مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 - صـ73

(9)
جلسة 23 من أكتوبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن كمال أبو زيد, ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر, و/ أحمد إبراهيم ذكي الدسوقي, ود. محمد ماهر أبو العينين.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أسامة يوسف شلبي
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد حسن أحمد
أمين السر

الطعن رقم 5691 لسنة 43 قضائية. عليا:

الجهاز المركزي للمحاسبات - ميعاد سقوط طلب الإحالة إلى المحكمة التأديبية المختصة.
قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988.
ميعاد الثلاثين يومًا التي يجوز لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات خلالها طلب إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية هو ميعاد سقوط حق رئيس الجهاز في هذا الطلب - انقضاء هذا الميعاد لا يسري إلا من تاريخ ورود الأوراق كاملة إلى الجهاز أيًا ما كان تاريخ القرار الصادر بشأن المخالفة المالية؛ حيث يظل هذا القرار مزعزعًا وغير مستقر إلى أن يخطر به الجهاز المركزي للمحاسبات وبكافة الأوراق المتعلقة بالمخالفة, وينقضي ثلاثون يومًا على ذلك دون اعتراض رئيس الجهاز, ويترتب على اعتراض رئيس الجهاز على قرار الجزاء الصادر من الجهة الإدارية خلال الميعاد المحدد بالمادة (5/ ثالثًا) من القانون المشار إليه وطلب إحالة العامل المخالف إلى المحاكمة التأديبية سقوط هذا القرار دونما حاجة إلى صدور بسحبه؛ حيث يؤول الأمر في معاقبة العامل المخالف إلى المحكمة التأديبية صاحبة الولاية العامة والأصلية في تأديب العاملين المخالفين - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 5/ 8/ 1997 أودع الأستاذ/ جلال أحمد الأدغم - نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية نائبًا عن رئيس الهيئة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 5691 لسنة 43 ق.عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية "الدائرة الثانية" بجلسة 18/ 6/ 1997 في الدعوى رقم 471 لسنة 38 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد المطعون ضده والقاضي بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, ومعاقبة المطعون ضده بالعقوبة المناسبة لما اقترفه من جرم.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10/ 12/ 2003 وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 10/ 3/ 2004 مثل المطعون ضده شخصيًا وقدم مذكرة بدفاعه, وبجلسة 28/ 4/ 2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 5/ 6/ 2004 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم, حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 4/ 7/ 1996 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية أوراق الدعوى رقم 471 لسنة 38ق مشتملة على تقرير اتهام ضد/......."المطعون ضده" سكرتير مدرسة السلام الابتدائية التابعة لإدارة أبو المطامير التعليمية, لأنه خلال الفترة من 1/ 9/ 1994 وحتى 24/ 9/ 1995 لم يؤد العمل المنوط به بأمانة وسلك مسلكًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة وخالف القواعد والأحكام المالية بأن:
1 - صرف مبلغ 717.04 جنيه من حساب المدرسة ببنك القاهرة فرع أبو المطامير دون سند للصرف واحتفظ به لنفسه دونما مبرر.
2 - صرف مبلغ 600 جنيه من حساب صندوق مجلس آباء المدرسة لإصلاح الزجاج الخاص بنوافذها بالمخالفة للتعليمات.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكور تأديبيًا طبقًا للمواد المبينة بتقرير الاتهام. وبجلسة 18/ 6/ 1997 حكمت المحكمة التأديبية بالإسكندرية "الدائرة الثانية" بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية, وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت بتاريخ 8/ 1/ 1996 قرارًا بمجازاة المحال بخصم خمسة عشر يومًا من أجره لما نُسب إليه بتقرير الاتهام ورغم ذلك لم يتم إخطار الجهاز المركزي للمحاسبات بهذا القرار إلا في 24/ 3/ 1996 بعد أن تحصن في مواجهة الإدارة والجهاز.
ومن ثم فإن مطالبة هذا الأخير بإحالة المخالف إلى المحاكمة التأديبية رغم سبق مجازاته بقرار ثبت تحصنه تغدو مخالفة للقانون لتعارضها مع المبدأ الذي يحظر مجازاة العامل عن الفعل الواحد مرتين بما لا يجوز معه محاكمة المحال تأديبيًا عن ذات المخالفتين اللتين تناولهما القرار التأديبي الصادر ضده مما يتعين معه الحكم بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية ضده.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن القرارات التأديبية التي تصدرها الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية لا تعدو أن تكون قرارات معلقة على شرط هو عدم اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات عليها فإن اعتراض عليها في الميعاد القانوني تخلف أحد مقومات القرار وبالتالي لا يكون هناك قرار حتى يسوغ القول بعدم جواز معاقبة العامل عن الفعل الواحد مرتين , وترتيبًا على ذلك فإن قرار الجهة الإدارية الصادر في 8/1/1996 بمجازاة المطعون ضده لا يكون له تأثير على الدعوى التأديبية المقامة من النيابة الإدارية بناءً على طلب الجهاز المركزي للمحاسبات لسقوط هذا القرار بمجرد اعتراض الجهاز عليه.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 تنص على أن "يباشر الجهاز اختصاصاته في الرقابة المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون على الوجه الآتى:
ثالثًا: في مجال الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية: يختص الجهاز بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهاز الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية التي تقع بها وذلك للتأكد من أن الإجراءات المناسبة قد اتخذت بالنسبة لتلك المخالفات وأن المسئولية عنها قد حددت، وتحت محاسبة المسئولين عن ارتكابها, ويتعين موافاة الجهاز بالقرارات المشار إليها خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدورها مصحوبة بكافة أوراق الموضوع ولرئيس الجهاز ما يأتي:
1 - أن يطلب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ورود الأوراق للجهاز، إذا رأى وجهًا لذلك تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية وعلى الجهة المختصة بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يومًا التالية.
2 - ...........................................
3 - ...........................................
ومفاد هذا النص أن المشرع إحكامًا منه للرقابة على أموال الجهات الإدارية ناط بالجهاز المركزي للمحاسبات - إلى جانب الأجهزة الرقابية الأخرى - الاختصاص بفحص ومراجعة القرارات الصادرة من الجهات الخاضعة لرقابته في شأن المخالفات المالية ومنح رئيس الجهاز في هذا الصدد عدة سلطات منها أن يطلب من الجهة المختصة بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ورود الأوراق كاملة للجهاز تقديم العامل إلى المحاكمة التأديبية وعلى تلك الجهة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الثلاثين يوماً التالية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ميعاد الثلاثين يومًا التي يجوز لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات خلالها طلب إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية هو ميعاد سقوط حق رئيس الجهاز في هذا الطلب - إذا انقضى هذا الميعاد, كما استقر قضاء هذه المحكمة - أيضًا - على أن هذا الميعاد لا يسري إلا من تاريخ ورود الأوراق كاملة إلى الجهاز أياً كان تاريخ القرار الصادر بشأن المخالفة المالية؛ حيث يظل هذا القرار مزعزعًا وغير مستقر إلى أن يخطر به الجهاز المركزي للمحاسبات وبكافة الأوراق المتعلقة بالمخالفة, وينقضي ثلاثون يومًا على ذلك دون اعتراض رئيس الجهاز, ويترتب على اعتراض رئيس الجهاز على قرار الجزاء الصادر من الجهة الإدارية خلال الميعاد المحدد بالمادة 5/ ثالثًا/ 1 المشار إليها وطلب إحالة العامل المخالف إلى المحاكمة التأديبية سقوط هذا القرار دونما حاجة إلى صدور قرار بسحبه؛ حيث يؤول الأمر في معاقبة العامل المخالف إلى المحكمة التأديبية صاحبة الولاية العامة والأصلية في تأديب العاملين المخالفين.
ومن حيث إنه بإنزال تلك المبادئ على واقعات الطعن الماثل فإن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت في 8/ 1/ 1996 قرارًا تضمن فيما تضمنه مجازاة المطعون ضده بخصم خمسة عشر يومًا من أجره لما نسب إليه في قضية النيابة الإدارية بدمنهور "القسم الثاني" رقم 610 لسنة 1995. وبموجب كتاب الجهة الإدارية رقم 319 بتاريخ 24/ 3/ 1996 أخطر الجهاز المركزي للمحاسبات بقرار الجزاء المشار إليه, وخلال ثلاثين يومًا من هذا التاريخ الأخير وافق رئيس الجهاز في 18/ 4/ 1996 على إحالة المطعون ضده إلى المحاكمة التأديبية, وبناءً عليه أقامت النيابة الإدارية الدعوى بتاريخ 4/ 7/ 1996, فمن ثم فإنها تكون أقيمت صحيحة ومتفقة مع أحكام القانون, وكان يتعين على المحكمة التأديبية تبعًا التصدي لموضوعها.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب عندما انتهى إلى عدم جواز نظر الدعوى التأديبية, فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون مما يتعين والحال كذلك الحكم بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبإعادة الدعوى رقم 471 لسنة 38ق إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى.