادة بكلمة ما يمكن أن تجعل لها معنى جديداً يخالف المقرر في عموم النصوص الأخرى، ما يدل على أن الأمر لم يتجاوز حد الصياغة والأداء، بل إن روح هذه المذكرة تفيد رغبة الشارع في توسيع نطاق النص لا تضييقه، والأمثلة التي أوردتها لما ينطبق عليه النص المعدل تدل على أن القصد المطلوب لا يخالف القصد الذي كان مطلوباً قبل تعديل هذا النص.
وحيث إن حمل عبارة "بقصد الإساءة" على المعنى الذي تتطابق فيه مع العمد أمر لا بد منه لما تقدم ولكي لا تضطرب سائر أحكام الإتلاف والتخريب ويختل منطق نصوصه وتتفاوت معاير القانون حتى مع الأفعال المتماثلة. ولا محل للإشفاق من أن يقوم التعارض بهذا بين حكم المادة 361 من قانون العقوبات وحكم الفقرة الأولى من المادة 389 الواردة في باب المخالفات لأن هذه الفقرة ليست إلا نصاً احتياطياً وضع على غرار الفقرة الأولى من المادة 479 من قانون العقوبات الفرنسي ابتغاء أن يتدارك بها ما عساه أن يفلت من صور الإتلاف من العقوبة عملاً بنصوص القانون الأخرى المتعلقة بالتخريب والتعييب والإتلاف، فلا انطباق لهذه المادة حينما ينطبق نص آخر من نصوص القانون الخاصة بالتخريب والإتلاف. ولا يقدح في هذا تعذر تحقق الصور التي تطبق فيها المخالفة المشار إليها، لأن عدم النص على إلغائها لا يقتضي القول بتعطيل النص الآخر، وهو نص جاء عاماً بغير تخصيص يشمل المنقول والعقار على السواء بغير مراعاة للقدر أو للقيمة، وهو هو الذي تجرى المحاكمة على أساسه ولا شبهة في قيامه ووجوب العمل به.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تضمن ما يفيد توافر العمد بالمعنى المطلوب في النص الذي عامل الطاعن على أساسه، فلا محل لما يثيره الطاعن في طعنه من القول بأن الحكم لم يتعرض للقصد الجنائي صراحة ولم يثبت عليه أنه كان يقصد بفعلته الإساءة إلى المجني عليه كما هو صريح نص المادة التي دين بها.
وحيث إن باقي ما يثيره الطاعن في طعنه لا محل له، فالحكم المطعون فيه حين دانه بجريمة تعمده هدم المسقى التي للمجني عليه حق الملكية فيها قد بين الواقعة بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية لتلك الجريمة وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوع هذه الواقعة منه، ومتى كان الأمر كذلك وكانت الأدلة المذكورة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ولها أصلها في أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها فإن المجادلة على الصورة الواردة في الطعن لا يكون لها في حقيقة الأمر من معنى سوى محاولة فتح باب المناقشة في وقائع الدعوى وتقدير الأدلة فيها، مما لا شأن لمحكمة النقض به لتعلقه بمحكمة الموضوع وحدها.