مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض وفي المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 783

جلسة 2 من مارس سنة 1949

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك المستشارين.

(830)
القضية رقم 1951 سنة 18 القضائية

اشتباه. جرائم التدليس والغش. لا تعتبر بصفة عامة اعتداءً على المال. يجب للاعتداد بها في مقام الاشتباه أن يبين الحكم ما يبرر عدها اعتداءً على المال.
إن جرائم التدليس والغش المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 لا تعتبر بصفة عامة مطلقة اعتداءً على المال، فإن بعضها لا يصح عده كذلك إذ هو لا يقوم على اعتداء على مال للغير ولا يكون مثل هذا الاعتداء ملحوظاً في ارتكابه. وإذن فلا يكفي أن يقول الحكم إن جرائم الغش والخداع التي قارفها المتهم بعد إنذاره مشبوهاً مما يعتبر من جرائم التعدي على المال، بل يكون من المتعين أن يبين بياناً كافياً ما يبرر عد الأفعال التي وقعت من المحكوم عليه وكونت هاتين الجريمتين اعتداءً على المال.


المحكمة

وحيث إن وجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه حين قضى بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وبوضعه تحت المراقبة لمدة سنة قد أخطأ في تطبيق القانون على الواقعة الثابتة فيه لأنه اعتبر المتهم عائداً في حكم المادة 6 فقرة ثانية من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1945 مع أنه يبين من صحيفة سوابقه أن له ثلاث سوابق لاحقة لإنذاره بمقتضى هذا القانون، وليس من بينها سابقة بالحكم عليه لعوده لحالة الاشتباه. ولا يغير من ذلك أن السابقتين الأخيرتين عن غش وخداع على فرض التسليم باعتبارهما من جرائم الاعتداء على المال الوارد ذكرها في المادة 5 فقرة أولى من القانون المذكور، فإن ذلك لا يجعله عائداً بالمعنى الوارد في المادة 6 فقرة ثانية, وإنما يكون ما وقع منه منطبقاً على المادة 7 فقرة ثانية التي تحيل إلى العقوبة الواردة في المادة 6 فقرة أولى والتي لا تستوجب إلا عقاب المشتبه فيه بوضعه تحت المراقبة مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذكر أن محكمة أول درجة قضت ببراءة المتهم تأسيساً على أن الجرائم التي اقترفها بعد الحكم عليه بإنذاره بأن يسلك سلوكاً مستقيماً في القضية رقم 274 سنة 1946 جنح الأقصر ليست من بين الجرائم المنصوص عنها في المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 وأنه من الواجب أن تترك للمتهم الفرصة ليتبين سلوكه على حقيقته. أما توجيه التهمة إليه غداة الإفراج عنه ففيه افتئات عليه إذ يجب أن يعطى الفرصة الكافية حتى يظهر ما إذا كان سائراً في طريق الإجرام أم ثاب إلى رشده، وأن النيابة طعنت في هذا الحكم بالاستئناف مستندة إلى أن الجرائم التي ارتكبها المتهم بعد الحكم عليه بإنذاره بأن يسلك سلوكاً مستقيماً هي من جرائم الاعتداء على المال المنصوص عنها في الفقرة الأولى من المادة 5 من المرسوم بقانون سالف الذكر. كما أنه إذا فات النيابة عند تقديم المتهم للمحاكمة في جرائم الاعتداء على المال التي اقترفها أن تطلب عقابه بالمادة 6 فقرة 2 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 فلا أقل من أن يتدارك هذا عند الإفراج عنه لأن مجرد اتهامه في جريمة يكفي لمعاقبته طبقاً لنص المادة 6 فقرة ثانية لأن في ذلك دلالة على أن المتهم رغم إنذاره أن يسلك سلوكاً مستقيماً لم يرعو ولم يثب إلى رشده. وإنه بالاطلاع على صحيفة سوابق المتهم اتضح أنه حكم عليه في 6 فبراير سنة 1947 حضورياً بحبسه خمسة شهور شغلاً لأنه في 15 من إبريل سنة 1946 بالأقصر غش في القضية رقم 1355 سنة 1946 جنح الأقصر, وأنه في 16 يوليو سنة 1947 حكم عليه بحبسه ستة شهور شغلاً لأنه في 12 يونيو سنة 1946 بالأقصر خدع في القضية رقم 1346 سنة 1946 جنح الأقصر، وأن الجريمتين في القضيتين سالفتي الذكر هما من قبيل جرائم الاعتداء على المال المنصوص عليها في المادة 5 فقرة ثانية من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 لأن جريمة النصب والتبديد وخيانة الأمانة تعتبر جرائم مماثلة فهي في حكم جرائم الاعتداء على المال، وأن المتهم يعتبر عائداً طبقاً لنص المادة 6 فقرة ثانية من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 للحكم عليه بتاريخ 16 يوليو سنة 1947 بالحبس ستة شهور في القضية رقم 1346 لسنة 1946 جنح الأقصر. وإن ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من أن الجريمتين اللتين ارتكبهما بعد الحكم بإنذاره بأن يسلك سوكاً مستقيماً ليستا من جرائم الاعتداء على المال طبقاً لنص المادة 5 فقرة خامسة في غير محله. وإن ما ذهبت إليه النيابة في مذكرتها متفق مع النصوص القانونية المراد تطبيقها".
وحيث إنه لا يكفي أن يقول الحكم المطعون فيه إن جرائم الغش والخداع التي ذكر أن المتهم قارفها بعد إنذاره مما يعتبر من جرائم التعدي على المال, لأنه وإن كان صحيحاً أن السرقة والنصب وخيانة الأمانة اعتداء على المال إلا أن جرائم التدليس والغش المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 لا تعتبر كذلك بصفة عامة مطلقة, لأن بعضها لا يصح عده من هذا القبيل لأنه لا يقوم على اعتداء على مال للغير ولا يكون مثل هذا الاعتداء ملحوظاً في ارتكابها. ومتى تقرر ذلك فإنه كان يتعين على المحكمة وقد رأت إدانة المتهم أن تبين الجريمتين اللتين أشارت إليهما بياناً يبرر عدهما اعتداءً على المال، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه.