مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 283

جلسة 21 من يناير سنة 1947

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وسليمان حافظ بك ومحمد صادق فهمي بك المستشارين.

(290)
القضية رقم 46 سنة 17 القضائية

شروع في سرقة. بيان الحكم. انعقاد نية المتهمين على السرقة وأن الأفعال التي وقعت منهم مؤدية مباشرة إلى الجريمة والسبب الذي حال دون إتمام مقصدهم. هذا يكفي.
متى كانت المحكمة قد أثبتت على المتهمين، بناءً على اعتبارات ذكرتها، أن نيتهم كانت معقودة على السرقة وأن الأفعال المادية التي وقعت منهم من شأنها أن تؤدي مباشرة إلى الجريمة، وأنه لم يحل بينهم وبين إتمام مقصدهم إلا سبب لا دخل لإرادتهم فيه بينته في حكمها، فإنها تكون قد أثبتت عليهم جريمة الشروع في السرقة بجميع عناصرها القانونية.


المحكمة

وحيث إن سبب الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين يتحصل في القول بأن ما وقع منهم مما أثبته الحكم المطعون فيه ليس سوى أعمال تحضيرية، إذ مجرد تصميمهم لا يعاقب عليه القانون لأنهم لم ينقلوا حيازة الغلال ولأن ذهابهم بالمركب إلى البر الغربي إنما كان بقصد النجاة بأنفسهم خوفاً من الأعيرة النارية التي كانت تطلق عليهم لا الهرب بالغلال.
وحيث إن هذا الذي ادعاه الطاعنون قد فنده الحكم المطعون فيه حين قال في سبيل الرد على دفاعهم "إن الدفاع عن المتهمين الثاني والثالث والرابع تمسك بأن نية السرقة غير ثابتة لدى المتهمين إلا أنه مما ينقض هذا القول ما قرره المجني عليه كامل أحمد أبو الخير صراحة بمحضر النيابة ص 12 من أنه سمع المتهمين، بعد أن أمروه تحت التهديد بأسلحتهم بالتوجه بمركبه إلى البر الغربي، يتداولون مع بعضهم على أخذ ما في المركب، وأنه لما وجد أحدهم ضرب الرصاص قد كثر عليهم قال لهم "بلاش تقشيط" ومعنى التقشيط هو السرقة، وأنهم بمجرد أن وصلت المركب إلى البر الغربي نزلوا منها فوراً وهربوا - فيستفاد من هذه الأقوال التي قررها المجني عليه أن المتهمين كانوا يقصدون السرقة وشرعوا فيها فعلاً بإجبار صاحب المركب على التوجه بها إلى البر الغربي حيث توجد بلدهم فيستطيعون بذلك نقل المحصولات منها إلى بلدهم. وهذا الشروع في جريمة السرقة يبدأ من اللحظة التي هددوا فيها صاحب المركب بالسلاح فخضع لتهديدهم وسار بالمركب مرغماً طوع إرادتهم إلى البر الغربي. وبذلك كانت المحصولات في حيازتهم منذ تلك اللحظة لانعدام إرادة المجني عليه وانعدام سلطانه على تلك المحصولات تحت تأثير التهديد بالسلام. وقد أوقف تنفيذ الجريمة بعد ذلك عندما اقتربت المركب من البر الغربي ورأى المتهمون ازدياد الرصاص الذي يطلق عليهم من البر الشرقي ومن العسكريين الشاهدين اللذين كانا يجدّان في أثرهم بقارب آخر، وهذه من غير شك أسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها". وإذن فإن محكمة الجنايات قد أثبتت عليهم للاعتبارات التي ذكرتها جناية الشروع بطريق الإكراه وبينت واقعتها بما تتوافر فيه جميع عناصرها القانونية من نية معقودة لديهم وأفعال مادية وقعت منهم تؤدي إلى الجريمة مباشرة وسبب لا دخل لإرادتهم فيه حال بينهم وبين إتمام مقصدهم.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.