مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الأول (الفترة من أول أكتوبر سنة 2006 حتى إبريل سنة 2007) - صـ 414

(62)
جلسة 24 من فبراير سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر حسين مبروك قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 7504 لسنة 52 قضائية عليا

اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - الطعن على القرارات المتعلقة بقبول أوراق الترشيح أو تحديد الصفة لعضوية مجلس الشعب بعد إعلان نتيجة الانتخابات.
المادة 93 من الدستور.
النعي على العملية الانتخابية بمعناها الفني الدقيق، والمتمثلة في التصويت والفرز وإعلان النتيجة، إنما يدخل حسمه في إطار الاختصاص المقرر لمجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه، سواء أسفرت هذه العملية عن فوز أحد المرشحين وحسم الانتخابات بصفة نهائية أو عن الإعادة بين مرشحين أو أكثر، وذلك حتى لا تتقطع أوصال المنازعة الواحدة - مناط اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في الطعون على القرارات المتعلقة بقبول أوراق الترشيح أو الصفة السابقة على الانتخاب هو أن يتم الطعن على هذه القرارات على استقلال وفي الميعاد القانوني قبل بدء العملية الانتخابية بحيث يكون محل الطعن هو القرار الإداري السابق على إجراء الانتخابات - لا اختصاص للقضاء الإداري إذا تم الطعن على هذا القرار بعد إجراء الانتخابات وإعلان النتيجة، لأن القرار الأول الخاص بالترشيح يكون قد اندمج في نسيج العملية الانتخابية وأصبح جزءاً منها، وظهر واقع قانوني جديد هو قرار إعلان نتيجة الانتخاب، فلم يعد من الجائز فصل قرار قبول أوراق الترشيح - والسابق على العملية الانتخابية - والطعن عليه على استقلال إذ أنه أصبح جزءاً من عناصر صحة عضوية مجلس الشعب، ومن ثَمّ يكون الطعن عليه في هذه المرحلة من خلال الطعن على صحة العضوية الذي يختص به مجلس الشعب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 28 من ديسمبر سنة 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن - قيد برقم 7504 لسنة 52 قضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بوقف تنفيذ قرار إدراج المطعون على ترشيحه (عبد الصبور عطيتو محمد موسى) ضمن كشوف المرشحين لانتخابات عضوية مجلس الشعب عن الدائرة الثالثة مركز إدفو محافظة أسوان بصفة عامل وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إجراء الانتخابات مجدداً بتلك الدائرة بين جميع المرشحين وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 6/ 2006 ثم قررت الدائرة بجلسة 16/ 9/ 2006 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 14/ 10/ 2006.
ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة ثم بجلسة 2/ 12/ 2006، وبهذه الأخيرة قررت إصدار الحكم بجلسة 20/ 1/ 2007، ثم أجلت النطق بالحكم إدارياً لجلسة 3/ 2/ 2007 ثم لجلسة 24/ 2/ 2007 لإتمام المداولة، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 4/ 12/ 2005 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1297 لسنة 14 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري/ الدائرة الأولى بقنا، طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إعلان نتيجة انتخابات المرحلة الأولى لعضوية مجلس الشعب عن الدائرة الثالثة ومقرها مركز إدفو محافظة أسوان، فيما تضمنه من إدخال/ علي محمد حسن وعبد الصبور عطيتو على مقعد العمال في انتخابات الإعادة المحدد لها 7/ 12/ 2005 مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها: أن تكون الإعادة على مقعد العمال بينه وبين/ علي محمد حسن ريان بدلاً من/ عبد الصبور عطيتو محمد الذي لا يصدق عليه صفة العامل، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 4/ 12/ 2005 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بعد أن قضت برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، تأسيساً على أن مناط اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه طبقاً لأحكام المادة 93 من الدستور، أن يكون ثمة مركز قانوني متمثل في اكتساب عضوية هذا المجلس قد ترتب نتيجة لإبداء إرادة شعبية صحيحة، وأن تكون العملية الانتخابية قد حسمت نهائياً وأسفرت عن فوز بعض المرشحين بعضوية مجلس الشعب، وبالتالي يخرج عن تطبيق أحكام المادة 93 المشار إليها سائر الإجراءات والتصرفات الإدارية السابقة على اكتساب هذه العضوية بدءاً من تاريخ تقديم طلبات الترشيح حتى تاريخ إجراء العملية الانتخابية بجميع مراحلها، مما ينعقد الاختصاص بنظرها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري طبقاً للمادة 172 من الدستور.
بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من الجهة الإدارية، فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن الطعن الماثل ينصب على قرار إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب في الدائرة موضوع النزاع، مما يعني أن الطعن الماثل يتعلق مباشرة بإرادة الناخبين وصحيح التعبير عن هذه الإرادة، وهو ما يتعين أن يترك الفصل فيه لمجلس الشعب وحده عملاً بحكم المادة 93 من الدستور، وبالتالي تكون محاكم مجلس الدولة غير مختصة ولائياً بنظر النزاع فضلاً عن أن امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ الحكم مرده إلى إقامة إشكال في التنفيذ أمام محاكم القضاء المدني.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن النعي على العملية الانتخابية بمعناها الفني الدقيق، والمتمثلة في التصويت والفرز وإعلان النتيجة، إنما يدخل حسمه في إطار الاختصاص المقرر لمجلس الشعب طبقاً لأحكام المادة 93 من الدستور بالفصل في صحة عضوية أعضائه، سواء أسفرت هذه العملية عن فوز أحد المرشحين وحسم الانتخابات بصفة نهائية أو عن الإعادة بين مرشحين أو أكثر، وذلك حتى لا تتقطع أوصال المنازعة الواحدة، كما استقر قضاء المحكمة على أن مناط اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في الطعون على القرارات المتعلقة بقبول أوراق الترشيح أو الصفة السابقة على الانتخاب هو أن يتم الطعن على هذه القرارات على استقلال وفي الميعاد القانوني قبل بدء العملية الانتخابية بحيث يكون محل الطعن هو القرار الإداري السابق على إجراء الانتخابات، فلا اختصاص للقضاء الإداري إذا تم الطعن على هذا القرار بعد إجراء الانتخابات وإعلان النتيجة، لأن القرار الأول الخاص بالترشيح يكون قد اندمج في نسيج العملية الانتخابية وأصبح جزءاً منها، وظهر واقع قانوني جديد هو قرار إعلان نتيجة الانتخاب، فلم يعد من الجائز فصل قرار قبول أوراق الترشيح - والسابق على العملية الانتخابية - والطعن عليه على استقلال بدعوى عدم العلم بأسبابه ودواعي الطعن عليه إلا بعد إجراء العملية الانتخابية، إذ أنه أصبح جزءاً من عناصر صحة عضوية مجلس الشعب، ومن ثَمّ يكون الطعن عليه في هذه المرحلة من خلال الطعن على صحة العضوية الذي يختص به مجلس الشعب وفقاً لنص المادة 93 من الدستور.
ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام دعواه المطعون على حكمها بتاريخ 4/ 12/ 2005 بعد إجراء انتخابات المرحلة الأولى لعضوية مجلس الشعب عن الدائرة الثالثة ومقرها مركز إدفو محافظة أسوان في 1/ 12/ 2005، وذلك طعناً على قرار إعلان نتيجة هذه المرحلة فيما تضمنه من الإعادة على مقعد العمال بين كل من/ علي محمد حسن وعبد الصبور عطيتو محمد بتاريخ 7/ 12/ 2005، استناداً إلى افتقاد هذا الأخير لصفة العامل، وأن الإعادة يجب أن تكون بينه وبين/ علي محمد حسن بعد استبعاد/ عبد الصبور عطيتو محمد، الأمر الذي مفاده أن النزاع ينصب على أحد عناصر العملية الانتخابية المتمثل في قرار إعلان النتيجة، ومن ثَمّ فإن الفصل في هذا النزاع يخرج عن الاختصاص الولائي المعقود لمحاكم مجلس الدولة ويندرج في اختصاص مجلس الشعب عملاً بأحكام المادة 93 من الدستور ومن ثَمّ فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع المبدى من الجهة الإدارية في هذا الشأن، يكون والحالة هذه قد جاء مجافياً لصحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن المدعي يهدف بدعواه إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار قبول ترشيح/ عبد الصبور عطيتو محمد لانتخابات مجلس الشعب عن الدائرة سالفة الذكر بصفة عامل مع ما يترتب على ذلك من آثار، ذلك أنه فضلاً عن هذا التكييف يخالف طلبات المدعي (المطعون ضده) الصريحة في الدعوى والتي تنصب على قرار إعلان نتيجة انتخابات المرحلة الأولى، فإن الأخذ به إنما يؤدي إلى ذات النتيجة السابقة وهي عدم الاختصاص، إذ أن الطعن في قرار قبول الترشيح لم يكن سابقاً على إجراء العملية الانتخابية، واندرج تبعاً لذلك في نسيج هذه العملية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.