مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 826

جلسة 11 من إبريل سنة 1949

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.

(862)
القضية رقم 380 سنة 19 القضائية

حكم. تسبيبه. سب علني. ذكر الحكم أن المتهم إنما كان يطلب بشكواه أخذ التعهد على المشكو منهما بعدم إيذائه. إدانته مع ذلك في جريمة السب العلني دون بيان ما يثبت أنه قصد إلى إذاعة ما نسبه إلى المجني عليهما في شكواه. قصور.
إذا كانت المحكمة حين أدانت المتهم في جريمة السب علناً في شكوى قدمها ضد مطلقته ووالدها قد ذكرت في حكمها أن المتهم إنما كان يطلب بشكواه أخذ التعهد عليهما بعدم إيذائه، وحين تعرضت لتوافر أركان هذه الجريمة قالت عن العلانية إنه كان عليه أن يذكر في شكواه واقعة التهديد وأن يطلب أخذ التعهد على من هدده دون أن يشير بشيء إلى سلوك مطلقته وأختها، مما حشره في شكواه دون مقتض، الأمر الذي يدل على أنه قصد إذاعة ألفاظ السب، وإن هذه الإذاعة قد تمت بتقديمه الشكوى إلى رئيس المباحث الذي أحالها إلى معاون المباحث ثم أرسلت إلى البندر ثم أعيدت إلى النيابة، فكل ما أوردته المحكمة من ذلك لا يؤدي بذاته إلى النتيجة التي انتهت إليها مع ما أسلفت ذكره من أنه إنما كان يطلب بشكواه أخذ التعهد على من هدده، الأمر الذي يقتضي للقول بتوافر العلانية أن يثبت أن المتهم قد قصد إلى إذاعة ما نسبه إلى المجني عليهما في شكواه، وبهذا يكون حكمها قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بجنحتي القذف والسب جاء مشوباً بما يبطله فلم تتوفر العلانية. وما ساقته المحكمة من أدلة لإثبات أنه قصد إلى إذاعة عبارات الشكوى التي قدمها لا تفيد ما استخلصته المحكمة منه فلم يتقدم بشكوى مكتوبة ولم يكن غرضه إلا أخذ التعهد على من يخشى أذاه وعندما طلب منه رئيس المباحث تدوين ما يشكو منه أطاعه وكتبها ولم يكن يقصد إلى أكثر من كف الأذى عنه ولم يكن يتوقع ما حصل من تداول شكواه بين أيدي آخرين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى تعرض لتوافر أركانها وقال عن العلانية "إنه ظاهر من الاطلاع على الشكوى التي قدمها المتهم (الطاعن) أنه إنما كان يطلب أخذ التعهد على كل من مطلقته... ووالدها... بعدم إيذائه والإقرار بمساءلتهما عن كل ما يقع له من شر لأن الأخير هدده بالقتل عن طريق التليفون إن لم يعد زوجته إلى عصمته. وإن هذا الذي رمى إليه المتهم من شكواه لم يكن يبرر أن يسرد تلك الألفاظ... فما كان أيسر عليه وهو يريد الإبلاغ عن واقعة معينة هي واقعة تهديد... بالقتل أن يذكر تلك الواقعة وأن يطلب أخذ التعهد عليه دون أن يشير بشيء إلى سلوك مطلقته وأختها، فإن ذلك ليس مما تستلزمه تلك الشكوى - مع عدم ثبوتها - أما أن يحشر كلاماً فيه سب لمطلقته وأخت مطلقته في شكوى ليس من مقتضياتها ذكر ذلك فذلك يدل على أنه قصد إذاعة ألفاظ السب فعلاً وانتوى ذلك وقد تمت الإذاعة بتقديمه الشكوى إلى رئيس المباحث وأحالها هذا الأخير إلى معاون مباحث المحافظة ثم إرسالها إلى بندر المنصورة ثم إعادتها إلى نيابة الأزبكية... فإن ذلك جعل الشكوى... قد اطلع عليها رئيس المباحث ثم... إلخ فنية الإذاعة موجودة والإذاعة قد تمت فعلاً. وليس أبلغ من التدليل على ما انتواه المتهم من أنه إن جاز له أن يتعرض بشيء لمطلقته ووالدها وهو غير جائز فما الذي يدعوه إلى نسبة ما نسب إلى أختها وليس بينه وبينها صلة ولا شأن لها في الشكوى ولا دور لها فيها ولم يطلب أخذ التعهد عليها هي الأخرى". ولما كان يجب لتوفر العلانية في واقعة الدعوى أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما نسبه إلى المجني عليهما في شكواه وكان ما أوردته المحكمة من دليل على ذلك لا يؤدي بذاته إلى النتيجة التي انتهت إليها مع ما ذكرته هي من أن الطاعن إنما كان يطلب بشكواه أخذ التعهد على من هدده، فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.