مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 656

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1948

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك والسعيد رمضان بك المستشارين.

(694)
القضية رقم 1874 سنة 18 القضائية [(1)]

غش البضاعة. اعتبار اللبن مغشوشاً لمجرد قلة نسبة الدسم فيه دون تعرض لهذه النسبة وبيان أنها لا ترجع إلى عامل من العوامل البريئة. خطأ.
غش اللبن لا يتحقق إلا بفعل يحدث في اللبن تغييراً سواء أكان ذلك بنزع بعض الدسم الذي فيه أم كان بإضافة مادة أخرى إليه، مهما كان مقدار ما نزع أو ما أضيف. وإذن فقلة مقدار نسبة الدسم في اللبن لا يصح عدها غشاً إذا لم يكن مرجعها إلى فعل من أفعال التغيير وقع عليه. ولما كانت نسبة الدسم في الألبان تختلف قلة وكثرة إلى حد أنه في حالة القلة قد لا ينتفع باللبن الانتفاع المرجو فقد حرص الشارع في المادة الخامسة من القانون الخاص بقمع الغش والتدليس على معالجة هذه الحالة، فيما يتعلق باللبن وبغيره، عن طريق استصدار مرسوم تحدد فيه النسبة التي لا يصح بيع المادة ما لم تكن مشتملة عليها. وإذن فمن الخطأ اعتبار اللبن مغشوشاً استناداً إلى مجرد قلة نسبة الدسم فيه دون تعرض لهذه النسبة وبيان أنها لا ترجع إلى عامل من العوامل البريئة.


المحكمة

وحيث إن مما عابه الطاعن على الحكم المطعون فيه أن الواقعة كما هي مثبتة به لا عقاب عليها قانوناً لأن لائحة سنة 1925 التي تعاقب على بيع اللبن الذي لا يحتوي على نسبة معينة من الدسم لا تسري على مدينة الإسكندرية, والقانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش نص في المادة الخامسة منه على جواز فرض حد أدنى من العناصر النافعة في العقاقير الطبية أو في المواد المستعملة في غذاء الإنسان والحيوان... إلخ بمرسوم ولم يصدر مرسوم بتحديد هذا الحد الأدنى إلى الآن، فما ذهب إليه الحكم من إدانة الطاعن لأنه عرض للبيع لبناً تقل نسبة الدسم به عن الحد الأدنى بمقدار 10% ذلك بنزع الدسم منه ليس له سند، لأن نسبة الدسم في الألبان تقل وتكثر وليس لها حد أدنى متفق عليه، ذلك إلى أن الحكم لم يبين ما هو هذا الحد الأدنى وما مقداره.
وحيث إن الدفاع عن الطاعن تمسك أمام المحكمة بأن نسبة الدسم في الألبان تختلف قلة وكثرة إلى حد كبير تبعاً لظروف متعددة مختلفة معلومة لدى رجال الفن وغيرهم، وأن قلة النسبة في اللبن المضبوط لا تدل على وقوع غش به وليست نتيجة غش.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه دان الطاعن على أساس أن اللبن مغشوش وقال في ذلك "إن التهمة ثابتة قبل المتهم من التحقيقات وفيها أنه أخذت عينة من لبن كان يعرضه للبيع على أنه لبن جاموسي بالقشدة فتبين من نتيجة التحليل أنه مغشوش بنزع 10% من الحد الأدنى للدسم فيه. وقد دفع المتهم التهمة عن نفسه بما محصله أنه اشترى اللبن من شخص لا يعرفه كي يبيعه ويكتسب منه، وهو دفاع غير مقبول لا تعول المحكمة عليه، وعلم المتهم بغش اللبن قائم الدليل قبله من أن مثله كبائع لبن له من خبرته ودرايته ما يجعله يعلم بما خالط اللبن من الغش. يضاف إلى ما تقدم أن الغش وقع بعمل إيجابي، وأنه هو صاحب المصلحة التي قصد إليها من ورائه وهي تحقيق كسب غير مشروع الأمر الذي ترجح المحكمة معه أنه عالم بالغش إن لم يكن وقع بفعله، وما وقع منه معاقب عليه بالمواد 49/ 3 و2/ 1 و10 من القانون رقم 48 لسنة 1941. ذلك أنه عائد سبق الحكم عليه أربع مرات في جرائم مماثلة الأخيرة بحبسه ستة شهور في 23 فبراير سنة 1946.
وحيث إن القانون الخاص بقمع التدليس والغش يعاقب بالمادة الثانية منه من غش أو شرع في أن يغش شيئاً من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير الطبية أو من الحاصلات الزراعية، أو من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئاً من هذه المواد أو العقاقير أو الحاصلات مع علمه بغشها أو بفسادها. ونصت المادة الخامسة على أنه يجوز فرض حد أدنى من العناصر النافعة في العقاقير الطبية أو في المواد المستعملة في غذاء الإنسان أو الحيوان أو في المواد المعدة للبيع باسم معين، وعلى العموم فرض عناصر معينة في تركيبها، ويكون ذلك بمرسوم، ثم نص على عقاب مخالفة مقتضى هذا المرسوم، ويبين من ذلك أن المادة الثانية من القانون تعاقب على الغش مهما كانت درجة تأثيره في العناصر التي تتكون منها المادة. فغش اللبن يتحقق بفعل يحدث فيه تغييراً سواء أكان ذلك بنزع جزء من الدسم الذي فيه أو بإضافة مادة أخرى له مهما كان مقدار ما نزع أو أضيف، وإذن فقلة مقدار نسبة الدسم في اللبن لا يصح عدها غشاً إذا لم يكن مرجعها إلى فعل من أفعال التغيير وقع عليه. ومتى كان الأمر كذلك، وكانت نسبة الدسم في الألبان تختلف قلة وكثرة إلى حد أنه في حالة القلة قد لا ينتفع باللبن الانتفاع المرجو فإن الشارع قد حرص في المادة الخامسة على معالجة هذه الحالة بالنسبة للبن وغيره عن طريق استصدار مرسوم تحدد فيه النسبة التي لا يصح بيع المادة إذا لم تكن مشتملة على النسبة المحددة.
وحيث إنه متى كان ذلك مقرراً فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في قوله بأن اللبن مغشوش لأنه لم يستند في ذلك إلا على قلة نسبة الدسم فيه دون أن يتعرض لهذه النسبة ويبين أنها لا ترجع إلى عامل من العوامل البريئة التي ذكرها الدفاع وقال إنها تؤثر في نسبة الدسم في الألبان - لأنه لا يصح الاستدلال بها إلا إذا لم تكن نتيجة لهذه العوامل.


[(1)] في هذه القضية تغيرت الهيئة فجلس حضرة حسن الهضيبي بك بدلاً من حضرة أحمد حسني بك.