مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الثاني (أول مارس 1988 - 30 سبتمبر 1988) - صـ 1033

(164)
جلسة 5 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجى وفريد نزيه تناغو - المستشارين.

الطعن رقم 779 لسنة 30 القضائية

قرار إداري - عيب عدم الاختصاص - تصحيحه.
صدور القرار الإداري ممن لا يملك إصداره يصمه بعيب عدم الاختصاص - يصحح هذا العيب باعتماد القرار ممن يختص بإصداره - أساس ذلك: أن تصحيح عيب عدم الاختصاص قبل صدور الحكم بإلغاء القرار جائز قانوناً ويرتب أثره طالما احتفظ القرار بمضمونه دون تعديل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 18 من يناير سنة 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد محافظ المنوفية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 779 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 21 نوفمبر سنة 1983 في الطعن التأديبي رقم 44 لسنة 11 القضائية المقام من السيد/ ....... ضد محافظ المنوفية بصفته وكيل وزارة الزراعة بالمنوفية، والقاضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الطعن التأديبي.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من ديسمبر سنة 1987، وبجلسة 10 من فبراير سنة 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 20 من فبراير سنة 1988 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات. وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين الأوراق - في أنه بتاريخ 3 من يناير سنة 1983 أقام السيد/ ....... الطعن التأديبي رقم 44 لسنة 11 القضائية بإيداعه صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا، طالباً فيه الحكم بإلغاء القرار رقم 185 الصادر بتاريخ أول أغسطس سنة 1982 من مدير الإدارة الزراعية ببني سويف بخصم خمسة أيام من راتبه وبنقله إلى جمعية شبرا بلولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن شرحاً لطعنه التأديبي إنه كان يعمل بوظيفة مهندس إرشاد زراعي، ونسب إليه تعديه بالفعل واللفظ بأسلوب غير لائق على....... العامل بالجمعية الزراعية دون أن تصدر منه هذه الواقعة، ودون أن يجري معه تحقيق على النحو الذي يستوجبه القانون وأضاف الطاعن أن القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا يملك إصداره.
وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1983 أصدرت المحكمة حكمها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه من حيث إن السلطة المختصة في تطبيق نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 هو المحافظ المختص بالنسبة لوحدات الحكم المحلي، والاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين ينعقد لشاغلي وظائف الإدارة العليا، ولا يجوز لمن هم دون هذا المستوى توقيع الجزاء.
وأضافت المحكمة التأديبية أنه متى كان الثابت أن القرار المطعون فيه صدر من مدير الإدارة الزراعية بمنوف وهو دون مستوى شاغلي وظائف الإدارة العليا، فمن ثم لا يكون له توقيع الجزاء لا أصالة ولا تفويضاً، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص الأمر الذي يعيب القرار ويستوجب القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك تأسيساً على أن استناد الحكم في إلغاء القرار المطعون فيه إلى أنه صدر من مدير الإدارة الزراعية بمنوف وهو دون مستوى شاغلي وظائف الإدارة العليا. استناد غير صحيح لأن السيد المحافظ قد اعتمد هذا القرار، ومن ثم تعد تأشيرته بالاعتماد قرار إدارياً متكامل الأركان، الأمر الذي يجعل القرار المطعون فيه قد صدر من السلطة المختصة بإصداره قانوناً، وبالتالي يكون الحكم وقد ذهب إلى خلاف ذلك قد خالف القانون على نحو يجعله جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن وقائع الطعن التأديبي تجمل فيما ورد بصحيفة طعن الطاعن أمام المحكمة التأديبية من أن مدير الإدارة الزراعية بمنوف قد أصدر قراراً بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه وبنقله مكانياً إلى جمعية شبرا بلولة.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد انطوى على شقين أحدهما جزاء الخصم من المرتب، وثانيهما نقل الطاعن مكانياً على النحو المتقدم.
ومن حيث إن هذه المحكمة - الدائرة المنصوص عليها في المادة (54) مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 - قد استقرت على وجوب الالتزام في تحديد اختصاص المحكمة التأديبية بالجزاءات الصريحة التي حددها القانون على سبيل الحصر. وبالتالي فلا ينعقد الاختصاص لهذه المحاكم إلا إذا كان الطعن موجهاً إلى ما وصفه صريح نص القانون بأنه جزاء، فإذا كان الطعن موجهاً إلى قرار صدر بنقل أو ندب أحد العاملين بالحكومة اختصت به محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية بحسب القواعد المنظمة لتوزيع الاختصاص بينهما.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية المطعون في حكمها قد ذهبت إلى اختصاصها بنظر الطعن على قرار نقل الطاعن وفصلت في موضوعه فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون على نحو يستوجب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من هذا القضاء والأمر بإحالة الطعن على قرار النقل المكاني إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص.
ومن حيث إنه عن الشق من القرار المطعون فيه الخاص بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه، فمن حيث إن هذا القرار قد صدر ممن لا يملك إصداره - وهو مدير الإدارة الزراعية بمنوف - لأنه من غير شاغلي وظائف الإدارة العليا فإنه يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص إلا أنه طالما أن الثابت أن السيد/ ...... قد تظلم من القرار الطعين إلى السيد محافظ المنوفية حيث أشر سيادته على التظلم: بعبارة "يبقى الجزاء" فإن عيب عدم الاختصاص يكون قد تصحح باعتماد القرار ممن يختص بإصداره، ذلك أن المستقر عليه أن تصحيح جهة الإدارة لما شاب القرار من عيب عدم الاختصاص قبل صدور الحكم بإلغائه، جائز قانوناً ومرتب لأثره طالما احتفظ القرار بمضمونه دون تعديل.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية المطعون في حكمها قد ذهبت إلى عدم تصحيح عيب الاختصاص على النحو المتقدم وانتهت إلى إلغائه على هذا الأساس، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون على نحو يستوجب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من هذا القضاء.
ومن حيث إن قرار مجازاة السيد....... بخصم خمسة أيام من راتبه قد صدر استناداً إلى ما نسبه إليه من تعديه بالفعل واللفظ على السيد/ ........
ومن حيث إن هذه الواقعة قد تم التحقيق فيها إدارياً بالتحقيق رقم 140 لسنة 1982 الذي ثبت منه شكوى السيد/ .......، الساعي بجمعية منجرج من أن السيد/ ....... الذي يعمل بذات الجمعية - من الفئة الثالثة - قد تعدى عليه بالسب والضرب أمام عدد من العاملين بها صباح يوم السبت الموافق 10/ 7/ 1982 متطاولاً عليه بسبب عدم القيام احتراماً له عند مقدمه، وقد شهد بصحة ما جاء بهذه الشكوى كل من.......، كاتب الجمعية و....... مندوب مالي الجمعية، و....... سائق جرار الجمعية.
ومن حيث إن الاتهام المنسوب إلى السيد/ ....... يكون بذلك ثابتاً في حقه ثبوتاً يقيناً.
ومن حيث إن مؤدى ذلك أن قرار الجزاء الذي وقع عليه يكون قد بني على استخلاص سائغ من عيون ما انتهى إليه التحقيق، فإن هذا القرار بذلك - وقد اعتمد ممن يملك إصداره - قد صدر صحيحاً ولا مطعن عليه، الأمر الذي سيجعل الطعن التأديبي المقام بطلب إلغائه واجب الرفض - وعلى ذلك فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن التأديبي على قرار الجزاء بخصم خمسة أيام من راتب....... وبتثبيت هذا الجزاء، وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب إلغاء قرار النقل الثاني وبإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن التأديبي على قرار مجازاة....... بخصم خمسة أيام من راتبه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب إلغاء القرار بنقله مكانياً إلى جمعية شبرا بلوله وبإحالة هذا الطلب إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص.