مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 607

جلسة 15 من يونيه سنة 1948

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حلمي بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك المستشارين.

(639)
القضية رقم 1153 سنة 17 القضائية

شيوعية. منشور. استخلاص المحكمة من مجموع عباراته أن ما ذكر فيه من الوسائل لا يتصل بنظام الحكومة المقرر وأنه خالٍ من الإشارة إلى الالتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة غير مشروعة وهو ما يحب توافره للعقاب. لا عقاب.
(المادتان 171 و174/ 2 ع)
متى كانت المحكمة قد استخلصت من مجموع عبارات المنشور محل الدعوى أن الوسائل الوارد ذكرها فيه لا تتصل بنظام الحكومة المقرر بالقطر المصري ولا بمبادئ الدستور أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية، وإنما تتصل بغرض آخر بينته، وأن ما جاء بتلك العبارات بصدد النظم المذكورة قد خلا من أية إشارة إلى الالتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة، الأمر الواجب توافره للعقاب على جريمة التحبيذ والترويج علناً لمذهب يرمي إلى تغيير مبادئ الدستور المصري الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة، وكان ما قالته المحكمة في ذلك له ما يبرره فلا يصح الطعن على حكمها بالخطأ، ما دامت هي قد انتهت إلى أن المتهم لم يصل ولم يقصد أن يصل من قريب أو من بعيد، صراحة أو ضمناً، بين الوسائل التي ذكرها وبين النظم المرادة حمايتها بالمادتين 171 و174 فقرة ثانية من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية المطعون ضده في قضية الجناية رقم.... بأنه في المدة من.... بمدينة القاهرة حبذ وروج علناً مذهباً يرمي إلى تغيير مبادئ الدستور المصري الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة. وذلك بأن وزع بغير تمييز على عدد من الناس نسخاً من منشور يحمل عنوان "نشرة دورية رقم 1 تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري"، وقد تضمن حضاً على الثورة ودعوة إلى الأخذ في المملكة المصرية بمذهب الشيوعية الذي يرمي إلى استيلاء العمال بالقوة على مقاليد الحكم في الدولة. وقد ورد في ذلك المنشور ما يأتي... "فليطمئن حماة النظام فكلمة الشيوعية هي التي بقيت نظيفة... ولتعد الأرض إلى فلاحيها المصريين والسودانيين ولتحفظ الأعمال للعمال".
وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 171 و174 فقرة ثانية من قانون العقوبات إلخ إلخ..


المحكمة

وحيث إن مبنى وجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين قضى ببراءة المتهم من تهمة التحبيذ والترويج لمذهب يرمي إلى تغيير مبادئ الدستور والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة. فقد بني على خطأ في تفسير القانون وتطبيقه. وفي بيان ذلك تقول النيابة إن المحكمة قد مسخت المعنى الظاهر للمنشور محل المحاكمة وخرجته على أنه إنما يتحدث عن مذهب اقتصادي بينما تقطع عباراته بأنه خاص بمنظمة سياسية تخاطب الجنود والطلبة والفلاحين والعمال وتتكلم عن الإعداد والاستعداد للثورة مما يفيد أن المراد منه هو الثورة المسلحة وإيقاع الاضطراب والقلقلة في البلاد، وإنه وإن كان في أسلوب المنشور مداورة وتحيل إلا أن بث الدعوة الشيوعية الثورية واضح من عباراته مما لا يمكن معه اعتباره مجرد جهر برأي مثالي في وضع البلاد الاقتصادي أو السياسي، بل يعتبر دعاية بلشفية سافرة مستأهلة للعقاب. ومن المقرر أن لا عبرة بأسلوب المقال واحتيال صاحبه به على التخلص من العقوبة بل العبرة بمعانيه وحقيقة مراد كاتبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيد قد عرض عبارات المنشور محل المحاكمة وناقشها وانتهى إلى تفسيره على النحو الذي قال به. ولما كانت المحكمة قد استخلصت من عبارات المنشور في مجموعها أن الوسائل الوارد ذكرها فيه لا تتصل بنظام الحكومة المقررة بالقطر المصري ولا بمبادئ الدستور أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية، وإنما تتصل بغرض آخر بينته، وأن ما جاء بتلك العبارات بصدد النظم المذكورة قد خلا من أية إشارة إلى الالتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة الأمر الواجب توفره للعقاب على الجريمة المرفوعة بها الدعوى, وكان ما قالته المحكمة في ذلك له ما يبرره، فلا يصح الطعن على حكمها بالخطأ ما دامت قد انتهت إلى أن المتهم لم يصل ولم يقصد أن يصل من قريب أو من بعيد - صراحة أو ضمناً - بين الوسائل التي ذكرها والنظم المراد حمايتها بالنص المطلوب تطبيقه.