مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 285

جلسة 21 من يناير سنة 1947

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وسليمان حافظ بك ومحمد صادق فهمي بك المستشارين.

(291)
القضية رقم 416 سنة 17 القضائية

حكم. متى يعتبر حضورياً ومتى يعتبر غيابياً؟ حضور المحامي عن المتهم وترافعه في تأجيل الدعوى. انسحابه قبل الخوض في موضوع الدعوى والمرافعة فيه. لا يصح اعتبار الحكم حضورياً. معارضة. الحكم بعدم جوازها على أساس أن محامي المتهم حضر وترافع في مسألة التأجيل ثم انسحب على أثر رفض التأجيل. حكم معيب.
العبرة في وصف الحكم الجنائي بأنه حضوري أو غيابي هي، على مقتضى القانون، بحضور المحكوم عليه بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، وبعدم حضوره جميع إجراءات الدعوى التي تحصل في الجلسة ويصدر الحكم بناءً عليها، بغض النظر عن مسلكه أمام المحكمة في صدد إبداء أقواله وأوجه دفاعه، وإذن فإن حضوره بحث مسألة من المسائل الفرعية التي تثار عند البدء في نظر الدعوى، كطلب التأجيل، ثم انسحابه على إثر بحثها وقبل الخوض في موضوع الدعوى والمرافعة فيه - ذلك لا يصح معه عد الحكم الصادر في أصل الدعوى حضورياً بالنسبة إليه مهما كانت أهميتها وحقيقة الأمر فيها؛ لأن إجراءات المحاكمة يجب النظر إليها مجتمعة وإعطاؤها حكماً واحداً في ذلك الخصوص. وهذا الحكم بحسب قواعد التفسير الصحيحة في المحاكمات الجنائية يجب أن تراعى فيه مصلحة المحكوم عليه. وإذن فإذا كانت المحكمة قد اكتفت في قضائها بعدم جواز المعارضة المرفوعة من المتهم بقولها إن وكيله حضر وترافع في مسألة التأجيل دون أن تستوعب دعوى انسحابه على إثر رفض التأجيل وعدم حضوره باقي الإجراءات التي تمت، وتمحصها، بسبب النظر الخاطئ الذي انتهت إليه، فإن حكمها يكون معيباً واجباً نقضه.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن المحكمة أخطأت إذ اعتبرت محاكمة المتهم حضورية بعد انسحاب المحامي الوكيل عنه، وذلك ما دام ما دار بالجلسة في حضرته أي قبل انسحابه كان كله حول تأجيل نظر الدعوى ولسؤاله فرفضت المحكمة التأجيل فانسحب، وبعد ذلك سمعت الدعوى وصدر الحكم فيها في غير حضوره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين قضى بعدم جواز المعارضة المرفوعة من الطاعن قال بالنص: "إن المتهم عارض في 5/ 6/ 1946 في الحكم الصادر ضده بتاريخ 4/ 5/ 1946 والذي قضى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة له. وحيث إن الحكم المعارض فيه وصف بأنه حضوري إلا أن المتهم قال بلسان حضرة محاميه إن محاكمته الاستئنافية التي حصلت بتاريخ 4/ 5/ 1946 كانت غيابية بمقولة إنه انسحب من الجلسة دون أن يبدي دفاعه. وبذلك يكون الحكم قد وصف خطأ بأنه حضوري مع أنه غيابي. وحيث إنه تبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن حضرة محامي المتهم حضر عنه بتوكيل، وقال إنه سبق أن طلب ضم قضية ثم تبين أنها ليست خاصة بالموضوع كما طلب إعلان محرر المحضر ليسأله عن القضية التي ذكر رقمها بالمحضر فرفضت المحكمة التأجيل، ثم تكلم محامي المتهم الآخر وقال أيضاً إن القضية 2046 لما ضمت تبين أنها ليست خاصة وطلب التأجيل أيضاً، ولكن المحكمة رفضت التأجيل، كما أثبت في محضر الجلسة أن المحكمة نظرت القضية بعد تلاوة التقرير وإبداء طلبات النيابة العمومية وبعد المداولة القانونية أصدرت حكمها. وحيث إن واقعة انسحاب حضرة محامي المتهم بعد أن أبدى دفاعه على الوجه المبين بمحضر الجلسة وبعد أن رفض طلبه بتأجيل نظر القضية لا يؤثر في أن المحاكمة حصلت حضورية، والقول بأن المتهم إذا حضر أو حضر وكيله وأبدى دفاعاً أو طلباً لم تجبه إليه المحكمة ثم ينسحب حتى يكون الحكم الصادر ضده غيابياً فيه معنى العيب بالمحاكمة وترك أمر سيرها في يد المتهم كيفما شاء. وحيث إن حضرة محامي المتهم استند في مذكرته إلى حكم صادر من محكمة النقض قضت فيه باعتبار الحكم الصادر بعد انسحاب المتهم بعد رفض دفع فرعي باعتبار هذا الحكم حضورياً هو استناد إلى حالة تختلف عن هذه الحالة إذ أن الحالة التي عرضت على محكمة النقض هي حالة ما إذا أبدى المتهم دفاعه في الدفع فرفضته المحكمة ولكنه انسحب، واستمرت المحكمة في نظر موضوع الدعوى. فإذا احتج أن هذا الحكم يكون حضورياً فليس الأمر منطبقاً على حالة المتهم في هذه القضية وقد ثبت من محضر الجلسة أنه أبدى دفاعه على الوجه المبين في محضر الجلسة، فانسحابه بعد ذلك لا يجعل الحكم غيابياً. وبذلك يتعين الحكم بعدم جواز المعارضة إذ أنها قدمت عن حكم حضوري".
وحيث إنه لما كانت العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي على مقتضى القانون في المواد الجنائية بحضور المحكوم عليه بشخصه أو بوكيل عنه - في الأحوال التي يجوز ذلك فيها - أو بعدم حضوره جميع إجراءات الدعوى التي تحصل في الجلسة ويصدر الحكم بناءً عليها بغض النظر عن مسلكه أمام المحكمة في صدد إبداء أقواله وأوجه دفاعه، فإن حضوره مسألة من المسائل الفرعية التي تثار عند البدء في نظر الدعوى، كطلب التأجيل، ثم انسحابه على أثر بحث هذه المسألة قبل الخوض في موضوع الدعوى والمرافعة فيه، لا يصح معه عد الحكم الصادر في أصل الدعوى حضورياً بالنسبة إليه ما دام هو لم يكن في الواقع حاضراً الإجراءات التي أقيم عليها كلها أو بعضها مهما كانت أهميتها وحقيقة الأمر فيها، لأن إجراءات المحاكمة يجب النظر إليها مجتمعة وإعطاؤها حكماً واحداً في ذلك الخصوص. وهذا الحكم بحسب قواعد التفسير الصحيحة في المحاكمات الجنائية يجب أن تراعى فيه مصلحة المحكوم عليه. ومتى كان ذلك كذلك وكانت المحكمة قد اكتفت في قضائها بعدم جواز المعارضة المرفوعة من الطاعن بالقول إن وكيله حضر وترافع في مسألة التأجيل دون أن تستوعب دعوى انسحابه على أثر رفض التأجيل وعدم حضوره باقي الإجراءات التي تمت وتمحصها بناءً على النظر الخاطئ الذي انتهت إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً واجباً نقضه.