مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) - صـ 881

جلسة 20 يونيه سنة 1935

برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.

(289)
القضية رقم 21 سنة 5 القضائية

دعوى ضمان. رفضها. بناؤه على وقائع ثابتة. لا رقابة لمحكمة النقض.
إذا نفت المحكمة فى حكمها دعوى الضمان نفيا تاما موضوعيا مفيدا أن المشترين تنازلوا فعلا عن دعوى الضمان قبل البائع لهم فذلك تقدير موضوعى فى شأن من الشئون التى تملكها محكمة الموضوع بلا رقابة من محكمة النقض ما دام هذا التقدير منتزعا من وقائع ثابتة والعقل يقبله.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن قائم على وجهين:
(الأوّل) أن محكمة الاستئناف أغفلت بيان ما إذا كان الشارع المتنازع فى أرضه قد كانت أرضه من قبل مملوكة للحكومة ثم هى جعلتها شارعا مخصصا للمنفعة العامة أم أن أرضه لم تكن ملكا للحكومة بل كانت لبعض الأفراد. وإغفال هذا البيان مبطل للحكم لأن أرض الشارع ما دامت، كما هو الواقع، قد كانت ملكا لفرد من الأفراد فلا يجوز إخراجها من ملكية صاحبها ولا اعتبارها من المنافع العمومية إلا إذا صدر بذلك أمر عال أو كان المالك قد ترك أرض هذا الشارع للحكومة تؤدّى فيه أعمالا كالرصف والكنس والرش أو إقامة الأعمدة ووضع المواسير مدّة من الزمن كافية لانتزاعها من ملكية صاحبها بالتقادم.
(الثانى) أن محكمة الاستئناف إذ أخلت أحمد شفيق باشا من رد الثمن ودفع التعويض قد خالفت ما تقضى به المواد 300 و302 و304 و305 من القانون المدنى التى تقضى بضمان البائع لما باعه. وإذا كانت المحكمة استنبطت تنازل الطاعنين من مطالبة شفيق باشا برد الثمن ودفع التعويض من مجرّد تنازلهم عن الاشكال الذى رفعوه إلى محكمة أبو قرقاص الجزئية عندما كان شفيق باشا يطالبهم بدفع باقى الثمن المستحق عليهم فان هذا الاستنباط فى غير محله. ولذلك يطلبون نقض الحكم وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف للحكم فيها من جديد.

هذا

وحيث إن محكمة الاستئناف أثبتت فى حكمها المطعون فيه إثباتا واقعيا أن الطريق المتنازع فى أرضه قد أنشأته الدائرة السنية من زمن طويل قبل أن تبيع شركة الدائرة السنية الأرض المارّ بها هذا الشارع لشفيق باشا البائع للطاعنين، كما أثبتت أن عقد بيع شركة الدائرة السنية لشفيق باشا أشير فيه فعلا إلى وجود هذا الطريق وإلى أنه غير داخل فى البيع.
وحيث إن أملاك الدائرة السنية كانت مملوكة للحكومة، ولكونها مرهونة لدائنى الحكومة فقد بقيت لها إدارة خاصة إلى أن صفى دينها وباعتها الحكومة لشركة الدائرة السنية وهذه باعتها للأفراد، فالطريق منشأ إذن فى أرض الحكومة من زمن، وقد استمر طريقا بعد البيع لشركة الدائرة السنية وبعد البيع من الشركة لشفيق باشا. وإذن فلا محل للقول بأنه ملك لفرد من الأفراد.
وحيث إنه سواء أكانت أرض هذا الطريق مملوكة فى الأصل للحكومة فجعلتها طريقا أم كانت مملوكة لبعض الأفراد، فانها على كل حال ليست ملكا للطاعنين ولا لشفيق باشا الذى تلقى الطاعنون الحق عنه لأن محكمة الاستئناف قررت أن عقد ملكية شفيق باشا لا يجعل له ملكية فى أرض هذا الطريق. وما دام الطاعنون لا ملكية لهم ولا لمن ملكهم فاحتجاجهم بأن أصل أرض هذا الطريق مملوك لفرد لا للحكومة هو احتجاج غير منتج لفقدان حقهم فى المنازعة فى ملكية هذه الأرض. وكل ما فى الأمر أن شفيق باشا يكون عليه الضمان لهم لو كان باعهم هذه الأرض ضمن ما باعه وقبض ثمنها فعلا وبشرط أن تكون دعوى الضمان باقية لهم. وعليه تكون أسباب الحكم المطعون فيه كافية لإنتاج النتيجة التى وصلت إليها المحكمة فى هذا الصدد، ويكون الوجه الأوّل من وجهى الطعن فى غير محله.
وحيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثانى الخاص بدعوى الضمان، فان محكمة الاستئناف أوردت فى حكمها جملة أمور تدل على أن الطاعنين قد تنازلوا فعلا عن دعوى الضمان قبل شفيق باشا، وما أثبتته المحكمة من ذلك هو تقدير موضوعى فى شأن من الشئون التى تملكها، وهو فى ذاته تقدير منتزع من وقائع ثابتة والعقل يقبله. وتكييف هذا التقدير وكذلك النتيجة التى ترتبت عليه من رفض دعوى الضمان هو تكييف واستنتاج صحيح. فلذلك يتعين رفض الوجه الثانى أيضا.