مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 695

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1948

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.

(736)
القضية رقم 1905 سنة 18 القضائية

تشرد. سكنى امرأة مع رجل معين في منزل واحد وتكفله بالإنفاق عليها. لا تصح إدانتها بالتشرد.
إنه لما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1945 تفيد أن تكون الوسيلة التي يؤسس عليها القضاء بالتشرد مخالفة لقانون العقوبات أو تكون وسيلة أخرى مما عدده النص، فإنه لا تصح إدانة المتهمة بالتشرد إذا كان ما وقع منها هو أنها ساكنت رجلاً معيناً في منزل واحد واتصلت به وتكفل بالنفقة عليها.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ حين دانها بالتشرد. وفي بيان ذلك تقول إن المحكمة قد جعلت من سكناها مع رجل معين في منزل واحد واتصالها به ومدِّه إياها ببعض المال وسيلة غير مشروعة للتعيش يمكن معها عدها متشردة في حكم المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 مع أن المقصود بعدم مشروعية الوسيلة أن تكون مخالفة لقانون العقوبات، وإن ما وقع من الطاعنة وإن كان مخالفاً للدين والآداب العامة إلا أنه لا يوجد نص بالقانون يعاقب عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى فقال: "إن مكتب الآداب كان يراقب العمارة... لما نمى إليه من أن بعض المساكن فيها يدار للدعارة السرية بمعرفة عزيزة سليمان وزوجها حسين إسماعيل وآخرين... وفي ساعة يوم الحادثة شاهد الكونستابل من يدعى فهيم أخنوخ وحافظة محمد عناني (الطاعنة) يقصدان مسكن عزيزة وزوجها فاقتادهما إلى المكتب حيث ذكر فهيم أنه يعرف حسين من سنة، وأنه توجه معه إلى منزله فتعرف بحافظة ابنة خالة زوجته وتوثقت بينهما عرى المودة فخالطها وأخذ يعاشرها معاشرة الأزواج واستمر يتردد عليها... وطلبت إليه أن يبحث لها عن مسكن فأوجد لها منزلاً خاصاً لأنه تكفل بالإنفاق عليها, وأنهما حضرا لزيارة عزيزة فقبض عليهما... وقالت حافظة إنها طلقت من زوجها وإنها اضطرت لأن تسلك هذا السبيل لعدم وجود من يقوم بالنفقة عليها". ثم تعرضت المحكمة لدفاع الطاعنة فقالت: "إن القول بأن المشرع إنما يقصد بالوسيلة غير المشروعة العمل الذي رتب عليه القانون عقوبة هو تحميل للنصوص ما لا تحتمله، وإن القانون لو كان يهدف إلى هذا المعنى لنص عليه صراحة... وإنه ظاهر أن ما قصد إليه القانون بالوسائل غير المشروعة هي تلك التي لا تتفق مع نصوص القوانين واللوائح التي تنافي النظام العامة وحسن الآداب والأخلاق... وإنه لما كانت المتهمة من بيئة تتجر بأعراضها وتتخذ من الدعارة السرية وسيلة للتعيش فلا يستقيم القول بأنها تتعيش من طريق مشروع غير الدعارة السرية التي تمارسها بترددها على منزل قريبتها... وإن ما قاله وكيلها من أنها جعلت من نفسها محظية خاصة لفهيم أخنوخ لا تقيم له وزناً... لأن ظروفها تؤكد بأنها لن تقتصر في صلاتها هذه به إذ يقضي معها فترة قصيرة من الزمن بمصر ثم يغادرها إلى محل إقامته... وإنه لذلك تكون التهمة ثابتة وتقع تحت نصوص مواد القانون رقم 98 لسنة 1945". ولما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 تفيد أن تكون الوسيلة التي يؤسس عليها القضاء بالتشرد مخالفة لقانون العقوبات أو تكون وسيلة أخرى مما عدده النص، وكان ما وقع من الطاعنة ليس من هذا القبيل، فإنه يكون من المتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة المتهمة.