مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى - الجزء الأول (الفترة من أول أكتوبر سنة 2006 حتى إبريل سنة 2007) - صـ 483

(76)
جلسة 17 من مارس سنة 2007 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة، بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر حسين مبروك قنديل - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة، وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة.

الطعنان رقما 16220 و16293 لسنة 52 قضائية عليا

نوادٍ رياضية - الدور الرقابي للجهة الإدارية المختصة - حل مجلس الإدارة - ضماناته - حالة الضرورة.
المادتان 25 و45 من قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978.
المشرع أخضع الهيئات الأهلية العاملة في مجال رعاية الشباب والرياضة لرقابة صارمة من جانب الجهة الإدارية المختصة - وهي مديرية الشباب والرياضة - بهدف ضمان التزام تلك الهيئات جادة القانون والقيام بالمسئولية الملقاة على عاتقها في رعاية الشباب وتنشئته التنشئة الصحيحة دون اعوجاج منها أو انحراف، إذ بسط رقابة تلك الجهة على كافة أوجه النشاط الذي تمارسه الهيئات المذكورة سواء من الناحية المالية أو الإدارية أو الصحية أو التنظيمية، وخولها الحق في التثبت من عدم مخالفة الهيئة للقوانين والنظام الأساسي لها وقرارات الجمعية العمومية، وكذلك عدم مخالفتها لسياسة الجهة الإدارية المختصة في مجال أنشطة وخدمات الشباب والرياضة، وألزم تلك الجهة بضرورة إبلاغ الهيئة بملاحظاتها عن أية مخالفات لإزالة أسبابها خلال المدة المحددة لذلك - تفعيلاً للدور المنوط بالجهة الإدارية المختصة في هذا الشأن خول المشرع الوزير المختص - وهو وزير الشباب - سلطة حل مجلس إدارة الهيئة في حالات محددة على سبيل الحصر، وهي مخالفة المجلس لأحكام القانون أو النظام الأساسي للهيئة أو لوائحها أو القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة، وإذا لم يقم المجلس بتنفيذ قرارات الجمعية العمومية أو سياسة الجهة الإدارية المختصة أو ملاحظاتها أو توجيهاتها، وذلك بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها في هذا الشأن - المشرع وإن كان قد أحاط مجلس الإدارة بضمانات أساسية، تتمثل في ضرورة تسبيب القرار، وإخطار الهيئة المخالفة بخطاب مسجل لإزالة أسباب المخالفة، وانتظار مدة ثلاثين يوماً من تاريخ وصول الإخطار، إلا أن ذلك لا يعني أن سلطة مُصدر القرار هي سلطة مقيدة، فهو يملك غير هذه الضمانات سلطة واسعة في تقدير توافر سبب أو آخر من الأسباب التي تبرر الحل وذلك في ضوء تعدد هذه الأسباب وتنوعها، بل إنه يملك في حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير إصدار قرار بالحل الفوري للمجلس دون اتباع الإجراءات الشكلية المنوه عنها، عملاً بصحيح نص القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 9 من إبريل سنة 2006 أودع الأستاذ/ مجدي محمود عمر المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن/ حسن محمد محمد صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 16220 لسنة 52 قضائية عليا - في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بقبول تدخل المدعى عليهم من السادس حتى التاسع انضمامياً إلى جانب جهة الإدارة، وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الشباب رقم 1188 لسنة 2005 الصادر بحل مجلس إدارة نادي الزمالك وتعيين مجلس إدارة مؤقت لمدة سنة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 11 من إبريل سنة 2006 أودع الأستاذ/ كمال عبد الفتاح يونس المحامي عن نفسه وبصفته وكيلاً عن كل من/ إسماعيل سليم محمد، وأحمد صفاء الدين عبد المجيد بصفتهم خصوماً متدخلين في الدعوى المطعون على حكمها - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 16293 لسنة 52 قضائية عليا - في ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 9029 لسنة 60 ق بجلسة 2/ 4/ 2006.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لتقضي بقبوله شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتدول الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قررت الدائرة ضم الطعنين معاً للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، كما تدخل عدد من الخصوم المبينة أسماؤهم بمحاضر الجلسات انضمامياً إلى جانب المطعون ضده.
وبجلسة 14/ 12/ 2006 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى موضوع لنظرهما بجلسة 23/ 12/ 2006.
ونظرت المحكمة الطعنين بجلسات المرافعة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/ 2/ 2007 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 26/ 12/ 2005 أقام المطعون ضده/ مرتضى أحمد منصور الدعوى رقم 9029 لسنة 60 ق المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء الإداري/ الدائرة الثانية بالقاهرة، طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير الشباب والرياضة رقم 1188 لسنة 2005 فيما تضمنه من حل مجلس إدارة نادي الزمالك للألعاب الرياضية وتعيين مجلس إدارة مؤقت لمدة عام، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودة مجلس الإدارة المنتخب وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 2/ 4/ 2006 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه استند إلى سبعة أسباب وردت جميعها في مذكرة رئيس قطاع الرياضة المتضمنة التوصية بحل مجلس إدارة نادي الزمالك، وأنه يتضح من بحث هذه الأسباب أن القرار المطعون فيه صدر مفتقداً لركن السبب مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة.
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً من الخصم المدخل/ رئيس المجلس القومي للرياضة، أو من الخصوم المتدخلين: كمال عبد الفتاح يونس، وإسماعيل سليم محمد، وأحمد صفاء الدين عبد المجيد، فأقام الأول الطعن رقم 16220 لسنة 52 ق. عليا، وأقام الآخرون الطعن رقم 16293 لسنة 52 ق. عليا، ينعون فيهما على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على النحو المبين تفصيلاً بصحيفة كلا الطعنين.
ومن حيث إنه يجدر - بادئ ذي بدء - التصدي للدفوع المبداة من المطعون ضده بمذكرة دفاعه المودعة إبان فترة حجز الطعنين للحكم - وهي:
أولاً: الدفع بعدم قبول الطعن رقم 16220 لسنة 52 قضائية عليا لرفعه على غير ذي صفة، إذ لم يحدد الطاعن صفة المطعون ضده، وهل هو رئيس نادي الزمالك الحالي أم السابق، أم عضو مجلس شعب سابق، أم محامٍ بالنقض والإدارية العليا.
ثانياً: الدفع بعدم قبول الطعن رقم 16220 لسنة 52 قضائية عليا لرفعه من غير ذي صفة، إذ أن الطاعن/ حسن صقر لم يعد الممثل القانوني للمجلس القومي للرياضة بعد أن صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 426 لسنة 2005 بإنشاء هذا المجلس، وجعل المدير التنفيذي للمجلس هو الممثل القانوني له أمام القضاء.
ثالثاً: الدفع بعدم قبول الطعن رقم 16620 لسنة 52 قضائية عليا، لانتفاء المصلحة فيه، إذ أن قرار الحل المطعون فيه قد تضمن تعيين مجلس إدارة مؤقت للنادي لمدة عام، وقد انتهى هذا العام، وبالتالي يكون القرار قد استنفد نطاقه الزمني ولم يعد للطاعن مصلحة في الطعن على الحكم بإلغائه لعدم جدوى الاستمرار في الخصومة، يؤكد ذلك أن الطاعن أصدر قراراً جديداً في 9/ 8/ 2006 بحل مجلس الإدارة للمرة الثانية.
ومن حيث إن ما أثاره المطعون ضده بشأن عدم تحديد صفته في الطعن هو إقحام لمسائل منبتة الصلة بموضوع النزاع، إذ أقام المطعون ضده دعواه المطعون على حكمها بصفته رئيساً لمجلس إدارة نادي الزمالك المنحل، وبالتالي لا شأن للنزاع بكون المذكور عضواً سابقاً بمجلس الشعب أو محامياً بالنقض، وقد ظلت صفته التي أقام بها الدعوى ملازمة له في مرحلة الطعن، كما أن مسايرة منطق المطعون ضده في القول بانعدام صفة الطاعن في النزاع، كان يقتضي ألا يصدر الحكم المطعون فيه في مواجهته، وإذ صدر الحكم رغم ذلك في مواجهته وأصبح حجة عليه وملتزماً بتنفيذه، فإنه بذلك يكون ذا صفة في الطعن عليه، أما عن القول بانعدام مصلحة الطاعن في الطعن على النحو الذي ذهب إليه المطعون ضده، فإنه ينطوي على خلط واضح بين مصلحة الطاعن في الطعن على القرار محل التداعي - وهذه بالتأكيد غير متوافرة في حق الطاعن - وبين مصلحته في الطعن الماثل، وهي بلا ريب مصلحة ثابتة ومحققة انطلاقاً من كون الحكم الطعين حجة عليه على ما سلف القول، وفضلاً عن كل ذلك فإن القاعدة العامة في تحديد صفة من له حق الطعن على الحكم، هو أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة الصادر بشأنها الحكم، سواء كان طرفاً أصيلاً أو مدخلاً، وهذه ثابتة في حق كل من الطاعن والمطعون ضده حسبما يبين من الاطلاع على صدر الحكم الطعين وما خلص إليه من قضاء، ومن ثَمّ فإن كافة ما أثاره المطعون ضده من دفوع في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون، وبالتالي يتعين تنحيته جانباً وعدم الالتفات إليه.
ومن حيث إنه عن الموضوع: فإن المادة (25) من قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 تنص على أن "تخضع الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة مالياً وتنظيمياً وإدارياً وفنياً وصحياً لإشراف الجهة الإدارية المختصة، ولهذه الحجة - في سبيل تحقيق ذلك - التثبت من عدم مخالفة القوانين والنظام الأساسي للهيئة وقرارات الجمعية العمومية وعدم مخالفة الهيئة لسياسة الجهة الإدارية المختصة في مجال أنشطة وخدمات الشباب والرياضة، ولها في سبيل ذلك الاطلاع على كافة دفاتر الهيئة ومستنداتها ومتابعة أنشطتها المختلفة.. وعليها أن تخطر الهيئة بملاحظاتها عن أية مخالفات لإزالة أسبابها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار".
كما تنص المادة (45) من القانون المذكور على أنه "للوزير المختص أن يصدر قراراً مسبباً بحل مجلس إدارة الهيئة وتعيين مجلس إدارة مؤقت لمدة سنة من بين أعضائها يتولى الاختصاصات المخولة لمجلس إدارتها وذلك في الأحوال الآتية:
1 - مخالفة أحكام القانون أو النظام الأساسي للهيئة أو أية لائحة من لوائحها أو القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة.
2 - عدم تنفيذ مجلس الإدارة قرارات الجمعية العمومية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إصدارها.
3 - إذا لم يقم مجلس الإدارة بتنفيذ سياسة الجهة الإدارية المختصة أو توجيهاتها أو ملاحظاتها.
وللوزير المختص مد المدة المذكورة في الفقرة الأولى إذا تعَّذر اجتماع الجمعية العمومية أو لم يتكامل العدد القانوني لصحة الاجتماع.
ولا يجوز إصدار قرار الحل إلا بعد إخطار الهيئة بخطاب مسجل لإزالة أسباب المخالفة وانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ وصول الإخطار دون أن تقوم الهيئة بإزالتها ما لم تكن لديها مبررات مقبولة، وينشر قرار الحل في الوقائع المصرية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره. وللوزير المختص في حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير ولمقتضيات الصالح العام، أن يصدر قرار الحل فوراً دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة السابقة...".
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن المشرع قد أخضع نشاط الهيئات الأهلية العاملة في مجال رعاية الشباب والرياضة لرقابة صارمة من جانب الجهة الإدارية المختصة - وهي مديرية الشباب والرياضة - بهدف ضمان التزام تلك الهيئات جادة القانون والقيام بالمسئولية الملقاة على عاتقها في رعاية الشباب وتنشئته التنشئة الصحيحة دون اعوجاج منها أو انحراف، إذ بسط رقابة تلك الجهة على كافة أوجه النشاط الذي تمارسه الهيئات المذكورة سواء من الناحية المالية أو الإدارية أو الصحية أو التنظيمية، وخولها الحق في التثبت من عدم مخالفة الهيئة للقوانين والنظام الأساسي لها وقرارات الجمعية العمومية، وكذلك عدم مخالفتها لسياسة الجهة الإدارية المختصة في مجال أنشطة وخدمات الشباب والرياضة، وألزم تلك الجهة بضرورة إبلاغ الهيئة بملاحظاتها عن أية مخالفات لإزالة أسبابها خلال المدة المحددة لذلك، وتفعيلاً للدور المنوط بالجهة الإدارية المختصة في هذا الشأن خول المشرع الوزير المختص - وهو وزير الشباب - سلطة حل مجلس إدارة الهيئة في حالات محددة على سبيل الحصر، هي مخالفة المجلس لأحكام القانون أو النظام الأساسي للهيئة أو لوائحها أو القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة، وإذا لم يقم المجلس بتنفيذ قرارات الجمعية العمومية أو سياسة الجهة الإدارية المختصة أو ملاحظاتها أو توجيهاتها، وذلك بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها في هذا الشأن.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن المشرع وإن كان قد أحاط قرار حل مجلس الإدارة بضمانات أساسية، تتمثل في ضرورة تسبيب القرار، وإخطار الهيئة المخالفة بخطاب مسجل لإزالة أسباب المخالفة، وانتظار مدة ثلاثين يوماً من تاريخ وصول الإخطار، إلا أن ذلك لا يعني أن سلطة مُصدر القرار هي سلطة مقيدة، فهو يملك غير هذه الضمانات سلطة واسعة في تقدير توافر سبب أو آخر من الأسباب التي تبرر الحل وذلك في ضوء تعدد هذه الأسباب وتنوعها، بل إنه يملك في حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير إصدار قرار بالحل الفوري للمجلس دون اتباع الإجراءات الشكلية المنوه عنها، عملاً بصحيح نص القانون سالف الذكر.
ومن حيث إنه نزولاً على ما تقدم، ولما كان الثابت من الاطلاع على القرار رقم 1188 لسنة 2005 المطعون فيه، والصادر من وزير الشباب بحل مجلس إدارة نادي الزمالك للألعاب الرياضية المنتخب للدورة 2005/ 2009، أنه قد استند إلى ما تضمنته مذكرة قطاع الرياضة بوزارة الشباب من مخالفات منسوبة إلى هذا المجلس، من بينها أن جميع الجلسات التي عقدها المجلس - عدا الجلسة الأولى - قد تمت بصفة طارئة بغرض إهدار الإجراءات الخاصة بوجوب توجيه الدعوة لجميع الأعضاء لحضور الاجتماع بخطاب مسجل بعلم الوصول قبل الموعد بأسبوعين، كما أن النادي لم يقدم ما يفيد إخطار جميع الأعضاء بحضور الجلسات الطارئة، وكذلك عدم قيام مجلس الإدارة بإصدار قرار بتشكيل المكتب التنفيذي رغم مرور ما يقرب من ستة أشهر على انتخاب المجلس.
ومن حيث إنه لما كانت المادة (45) من لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية الصادرة بقرار وزير الشباب رقم 836 لسنة 2000 تنص على أن "يجتمع مجلس الإدارة اجتماعاً عادياً مرة كل شهر على الأقل، وتوجه الدعوة لحضور اجتماعات المجلس من السكرتير أو المدير بخطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول قبل موعد الاجتماع بأسبوعين على الأقل، ويبين بالدعوة موعد الاجتماع ويرفق بها جدول أعمال الجلسة والمذكرات الخاصة بها. ويجوز أن يجتمع اجتماعاً غير عادي بناءً على دعوة الرئيس أو ثلث عدد الأعضاء على الأقل، ولا تتقيد هذه الدعوة بالإجراءات سالفة الذكر.....". كما تنص المادة 49 من اللائحة المذكورة على أن "يتكون المكتب التنفيذي للنادي من: نائب رئيس، أمين صندوق، ثلاثة أعضاء ينتخبهم مجلس الإدارة من بين أعضائه....". وتنص المادة (50) من ذات اللائحة على أن: "يباشر المكتب التنفيذي الاختصاصات الآتية:
1 - بحث وتحضير الموضوعات وطلبات العضوية وإبداء الملاحظات عليها قبل عرضها على مجلس الإدارة.
2 - الإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الإدارة.
3 - بحث الموضوعات العاجلة واقتراح ما يراه من توصيات بشأنها...
4 - اقتراح كل ما يتعلق بشئون العاملين طبقاً للائحة التي يضعها مجلس الإدارة".
ومن حيث إن الثابت من مذكرة قطاع الرياضة المشار إليها، أن مديرية الشباب والرياضة بالجيزة قد أخطرت نادي الزمالك بالمخالفات الواردة بتلك المذكرة في 12/ 11/ 2005 ومن بينها مخالفة أحكام المادتين 45، 49 سالفتي الذكر، وبتاريخ 29/ 12/ 2005 رد النادي على ذلك بأن المادة 45 أجازت لمجلس الإدارة أن يجتمع اجتماعاً غير عادي لا يتقيد بالإجراءات الخاصة بالاجتماع العادي، وأن عدم تشكيل المكتب التنفيذي طبقاً لما نصت عليه المادة 49 يجرع إلى أن نائب رئيس النادي أحيل إلى النيابة العامة بتهمة ارتكاب جريمة الشروع في قتل رئيس النادي، إلا أن قطاع الرياضة عقَّب على رد النادي - في ذات المذكرة - بأن رده على مخالفة نص المادة 45 من اللائحة لم يتضمن إزالة المخالفة، حيث إن الأصل في عقد اجتماعات مجلس الإدارة أن تكون عادية والاستثناء عقد اجتماعات طارئة، وأن النادي لم يقم - بعد الاجتماع الأول - بعقد اجتماعات عادية، واكتفى بعقد اجتماعات طارئة بهدف التحلل من الإجراءات اللازمة لتوجيه الدعوة إلى اجتماعات عادية بغرض استبعاد بعض الأعضاء من حضور الجلسات، كما لم يثبت بسجلات النادي ما يفيد كيفية توجيه الدعوة للاجتماعات الطارئة، كذلك عقب قطاع الرياضة على رد النادي بشأن عدم تشكيل المكتب التنفيذي بأن الاتهام الموجه لنائب رئيس النادي - بفرض صحته - لا يحول دون تشكيل المكتب لممارسة الاختصاصات المخولة له بنص المادة 50 من اللائحة.
ومن حيث إن المطعون ضده قد أخفق في تبرير مخالفة مجلس الإدارة لأحكام المادتين 45، 49 سالفتي الذكر، إذ جاءت ردوده على هذه المخالفات مقتضبة وغير منتجة على نحو يستفاد منه إقراره بهذه المخالفات وعدم امتلاكه الدليل الكافي على عدم صحتها، يؤكد ذلك أنه تذرع في تبرير اجتماعات مجلس الإدارة بصفة طارئة بأن اللائحة تجيز للمجلس عقد اجتماعات غير عادية، مع أن الأصل في اجتماعات المجلس حسبما ذهبت إليه جهة الإدارة - وبحق - أن تكون عادية، كما تذرع بأن الجهة الإدارية قامت باعتماد محاضر الجلسات غير العادية ولم تعلن بطلان أي قرار أصدره المجلس علماً بأن اعتماد هذه المحاضر لا شأن له بالموضوع محل المخالفة، كذلك تردد في تبرير المخالفة الخاصة بعدم تشكيل المكتب التنفيذي، تارة بالقول بأن نائب الرئيس كان محالاً إلى النيابة العامة، وأخرى بأن اللائحة لم تحدد موعداً معيناً لتشكيل المكتب التنفيذي، في حين أن الاختصاصات المنوطة بهذا المكتب طبقاً للمادة 50 من لائحة الأندية سالفة الذكر تفصح عن أهمية هذا المكتب والحاجة الملحة إلى سرعة تشكيله.
ولذا فإن محكمة أول درجة أقرت صراحة في أسباب حكمها بثبوت مخالفة النادي للمادة 45 من لائحة النظام الأساسي للأندية عندما ذكرت "أن المشرع إذا ما حدد إجراءً معيناً كأصل عام، ثم عاد وأجاز استثناءً إجراءً آخر فإن هذا الإجراء الاستثنائي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينقلب إلى بديل عن الإجراء الأصلي، وإنما يكون مكملاً له ويرد إلى جانبه، ومن ثَمّ فإن اجتماع مجلس الإدارة اجتماعات طارئة وإن كان ممارسة لرخصة لا غضاضة فيها، إلا أنه لا يعفي مجلس الإدارة من تنفيذ الالتزام الواقع على عاتقه بوجوب عقد اجتماع عادي مرة على الأقل كل شهر، الأمر الذي ترى معه المحكمة أن مجلس الإدارة يكون - في خصوص هذا السبب - قد خالف حكماً وجوبياً ورد في المادة 45 من لائحة النظام الأساسي" ومع ذلك أهدرت محكمة أول درجة الاعتداد بهذا السبب - رغم كونه من الأسباب الجوهرية - بمقولة إن هذه المخالفة لا تكفي لحمل القرار المطعون فيه على سببه، لاشتراك جهة الإدارة في المسئولية عن هذه المخالفة بنكولها عن تنفيذ الالتزام الملقى على عاتقها بتنبيه النادي إلى أية مخالفة للقانون أو اللائحة، مع أن الثابت من مذكرة قطاع الرياضة المشار إليها، أن جهة الإدارة قد نبهت النادي إلى جميع المخالفات المنسوبة إليها، كذلك أهدرت محكمة أول درجة مخالفة النادي لحكم المادة 49 من اللائحة الخاص بتشكيل المكتب التنفيذي بحجة أن قانون الهيئات الرياضية لم ينص على أي حكم يتعلق به، بل ورد النص عليه في المادتين 49، 50 من لائحة النظام الأساسي، وأضافت بأن تغافل جهة الإدارة عن التنبيه إلى تلك المخالفة في دورة المجلس السابق، هو الذي جعل مجلس الإدارة الحالي يستلهم نية جهة الإدارة في عدم الاهتمام بتشكيل هذا المكتب، ولا جدال أن ما قالت به المحكمة في هذا الصدد هو محل نظر ولا يسوغ التسليم به، لأن عدم ورود النص في القانون على المكتب التنفيذي أو عدم صدور تنبيه إلى المخالفة، لا يصلح أن يكون مبرراً لمخالفة النادي للأحكام المتعلقة بتشكيل المكتب ومباشرته لاختصاصاته، ذلك أن هذه اللائحة صادرة تنفيذاً لأحكام قانون الهيئات الأهلية للشباب والرياضة، وملزمة للنوادي الرياضية بحكم هذا القانون حتى ولو لم يتم التنبيه إلى مراعاة أحكامها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، فإن مجلس إدارة نادي الزمالك يكون قد قام في حقه أحد الأسباب المبررة لإصدار قرار بحله طبقاً لأحكام المادة 45 بند (1) من قانون الهيئات الأهلية للشباب والرياضة رقم 77 لسنة 1975، والذي يجعل من مخالفة أحكام القانون أو النظام الأساسي للهيئة أو أية لائحة من لوائحها أو القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة، سبباً مستقلاً وقائماً بذاته للحل، الأمر الذي يضحى معه القرار المطعون فيه والقاضي بحل مجلس الإدارة متفقاً وصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه.
وإذ ذهب الحكم الطعين غير هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد تنكب الصواب وخالف صحيح حكم القانون، مما يستوجب الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
ولا ينال من ذلك أن يكون القرار المطعون فيه قد استند إلى أسباب أخرى لم تتطرق المحكمة إلى مناقشتها، ذلك أن ما ثبت من أسباب أو مخالفات في حق مجلس إدارة النادي المنحل على النحو السالف هو كافٍ لحمل القرار المطعون فيه على السبب المبرر له قانوناً، نزولاً على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه إذا قام القرار على عدة أشطار ثم تبين أن أحد هذه الأشطار أو الشطر الصحيح منها كافٍ لحمل القرار على سببه الصحيح، فلا يكون ثمة وجه للطعن عليه.
كما لا ينال مما سبق ما ذهب إليه المطعون ضده من بطلان القرار المطعون فيه لافتقاده لركن السبب، استناداً إلى أن مُصدر القرار أشَّر على مذكرة رئيس قطاع الرياضة المعدة بشأن الحل بعبارة "أوافق على حل مجلس إدارة نادي الزمالك وتعيين مجلس إدارة مؤقت لمدة عام للأسباب الواردة بهذه المذكرة، وقد تم توقيع مشروع قرار الحل..." مما يفيد أنه وقع مشروع القرار قبل تسبيبه ثم أعقبه بالتسبيب، فذلك مردود بأن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صادر في ذات التاريخ الذي حررت به المذكرة المشار إليها في 21/ 12/ 2005، وهو ما يعد قرينة على التعاصر والتلازم بين المذكرة والقرار تنفي صحة ما ذكره المطعون ضده خاصة وأنه لم يقدم ما يدحض هذه القرينة.
كما أنه لا يغير مما تقدم ما أثاره المطعون ضده من أن الجهة الإدارية خالفت إجراءً جوهرياً نص عليه القانون، إذ أخطرت النادي بالمخالفات المزعومة بوسيلة الفاكس بينما يتطلب القانون أن يتم الإخطار بخطاب مسجل، كما أن المخالفات التي استند إليها قرار الحل أعدها رئيس قطاع الرياضة وليس مديرية الشباب والرياضة بالجيزة بوصفها الجهة الإدارية المختصة، وأن القرار المطعون فيه لم يصدر للصالح العام كما جاء بديباجة القرار، وذلك لعدم وجود حالة ضرورة أو استعجال، فهذه الدفوع جميعها محل نظر ولا تقوى على النيل من صحة القرار المطعون فيه، ذلك أنه من المقرر قانوناً وطبقاً لما نصت عليه المادة 20 من قانون المرافعات، إذا تحققت الغاية من الإجراء فلا بطلان، وبالتالي فما دام النادي قد اتصل علمه بالمخالفات المنسوبة إليه عن طريق الفاكس فلا وجه للتمسك ببطلان الإجراء، كما أن الثابت من مذكرة قطاع الرياضة أنها أعدت للعرض على وزير الشباب بناءً على ما ورد من مديرية الشباب والرياضة بالجيزة، وبالتالي لا غضاضة في إعدادها بواسطة رئيس القطاع المذكور بوصفه المختص بالعرض على الوزير طبقاً للنظام الإداري المعمول به في القطاعات الحكومية، أما عن القول بعدم وجود حالة ضرورة أو استعجال فإنه ينطوي على خلط بين أحكام الفقرتين الأخيرتين من المادة 45 من قانون الهيئات الرياضية، والتي ألزمت بمراعاة بعض الإجراءات الشكلية قبل إصدار قرار الحل، وأعفت مُصدر القرار من هذه الإجراءات في حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، بينما الحالة الماثلة لا شأن لها بحالة الضرورة، الأمر الذي تغدو معه هذه الدفوع من جانب المطعون ضده غير منتجة ولا يعتد بها تبعاً لذلك.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.