مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر إبريل سنة 1962) - صـ 326

(37)
جلسة 10 من فبراير سنة 1962

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.

القضية رقم 2610 لسنة 6 القضائية

رسوم ونماذج صناعية - علامة تجارية - أشكالها المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 غير واردة على سبيل الحصر - دليل ذلك وأثره - وجوب حماية العلامة بالتطبيق لهذا القانون إلا إذا كانت مجردة من عناصر الجدة أو الذاتية الخاصة أو الصفة المميزة أو كانت مما لا يجيزه المشرع - لا تعارض بين حماية السلعة الواحدة كعلامة تجارية وفقاً لأحكام هذا القانون وحمايتها كنموذج صناعي وفقاً للقانون رقم 132 لسنة 1949 - استقلال مجال كل من الحمايتين عن الآخر - مثال.
إن المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1938 الخاص بالعلامات التجارية لم تخص عدد الأشكال التي تتخذها العلامات التجارية على سبيل الحصر وإنما سردت بعض أمثلة لهذه الأشكال. ذلك أنها بعد أن نصت على "الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام والرسوم والرموز وعنوانات المحال والدمغات والأحكام والتصاوير والنقوش البارزة" أضافت "وأية علامات أخرى أو أي مجموع منها" وأكد المشرع هذا المعنى في المذكرة التفسيرية للقانون فبين أن هذا السرد ليس حصراً بل تمثيلاً لأشكال العلامات "لأن الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامة لا عدد لها".
والمشرع إذ لم يحصر الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامات التجارية فإنه يكون قد جعل الأصل أن لكل صاحب شأن أن يشكل علامته التجارية كما يشاء. ولا قيد على حريته في هذا الخصوص. وتلزم حماية علامته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف الذكر إلا أن تكون العلامة مجردة من عناصر الجدة أو الذاتية الخاصة أو الصفة المميزة أو تكون مما لا يجيزه المشرع مما نص عليه على سبيل الحصر في المادة الخامسة من القانون المشار إليه.
وبالتطبيق لهذا الأصل التشريعي - لا تثريب على اتخاذ العلامة التجارية الشكل الخاص للوعاء الذي تعبأ فيه السلعة. كما يحدث بالنسبة لبعض قنينات العطور وزجاجات السوائل الغازية والمياه المعدنية فتصنع الزجاجة وبها انبعاجات مختلفة أو تصنع مستديرة أو مستطيلة أو ذات عنق طويل أو قصير وتتخذ العلامة التجارية هذا الشكل الخاص للوعاء. ولا قيد على اتخاذها هذا الشكل سوى أن تتوافر فيه عناصر الجدة والذاتية الخاصة والصفة المميزة.
ومما لا شك فيه أن شكل الزجاجة التي يعبأ فيها مشروب الكوكاكولا تتوافر فيه عناصر الجدة والذاتية الخاصة والصفة المميزة. فالثابت أنه شكل لم يسبق أن استعمله مصنع آخر لتمييز منتجات مماثلة أو مشابهة لمشروب الكوكاكولا وهو يختلف اختلافاً متميزاً عن الشكل العادي المألوف للزجاجات التي تعبأ فيها السوائل المماثلة أو المشابهة لمشروب الكوكاكولا. وإذ كان ذلك، فإنه لا يجوز - بالتطبيق للأصل التشريعي المستفاد من القانون رقم 57 لسنة 1939 - أن يرفض طلب تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية.
ولا محل للاحتجاج بأحكام القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية لرفض طلب تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية بمقولة أن هذه الزجاجة تعتبر نموذجاً صناعياً فلا تخضع في حمايتها إلا لذلك القانون. ذلك أنه ولئن كانت الزجاجة المذكورة تحمل خصائص النموذج الصناعي إلا أنها أيضاً تحمل في الوقت نفسه خصائص العلامة التجارية كما سلف البيان ولم يحظر القانون الخاص بالرسوم والنماذج الصناعية الجمع بين حمايته وبين حماية القانون الخاص بالعلامات التجارية. فالذي يترتب على كون الزجاجة سالفة الذكر تعتبر أيضاً نموذجاً صناعياً ليس رفض طلب تسجيلها بوصفها علامة تجارية وإنما إمكان حمايتها من جهة أخرى بوصفها نموذجاً صناعياً.


إجراءات الطعن

في 15 من سبتمبر سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيدين وزير التجارة ومدير إدارة الرسوم والنماذج الصناعية بوزارة التجارة بصفتيهما عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 19 من يوليه سنة 1960 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في الدعوى رقم 1240 لسنة 11 القضائية المقامة من شركة ذي كوكاكولا كومباني ضد السيدين وزير التجارة ومراقب العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل بوزارة التجارة والذي يقضي بإلغاء القرار الصادر في 23 من يونيه سنة 1957 من لجنة التظلمات بتأييد قرار لجنة العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل برفض تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية وإلزام الحكومة بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به من إلغاء القرار الصادر في 23 من يونيه سنة 1957 من لجنة التظلمات بتأييد قرار لجنة العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل برفض تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية والحكم برفض الدعوى مع إلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأعلنت صحيفة الطعن إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1960. وعين لنظر الطعن جلسة 19 من نوفمبر سنة 1961. وأبلغ الطرفان في 9 من نوفمبر سنة 1961 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 13 من يناير سنة 1962 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الشركة المدعية أقامت الدعوى رقم 1249 لسنة 11 القضائية ضد السيدين وزير التجارة ومراقب العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل بوزارة التجارة بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 24 من أغسطس سنة 1957 تطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 23 من يونيه سنة 1957 من لجنة التظلمات المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون رقم 57 لسنة 1939 وذلك فيما اشتمل عليه هذا القرار من تأييد قرار مراقبة العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل برفض العلامة المقدم عنها طلب التسجيل رقم 18327 وفي موضوع الدعوى بإلغاء القرار المذكور والحكم بقبول طلب التسجيل المذكور وإعادة الأوراق إلى مراقبة العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل بوزارة التجارة لاتخاذ إجراءات تسجيل هذا الطلب والنشر عنه وفقاً لأحكام القانون وذلك مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقالت الشركة بياناً للدعوى أنه بتاريخ 5 من يوليه سنة 1948 تقدمت بالطلب رقم 18327 لتسجيل علامة تجارية عن المشروبات غير الواردة في فئات أخرى والشراب المركز لعمل المشروبات بالفئة رقم 32. والعلامة التي طلب تسجيلها هي الشكل الخاص المميز لزجاجة الكوكاكولا. ولما كان شكل زجاجة الكوكاكولا قد أضحى علماً مميزاً لشراب الكوكاكولا وقد ثبت هذا الشكل الخاص للزجاجة في ذهن الجمهور في جميع أنحاء العالم كافة فقد قامت الشركة بتسجيل هذه العلامة في دول عديدة في العالم. وقد تقدمت الشركة لإدارة العلامات التجارية بالمستندات الدالة على تسجيل شكل الزجاجة كعلامة تجارية في معظم البلاد المذكورة. كما تقدمت للإدارة المذكورة بمستندات وبيانات عن مدى استعمال هذا الشكل الخاص المميز في الجمهورية المصرية مما يؤكد أن شكل الزجاجة أصبح بذاته علماً مميزاً على شراب الكوكاكولا، وقد استقر هذا العلم المميز في ذهن الجمهور استقراراً ثابتاً غير أنه رغم كل ذلك فوجئت الشركة بعد سبع سنوات تقريباً من تقديم طلب التسجيل بقرار مسبب مؤرخ 20 من ديسمبر سنة 1955 صادر من مراقبة العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل ورد به "تقرر رفض طلب التسجيل المقدم برقم 18327 بتاريخ 5 من يوليه سنة 1948 لأن العلامة المقدمة للتسجيل خالية من عناصر التمييز". ولما كان هذا هو السبب الوحيد الذي بني عليه قرار رفض التسجيل، وقد جاء هذا السبب مخالفاً للقانون والواقع، فقد تظلمت الشركة من هذا القرار إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 10 من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية. وأشارت الشركة إلى أنه ليس هناك ما يمنع قانوناً من تسجيل شكل الزجاجة كعلامة تجارية ما دام أن هذا الشكل الخاص المميز للزجاجة التي يعبأ فيها المشروب قد أضحى شكلاً مستقراً ثابتاً في ذهن الجمهور بل أن هذا الشكل قد أصبح نظراً لثباته هذا هو المميز الأهم لشراب الكوكاكولا. غير أن لجنة التظلمات لم تلق بالاً إلى كل هذه الحقائق وقررت في جلسة 23 من يونيه سنة 1957 تأييد قرار مراقبة العلامات التجارية. واستطردت الشركة إلى بيان أسباب الطعن في القرار المشار إليه فقالت أن القانون لم يحدد العناصر التي تتكون منها العلامة التجارية بل فتح الباب على مصراعيه في صدد الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامة التجارية وما لا يصح أن يعتبر علامة تجارية هو ما حرمه القانون صراحة في نص المادة الخامسة منه. أما ما عدا ذلك فأي شكل أو صورة أو رسم اتخذته العلامة فإنها تكون علامة تجارية مقبولة في نظر القانون. وقد أجمع الفقهاء المصريون في شرح قانون العلامات التجارية على هذا المبدأ. فالعنصر الوحيد الذي يتعين توافره في العلامة التجارية هو أن تكون العلامة صالحة لتمييز المقترح الصناعي أو البضاعة أو السلعة عن غيرها من البضائع والمنتجات والسلع. وكما اتخذت الشركة علامة تجارية لها كلمة كوكاكولا فقد اتخذت أيضاً في نفس الوقت كعلامة تجارية لها ذلك الشكل المعين هو الوعاء الزجاجي المميز الذي يعبأ فيه منتوجها من المياه الغازية وهو شكل خاص مميز قاصر استعماله عليها وينطوي على شكل سيدة محتشمة، وهذا الشكل الخاص الذي اتخذته الشركة لم يسبق لأحد استعماله قبلها ولم يستعمله غيرها أي صانع. ويكفى أن يرى أي إنسان شكل الزجاجة الخاص المميز الذي تضع فيه الشركة منتجاتها ليدرك في الحال أن الشراب الذي تحويه الزجاجة ليس سوى شراب الكوكاكولا وهذا الشكل هو المثال التقليدي للأوعية التي تعتبر بذاتها علامة تجارية. وأجابت الحكومة على الدعوى بأن المقصود بالرسم المنصوص عليه في القانون رقم 57 لسنة 1939 هو الإشارة أو العلامة التي توضع على السلع بقصد تمييزها ذاتياً ومن ثم لا يجوز اعتبار زجاجة الكوكاكولا وهي في حد ذاتها سلعة مصنوعة علامة تجارية لسلعة أخرى وهي المياه التي تحتويها. وإنما تخضع الزجاجة في حمايتها للقانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية وبذلك تخرج من نطاق قانون العلامات التجارية والأخذ بخلاف ذلك يؤدي إلى تعطيل أحكام قانون براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية لأن حماية ذلك القانون حماية مؤقتة على حين أن حماية قانون العلامات التجارية يمكن تجديدها إلى ما لا نهاية. وبجلسة 26 من نوفمبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وبعد تحضير موضوع الدعوى قضت المحكمة بجلسة 19 من يوليه سنة 1960 بإلغاء القرار الصادر في 23 من يونيه سنة 1957 من لجنة التظلمات بتأييد قرار لجنة العلامات التجارية بمصلحة الملكية الصناعية والتسجيل برفض تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية وإلزام الحكومة بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أنه يبين من نصوص القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية أن المشرع ترك الباب بصدد أشكال العلامات التجارية مفتوحاً على مصراعيه طالما أن العلامة ليست مما نصت المادة الخامسة على عدم جواز تسجيله، وعلى ذلك فليس ثمة مانع - بحسب نص المادة الأولى من القانون - من أن تكون العلامة اسماً أو إمضاءً أو كلمة أو حرفاً أو رقماً أو رسماً أو رمزاً أو دمغة أو ختماً أو تصويراً أو نقشاً بارزاً أو أية علامة أخرى أو أي مجموع منها ما دام أنها ذات طابع مميز لمنتجات أي عمل صناعي أو استغلال زراعي أو استغلال للغابات أو لمستخرجات الأرض أو أية بضاعة أو للدلالة على مصدر المنتجات أو البضائع أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها. وعلى ذلك يمكن القول بأنه لا يشترط أن تكون العلامة مما يوضع على السلعة المصنوعة ذاتها لتمييزها فيصح أن تكون هي بذاتها سلعة مصنوعة كما هو الحال في الأوعية والأغلفة التي تعبأ فيها منتجات صناعية ما دام للعبوة أو للوعاء شكل مميز لما يحتويه، وعلى ذلك فليس في القانون ما يمنع من اتخاذ زجاجة الكوكاكولا وهي كما هو معروف ذات شكل خاص مبتكر مميز، علامة تجارية لما تحتويه من شراب الكوكاكولا، مع أنها كزجاجة تعتبر في ذاتها سلعة مصنوعة ذات شكل خاص مما يصح أن يكون محل حماية بموجب القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية. أما القول بأن تسجيل الزجاجة المذكورة كعلامة تجارية يكفل لها حماية دائمة على مقتضى قانون العلامات التجارية، على حين أنها لا تستأهل باعتبارها سلعة مصنوعة ذات شكل خاص إلا حماية مؤقتة أقصاها خمسة عشر عاماً طبقاً لقانون الرسوم والنماذج الصناعية رقم 132 لسنة 1949 مما يجعل تسجيلها كعلامة تجارية متعارضاً مع أحكام القانون المذكور ومخالفاً له. هذا القول غير سديد لأن حماية الزجاجة كعلامة تجارية أمر مستقل بذاته عن حمايتها كنموذج صناعي ولا تعارض أو تلازم بينهما لأن لكل حماية مجالها المستقل فحماية زجاجة الكوكاكولا باعتبارها نموذجاً صناعياً هو حماية صناعة الزجاجة ذاتها بحيث لا يجوز صنع مثلها طوال مدة الحماية أما حمايتها كعلامة تجارية لشراب الكوكاكولا فالمقصود بها حماية الشراب الذي تحتويه بحيث لا يجوز استعمالها وعاء لتعبئة شراب آخر مماثل له أو من فئته. فلو أن حماية النموذج المميز لزجاجة الكوكاكولا سقطت وزالت بمضي المدة وأصبح النموذج المذكور ملكاً عاماً للكافة يجوز لكل فرد إنتاجه وصناعته لما كان ذلك مبرراً لاستعمال الغير هذه الزجاجات لتعبئة شراب الكوكاكولا أو ما يماثله من المشروبات. وإنما يبقى ذلك مقصوراً على الشركة المدعية نتيجة للحماية المقررة لهذه الزجاجة باعتبارها علامة تجارية للمشروب الذي تنتجه باسم الكوكاكولا.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن العلامة التجارية تستخدم لتمييز السلع، ومن ثم يشترط أن توضع على السلعة ذاتها والرسم بالمعنى المقصود في القانون رقم 57 لسنة 1939 هو الإشارة أو العلامة التي توضع على السلعة ويقصد به تمييز السلعة ذاتها. أما المعنى المقصود بالرسم في القانون رقم 132 لسنة 1939 فهو الرسم الصناعي أو النموذج وهو يتعلق بالإنتاج الصناعي نفسه فيكسبه شكلاً خاصاً يجعله متميزاً عن غيره من المنتجات الصناعية التي تماثله. وأنه إذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى اعتبار عبوة الإنتاج ورسم زجاجة الكوكاكولا - الذي لا يعدو أن يكون نموذجاً صناعياً - علامة تجارية يكون قد جانب الصواب. والثابت أن مراقبة العلامات التجارية قد قامت بتسجيل مقطعي كلمة كوكاكولا كعلامة تجارية وقامت الشركة بطبع هذه الكلمة على زجاجاتها. وذلك يعد كافياً كعلامة تجارية لتمييز السلعة التي تحتويها الزجاجة - عبوة الإنتاج - وإسباغ ذاتية خاصة ومتميزة على السلعة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية لم تخصص عدداً للأشكال التي تتخذها العلامات التجارية على سبيل الحصر وإنما سردت بعض أمثلة لهذه الأشكال. ذلك أنها بعد أن نصت على "الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام والرسوم والرموز وعنوانات المحال والدمغات والأحكام والتصاوير والنقوش البارزة"، وأضافت "وأية علامة أخرى أو أي مجموع منها". وأكد المشرع هذا المعنى في المذكرة التفسيرية للقانون فبيَّن أن هذا السرد ليس حصراً بل تمثيلاً لأشكال العلامات "لأن الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامة لا عدد لها".
ومن حيث إن المشرع إذ لم يحصر الأشكال التي يمكن أن تتخذها العلامات التجارية، فإنه يكون قد جعل الأصل أن لكل صاحب شأن أن يشكل علامته التجارية كما يشاء. ولا قيد على حريته في هذا الخصوص. وتلزم حماية علامته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف الذكر إلا أن تكون العلامة مجردة من عناصر الجدة أو الذاتية الخاصة أو الصفة المميزة أو تكون مما لا يجيزه المشرع مما نص عليه على سبيل الحصر في المادة الخامسة من القانون المشار إليه.
ومن حيث إنه - بالتطبيق لهذا الأصل التشريعي - لا تثريب على اتخاذ العلامة التجارية الشكل الخاص للوعاء الذي تعبأ فيه السلعة. كما يحدث بالنسبة لبعض قنينات العطور وزجاجات السوائل الغازية والمياه المعدنية فتصنع الزجاجة وبها انبعاجات مختلفة أو تصنع مستديرة أو مستطيلة أو ذات عنق طويل أو قصير وتتخذ العلامة التجارية هذا الشكل الخاص للوعاء. ولا قيد على اتخاذها هذا الشكل سوى أن تتوافر فيه عناصر الجدة والذاتية الخاصة والصفة المميزة.
ومن حيث إنه مما لا شك فيه أن شكل الزجاجة التي يعبأ فيها مشروب الكوكاكولا تتوافر فيه عناصر الجدة والذاتية الخاصة والصفة المميزة. فالثابت أنه شكل لم يسبق أن استعمله مصنع آخر لتمييز منتجات مماثلة أو مشابهة لمشروب الكوكاكولا وهو يختلف اختلافاً متميزاً عن الشكل العادي المألوف للزجاجات التي يعبأ فيها السوائل المماثلة أو المشابهة لمشروب الكوكاكولا. وإذا كان ذلك، فإنه لا يجوز - بالتطبيق للأصل التشريعي المستفاد من القانون رقم 57 لسنة 1939 - أن يرفض طلب تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية.
ومن حيث إنه لا محل للاحتجاج بأحكام القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية لرفض طلب تسجيل زجاجة الكوكاكولا كعلامة تجارية بمقولة أن هذه الزجاجة تعتبر نموذجاً صناعياً فلا تخضع في حمايتها إلا لذلك القانون. ذلك أنه ولئن كانت الزجاجة المذكورة تحمل خصائص النموذج الصناعي إلا أنها أيضاً تحمل في الوقت نفسه خصائص العلامة التجارية كما سلف البيان. ولم يحظر القانون الخاص بالرسوم والنماذج الصناعية الجمع بين حمايته وبين حماية القانون الخاص بالعلامات التجارية. فالذي يترتب على كون الزجاجة سالفة الذكر تعتبر أيضاً نموذجاً صناعياً ليس رفض طلب تسجيلها بوصفها علامة تجارية وإنما إمكان حمايتها من جهة أخرى بوصفها نموذجاً صناعياً.
ومن حيث إنه لما تقدم من الأسباب التي بني عليها الحكم المطعون فيه والتي تأخذ بها هذه المحكمة يكون الطعن قد قام على أساس غير سليم من القانون فيتعين القضاء برفضه موضوعاً وإلزام الحكومة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات [(1)].


[(1)] صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت 10 من فبراير سنة 1962 الموافق 5 من رمضان سنة 1381 من الهيئة المبينة بصدره عدا السيد - سيد إبراهيم الديواني نائب رئيس المجلس الذي حضر المرافعة وحضر المداولة ووقَّع مسودة الحكم فقد حضر بدلاً منه السيد - الإمام الإمام الخريبي وكيل المجلس.