مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 811

جلسة 28 من مارس سنة 1949

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.

(847)
القضية رقم 347 سنة 19 القضائية

توافق. التعريف به. متى يستوجب مؤاخذة المتوافقين على فعل ارتكبه بعضهم؟ في الأحوال الخاصة المبينة في القانون على سبيل الحصر. إدانة المتهمين جميعاً عن العاهة التي تسببت للمجني عليه على أساس مجرد توافقهم. خطأ. هذه الإدانة لا تصح إلا إذا كان هناك اتفاق بينهم على ضرب المجني عليه.
توافق الجناة هو توارد خواطرهم على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم - على حدة - قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه. وهو لا يستوجب مؤاخذة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر، كالشأن فيما نصت عليه المادة 243 عقوبات. أما في غير تلك الأحوال فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون. وإذن فإذا أدانت المحكمة المتهمين جميعاً عن العاهة التي حدثت للمجني عليه على أساس مجرد توافقهم على ضربه فإنها تكون قد أخطأت، ولا تصح الإدانة إلا إذا ثبت للمحكمة - بغض النظر عن سبق الإصرار - أنه كان هناك اتفاق بينهم على الضرب.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه اعتبر الطاعنين مسؤولين عن العاهة استناداً إلى أن استبعاد ركن سبق الإصرار لا يمنع مساءلتهم جميعاً عن جميع الإصابات التي وجدت بالمجني عليه، ومن بينها العاهة، لأنهم قد توافقوا سوياً في ذلك الوقت على الاعتداء، مع أن التوافق لا يكفي لمؤاخذتهم جنائياً على فعل لم يحدثه إلا مجهول من بينهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن نفى ركن سبق الإصرار قال: "إنه مع هذا فإن استبعاد ركن سبق الإصرار لا يمنع كون المتهمين الأربعة مسؤولين معاً عن إحداث جميع الإصابات التي وجدت بالمجني عليه ومن بينها العاهة لأنهم وقد شاهدوا المجني عليه متماسكاً مع عزيزة محمود علي مفتاح قد توافقوا سوياً في ذلك الوقت على الاعتداء عليه، فهذا التوافق وإحداثهم معاً بالمجني عليه الضربات التي أثبتها الكشف الطبي يجعلهم مسؤولين عن إحداث العاهة. هذا بصرف النظر عما جاء في أقوال المجني عليه في التحقيق من أن الضربات التي وجدت برأسه أحدثها به المتهمان الأول والثالث وأن المتهم الثاني ضربه فوق جبهته وركبته والمتهم الرابع ضربه فوق أذنه، لأن توافق هؤلاء المتهمين على الاعتداء ولو لم يوجد ركن سبق الإصرار يجعلهم مسؤولين عن كل النتائج التي تترتب على الاعتداء ما دام كل منهم قد وقع منه فعلاً اعتداء على المجني عليه".
وحيث إن ما قاله الحكم من ذلك غير صحيح. ذلك لأن التوافق إنما هو توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين يقصده كل واحد منهم بنفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق على ارتكابه، ولو كان كل منهم وحده مصراً على ما توافقت خواطرهم عليه. والتوافق لا يستوجب مؤاخذة من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال الخاصة المبينة على سبيل الحصر في القانون، كالشأن فيما نصت عليه المادة 243 عقوبات. وأما في غير تلك الأحوال فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً معه فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون. ومتى تقرر ذلك فإن إدانة الطاعنين جميعاً عن العاهة على أساس مجرد التوافق لا تكون صحيحة، وهي لا تكون صحيحة إلا إذ ثبت للمحكمة - بغض النظر عن سبق الإصرار - أنه كان هناك اتفاق بينهم على ضرب المجني عليه.